بعد تنحي بايدن: السياسية الخارجية المقترحة لـ «كامالا هاريس»

39

في حال انتخابها رئيسة في نوفمبر المقبل، ستحصل نائبة الرئيس كامالا هاريس على المنصب وبين يديها سجل حافل للسياسة الخارجية تحدد خطوطه العريضة فترة ولايتها كعضو في مجلس الشيوخ خلال رئاسة دونالد ترامب، وبصفتها نائبة لواحد من أكثر الرؤساء خبرة في القضايا الدولية في التاريخ الأمريكي, حسب ما يُعتقد في الدوائر السياسية الأمريكية.

في معظم الملفات، من المرجح أن تحتفظ هاريس بالعديد من أهداف السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن. من المحتمل أن تقدم إدارة هاريس دعمًا قويًا للجهود الحربية الأوكرانية، وتواصل المبادرات لتعميق التحالفات في آسيا والمحيط الهادئ في مواجهة صعود الصين الجيوسياسي. ومن المرجح أنها ستظل تدعم تقديم الولايات المتحدة دعمًا قويًا لإسرائيل وحلفاء آخرين في الشرق الأوسط.

لكن فيما يتعلق بحرب إسرائيل على حماس، تبدو هاريس أكثر تعاطفًا مع محنة الفلسطينيين، وهو موقف يمكن أن يهدئ الناخبين العرب الأمريكيين وغيرهم ممن يشعرون بالقلق من دعم بايدن للجهود الحربية الإسرائيلية في غزة.

تقول ليلي جرينبيرج كول، التي استقالت من منصب المساعد الخاص لرئيس الأركان بعد عام من معارضتها لدعم بايدن الثابت لإستراتيجية الحرب الإسرائيلية، إن تجربتها الشخصية في العمل مع نائبة الرئيس في ولاية أيوا تمنحها الأمل. وقالت:” يجب على هاريس الاستماع إلى غالبية الناخبين الأمريكيين واستخدام كل نفوذ الإدارة — بما في ذلك وقف عمليات نقل الأسلحة الهجومية — للضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار وتبادل الرهائن”.

تخالف هاريس موقف ترامب كذلك الذي يدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية دعما لا نهائي حتى :”تصفية حماس” على حد تعبيره.

وحين كانت عضوًا في مجلس الشيوخ، أعربت هاريس عن مشاعر أقل تشددًا من بايدن بشأن الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وقد تؤدي بعض مواقفها الصارمة، بما في ذلك تجاه المملكة العربية السعودية والهند وتركيا، إلى تعقيد تفاعلها مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وآسيا.

مستشارو هاريس

قبل أن تصبح عضوًا في مجلس الشيوخ، أمضت هاريس معظم حياتها المهنية كمسئولة عن إنفاذ القانون. وقد تولت منصب نائب الرئيس مع خبرة قليلة نسبيًا في السياسة الخارجية، مما جعلها تعتمد على مستشاريها، وهم من أصحاب المنحى التقليدي في السياسة الخارجية إلى حد كبير. وفقًا لجيم تاونسند، وهو مسئول سابق في البنتاجون وحلف شمال الأطلسي. قال تاونسند:” ليس لديها خلفية في شئون الدفاع أو السياسة الخارجية، لذا فهي تعتمد بقوة على [مستشاريها]”.

ومع ذلك، فإن تاريخها كعضو في مجلس الشيوخ ونائبة الرئيس — والذي تم إلقاؤه في دائرة الضوء يوم الأحد عندما انسحب بايدن من السباق — يوفر نافذة على كيفية تعامل إدارة هاريس مع أهم التحديات الجيوسياسية بشكل مختلف وكيف ستسعى دائرتها الداخلية إلى استكمال أوجه القصور في إستراتيجية بايدن.

تدخلت هاريس بالفعل كبديل للرئيس في التجمعات العالمية. حيث حضرت قمة الآسيان لعام 2023 بدلاً من بايدن. والأهم بالنسبة للحلفاء الأوروبيين، وقفت هاريس مع بايدن في مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي في عام 2022، عندما أعربت عن دعمها للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بينما تستعد روسيا للغزو.

خلال السنوات الأربع التي قضتها في مجلس الشيوخ، كانت هاريس عضوًا في لجنتي الاستخبارات والأمن الداخلي بمجلس الشيوخ، وحصلت على استحسان زملائها في مجلس الشيوخ آنذاك لنهجها “الذكي” في عمل اللجان. كما قامت هاريس بعدة رحلات دولية كعضو في مجلس الشيوخ، حيث زارت أفغانستان والعراق والأردن وإسرائيل في عامي 2017 و 2018.

بصفتها نائبًا للرئيس، فإن مستشار الأمن القومي لهاريس هو فيليب جوردون، الذي خدم في إدارتي أوباما وكلينتون. كان في الأصل نائب مستشار الأمن القومي لهاريس وحل محل نانسي ماكلدوني، مستشارة كلينتون سابقًا. جوردون هو خبير في الشأن الأوروبي ولديه أيضًا خبرة واسعة في الشرق الأوسط.

نائبة مستشار الأمن القومي هاريس هي ريبيكا ليسنر، مسئولة التخطيط السابقة في مجلس الأمن القومي، حيث أشرفت على إنشاء استراتيجية الأمن القومي للإدارة.

وجهات نظرهم تتناسب بشكل جيد مع السياسة الخارجية لبيل كلينتون أو أوباما, حيث يغلب الطابع التقليدي على رؤيتهم للسياسة الخارجية.

روسيا وأوكرانيا

مثل بايدن، كانت هاريس داعمة قوية لأوكرانيا ومن المتوقع أن تواصل نفس السياسات في الغالب. بخلاف ترامب الذي سيعمل على وقف الحرب فورًا حسب تعبيره. في يونيو، مثلت هاريس الولايات المتحدة في قمة السلام في أوكرانيا، حيث عقدت اجتماعها السادس مع زيلينسكي. وقد أعربت عن دعمها القوي للتعاون عبر الأطلسي في دعم كييف.

وقالت هاريس في مقابلة مع إن بي سي نيوز هذا العام إن أوكرانيا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على دعم واشنطن مع استمرار الحرب. وقالت هاريس” أوكرانيا بحاجة إلى دعمنا”.

في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، كررت هاريس أيضًا تعهد إدارة بايدن بدعم أوكرانيا ” مهما تطلب الأمر”.

كما كانت من أشد المنتقدين لفلاديمير بوتين، وألقت باللوم عليه في وفاة زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني هذا العام. وانتقدت هجمات روسيا على المدنيين الأوكرانيين ووصفتها بأنها “جرائم ضد الإنسانية” وتعهدت بمحاسبة السلطات في موسكو.

وفي الآونة الأخير، انتقدت هاريس ترامب خلال حملته الانتخابية بسبب تعليقاته السابقة التي زعم فيها أنه سيسحب الولايات المتحدة من الناتو ويوقف الحرب في أوكرانيا.

الشرق الأوسط

فيما يتعلق بقضية إسرائيل، أعربت هاريس عن دعمها لحل الدولتين كعضو في مجلس الشيوخ. وبصفتها نائبًا للرئيس، أعربت هاريس عن أن إدارة بايدن بحاجة إلى اتخاذ موقف أقوى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ارتفاع عدد القتلى المدنيين في حرب إسرائيل ضد حماس.

ظهرت هاريس كواحدة من أوائل القادة البارزين في الإدارة الذين دعوا إلى وقف مؤقت فوري لإطلاق النار في مارس. ووجهت انتقادات شديدة ضد تعامل إسرائيل مع تدفقات المساعدات إلى قطاع غزة ووصفت الصراع بأنه “كارثة إنسانية” للمدنيين الأبرياء.

وقال طارق حبش، وهو مستشار سياسي سابقُ لبايدن في وزارة التعليم قبل أن يستقيل بسبب سياسة الإدارة في إسرائيل، إنه “متفائل بحذر” بأن هاريس ستكون أكثر استعدادًا للنظر في تغييرات سياسية تركز على حقوق الفلسطينيين وتحد من الإجراءات الإسرائيلية المستمرة في غزة وأماكن أخرى.

ومع ذلك، أقر حبش بأنه لا يتاح الكثير الذي يمكن لأي رئيس أمريكي القيام به لتغيير السياسة تجاه إسرائيل على المدى القصير. وقال حبش:” لدي تفاؤل حذر ومحدود — ولكن لدي أيضًا شعور عميق بالارتياح _ لأن الحزب الديمقراطي لن يرشح لرئاسة الولايات المتحدة رجلا جعلنا جميعًا متواطئين في الكثير من الضرر غير الضروري في فلسطين”.

أيدت هاريس اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 مع إيران لكبح جماح برنامج طهران النووي. وأدانت الضربة العسكرية في يناير 2020 ضد الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني وشاركت في رعاية تشريع غير ناجح لمنع المزيد من الأعمال العسكرية ضد القادة والأهداف في إيران.

فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، انضمت هاريس إلى التقدميين في تشريع يقيد مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية للرياض بسبب دورها في الحرب الأهلية اليمنية وقتل الصحفي السعودي وكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي. كما أيدت هاريس تشريعًا لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، والتي كانت مصدر توتر بين تركيا وأرمينيا العضو في الناتو.

آسيا

من المرجح أن تواصل هاريس سياسة إدارة بايدن الصارمة بشأن الصين إذا تم انتخابها رئيسًا. أثناء عضويتها في مجلس الشيوخ، انتقدت نهج ترامب تجاه بكين، وأخبرت نائب الرئيس مايك بنس خلال مناظرة نائب الرئيس في عام 2020 أن ترامب “خسر تلك الحرب التجارية” وأن تعريفاته الجمركية تضر بالاقتصاد الأمريكي دون إعادة التوازن إلى العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ولكن مثل مسئولي إدارة بايدن الآخرين، دعت هاريس إلى “الفكاك من الخطر الصيني”، وهي سياسة تشجع على تقليل مدى اعتماد الاقتصاديات الغربية على الصين.

كما كانت هاريس صريحة بشأن القضايا الحساسة التي تعكر صفو العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. عملت بانتظام على تشريع كعضو في مجلس الشيوخ لتعزيز حقوق الإنسان في هونج كونج بعد عام، ساعدت رعاية هاريس المشتركة لقانون سياسة حقوق الإنسان للأويغور في عام 2020. وهو قانون يفرض على الحكومة الصينية عقوبات على “الأفراد والكيانات الأجنبية المسئولة عن انتهاكات حقوق الإنسان” في شينجيانج.

من المرجح أن تواصل إدارة هاريس الدعم غير الرسمي لتايوان، خاصة في أعقاب التهديدات العسكرية الصينية المتزايدة. منذ أن أصبحت نائبة الرئيس، تحدثت هاريس مع كل من الزعيم الصيني شي جين بينج ورئيس تايوان لاي تشينج تي. وقالت على وسائل التواصل الاجتماعي أنها التقت لفترة وجيزة مع شي في عام 2022 حيث حثته على “الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة لإدارة المنافسة بين بلدينا بشكل مسئول”. التقت هاريس لاي في حفل تنصيب رئيس هندوراس شيومارا كاسترو في نفس العام قبل تولي لاي لرئاسة تايوان في يناير.

كما عارضت هاريس هجوم ترامب الزائد تجاه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون وانتقدت إدارة ترامب لعدم قيامها بما يكفي لكبح التهديدات النووية الكورية.

كذلك انتقدت هاريس الحكومة الهندية بانتظام كعضو في مجلس الشيوخ والتقت بأعضاء الشتات الكشميري. لكن يبدو أن العلاقات بين هاريس وحكومة ناريندرا مودي تحسنت، حيث أشاد مودي بهاريس خلال زيارته إلى واشنطن عام 2023.

 

التعليقات متوقفه