“بعد مطالبة وزير التعليم بتعديل تشريعى لمنح ترخيص لمزاولة المهنة”..خبراء تعليم وتربويون يحددون ملامح المعايير والضوابط المطلوبة لممارسة التدريس

33

،، أثار إعلان محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم، اعتزامه التقدم بطلب لمجلس النواب، لإجراء تعديلاً تشريعياً لمنح رخصة لمن يرغب في الالتحاق بمهنة التدريس، العديد من التساؤلات حول ضوابط ومعايير منح هذه الرخصة ، والفئات المستهدفة منها هل ستقتصر على خريجى المؤهلات التربوية فقط أم ستشمل كل من يرغب فى التدريس؟

تباينت الاراء حول تصريحات وزير التربية والتعليم، بأن مهنة التدريس هى المهنة الوحيدة التى تمارس بدون ضوابط وقواعد تحكم العاملين فيها ، فهناك من ساند وأيد مطالب الوزير ، حيث يرى أن مثل هذه الرخصة من شأنها العمل على تنظيم مهنة التدريس، ووضع ضوابط صارمة لممارستها، بما يتماشى مع المعايير الحديثة لضمان تقديم تعليم عالي الجودة، متفقين مع عبداللطيف فى ضرورة الاستثمار في الموارد البشرية وتدريب المعلمين وإجراء التقييمات المستمرة للمعلمين ، فضلاً عن توظيف أفضل الموارد البشرية والكوادر المدربة والكفاءة للتدريس على مستوى الجمهورية، وتطبيق أعلى المعايير في برامج التدريب للمعلمين بمن فيهم المنضمون حديثاً لمنظومة التدريس .

 

إختبارات

بينما تحفظ أخرون على قرار وزير التربية والتعليم ، بمنح ترخيص لمزاولة مهنة التدريس، مطالبين بتوضيح كافة معايير وآليات هذه الرخصة، مشيرين الى أن ذلك يفتح بابا لدخول غير التربويين للتدريس ، خاصة وأن هناك الالاف من خريجى كليات الاداب والتربية ولم يحصلوا على فرصة للتدريس داخل المدارس الحكومية حتى الان.

وكانت البداية، مع أراء عدد من مديرى المدارس، ورؤيتهم لمعايير وضوابط منح هذه الرخصة ، لمن يقوم بإمتهان التدريس، حيث أكد أشرف شكرى- مدير مجمع اسماء بنت ابى بكر ، أن فكرة منح ترخيص لمن يقوم بالتدريس ، فكرة جيدة شرط وجود شروط للحصول عليها ، وأهمها أن يكون المتقدم حاصل على مؤهل تربوى ،ومارس التدريس كـ متطوع أو بالاجر لفترة لا تقل عن عام، حتى يتسنى له التعامل مع الطلاب وتحديداً بالمرحلة الابتدائية لما لها من خصوصية وفقا للمرحلة العمرية لطلابها ، مشددا على ضرورة خضوع المتقدم لاختبارات نفسية دقيقة لنفس السبب وهو طريقة التعامل مع الطلاب ومدى تأهله لذلك .

فيما أضافت ميرفت عبد الحليم- مديرة مدرسة 15 مايو ، أن  هذه الخطوة أصبحت ضرورة لا غنى عنها في سياق العملية التعليمية الحديثة، مشيرة الى الوزير يسعى الى تطوير المنظومة بكافة أطرافها بما فيها المعلم والذى يعد العمود الفقرى والاساسى الذى يقام عليه باقى المنظومة ,موضحة أن من الممكن منح رخصة مزاولة مهنة التدريس بشرط تجديدها للمعلم بعد إجتيازه لآختبارات متنوعة كل خمس سنوات، وذلك في إطار إعداد معلمين ذو مهارة عالية.

ويرى عماد السيد- مدير مدرسة عبدالمنعم رياض ، أن اقتراح الوزير له أهميته وقيمته فى تطوير مجال التعليم، موضحًا أن هذا الإجراء ليس غريباً، بل معمول به فى كثيرا من الدول، حيث يسمح للمعلمين بالحصول على “رخصة” تمكنهم من ممارسة مهنة التدريس بشكل أكثر احترافية ومؤهلة، ولكن يأخذ على الوزير عدم توضيح على أى اساس سيتم منح هذه الرخصة ، ولمن سيتم منحها، وهل سوف يشمل القرار من هم بالفعل على رأس العمل داخل المدارس بحيث يتم تأهيلهم بشكل أكثر إحترافية وتطوراُ بما يتناسب ودخول التكنولوجيا فى المنطومة بشكل أوسع.

 

ضوابط ومعايير

على جانب أخر، طالب خبراء تعليم وتربويون، بضرورة وضع شروط دقيقة وضوابط صارمة لمن يمنح لهم هذه الرخصة ، حتى لا يتسلل للمهنة غير المؤهلين لها، متسائلين عن موقف القائمين بالفعل بمهنة التدريس وكيف سيتم حصرهم والتعامل معها ، هل سيخضعون لبرامج تأهيلية أو اختبارات يجب اجتيارها أولا ، للاستمرار فى التدريس أم سيتم وقف امتهانهم المهنة؟

وبسؤالها عن الضوابط والمعايير التى سيتم بناء عليها منح ترخيص مزاولة مهنة التدريس فى اطار مشروع القانون الذى سيتقدم به محمد عبد اللطيف ، لمجلس النواب وفقا لتصريحاته الاخيرة، أكدت دكتورة منى زهران، مدير الاكاديمية المهنية للمعلمين بالقليوبية، أن الوزير هو رئيس مجلس ادارة الاكاديمية ومن المقرر أن يجتمع خلال الفترة المقبلة مع باقى الاعضاء لتحديد هذه الضوابط التى يراها ملزمة للحصول على الترخيص وسيتم الاعلان عنها بشكل رسمى.

فيما يرى دكتور تامر شوقى، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس،  أن وزير التربية والتعليم منذ توليه الحقيبة الوزارية، وهو يسعى الى إعادة بناء المدارس المصرية كمراكز ريادية للتعليم والعلم، وذلك من خلال وضع معايير لتعزيز الكفاءة فى المنظومة التعليمية ، بما يتماشى واستراتيجية مصر 2030، حيث بناء منظومة تعليمية تلبى احتياجات الطلاب والمعلمين وتساهم فى تنمية مهاراتهم ، مشددا على أن ذلك سيساهم في تطوير المهنة ، وتحفيز المعلمين على السعي لتطوير أنفسهم بشكل مستمر، للامتثال للمعايير المحددة للحصول على الرخصة والبقاء مؤهلين.

واشار الى انه من الشروط المقترحة ، الحصول على بكالوريوس تربية أو دبلوم تربوي لغير الحاصلين على كليات تربوية، وكذلك الالتزام بمدونة السلوك الأخلاقي للمعلم، إضافة إلى إجراء اختبار سمات للمتقدمين وكذلك تحقيق الحد الأدنى للمعرفة والتكنولوجيا والمعرفة والحاسب الآلي، وكذلك من الضرورى أن تتضمن رخصة مزاولة المهنة حصول المعلم على دورات تدريبية حديثة فى التعامل مع الطلاب وأساليب العقوبة مع الطلاب وكيفية التدريس، مقترحاً إمكانية التنسيق فيما هو قادم بين وزارة التربية والتعليم وبين التعليم العالى ، من أجل تحقيق تطابق فعّال بين متطلبات إعداد المعلمين في كليات التربية واحتياجات المناهج الدراسية المطورة في المدارس ، وذلك فى إطار استخدم العديد من الإستراتيجيات التدريسية .

 

قانون 155

أما الخبيرة التربوية ، دكتورة إيلاريا عاطف، فترى أن كل الحاصلين على كليات الاداب والتربية أو التربية أو ليسانس الاداب وحصل على مؤهل تربوى، جميعهم مؤهلين للتدريس ومنهم المعين بالمدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى فعلياً، وفقا لقانون 155 لسنة 2007، والخاص بتعيين وترقى المعلمين بنظام الكادر تحت أعين وبصر الوزارة ، مشيرة انهم يخضعون لتدريبات ولديهم صلاحية لمزاولة المهنة كل خمس سنوات، ويصل عددهم لـ مليون و400 ألف معلم .

واضافت عاطف، أن هناك أخرين يمارسون ويزاولون التدريس ولا يخضعون لقانون 155، وبالتالى لا يخضعون لشرط الحصول على ترخيص مزاولة التدريس، وهنا من حق الوزارة مطالبتهم بالخصوع للتدريبات الخاصة باختبارات الحصول على ترخيص مزاولة المهنة لانهم خارج القانون ، وذلك للتأكد هل لديهم من المؤهلات التى تساعدهم على تحقيق رؤية الوزارة ، موضحة أن كثيرا من المعلمين لم يحصلوا على المعارف النفسية والتربوية التي تؤهله للتعامل مع الطالب، كما أنه قد لا يكون أمينًا على الطلاب، وغير ملم بسيكولوجية الطلاب، ولذا يجب أن الحصول على هذه الرخصة وتجدد كل 5 سنوات، وخاصة أن المعارف متجددة باستمرار، موضحة أن معلمى المدارس الخاصة والمدارس الدولية ، جميعهم ليسوا تحت سلطة الوزارة ، وحفاظا على الطلاب الذين هم مسئولية الوزارة ، يجب وضعهم تحت قانون 155 وضوابطه، مضيفة” التدريس أصبح مهنة لا مهنة له”، ولذلك فنحن فى حاجة الى مثل هذا الاجراء.

وتساءلت عاطف،  هل يمكن أن يطبق ذلك على الموجودين بمزاكر الدروس الخصوصية ، بمعنى لا يعمل بهذه المراكز من ليس لدية ترخيص مزاولة المهنة أيضا ، مشددة على ضرورة أن يخضع كل من يمارس التدريس لتأهيل نفسى وتربوى وأكاديمى قبل ممارسة المهنة، حتى يكونوا مؤهلين للتعامل مع تحديات المهنة على ارض الواقع ، مشيرة الى ان هناك عدد كبير من المتسربين من التعليم بسبب معلمين غير مؤهلين للتدريس اكاديميا ، فهناك من يعتمد على الدعاية للاعلان عن نفسه بعيدا عن قدراته ومؤهلاته لتدريس اى مقرر دراسى.

واشارت عاطف، الى انه من المتوقع ان تظهر سلبيات لهذا المقترح عند بداية التطبيق، وذلك عندما تتحول اختبارات الحصول على الترخيص الى مجرد اختبارات روتينية فقط على الورق ، موضحة أن ما نحتاج اليه هو اختبارات حقيقية تتكاتف كل مؤسسات الدولة وتنسق فيما بينها لاختبار الصفوة للتدريس ، واختيار من هو مؤهل تربويا واكاديميا ونفسيا ، وذلك لضمان بناء اجيال المستقبل، مشيرة الى ان أهم أركان تطوير التعليم هو تطوير المعلم، بما ينعكس على جودة العملية التعليمية ، ومنع الدخلاء من العمل في مجال التدريس.

 

احترافية

 فيما يرى دكتور طلعت عبد الحميد، الخبير التربوى بالمركز القومى للبحوث التربوية، أن مشروع القانون الذى اعلن الوزير عن اعتزام التقدم به لمجلس النواب، ليس جديدا فقد اقترحه المركز فيما مضى ، حيث منح رخصة لمزاولة وتنظيم المهنة ، وهو ما ينعكس على انتقاء المعلمين ممن لديهم الكفاءة للتدريس، والوقوف على غير الاكفاء وغير المؤهلين واستبعادهم ، لضمان السيطرة على كل مدخلات ومخرجات العملية التعليمية، وانخراط المعلم في برامج التطوير المهنية المعتمدة.

واضاف عبد الحميد، أن الترخيص المهنى،  يعد بمثابة درع و حماية للمنظومة التعليمية ، اذ يفرض على كل من يرغب فى العمل بالمهنة، الوفاء بالحد الادنى من معايير الكفاءة، حيث يمنح المتقدم ترخيصا يخول له ممارسة المهنة وفق معايير محددة، فرخصة التدريس من الاتجاهات المعاصرة في مجال إعداد المعلم وتنميته مهنيا, وتحقق مخرجات تساعد في رفع مستوى المعرفة لديه بما يساهم فى عملية اختيار افضل المعلمين ، مطالبا بان يتم منح الترخيص لخريجى كليات التربية والكليات الاخرى ، لان ذلك يمثل خطوة مهمة وضرورية للتطوير وتحسين المهنة ، فالشهادة هى اعطاء الخريج ما يدل على انه انهى بنجاح دراسة كل المقررات المطلوب دراستها فقط، اما الترخيص فهو اعطاء المتقدم ما يفيد انه يمتلك المعلومات و المهارات الالزمه له للعمل كمعلم لمده محددة، حيث نجد أن هناك مدرسين خريجي زراعة ويدرسون علوم، وآخر تجارة ويدرس رياضيات وهذا أمر خطير جدًا، مؤكدأ أن خضوع المعلمين لاختبارات وتدربيات دقيقة وصارمة يضمن لنا تحقيق اعلى معايير الاحترافية والجودة فى المنظومة  ، حيث يتوجب على المعلمين تقديم أدلة على كفاءتهم ومؤهلاتهم التعليمية، بما ينعكس على إعداد معلمين ذو مهارة عالية تؤهلهم للحصول على تلك الرخصة، وتحسين مستوى التعليم وتطوير مستقبل الطلاب.

 

 

 

 

التعليقات متوقفه