المئوية والعدالة الاجتماعية

200

د. كريمة الحفناوى

فى الخامس عشر من يناير احتفل المصريون وعدد كبير من الدول العربية ودول العالم بالذكرى المئوية لميلاد الزعيم جمال عبد الناصر وتناولت الاحتفالات ثورة 23 يوليو وحلم الاستقلال والكرامة والعدالة الاجتماعية والتحرر الوطنى ومزايا هذه الفترة ومثالبها.
نختلف أو نتفق مع فترة عبد الناصر مع إنجازتها وإخفاقاتها ولكن لن يختلف أحد على انحياز هذة الثورة وانحياز جمال عبد الناصر للطبقات الفقيرة والمعدمة من عمال وفلاحين (وهى الطبقات الفاعلة فى التنمية وبناء الدولة) مع العمل المستمر على تضييق الفوارق بين الطبقات وإعادة توزيع الثروة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
تعالوا بنا نتصفح مقدمة دستورنا الذى أجمع عليه الشعب المصرى عقب ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 والتى تقول” وثورة 23 يوليو 1952 التى قادها الزعيم جمال عبد الناصر، واحتضنتها الإرادة الشعبية، فتحقق حلم الأجيال فى الجلاء والاستقلال،وأكدت مصر انتماءها العربى، وانفتحت على قارتها الأفريقية، والعالم الإسلامى،وساندت حركات التحرير عبر القارات، وسارت بخطى ثابتة على طريق التنمية والعدالة الاجتماعية”.
واستطاع عبد الناصر تحقيق حلم التنمية فى الزراعة والصناعة إيمانا منه بالمثل الشعبى القائل(اللى ياكل من فاسه قراره من راسه) بمعنى أن استقلال الإرادة الوطنية لايتحقق إلا بالتنمية والاكتفاء الذاتى. ومن هنا كانت قوانين الإصلاح الاقتصادى مثل قوانين الاصلاح الزراعى وتوزيع الأرض على الفلاحين الفقراء والتأميم وملكية الدولة للمشروعات الصناعية الكبرى وبناء المصانع وتشغيل العمال ورفع مستوى معيشة الشعب والاعتماد على الذات وحسن استخدام مواردنا الطبيعية والبشرية وذلك بدلا من الاعتماد على الخارج الذى يُملى شروطه علينا ويتحكم فى قراراتنا.
بعد وفاة عبد الناصر انتهج السادات ومن بعده من رؤساء الاعتماد على الدول الرأسمالية الكبرى المتوحشة والاعتماد على سياسة القروض من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى والمعونة الأمريكية مما أدى إلى التبعية والانصياع لشروطهم من إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى والتفريط فى القطاع الإنتاجى وبيع القطاع العام وخصخصة الشركات والبنوك بل والخدمات وبدأت تنشأ شريحة طبقية تعتمد على الولاء للقوى الخارجية ترتبط مصالحها بها وتخضع لشروطها وعلى رأسها الحفاظ على أمن الكيان الصهيونى المغتصب لأرض فلسطين العربية، شريحة طبقية غير منتجة وتقوم على الاستيراد والتصدير مع الجشع ونهب ثروات البلاد ومع استمرار انتهاج هذه السياسات تدهورت أحوال البلاد والعباد زادت نسبة البطالة وارتفعت أسعار السلع والخدمات مع ثبات المرتبات التى لاتكفى لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتردت جميع الخدمات وخاصة فى الصحة والتعليم والسكن ووسائل المواصلات وأصبحنا دولة لاينبع قرارها من رأسها وتفشى الفساد فى كل المؤسسات فى كل أنحاء البلاد وزادت الفجوة الطبقية بين البشر والعباد.
أدت هذه العوامل وغيرها إلى اندلاع ثورتى يناير2011 ويونيو 2013 وتجدد حلم العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة واستقلال الإرادة الوطنية.ووضع الشعب دستوره الذى احتوى بين صفحاته مبادىء للعدالة الاجتماعية لم تتحقق حتى الآن لأن السلطتين التنفيذية والتشريعية لاتعبأ بهذا الدستور وتخالفه بوضع وإصدار قوانين منحازة انحيازا صارخا للشريحة الطبقية العليا التى استولت على معظم ثروات البلاد،قوانين تحمى المحتكرين من أصحاب الأعمال وتعمل على تكريس الاحتكار على حساب حماية المنافسة وحماية المستهلك قوانين تسمح بالمصالحة مع الفاسدين ناهبى المال العام وثروات البلاد بالتصالح معهم مما يشجع على المزيد من النهب والفساد.
دعونى أضع أمامكم وأما م النواب والمسئولين عددا من مواد الدستور التى تنص على العدالة الاجتماعية لعلهم يتذكرون.
. مادة” 8 “ يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى. وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفيرسبل التكافل الاجتماعى بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين على النحو الذى ينظمه القانون.
0 مادة 9 “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بتن جميع المواطنين دون تمييز”.
0 مادة 38 “ويراعى فى فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر وتكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية، ويكفل النظام الضريبى تشجيع الأنشطة الاقتصادية كثيفة العمالة، وتحفيز دورها فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

التعليقات متوقفه