صندوق مصر« السيادى».. فكرة جديدة للخصخصة.. نقل أصوله المستغلة وغير المستغلة.. وتخصيص أراض.. ومضاربة فى البورصة… ■ القانون يتيح للصندوق شراء أدوات الدين المصرية.. والاقتراض وإصدار سندات!

240

أثار إنشاء صندوق مصر« السيادى» العديد من ردود الفعل حول دور الصندوق، وأهدافه، خاصة أن الصندوق مملوك للدولة، ويبلغ رأسماله 200 مليار جنيه، ورأس المال المصدر 5 مليارات جنيه، تسدد من الخزانة العامة ويدفع منه عند التأسيس مليار جنيه، ويسدد الباقى وفقا لخطط محافظ الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال 3 سنوات من تاريخ التأسيس.
فالهدف من الصندوق يختلف عن الصناديق السيادية العالمية التى تستخدم الفوائض المالية لديها لاقتناص فرص استثمارية عالمية، فالصناديق السيادية التى بدأت عام 1953 نشأت نتيجة وفرة مالية فى الكويت، وتستثمر الصناديق السيادية عادة فى الأصوال خارج حدود الدولة، وتميل إلى الاستحواذ على حصص فى الشركات العالمية والبنوك، إضافة إلى المضاربة فى أسواق الأسهم العالمية والمعادن.

لكن مصر ليس لديها فوائض مالية، بل لديها عجز مالى مزمن، وتعانى من سوء الإدارة، خاصة فى الشركات المملوكة للدولة، ومن ناحية أخري إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار منذ فترة، خاصة فى المجالات التى تحتاجها الدولة، وتركز الاستثمار فى القطاع العقاري.
سوء الإدارة
وبالتالى فهدف الصندوق المصري يختلف عن الصناديق السيادية المتعارف عليه، فالهدف كما قالت وزيرة التخطيط، د. هالة السعيد، إن مصر تمتلك ثروة من الأصول والشركات التي لم تستغل على نحو صحيح وعانت من سوء الإدارة على مدى سنوات عديدة.. نحن مستعدون لبدء شراكة حقيقية مع القطاع الخاص لجعلها أكثر إنتاجية وأكثر تقدما. وأضافت، الصندوق هو أحدث إجراء حكومي يهدف إلى إحياء النمو والاستثمار الذي تعثر فى أعقاب ثورة 2011.
وحددت الوزيرة مجالات استثمارات الصندوق، فقالت الصندوق سيستثمر مبدئيًا فى القطاعات ذات الأولوية محليا، مثل السياحة والتصنيع والبتروكيماويات والأدوية والمشاريع الزراعية التي توفر إمكانية تحقيق عائدات أسرع، “ولكنه قد يستكشف لاحقاً الفرص الدولية”.
وقالت وزيرة التخطيط، إن الصندوق المصري سيشترك مع القطاع الخاص فى الاستثمار فى مجموعة واسعة من الأصول، بما فى ذلك الأراضي والمباني، بالإضافة إلى حصص فى الشركات المملوكة للدولة وفقا لقيمتها السوقية.
وفى حين ستمتلك الحكومة الصندوق بالكامل، سيتم السماح للقطاع الخاص بشراء حصص تصل لأكثر من 50% فى الصناديق الفرعية والشركات التابعة. وسيتاح للصندوق الاستثمار فى مختلف الأدوات المالية والأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى داخل مصر وخارجها.
البيع والخصخصة.. الحل
تصريحات وزيرة التخطيط التى أدلت بها قبل صدور القانون كانت صريحة بنقل ملكية الأصول غير المستغلة أو المستغلة سواء لشركات قطاع الأعمال أو أى أصول أخري للصندوق لإدارتها بالمشاركة مع القطاع الخاص، وهو ما جاء نصا فى المادة الخامسة من القانون التى نصت على أن « لرئيس الجمهورية، بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص نقل ملكية أى من الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لأى من الجهات أو الشركات التابعة لها إلى الصندوق أو أى من الصناديق التي يؤسسها والمملوكة له بالكامل.
وبالنسبة للأصول المستغلة يكون العرض من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص بالاتفاق مع وزير المالية وبالتنسيق مع الوزير المعنى، ويتم قيد تلك الأصول فى دفاتر الصندوق بالقيمة السوقية وفقًا لقواعد وإجراءات التقييم التى يحددها النظام الأساسى، وبما لا يتعارض مع الآليات والأحكام الواردة فى المادة (8) من هذا القانون».
وتنص المادة الثامنة من قانون الصندوق على أن« يكون التصرف فى الأصول المملوكة للصندوق أو الصناديق المملوكة له بالكامل بإحدى الصور الآتية: البيع، أو التأجير المنتهى بالتملك، أو الترخيص بالانتفاع، أو المشاركة كحصة عينية وذلك وفقا للقيمة السوقية، وبما لا يقل عن التقييم الذى يتم على أساس متوسط القيمة المحددة بموجب ثلاثة تقارير من مقيمين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزى المصرى، وذلك كله وفقا لما يُحدده مجلس الإدارة».
حرمان ميزانية الدولة
نصوص القانون واضحة، وتصريحات وزيرة التخطيط واضحة أيضا، لا تقبل تفسيرات مختلفة، وهى نقل أصول شركات قطاع الأعمال العام الرابحة للصندوق، والأصول غير المستغلة فى الشركات الخاسرة إلى الصندوق أيضا، وبالتالى حرمان ميزانية الدولة من أرباح هذه الشركات، خاصة أن عوائد الصندوق لا تؤؤل إلى ميوانية الدولة، بل يعاد استثمارها فى مشروعات الصندوق ذاته بحسب المادة العاشرة من القانون!.
وبتحويل تلك الأصول إلى الصندوق، الذي سيعمل دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية، سيدخل فى منافسة غير متوازنة مع القطاع الخاص، الذي لم يشارك مع الصندوق فى مشروعاته.
استثمارات الصندوق
ويمكن للصندوق، بحسب القانون، المادة السابعة، المساهمة بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو فى زيادة رؤوس أموالها. والاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها،« كمضاربة فى البورصة»، كذلك الاستثمار فى أدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل مصر أو خارجها. أى شراء أذون وسندات الخزانة التى تصدرها وزارة المالية المصرية، أو مثلا سندات الخزانة الأمريكية حال توافر موارد مالية دولارية للصندوق.
الأخطر من ذلك هو، الاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين. بضمان الحكومة المصرية.
وللصندوق وضع اللوائح المالية والإدارية والفنية للصندوق بما فى ذلك لوائح شئون العاملين ولائحة التعاقدات والمشتريات وذلك دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية.
مراقبة الصندوق
بحسب المادة 18، يكون للصندوق جمعية عمومية تُشكل بموجب قرار من رئيس الجمهورية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزير المختص، والوزيرين المعنيين بشئون المالية والاستثمار، وأحد نائبى محافظ البنك المركزى، بالإضافة إلى سبعة أعضاء من ذوى الخبرة فى المجالات المالية والاقتصادية والقانونية وفى إدارة الصناديق النظيرة والشركات الاستثمارية العالمية يرشحهم رئيس مجلس الوزراء.
ويكون للجمعية العامة للصندوق، الاختصاصات التى يحددها نظامه الأساسى بما فى ذلك: مناقشة واعتماد القوائم المالية السنوية والموازنة التقديرية ومقترح توزيع الأرباح وتقرير مجلس الإدارة ومراقبى الحسابات. وإبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة عن السنة المالية المنتهية. إقرار تعيين أو تغيير مراقب حسابات الصندوق من بين المقيدين بالبنك المركزى المصرى أو الهيئة العامة للرقابة المالية وتحديد أتعابه وأتعاب الجهاز المركزى للمحاسبات. ومتابعة وتقييم أداء الصندوق، ومدى تحقيقه لأغراضه.
الشفافية
نتائج الصندوق لا تعرض على مجلس النواب، وعوائده لا تدخل ميزانية الدولة، والجمعية العمومية فقط المكونة من 6 أعضاء فى الحكومة وسبعة من ذوي الخبرة، هم فقط من يعرف مصير أموال الشعب. فمن يحاسب الصندوق!!.
أسئلة مشروعة
يثير صندوق مصر« السيادى» العديد من التساؤلات، منها:
ما مصير وزارة قطاع الأعمال العام بعد سحب الشركات منها؟.
ما تأثير هذا الصندوق على الموازنة العامة للدولة، خاصة بعد سحب الشركات من الحكومة للصندوق، وحرمان موازنة الدولة من أرباح الشركات، وبحسب القانون، يمكن تخصيص إى أراضى مملوكة للدولة للصندوق، لاستغلالها، سواء بالبيع أو الاستثمار بالمشاركة مع القطاع الخاص، أو الصناديق السيادية العربية أو الأجنبية، وعوائدها ستذهب للصندوق، وليس الموازنة العامة للدولة؟.
أليس من الأفضل كسر الروتين الحكومى والقوانين المعطلة للاستثمار، بدلا من إنشاء الصندوق الذي يعمل دون التقييد بالقواعد والقوانين الحكومية؟.
هل سيخلق الصندوق « قطاع عام جديد»، أو مشترك مع القطاع الخاص، يعمل بإدارة كفء، وإذا كان ذلك صحيحا، لماذا لم يتم ذلك على مستوى الشركات القائمة حاليا؟.
إذا كانت مشكلة مصر فى الإدارة، فمن أين سيأتى بخبراء لإدارة هذا الصندوق الضخم؟.

التعليقات متوقفه