هواء نقى: .. ولكنكم تقتلون الديمقراطية!
تعيش مصر حالة غريبة منذ ثورة 30 يونيو، ما بين مؤيد بشدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رافضين أى خطاب معارض، أو نقد موضوعى لقراراته، وسط اتهامات بالخيانة العظمى وتهديدات بسحب الجنسية، بل وصل الأمر إلى نوع من السذاجة بسحب بطاقات التموين أو عدم الكشف الطبى ضمن مشروع 100 مليون صحة!.
هذا الفصيل من المجتمع، وإن كان يعبر عن تأييده وحبه للرئيس السيسى، وهو أمر مشروع، لكن المبالغة فى التأييد ورفض الآخر يقتل الديمقراطية، ويخلق حالة مضادة من الرفض،لأى قرارات حتى لو كانت قرارات تصب فى مصلحة الوطن، ومن هنا يمكن تفسير التشكيك فى القرارات التى تتخذها الحكومة، والتى كان يطالب بها بعض من المعارضين.
وعلى سبيل المثال، القرار الأخير الذي أصدره الرئيس السيسي برفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات، وهو مطلب كل القوي السياسية والاقتصاديين والموظفين، غير أن المعارضين أو المدفوعين للمعارضة بفعل ضغط المبالغة فى التأييد، ربطوا بين القرار والتعديلات الدستورية، واعتبروا قرار السيسي نوعًا من الرشوة الانتخابية قبل الاستفتاء على الدستور.
أيضًا عند مناقشة التعديلات الدستورية، واعتراض البعض على بعض المواد المراد تعديلها، ظهرت اتهامات للمعارضين، وللأسف من أعضاء فى مجلس النواب، باتهام المعارضين بالخيانة!.
والأمثلة كثيرة على ذلك، وأصبحت الساحة السياسية مليئة بالاتهامات للمعارضين من قبل المؤيدين، وبالتشكيك فى القرارات من قبل الرافضين، وغاب الرأي الموضوعى بين الاثنين.
لا توجد منطقة وسطى، وهى المنطقة التى تتيح بناء مصر سياسيًا، وتعمل على إحياء الحياة السياسية، التى توارت خلال الفترة الأخيرة، ربما بفعل الأحداث التى شهدتها مصر من عنف إرهاب جماعة الإخوان الإرهابية، ولكن بعد مرور 6 سنوات على ثورة 30 يونيو، أصبح هناك ضرورة لعودة الحياة الحزبية والسياسية الحقيقية، وهذا دور الدولة فى الفترة المقبلة، فعلى الدولة أن تزيد من مساحة الحريات، سواء حرية التعبير فى وسائل الإعلام، كبديل للإعلام الموجه الآن، وأن تعمل على تنشيط الحياة الحزبية، التى هى صمام أمن المجتمع والمعبرة عن أراء واتجاهات الشعب المختلفة.
فهل تشهد مصر بعد التعديلات الدستورية، إعادة بناء الحياة السياسية؟ هذا هو السؤال الذي لا يستطيع الإجابة عليه سوي الرئيس السيسي نفسه.
التعليقات متوقفه