المحلل والمفكر السياسى اللبنانى محمد سعيد الرز لـ”الأهالي”:الانتفاضة اسقطت أقنعة حزب الله والطبقة السياسية

591

المحلل والمفكر السياسى اللبنانى محمد سعيد الرز:الانتفاضة اسقطت أقنعة حزب الله والطبقة السياسية
*الطبقة الحاكمة خلال الثلاثين عامًا أفسدت القضاء وعبثت بالدستور وبنوده وأفقرت الناس
*نداء البطون الجائعة تجاوز الانتماءات السياسية والطائفية..والمحتجون يطالبون الجيش بتولى السلطة
*الشارع يطالب الآن بمحاربة الفاسدين ومنعهم من المغادرة ومحاسبتهم لاسترداد المال المنهوب
*الديون والبطالة والفساد وأزمة الكهرباء والنفايات وتراجع مستوى الرعاية الصحية فجرت التظاهرات
*الحكومة رفضت عرضا مصريا لحل أزمة الكهرباء لأن القاهرة لن تعطي سمسرة ولا أموال من أسفل الطاولة كما فعلت تركيا !

حوار عبدالوهاب خضر:

قال المحلل والمفكر السياسى اللبنانى، محمد سعيد الرز، إن المشهد فى لبنان يتطور، معتبرًا أن المواقف السياسية للطبقة الحاكمة متأخرة على الحراك الشعبى. وأضاف أن جميع المناطق اللبنانية تشهد احتجاجات عفوية تجاوزت الطائفية والحزبية والمناطقية، مؤكدا: “نداء البطن الجائع يتجاوز الانتماءات السياسية”. وأرجع مشاهد الاحتجاجات إلى عدة أزمات بينها البطالة والفساد وأزمة الكهرباء والنفايات وتراجع مستوى الرعاية الصحية.
ويشهد لبنان منذ أيام، مظاهرات شعبية ضخمة احتجاجا، على الإجراءات التقشفية وسعى الحكومة لفرض رسوما على استخدام تطبيق “واتساب”.واتسعت دائرة الاحتجاجات من العاصمة بيروت إلى مختلف المدن الرئيسية، بعد إعلان الجيش اللبناني تضامنه مع المتظاهرين…إلى تفاصيل الحوار..

استقالت حكومة الحريري ..فماذا يريد الشعب بعد ذلك ؟
التعبيير الصحيح هو إقالة الحكومة امام رغبة الجماهير ،ولكن لازالت هناك مطالب متمثلة في إسناد السلطة التنفيذية للجيش اللبنانى لمدة 6 شهور، إلى حين تقنين مطالب المتظاهرين، فالجيش اللبنانى هو الآن المؤسسة الوحيدة التى نأت عن الفساد وتمثل العمود الفقرى للمجتمع اللبنانى، ولا يجب أن نغفل هنا إلى وجود قوى تسعى إلى القفز على مطالب المتظاهرين…والجميع فى الشارع يطالبون الآن بمحاربة الفاسدين، ومنعهم من مغادرة لبنان ومحاسبتهم لاسترداد المال المنهوب.

حدثنا عن القشة التي قسمت ظهر البعير..وكانت الشرارة التي أدت لاندلاع الثورة رغم معاناة الشعب لسنوات ؟
نحن الآن نعيش حالة الانتفاضة الشعبية العارمة التي يشهدها لبنان وتجسدت بنزول مليون مواطن كبداية على الأرض، طرحوا خلالها ثلاة مطالب، الأول هو إقالة الحكومة، والثاني هو تشكيل حكومة من اخصائيين برئاسة شخصية من خارج الطبقة السياسية الحاكمة، والثالث هو حل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مبكرة،وما تحقق حتى الآن هو إقالة الحكومة، ولا أرغب بتسميتها استقالة الحكومة،و السبب في ذلك هو الحراك الشعبي المتواصل والمستمر في الشارع.

ما قاله الرئيس اللبناني به نقاط يستحق الوقوف عندها.. ما تعليقك؟
الرئيس اللبناني لم يتهم الحراك الشعبي بشيء، ولم يشكك فيه، إضافة إلى تحدثه عن حكومة جديدة نظيفة من التوازنات السياسية، ودعا المواطنين للتعاون من أجل الضغط على نوابهم لإنشاء المحكمة الخاصة بالتعدي على المال العام، محذرًا من تحريك الشارع بوجه شارع آخر ينذر بحرب أهلية.

ولكن الإصلاحات التي قدَّمتها الحكومة المستقيلة لم ترضِ الشعب اللبناني؟
الورقة الإصلاحية التي قدمها رئيس الحكومة اللبنانية المقال سعد الحريري لم تلقَ أي رد فعل إيجابي من قبل الشعب المنتفض على كل الطبقة السياسية التي تتحكم بتقاليد السلطة في لبنان منذ 30 عاما خاصة، كما أن إصلاحات الحكومة تضمنت بنودا ذات طابع مماطل وتخديري كاسترداد أملاك الدولة والتحفظ على ناهبي المال العام، لأن تشكيل هيئات لمتابعة هذه البنود يعني التسويف فهذه الطبقة لم تتفق منذ 3 سنوات على تشكيل هيئة لرفع النفايات من الشوارع متسائلًا كيف ستتفق على هيئات بهذه الأهمية؟!.

ماذا يريد الشعب الآن؟
مليون ونصف المليون متظاهر حسموا قرارهم وهو إسقاط الحكومة التي تجتمع فيها هذه الطبقة وتشكيل حكومة اختصاصيين مصغرة برئاسة قاض مشهود له بالنزاهة والاستقلالية لتقيل حاكم البنك المركزي وتتحفظ على ناهبي المال العام وتسترده إلى خزينة الدولة وتحضر لانتخابات نيابية مبكرة على أساس النسبية والدائرة الواحدةـ وبغير ذلك لن تتوقف هذه الانتفاضة الشعبية العارمة التي كشفت حقيقة الطبقة الحاكمة كلها وأثبتت حضارية تحركها وتجاوزها للعصبيات الطائفية والحزبية المفتعلة.

اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الطائفية في التسعينات..هل تراه انتهى فعلا وذاب بين المتظاهرين ؟
أريد أن اوضح أولا أن الحراك الشعبي اللبناني الجاري، يحدث لأول مرة في التاريخ الحديث، نتيجة تراكمات مضى عليها أكثر من 30 عامًا، وبالرغم من سيادة السلم الأهلي في لبنان، بعد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الطائفية في التسعينات، إلا أن أمراء الميليشيات تسلموا السلطة بلبنان، وكونوا طبقة سياسية لم تلتزم بنصوص اتفاق الطائف”، فهذه الطبقة الحاكمة أفسدت القضاء وعبثت بالدستور خلال الثلاثين عاما الماضية.

من ضمن الأزمات التي فجرت الثورة الديون ومشكلة الكهرباء التي تصل للمواطنين 4 ساعات يوميًا منذ 2006..ما تعليقك؟

طبعا ديون لبنان تجاوزت 100 مليار دولار، والتيار الكهربائي يصل إلى المواطنين لمدة 4 ساعات يوميا منذ عام 2006، بقيمة 100 دولار، حيث يتم اللجوء إلى مولدات كهرباء متواجدة بالشارع باشتراك شهري 100 دولار ،فالطبقة الحاكمة خلال الثلاثين عامًا في لبنان، أفسدت القضاء، وعبثت بالدستور وبنوده وأفقرت الناس.

علمت أن وفدا حكوميا مصريا عرض على حكومة لبنان حل أزمة الكهرباء .. فماذا حدث ؟
نعم .. وفد حكومي مصري عرض على المسئولين اللبنانيين إنشاء محطة كهرباء بقيمة ملياري دولار، لتوفير التيار الكهربائي طوال اليوم لكل المواطنين خلال عامين ونصف، فضلا عن تصدير الفائض للدول المجاورة، لكن الجانب اللبناني رفض، واستأجر 3 بواخر من تركيا لتوفير التيار الكهربائي لمدة 5 سنوات مقابل 4 مليارات دولار سنويا.

لماذا رفضوا عرض القاهرة هذا ؟
فعلا رفضوا العرض المصري، واستأجر جبران باسيل، وزير الخارجية السابق، 3 بواخر تركية لتوليد الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار في العام، لأن القاهرة لن تعطي سمسرة ولا أموال من أسفل الطاولة على خلاف تركيا، التي تغذي لبنان بالكهرباء عن طريق 3 بواخر، وهذا المثال يمكن تعميمه على كل المجالات في لبنان من أملاك بحرية ونهرية، ومنها ملعب الجولف على حدود بيروت بمساحة 420 ألف متر مربع يستأجرها أحد أقطاب هذه الطبقة الحاكمة بدولار واحد في الشهر!!

مؤسسة إعلامية كبيرة أجرت استطلاع رأي منذ أيام قالت فيه إن تدخلات حزب الله ستدفع باتجاه تأزيم الوضع في لبنان..ما تعليقك؟
الانتفاضة الشعبية العارمة في لبنان، ولأنها تجاوزت الطائفية والمذهبية والحزبية، فإن ذلك جعلها محل ثقة من اللبنانيين، وقد تجسّد ذلك في مليوني مواطن نزلوا إلى الشوارع مطالبين بإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة بمقدرات لبنان منذ 30 عاماً، وهذه الطبقة السياسية شارك فيها حزب الله وحلفاؤه، ولا يستطيعون التنصل من المشاركة في كل المساوئ والخفايا والخطايا وعمليات الهدر التي شهدها المجتمع اللبناني وعانى منها وأدت إلى إفقاره، ومن هنا جاء شعار “كلن يعني كلن”، ويجب أن يعلم الرأي العام أن تدخلات حزب الله الأخيرة أدت إلى تزايد التحالفات ضده، على أساس أن «هناك أمراً واقعاً جديداً أصبح على الأرض، وأن الانتفاضة سبقت بمراحل مواقف العصبيات والميليشيات، وكل الطبقة السياسية الحاكمة.

ولكن حزب الله كان يعتد بعمقه الجماهيري ؟
حزب الله على وجه الخصوص كغيره من الأعضاء المشاركين في هذه الطبقة السياسية الحاكمة عامة، كان يعتد بعمقه الجماهيري وخزانه البشري، بخاصة في مناطق الجنوب والبقاع، لكنَّ الموقف الجامع للشعب اللبناني قد وصل إلى هذا الخزان البشري الذي كان يعتد به حزب الله، ما جعله يهتز، بخاصة في صور والنبطية، في الجنوب ومعظم مناطق البقاع!

هل استهدف متظاهرون مواقع أو مكاتب لحزب الله ؟
لقد أحرق المتظاهرون في الجنوب مكاتب لحزب الله ولافتات كان الحزب يرفعها في الشوارع، مزقها المتظاهرون وأحرقوها، وهذا القلق الذي ساور حزب الله من تعاظم هذه الحملة الشعبية جعله أولاً يقف في مواجهتها، فحسن نصر الله أعلن منذ اليوم الأول أنه ضد أهداف هذه الانتفاضة الشعبية والمتمثلة في إسقاط الحكومة والمجيء بحكومة اختصاصيين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ثم ثانياً كرر هذا الرفض وأرسل حزب الله بعض مناصريه ليعتدوا على المتظاهرين المسالمين في ساحات بيروت والجنوب على حد سواء!

وكيف واجه المتظاهرون هذه التصرفات ؟
هذه المواقف والاعتداءات إن دلت على شيء، فإنما تدل على أمرين: أولهما سقوط الثقة الشعبية بالطبقة السياسية بكل أطرافها، وثانيهما أن هذه الطبقة السياسية أصبحت في موقع خائف من هذا المد البشري الكبير الذي غطى لبنان كله، وزاد أن أهداف الانتفاضة اسقطت أقنعة حزب الله وغيره من أطراف الطبقة السياسية، وعندما أنجز الثوار في لبنان هدف إسقاط الحكومة وإجبارها على الرحيل بدأت عملية مشبوهة يقوم بها حزب الله وغيره من أقطاب الطبقة السياسية، وتتمثل في محاولة إعادة بعث العصبيات الطائفية والمذهبية.

التعليقات متوقفه