عاطف مغاوري يكتب: خطر كورونا..وخطرالعقوبات وسياسات الحصار

376

*بقلم /عاطف المغاورى:يطل علينا وباء كورونا(كوفيد19) ليهدد المجتمع البشرى صحيا، واقتصاديا ويصيب المجتمعات الانسانية بالفزع والهلع وخطر الانقطاع وانعدام التواصل وإعتزال الإنسان لأخيه الإنسان حيث اصبح يفرق بين المرء وزوجه،والرجل وبنيه، والإبن وأبيه خشية الأصابة.

وأمام هذا الخطرالذى اصبح حقيقة  وتتصاعد الأرقام والبيانات ، وتتطورالسياسات وتتخذ الإجراءات بالانعزال، ووقف حركة التنقل عبر الحدود، وداخل البلد الواحد بما يعيد لنا اجواء الحروب بل ماهو ابشع لعدم معرفة او تحديد العدو التى تتشكل له التحالفات وتحشدله كل الطاقات والموارد لخدمة المجهود الحربى لألحاق الهزيمة واكبر الخسائر بالعدو.

ولكن اليوم العدو واحد فى مواجهة البشرية وباء،والمواجهة مختلفة لانها لاتعرف اسلحة الدمار الشامل،ولاترسانات الأسلحة التى انفقت عليها الموارد المادية و البشرية،وليست عبرالجنرالات والبزات العسكرية ،ولكن ابطالها الممرضين والاطباء واصحاب المعاطف البيضاء، ولم تتوقف المواجهة على قاعدة نفسى نفسى، ولكن اتصفت بالشماتة والاتهامات،وانتظار الفشل،وبالأخص الموقف الامريكى من الصين البؤرة الاولى للوباء(تغريدة ترامب بأن الفيروس صيني)،وبعد تطورات الوباء وبداية انحساره فى بلد المنشأ(الصين)وحلول اوروبا وبلدانها وبدرجات مختلفة محل الصين،وبدرجة اكثر شراسة وفتكاومع اعلان الصين عن قرب انقشاع الخطر وبداية التوصل الى وسائل تقليل الخطر،وامكانية الوصول الى اللقاح،وذلك من بلد المليار والنصف من البشر فى مواجهة كورونا(كوفيد19) سارعت المصادر الطبية فى الغرب فرنسا والمانيا والولايات المتحدة وبمشاركة أعلى مستوى سياسى للاعلان عن قرب التوصل للقاحات ومواجهة الوباء وانكشف المستوروظهرت عورات النظام العالمى وقواه العظمى(الأمبريالية)التى كانت سرعان ماتدعو الى انشاء والاعلان عن تشكيل التحالفات لتدمير الدول،واخراج شعوب من دائرة الحضارة والعصر الحديث تحت دعوى مواجهة ارهاب هم صانعوه…نرى ذات القوى تواجه خطر كورونا بشكل منفرد،وبصيغة تصارعية تفتك بالبشرية ،مع استمرار سياسات العقوبات والحصار المفروضة من قبل الولايات المتحدة وبشكل منفرد ،ومجردا من اى سند من الشرعية الدولية، فى مواجهة الدول والقوى التى لاتسيرفى ركابها، وتأتمر بأمرها خدمة لمصالحها ومخططاتها،واستراتيجيتها الهادفة لمزيد من الهيمنة والسيطرة..وهى سياسات قديمة اتبعتها الأدارة الأمريكية منذ بدايات الحرب الباردة،حيث ساهمت العولمة كثيرا فى التحكم فى مجرى التحولات التى حصلت للأمبريالية. ربما العامل الاهم هو انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك المنظومة الاشتراكية، وبروز الأحادية على المستوى الدولى بأبشع صورها ،حيث بات لاعب اساسى يتحكم فى العالم على نحو شبه مطلق،على الاقل حتى اشعار أخر،فالعولمة عادت لتدعم السيطرة الاحادية بعدما انتقلت معظم الدول فى اوروبا الى النيوليبرالية،وتراجع دور الدولة نسبيا وتعممت حرية المبادلات التجارية على وقع التحولات الجارية. واصبح المركز الرأسمالى هوالذى يقرر،وما على الدول ألا أن تخضع للشروط والمعاييروالمواصفات فى مجال الاستثمار وتدفقات حركة رؤوس الاموال وضبطها من خلال الارتباط قائما بين النظام المصرفى فى كل من الدول التابعة والنظام المصرفى الام، وشجع الامبريالية فى أثر انتهاء الحرب الباردة على أن تأخذ طابعا أكثر عدوانية عبر توسيع انتشار القواعد العسكرية والتركيز على تجارة الأسلحة،وتنفيذ سياسة العقوبات التى تنال من امن واستقرار الشعوب..وتطورها ورفاهيتها..ومنظومة حياتها الاجتماعية،والصحية والتى تصل الى حروب الابادة الجماعية…وفقا للقانون الدولى الانسانى..ومواثيق الأمم المتحدة التى ارتضها المجتمع الدولى كنظام دولى فى اعقاب حرب مدمرة اسقطت مايقارب(70)مليون قتيل فى العالم.ومع استمرار  سياسة العقوبات والحصارالتى دشنتهاونفذتها الولايات المتحدة..منذبدايات الحرب الباردة فى مواجهة حركات التحرر،ومصر،وكوبا والصين الشعبية ،والاتحاد السوفيتى،والكتلة الشرقية…حيث خاضت الولايات المتحدة منذ تأسيسها عشرات الحروب والمعارك على جبهات داخلية وخارجية مختلفة،موقعة ملايين الضحايا ،بهدف فرض هيمنتها العسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية على العالم ،وهوما كادت الولايات المتحدة تحققه عقب انهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك الكتلة الاشتراكية(المعسكرالشرقى)..لكن صعود الصين الاقتصادى،والتكنولوجى والمالى والعسكرى وضع الولايات المتحدة لأول مرة فى تاريخها امام تحد اقتصادى حقيقى ،مما انعكس هذا التطور على العلاقة التنافسية الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة(الحروب التجارية)على مستقبل النظام العالمى فى ظل استمرار الصين فى صعودها،وانجازها لسياسة الحزام والطريق بمبدأ الكل رابح.

ويأتى النموذج المعاصر للسياسات الامريكية العقابية..حيث أنه منذ قيام الجمهورية الاسلامية فى ايران،اتخذت العلاقات الايرانية الامريكية منحى عدائيا،اوخصاميا،بسبب ماحملته ايران من توجهات فى القضايا الاقليمية والدولية تخالف مشاريع الهيمنة الامريكية والصهيونية فى المنطقة.واذا لم تصل هذة العلاقة الى حد الحرب العسكرية المباشرة بين الطرفين فقد مارست الولايات المتحدة حروبا من نوع اخر ضد ايران،ابرزها حرب العقوبات الاقتصادية المستمرة،وذلك بهدف إرغامها على التخلى عن خياراتها الاستراتيجية فى المنطقة،فماذا حققت هذه الحرب حتى اليوم وعلى مدى(41عاما)،وماالذى عجزت عن تحقيقه ضد ايران ؟ ويظهر بوضوح الأثر السلبى لتلك السياسات من تأثيرات على منظومة الرعاية الصحية فى مواجهة(كورونا).

ويأتى العداء الامريكى لفنزويلا،ومحاولاتها المتكررة لقلب نظام الحكم البوليفارى(تشافيز/مادورو)حيث ان العداء الامريكى لفنزويلا ناجم عن التحدى الذى تطرحه فنزويلا مستقلة عن الهيمنة الامريكية، وخصوصا لجهة هيمنتها على منطقة الكاريبى التى يعدها المحللون الجيوسياسيون الامريكيون المفتاح الرئيسى لتأمين تواصل سلس بين الضفة الشرقية للولايات المتحدة وضفتها الغربية،إضافة الى كون هذة المنطة هى المفتاح الرئيسى لأنطلاقة الولايات المتحدة كقوة بحرية، نتيجة وقوع  هذة المنطة على تقاطع طرق المواصلات البحرية بين شمال المحيط الاطلسى وجنوبة او بين المحيط الاطلسى والمحيط الهادى عبر قناة بنما.

ويأتى الحصار والعقوبات الظالمة المفروضة على سورية،وكل جريمتها انها تتمسك بالحق الذى منح لها تاريخيا ووفقا لكافة المواثيق الدولية،والقانون الدولى بالدفاع عن اراضيها وشعبها ضد كافة اشكال الارهاب والاعتداءات على سيادتها ،وفى القلب منه الاعتداءات الامريكية والتركية الداعمين بكل اشكال الدعم على الارض ودوليا للجماعات الارهابية التى تتمترس فى المناطق المدنية،وتنشر الخراب والدمار،والقتل،والفزع مما تتسبب فى المعاناة التى يعيشها الشعب السورى على ارضه وفى مناطق النزوح واللجوء.

ومما لاشك فيه ان الحصار والعقوبات التى تعرض لها العراق منذ نهاية1990 والتى اختتمت بالعدوان والاحتلال من قبل الولايات المتحدة2003يعد نموذجا لحروب الابادة الجماعية والتى لا يجب ان تسقط بالتقادم،او ان تمر دون معاقبة الجانى لما سببته من تدمير منظومة الدولة الراعية،وتعريض شعب بكامل فئاته للدمار من جراء العقوبات الجماعية.

ولايمكن تجاهل الحصار والعقوبات التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى من جراء السياسات الانتقامية الامريكية،والاحتلالية الصهيونية التى تستهدف اقتلاعه من ارضه ودياره،بل ونفيه من الخارطة الدولية،والانسانية ليتسنى لهما اقامة الدولة اليهودية النقية استنادا للمخطط الصهيونى العنصرى وسياسات الابارتيد.

ألم يحن الوقت لوقف سياسات العقوبات والحصار,وإحلال محلها سياسات التعاون والتحالف الانسانى لمواجهة الامراض والاوبئة التى تهدد أمن واستقرارالبشرية وتطورها وليكن شعار العالم معا..الكل رابح مهما كانت التحديات والمخاطر.

لقد اصبح من الضرورى وقف سياسات العقوبات والحصار،بل تجريمها واعتبارها وفقا للقانون الدولى الانسانى جريمة ابادة جماعية،تهدد الامن والسلم الدوليين،بما يتطلب تطوير ميثاق الامم المتحدة،ودور مجلس الامن الدولى بحيث لا يكون  مقصورا على التهديدات العسكرية للسلم الدولى،بل يشمل سياسات الحصار والعقوبات ،وكيفية مواجهة التهديدات النابعة من المصادر الجديدة والغيرتقليدية ،مثل التصحر،والامراض،والاوبئة،والفقر،والتغيرالمناخى، والدعوة لإنفاق الاموال على الصحة والبحوث الطبية بدلا من انفقاها على الاسلحة التقليدية،واسلحة الدمار الشامل  .انه لأمرمهين انصياع دول ذات مكانة اقليمية ودولية للارادة الامريكية المتمثلة فى فرض الحصار وتوقيع العقوبات على دول ومجتمعات لمجرد انها تخالف المشيئة الامريكية.ارفعوا الحصار،واوقفوا العقوبات من اجل مزيد من التضامن الانسانى الحقيقى فى مواجهة خطر كورونا ،وخطر الكراهية وزراع الحقد وبغض الانسان لاخيه الانسان،اوقفوا القتل والدمار والاستغلال وازرعوا الحب والتعاون والتكافل والتعاضد لحماية الارض وبنى البشر لإعمارها لا لتدميرها .

 

التعليقات متوقفه