ماجدة موريس تكتب:نساء وحيد حامد

1٬110

 

نساء وحيد حامد

*ماجدة موريس

تجلس مقدمة البرامج علي كرسيها وتواجه مشاهديها بوجه مليئ بالندوب، اي، مشلفط «أداء مني ذكي» وتبدأ الحلقة بالحكي عن نفسها وحكايتها مع زوج تعددت إهاناته الي ان وصلت للضرب، وفي موقع آخر من الفيلم تقابل امرأة اخري رجلا سعي وراءها ليتزوجها «سوسن بدر»، وتفاجئ بشروطه الكثيرة لكي يكتمل زواجهما مما يستفز إنسانيتها فتسأله ماذا سيقدم لها من اجل هذا الزواج، وما هي واجباته ومسئولياته فيخبرها انه سيقوم بواجبه كرجل اي سيعاشرها فتفقد صبرها، وتنسي انهما في مكان عام وتصرخ فيه قائلة: تطلب مني ان افعل كل شئ، تنظيف، وطبخ، وتدبير منزلي، وانفاق، وان اكون علي سنجة عشرة لاستقبالك وانت عائد للمنزل من اجل ان تنام معي؟، وينتهي الموقف طبعا بخناقة كبري، في فيلم من اخراج يسري نصر الله وكتابة وحيد حامد هو«احكي يا شهر زاد» حين يكتشف المشاهد فضائح التعامل مع المرأة من منظور ثقافي متخلف برغم ادعاء التقدم، وسيطرة نظرة ذكورية تري في المرأة الطرف الاضعف الذي لا بد ان يتحمل ويتحمل مهما كانت الاوضاع الاجتماعية، وفي فيلم «الراقصة والسياسي» للمخرج سمير سيف وتمثيل نبيلة عبيد وصلاح قابيل تصبح إهانة المرأة مباحة من الرجال من خلال مهنتها، ومحاولة إذلالها لهذا السبب، أي انها لأنها راقصة ممكن اتهامها في اي لحظة بافساد المجتمع، وممنوع عليها ان تقيم دارا لإيواء اولاد الشوارع او اي عمل خيري، كتب وحيد حامد «الراقصة والسياسي» عام 1990، منذ ثلاثين عاما، بينما عرض «احكي يا شهر زاد» عام 2009 فقط، أي أنه كان منتبها الي ان الموقف من المرأة لم يتغير، بل زاد، وان السنين تزيد اعبائها ولا تخففها وغير هذا أن الفيلمين، هناك شخصيات نسائية أخري رسمها بعقله وقلمه تعبيرا عن الموقف من المرأة في افلام «أضحك الصورة تطلع حلوة» وتلك الثلاثية النسائية في حياة بطل الفيلم المصور المتجول« احمد زكي»، وكيف تتعامل كل منهم مع الحياة باحترام مفردات تخصها «الام سناء جميل والابنة مني زكي والصديقة ليلي علوي»، أما في فيلم «دم الغزال»، اخراج محمد ياسين فيكتب عن نوعيات اخري من النساء، مثل حنان الشابة اليتيمة التي فشل زواجها في ليلة الزفاف للقبض علي العريس، ولأنها انسانة بلا حماية تتعرض للطمع والظلم معا، حتي ممن اعتبروها ابنتهم، لكن السيناريو يصل بها بعد ان تستقر مع من احبتها وتبنتها «يسرا ومني زكي» الي العودة للمكان الاول، والموت علي يد هجوم امني علي زعيم المتطرفين في منطقتها كتب وحيد حامد واحد واربعين فيلما بداية من «طائر الليل الحزين» اخراج يحيي العلمي عام 1977، وحتي «قط وفار» اخراج تامر محسن عام 2015، وفي كل هذه السنوات كان لديه ابداع آخر في عالم الدراما التليفزيونية الذي حقق فيه ايضا انجازات مبهرة فكريا وفنيا، بداية من مسلسله الاول «أحلام الفتي الطائر» عام 1987 مع المخرج محمد فاضل والذي التقي فيه مع عادل امام للمرة الاولي قبل ان يلتقيه في السينما ويصبح بطل اكبر عدد من افلامه، كما واصل العمل مع مخرجه المفضل سمير سيف في التليفزيون ايضا بجانب عدد من اهم مخرجي التليفزيون مثل ابراهيم الشقنقيري ومحمد السيد عيسي، واسماعيل عبد الحافظ، وكما كان شجاعا ومقداما في طرح قضايا المرأة، وقضايا الارهاب والتطرف وتغول الفئات القوية علي الاضعف اجتماعيا في السينما، فعلها في التليفزيون، وقدم اعمالا ستظل علامات في تاريخه، وتاريخ الدراما التليفزيونية في علاقتها بالمجتمع مثل مسلسل «العائلة» عام 1994، الذي رصد بدايات صعود التطرف في الشارع المصري، ومسلسل «أوان الورد» الذي طرح قضية الحساسية الدينية وزواج المسلم من مسيحية، وجاء مسلسل «بدون ذكر أسماء» ليصل بقضية نتائج التطرف علي المجتمع الي قمتها، اما قمة اعمال وحيد حامد التليفزيونية فهو مسلسل «الجماعة» بجزءيه الاول والثاني «2010- 2017»، والذي قدم فيه قصة جماعة الاخوان وتحولاتها واطماعها معتمدا علي وثائق التاريخ وكتب المتخصصين وأظن انها تجربة فريدة في تاريخ الدراما في علاقتها بالسياسة في العالم كله وليس مصر فقط، ولقد افصح الكاتب الكبير عن وجود جزء ثالث من الجماعة، ينهي حكايتها ولكنه رحل، ولم ينس ان يودعنا بكلمات صادقة ومؤثرة في اثناء تكريمه يوم افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي منذ شهر حين تذكر كل من يدين له بالفضل منذ بدأ عمله ككاتب دراما، وحين قال انه احب ايامه، وكم كان صادقا في كلماته، لانه حين احب ايامه احب ناسه ايضا، هؤلاء الذين كتب عنهم والذين يمثلون الاغلبية في بلدنا، والذين عبر عنهم ببراعة في كل ما كتبه، من افلام ومسلسلات، ولعل كلمات بطله الشاب الذي لم يجد عملا ويحاول التكيف مع ظروفه في فيلم «اللعب مع الكبار» نموذج لمحبته للناس، ودفاعه عنهم حين وقف عادل امام- او حسن بهلول بطل الفيلم- يخاطب المقدم معتصم الالفي «حسين فهمي» رافضا ان يعمل مرشدا للشرطة برغم صداقتهما قائلا له: أنا عين الشعب مش الحكومة، نعم كان وحيد حامد عين الشعب في رحلته مع الكتابة.

التعليقات متوقفه