البابا فرانسيس: نحن مدعوون إلى الوحدة والشركة والأخوة

114

ترأس البابا فرانسيس، بابا الفاتيكانن اليوم، في قاعة السينودس بالفاتيكان افتتاح المرحلة الأولى الإيبارشية من المسار السينودسي للجمعية العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة، حول موضوع “من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة، مشاركة ورسالة”، الذي سيُحتفل به في عام ٢٠٢٣. وألقى البابا كلمة قال فيها؛ أريد أولاً أن أشكركم على حضوركم هنا في افتتاح السينودس. لقد أتيتم من دروب وكنائس عديدة وكلٌ منكم يحمل في قلبه أسئلة وآمال، ونحن مدعوون إلى الوحدة، والشركة، والأخوة التي تولد من الشعور بأنّ محبّة الله الوحيدة تعانقنا جميعًا، بدون تمييز، ولا سيما نحن الرعاة. تابع البابا فرنسيس يقول إنّ كلمات السينودس الأساسية هي ثلاث: شركة، مشاركة، ورسالة، لقد أوضح المجمع الفاتيكاني الثاني أن الشركة تعبِّر عن طبيعة الكنيسة ذاتها. وتابع؛ في ختام سينودس ١٩٨٥، بعد عشرين عامًا من اختتام الجمعيّة المجمعيّة، أراد البابا يوحنا بولس الثاني أيضًا التأكيد على أن طبيعة الكنيسة هي الـ koinonia ومنها تنبثق رسالة كونها علامة للاتحاد الحميم للعائلة البشريّة مع الله. أضاف البابا فرنسيس يقول إن السينودس، فيما يقدّم لنا فرصة كبيرة لارتداد راعوي في مفتاح رسولي ومسكوني أيضًا، لا يُستثنى من بعض المخاطر، أذكر ثلاثة؛ الأول هو الشكلية. يمكن تحويل السينودس إلى مجرّد حدث رائع، مجرّد واجهة، تمامًا كما لو كان المرء ينظر إلى واجهة جميلة لكنيسة ما دون أن يدخل إليها. فيما أن السينودس هو مسيرة تمييز روحي فعليّ، لا نقوم بها لكي نُعطي صورة جميلة عن أنفسنا، وإنما لكي نتعاون بشكل أفضل في عمل الله في التاريخ. لذلك، إذا تحدثنا عن كنيسة سينودسيّة، لا يمكننا أن نكتفي بالشكل وحسب، وإنما نحتاج أيضًا إلى مادة وأدوات وهيكليات تُعزّز الحوار والتفاعل بين شعب الله، ولاسيما بين الكهنة والعلمانيين. وهذا الأمر يتطلب تغيير بعض وجهات النظر الهرميّة والمشوهة والجزئية حول الكنيسة، والخدمة الكهنوتية، ودور العلمانيين، والمسؤوليات الكنسية، وأدوار الإدارة، وما إلى ذلك. الخطر الثاني هو خطر العقلانيّة: أي أن نحول السينودس إلى مجموعة دراسة، مع مداخلات راقية وإنما مجردة حول مشاكل الكنيسة وشرور العالم؛ نوع من “التحدث عن أنفسنا”، حيث نتقدم بطريقة سطحية ودنيوية، وينتهي بنا الأمر بالوقوع مرة أخرى في التصنيفات الإيديولوجية والحزبية العقيمة المعتادة، وننفصل عن الواقع، عن الحياة الملموسة للجماعات المنتشرة في جميع أنحاء العالم. في الختام، قد يكون هناك تجربة الجمود: بما أننا قد “قمنا بذلك دائمًا على هذا النحو”، فمن الأفضل ألا نغيِّر. إنَّ الذين يتحركون في هذا الأفق، حتى بدون أن يتنبّهوا لذلك، يرتكبون خطأ عدم أخذ الوقت الذي نعيش فيه على محمل الجد. يكمن الخطر في أن يتمَّ في النهاية تبني حلول قديمة لمشاكل جديدة: قِطعَة مِن نَسيجٍ خام، تجعل في النهاية الخَرق أَسوَأ. لهذا السبب، من المهمّ أن تكون المسيرة السينودسيّة حقًّا عمليّة في سيرورة مستمرة، تُشرك، في مراحل مختلفة وابتداءً من الأسفل الكنائس المحلية في عمل شغوف وملموس يطبع أسلوب الشركة والمشاركة الذي تتميّز به الرسالة. وتابع؛ لنعش إذًا هذه الفرصة للقاء والاصغاء والتأمّل كزمن نعمة يسمح لنا بأن نغتنم ثلاث فرص على الأقل. الأولى هي السير ليس من حين لآخر وإنما بشكل منظّم نحو كنيسة سينودسيّة: مكان مفتوح يشعر فيه كل فرد بأنه في بيته ويمكنه أن يشارك. كذلك يمنحنا السينودس الفرصة لنصبح كنيسة اصغاء: فنتوقف للحظة عن وتيرتنا اليومية ونوقف مخاوفنا الراعوية لكي نتوقف ونصغي. فنصغي إلى الروح في العبادة والصلاة، ونصغي إلى الإخوة والأخوات حول تطلعات وأزمات الإيمان في مناطق مختلفة من العالم، والحاجة الملحة لتجديد الحياة الرعوية، والعلامات التي تأتي من الوقائع المحليّة. وفي الختام، لدينا فرصة أن نصبح كنيسة قرب، لا بالكلمات فحسب، وإنما تُرسِّخ بالحضور، روابط صداقة أكبر مع المجتمع والعالم: كنيسة لا تنفصل عن الحياة، بل تأخذ على عاتقها ضعف وفقر زماننا وتضمِّد الجراح وتداوي القلوب المنكسرة.

التعليقات متوقفه