المصالحة السورية التركية.. برعاية بوتين

1

أنقرة مستعدة للعمل إلى جانب دمشق لمواجهة حزب العمال الكردستاني

عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان اجتماعًا لأربع ساعات, ناقش فيه الرئيسان المسألة السورية. طلب بوتين من أردوغان العمل مع الرئيس السوري بشار الأسد لحل الأزمة السورية.

وأكد أردوغان أن جهاز المخابرات التركي ينسق بالفعل مع المخابرات السورية. كما قال أردوغان في رحلة العودة إلى تركيا، “طالما أن جهازي المخابرات يعملان على هذا الأمر، فنحن بحاجة إلى دعم روسيا، وهناك اتفاقيات وتفاهمات بين البلدين في هذا الصدد”.

في 9 أغسطس، ذكرت وسائل الإعلام الحكومية التركية أن بوتين اقترح إجراء مكالمة هاتفية بين أردوغان والأسد.

قبل ذلك, في 27 يوليو، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن أنقرة مستعدة للعمل إلى جانب دمشق,  لمواجهة حزب العمال الكردستاني, وأنها مستعدة لتقديم  كل أنواع الدعم السياسي لعمل السوريين بهذا الشأن, وأضاف علينا أن نجمع المعارضة والنظام في سوريا معًا للتوصل إلى اتفاق. وإلا فلن يكون هناك سلام دائم.

في 20 أبريل، اقترح جاويش أوغلو إمكانية إجراء محادثات أمنية مع الحكومة السورية. ومع ذلك، رفضت الحكومة السورية, وردت وكالة الأنباء السورية (سانا) في 22 أبريل: “لا يمكن أن يكون هناك تعاون في مكافحة الإرهاب مع نظام إرهابي يدعم ويدرب وينشر الإرهاب في المنطقة والعالم”.

وذكرت صحيفة الوطن السورية أن” النظام التركي، الذي يحتل العديد من المدن والبلدات والقرى في شمال سوريا، سبق أن تنكر لجميع التزاماته بموجب التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الجانب الروسي، والتي تدعو بشكل خاص إلى احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها”.

من جانبها، رفضت موسكو التوغل العسكري الذي اقترحته أنقرة في شمال سوريا، وشجعت بدلًا من ذلك على التواصل المباشر بين الجارتين. وأعرب أردوغان عن تقديره لـ “نهج بوتين العادل” تجاه موقف تركيا من القضية السورية ومشاركة روسيا لتركيا في “حربها ضد الإرهاب”.

ثم في 11 أكتوبر 2021، التقى جاويش أوغلو مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال اجتماع حركة عدم الانحياز في العاصمة الصربية بلغراد.

كل هذا في ظل اكتساب الأسد  قبولًا إقليميًا بين جيران سوريا وبعض دول الخليج العربي. ومن المتوقع أن تكون عودة سوريا للجامعة العربية هي الخطوة التالية. الزعيم السوري يتمتع بوضع سياسي مستقر، بينما يقف أردوغان على أرضية مهتزة.  فهو على موعد مع انتخابات رئاسية في يونيو 2023، بعد أقل من عام.  اقتصاد تركيا منهار تقريبًا، وقيمة العملة منخفضة، والشعب التركي يعاني من التعايش مع 3 ملايين لاجئ سوري. يحتاج أردوغان إلى تحقيق السلام مع الأسد من أجل الفوز في الانتخابات المقبلة، حسب مراقبين, حيث يؤدي هذا الأمر إلى زيادة واردات المنتجات التركية إلى سوريا وعودة السوريين إلى ديارهم.

قبل حرب الناتو على سوريا لغرض “تغيير النظام”، كان أردوغان والأسد  يتمتعان بعلاقات صداقة دافئة. وصف أردوغان الأسد علنًا بلفظ “أخي” عند مخاطبته.

لقد خطط الرئيس باراك أوباما ونفذ هجومًا بقيادة الولايات المتحدة على سوريا مستخدمًا الإرهابيين والمتطرفين كجنود مشاة، ومع وجود المعارضة السياسية السورية في اسطنبول التي تتألف من أتباع الإخوان المسلمين بشكل حصري تقريبًا. ثم  جاء ترامب لاحقًا ليوقف مشروع وكالة المخابرات المركزية لدعم الإرهابيين في تركيا في عام 2017. ليُعلن فشل حرب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على سوريا.

قبل النزاع كانت العلاقات التركية السورية في أفضل حالاتها:  في عام 2004، أبرم وزيرا خارجية الجمهورية التركية والجمهورية العربية السورية اتفاقًا للتجارة الحرة نص على “إرادة شعبيهما المرتبطين بروابط استثنائية من التاريخ والثقافة والجغرافيا المشتركة.”كان هناك تكامل اقتصادي بين تركيا وسوريا، لم يشمل فقط الجوانب التجارية، بل شمل أيضًا انتقال المواطنين بين البلدين بدون تأشيرات سفر.

ومع ذلك، في ديسمبر 2011، قررت سوريا تعليق اتفاقية التجارة الحرة وفرض تعريفة بنسبة 30% على جميع الواردات التركية والرسوم الباهظة على الوقود والشحن. وكانت أنقرة قد أعلنت في السابق فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية.  في وقت لاحق، مع تزايد التورط التركي في حرب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على سوريا، حظرت الحكومة السورية جميع المنتجات التركية التي تدخل سوريا، وأُغلقت الحدود.

انقطعت روابط اقتصادية وثيقة بين البلدين, قال وزير الاقتصاد التركي ظافر تشاجليان في هذا العام ديسمبر 2011″ : ، فإن المبلغ الذي ستخسره تركيا من حيث (انخفاض) الصادرات إلى سوريا يساوي المبلغ الإجمالي للصادرات إلى العالم ليوم واحد. بعبارة أخرى، هذا رقم لا يمكن تجاهله”.

اختار أردوغان التخلي عن مجتمع الأعمال التركي لصالح الخطة الأمريكية للإطاحة بـ” أخيه ” في دمشق.  وهي أحد العوامل المؤدية للحالة الاقتصادية المزرية للاقتصاد للتركي.  اختار أردوغان مشروع جماعة الإخوان المسلمين على حساب اقتصاد بلاده، وسبل عيش الشعب التركي.  تخلى عن أكبر سوق للمنتجات التركية لصالح إتباع أوامر واشنطن وانتمائه للإخوان.

دعمت الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، وهي مجموعة شبه عسكرية تعارض تركيا والحكومة السورية. ترتبط قوات سوريا الديمقراطية ارتباطًا مباشرًا بحزب العمال الكردستاني الذي يعارض النظام التركي معارضة شديدة.  استخدمت الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب لمحاربة داعش، لكن تلك الحرب انتهت منذ فترة طويلة.  لم تعد واشنطن الأكراد أبدًا بوطنهم المنشود. وفي الواقع، نصح جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، مرارًا وتكرارًا قوات سوريا الديمقراطية بالذهاب إلى دمشق وإبرام الصفقة مع الأسد.

وبعد أن هدد أردوغان بمزيد من التوغل العسكري في الداخل السوري، فإن قوات سوريا الديمقراطية في طريقها إلى دمشق للتوافق مع النظام.  نصح بوتين أردوغان بالتعاون مع الأسد لوقف الطموحات الانفصالية لقوات سوريا الديمقراطية.

وبمجرد دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش الوطني السوري، فإنها سوف تتوقف عن أن تشكل تهديدًا لأمن تركيا. وهو ما سيقود أيضًا إلى انسحاب الولايات المتحدة من احتلالها غير الشرعي لسوريا، وكذلك احتلال القوات التركية.

إذا استأنفت أنقرة ودمشق علاقاتهما، فسوف يؤدى ذلك إلى إنهاء احتلال مسلحي القاعدة لإدلب.  ستكون جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية، التي كانت سابقًا فرعًا من تنظيم القاعدة في سوريا، قد فقدت دعمها التركي.

سيحصل المدنيون الثلاثة ملايين الذين يعيشون في ظل تنظيم الدولة الإسلامية في إدلب على حريتهم أخيرًا. بدأت الاحتجاجات في إدلب  بعض ظهور أنباء عن احتمال التسوية بين أردوغان والأسد.  أحرقت الأعلام التركية، وأعلن رجال الدين في هيئة تحرير الشام بأن تركيا “أمة كافرة” لأنها ليست جمهورية إسلامية، على الرغم من أن تركيا دعمتهم بالطعام والأموال والأسلحة منذ عام 2011, بتخطيط أمريكي.  الإرهابيون لديهم ذاكرة قصيرة ولا يدينون بالولاء لأحد, كما هو معروف.

يسعى وزير خارجية أردوغان للتوصل إلى اتفاق بين المعارضة السورية والحكومة السورية. لكن السؤال الجوهري الآن هو: من هي المعارضة السورية? ، مجموعات متنوعة من أعضاء جماعة الإخوان الذين يعيشون في اسطنبول والموجودون على كشوف المرتبات الأمريكية. الذين انتقلوا لاحقًا للعيش في  الدوحة ، قطر.  وفي وقت سابق على ذلك، كان هناك مجموعة متخفية في الرياض, بالإضافة لمنصة معارضة موجودة بالقاهرة.

التعليقات متوقفه