تكنولوجيا الـ “لاى فاى” تتفوق على الـ “واى فاى” بالضربة الفنية القاضية

669

نجح العلماء قبل أعوام قليلة، فى إماطة اللثام عن تقنية جديدة لنقل البيانات، فقد استطاع أستاذ هندسة الاتصالات بجامعة أدنبرة فى أسكتلندا “هارولد هاس” أن يخرج على العالم بخبر توصله لتقنية جديدة، يمكنها أن تقلب موازين عملية نقل البيانات رأسا على عقب، من خلال تقنية أسرع، وأكثر اعتمادية، وسهولة، وأكثر أمانا، وهى تقنية نقل البيانات باستخدام الضوء المرئى، أو ما يسمى “لاى فاى” (اختصار Light Fidelity وهى تكنولوجيا تحيل نقل البيانات عبر موجات الراديو إلى التقاعد، وتستبدلها بنقل البيانات عبر الضوء المرئى.
وقد نجح هارولد هاس، فى تطوير طريقة يمكن من خلالها نقل البيانات عبر الضوء من خلال تحويل البيانات إلى إشارات، تنتقل عن طريق الضوء العادى المنبعث من لمبات الليد التى انتشرت بشدة خلال الأعوام القليلة الماضية.

 

لماذا “لاى فاى”؟
بدأت فكرة التحول من تقنية الواى فاى إلى تقنيات أخرى بسبب محدودية السرعات التى توفرها تقنية الواى فاى فى نقل البيانات، ومشكلة ارتباطها بالمكان الموجود به الخدمة، فإذا كنا فى مكان لا تتوافر به خدمة الواى فاى، فستواجهنا مشكلة فى الوصول إلى الإنترنت. كما أن تكنولوجيا الواى فاى تنتشر كأمواج كهرومغناطيسية داخل وخارج المبانى، مما يعنى أنها أقل من ناحية أمن الشبكات، لأنها معرضة للاختراق.
وباختصار، جاءت تكنولوجيا “لاى فاى” للقضاء على العديد من السلبيات التى شابت تقنيات نقل البيانات لاسلكيا، بما فيها الواى فاى، ومن بين تلك السلبيات عجز الشبكات اللاسلكية عن استيعاب الحجم الهائل من البيانات التى يتم تداولها حاليا.
كما أن التقنيات المستخدمة حاليا تعانى من مشاكل ضخمة من حيث استهلاكها لكم كبير من الطاقة المستهلكة فى المحطات، وأبراج التقوية، وكذلك الوقود اللازم للتشغيل، وتكاليف الصيانة، والتركيبات، وغيرها.
كما تعانى الطرق التقليدية لنقل البيانات من مشاكل تتعلق بأمن الشبكات، حيث أن الشبكات التقليدية يسهل اختراقها، والتلصص، والتجسس عليها.
ومن سلبيات الطرق التقليدية لنقل البيانات، عدم قدرتها على العمل فى أوساط معينة، فعلى سبيل المثال لا يمكن استخدام الشبكات اللاسلكية فى غرف العمليات فى المستشفيات وعندما نستقل الطائرة، لا يمكننا الاتصال بالإنترنت خصوصا عند الإقلاع والهبوط، لأن نقل الإشارات عبر موجات الراديو التقليدية يمكن أن يؤثر سلبيا بالتشويش والتداخل مع أجهزة الملاحة الخاصة بالطائرة.
أما العيب الأكبر والأخطر، فهو عدم إمكانية استخدام الطرق التقليدية من الشبكات اللاسلكية تحت الماء، وبالتالى، يصبح من المستحيل للغواصات، أو هواة الغطس التواصل مع عالم الإنترنت، أثناء ممارسة هوايتهم المفضلة.

 

مميزات “لاى فاى”
تتميز تقنية “لاى فاى” بعدة مميزات يمكنها أن تتفوق بها بسهولة على تقنيات الاتصالات اللاسلكية التقليدية، كالواى فاى، فعملية نقل البيانات باستخدام “لاى فاى” تعد أكثر أمنا لأنها تكون محصورة فى المساحة التى يصلها الضوء المنبعث من اللمبات داخل المكان، وبالتالى لن يتم تسريبها للخارج، مما يستحيل معه اختراق الشبكة أو التجسس عليها، فتقنية “لاى فاى” لا تعتمد على موجات الراديو مثل باقى التقنيات الموجودة حاليا، ولكنها تعتمد على موجات الضوء. وهذا ما يجعل من التحكم بها أو توجيهها أمرا سهلا للغاية. أما موجات الراديو المستخدمة حاليا فلا يمكن التحكم فى انتشارها.
وقد يعتبر البعض أن اقتصار نقل البيانات على مكان معين أو محدود عيبا، ولكن هذا العيب هو نفسه ما يعتبره الخبراء الميزة الأكثر تنافسية لتقنية “لاى فاى” حيث ستكون عملية نقل البينات محصورة فى المكان المطلوب تغطيته بالشبكة. ومع انتشار استخدام لمبات الليد، ورخص ثمنها، وتوفيرها لاستهلاك الطاقة، وإمكانية نشرها فى أى مكان بكل سهولة، سيجعلنا لا نشعر بأى تعاطف مع تقنية “الواى فاى”.

 

10 آلاف ضعف السرعة
تمتاز تقنية “لاى فاى” بقدرتها على نقل سرعات وكميات مهولة من البيانات، فمن حيث السرعة تنتقل البيانات بنفس سرعة الضوء، وهى تقارب 300 ألف كيلو متر فى الثانية الواحدة. كما أنه من المعروف أن الطيف الترددى، أو موجات الراديو، أو الموجات الكهرومغناطيسية محدودة النطاق، وبدأت الشركات، والدول، وأجهزة تنظيم الاتصالات، فى الشكوى من محدودية الطيف الترددى، ولا يمكننا اختلاق طيف ترددى جديد. فكان الحل الأمثل، هو استخدام الضوء المرئى كبديل لنقل البيانات، ومع السرعات الهائلة للضوء فى نقل البيانات، يمكننا أن نقول وداعا لمشاكل محدودية الطيف الترددى، خصوصا إذا تحدثنا عن القدرة على نقل البيانات، فيكفى أن نقول أن نقل البيانات عن طريق الضوء المرئى يعطينا أكثر من 10 آلاف ضعف السرعات الحالية المستخدمة فى شبكات الاتصالات اللاسلكية التقليدية.

 

وداعا للأسلاك
مع تقنية “لاى فاى” يمكننا، وبكل بساطة أن نقول، وداعا للأسلاك، والتوصيلات، والكابلات، ووداعا للتكاليف المهولة للأجهزة، والراوترات، ووداعا لوصلات الإنترنت المنزلية، ووداعا للأبراج، والمحطات، إلخ. فهذه اللمبات الصغيرة، التى لا يتعدى سعر الواحدة منها 75 قرشا، يمكننا أن نعتبر أن كل لمبة ليد صغيرة هى عبارة عن محطة كاملة متكاملة، هائلة القدرة، والسرعة، بمجرد بعض التعديلات البسيطة غير المكلفة.
فوق الماء وتحت الماء
تقنية “لاى فاى” الناقلة للبيانات عبر الضوء، لن تتسبب فى المزيد من الأزمات لأجهزة الملاحة الجوية، ولا تتعارض مع الأجهزة الطبية أو الصناعية الحساسة. وبالتالى، يمكننا استخدام الإنترنت بكل بساطة فى المستشفيات، والطائرات أو المنشآت العسكرية. ولأول مرة فى العالم ستتمكن الغواصات، ومحبى استكشاف أعماق البحار والمحيطات من الوصول للإنترنت لأن الضوء يمكنه النفاذ عبر الماء، وحتى أعماق سحيقة، على عكس موجات الراديو التى تعجز عن الانتقال داخل الماء.

 

وداعا للتلوث الإشعاعى
هناك العديد ممن يتخوفون من تأثيرات موجات الراديو الكهرومغناطيسية على صحة الإنسان، ولهم الحق فى هذا، فمعظم أنواع الأشعة الموجودة حولنا فى هذا العالم، يمكن أن يكون لها تأثير ضار إن لم يكن خطير على صحة الإنسان. ولكن هل سمعنا يوما عن أى تأثيرات ضارة للضوء؟ بالطبع لا. فالضوء المرئى لا يحمل أى تأثيرات إشعاعية، أو موجات ضارة بصحة الإنسان أو الكائنات الحية عموما.

 

كيف تعمل تقنية “لاى فاى”
تبدأ الحكاية تقليديا كما هو الحال فى الشبكات اللاسلكية التقليدية، حيث يتم الاتصال بالإنترنت عن طريق أجهزة الكومبيوتر الخادمة (سيرفر) الموجودة لدى الشركات المقدمة لخدمات الإنترنت.
وفى المنزل، تبدأ تقنية “لاى فاى” فى العمل، والقيام بدورها، حيث يتم توصيل كابل الإنترنت بشبكة الكهرباء المنزلية، حيث تنتقل البيانات خلالها إلى لمبات الليد من خلال وحدة تحكم خاصة. واستخدام البنية التحتية لشبكة الكهرباء يعتبر حلا ذكيا جدا، لأنها بنية تحتية قائمة ومتواجدة فى كل بيت، وبالتالى، لن نتحمل تكاليف بناء بنية تحتية جديدة.
وتقوم لمبات الليد باستقبال البيانات الواردة من الشركة المقدمة لخدمة الإنترنت، وإعادة تفكيكها باستخدام شريحة إلكترونية صغيرة مركبة فى لمبات الليد. وهذه الشرائح تتحكم فى إطفاء وإضاءة لمبات الليد بسرعات عالية جدا لا يمكن أن تلاحظها العين البشرية. ومع كل إطفاء تنتقل إشارة (.) أو النقطة، ومع كل إضاءة للمصباح تنتقل إشارة (/) أو الشرطة. ومع تكرار الوميض بسرعات عالية، تنتقل الإشارات من المصباح إلى كافة أنحاء المكان. مع ملاحظة أن إشارتى (.) و (/) هما الشكل الرقمى الخام والأساسى للبيانات أيا كان نوعها، سواء كانت بيانات صوتية أو صورة أو فيديو أو موضوع مكتوب أو غيره.
وهكذا، تنتشر الإشارات فى الهواء فى كل مكان يصله الضوء. وفى النهاية، يقوم جهاز الكمبيوتر أو الموبايل بالتقاط الإشارات المنتشرة فى المكان ومعالجتها، وتحويلها مرة أخرى إلى بيانات على شاشة الكمبيوتر أو الموبايل، من خلال شريحة إلكترونية أخرى تضاف لتلك الأجهزة.
ويتطلب الاتصال بالإنترنت فى هذه الحالة الإبقاء على مصابيح الليد فى وضع التشغيل ومضاءة دائما، ولكن هذه العملية لا تقف عائقا أمام التقنية الجديدة، فنحن نستخدم الإضاءة فى مكاتبنا، ومنازلنا ليلا ونهارا، كما أن لمبات الليد لا تستهلك الكثير من الطاقة. وكلما زاد عدد لمبات الليد العاملة، زادت سرعة نقل البيانات، والعكس صحيح.

 

س و ج

س: هل يجب أن تكون المصابيح مضاءة حتى يمكننى إرسال واستقبال البيانات عبر الإنترنت؟
ج: نعم، يجب أن تكون المصابيح مضاءة ليلا ونهارا حتى تستطيع الاتصال بالشبكة. ولكن لاحظ أنه يمكن التحكم فى لمبات الليد بحيث يتم تخفيض إضاءتها بحيث لا يمكن ملاحظتها، ومع ذلك تستمر عملية نقل البيانات، ولكن بسرعة أقل.

 

س: هل سنحتاج إلى مصابيح من نوع خاص؟
ج: لا، لن نحتاج إلى مصابيح من نوع خاص، سنحتاج فقط إلى إضافة شريحة إلكترونية صغيرة جدا داخل اللمبة لبث البيانات. وبالتالى سنحتاج لاستبدال اللمبات الموجودة حاليا بلمبات الليد المجهزة بتلك الشريحة الإلكترونية. ولمبات الليد رخصية جدا، وأطول عمرا، وموفرة للطاقة الكهربائية، وهى بالتالى تتوافق مع خطط الحكومة لتقليل استهلاكنا من الكهرباء.

 

س: هل اللاب توب الخاص بى مؤهل للتعامل بتقنية “لاى فاى”؟
ج: لا. ستضطر لإضافة شريحة إلكترونية صغيرة جدا، ورخيصة الثمن لاستقبال البيانات. وفى المستقبل، ستكون كل الأجهزة مزودة تلقائيا بهذه الشريحة بحيث لن تحتاج لتركيبها. وربما عندما يحين وقت انتشار هذه التقنية، ستكون كل الأجهزة الموجودة فى الأسواق مؤهلة للتعامل مع تقنية “لاى فاى”.

 

س: هل تمت تجربة هذه التقنية؟ أم أننا سنكون حقل تجارب للتقنيات الجديدة، سواء نجت أم فشلت؟
ج: نحن نتحدث عن ثورة هائلة فى عالم نقل البيانات على مستوى العالم. لا نتحدث عن المستقبل البعيد، ولا عن عشرات السنين. بل نتحدث عن تقنية خضعت للتجارب، وتأكد نجاحها، وهى مستخدمة بالفعل حاليا ولكن على نطاق ضيق فى جامعة كيو باليابان، وفى جامعة إدنبرة بأسكتلندا، وجامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة. وتخضع هذه التقنية لإشراف ومتابعة تحالف من كبريات شركات الاتصالات العالمية التى قامت بتجربة هذه التقنية بنجاح فى معرض لاس فيجاس للإلكترونيات الإستهلاكية عام 2012. ويعتقد الخبراء أنه من الممكن أن تزيد سرعة نقل البيانات بهذه التقنية (نظريا) على 10 جيجا فى الثانية، أو ما يسمح لنا فى التجربة العملية بتحميل فيلم عالى الوضوح فى أقل من 30 ثانية.

التعليقات متوقفه