محمود دوير يكتب:أغنيات خالدة على جبهة المقاومة الفلسطينية

24

*بقلم محمود دوير

كانت الأغنيات وستظل في مقدمة صفوف المقاومة الفلسطينية تشحذ الهمم وتشعل الروح محبة للوطن وتفيض عشقا بالفداء، تتحول النغمات قنابل وتصير الحناجر قذائف وتنطلق الكلمات لتؤذن للحرية .. تعلو الرقاب بالثقة فى النصر وتردد الألسنة هتافات المغنين: “القدس لنا” و”منتصب القامة أمشى” و”أنى اخترتك يا وطني” و”يا فلسطينية” وغيرها من الأغنيات التى أضاءت الطريق وصنعت حالة ملهمة من الوجد للرصاص حين يكون هو الخيار الوحيد لحماية الأرض وصون العرض والكرامة..

كانت الأغنية حاضرة منذ لحظة المقاومة الأولى لتؤكد ان الفن المقاوم هو قرين لصوت الرصاص الذى يدافع عن الوطن ويحمى حدوده من أى عدوان.

فى عام 1929 اندلعت اشتباكات بين العصابات الصهيونية والشعب الفلسطيني على خلفية الاعتداءات على حائط البراق (الذي يسميه اليهود حائط المبكى).

و قامت قوات الاحتلال البريطاني بإلقاء القبض على عدد من الفلسطيني وأودعتهم سجن عكا وفي يونيو 1930 أقدمت على إعدام ثلاثة منهم وهم «محمد خليل جمجومو عطا الزير و فؤاد حجازي»، فخرجت أغنية تنعي هؤلاء الشهداء الثلاثة، وتخلد بطولتهم، وكانت هذه الأغنية هي بداية ما عرف منذ تلك اللحظة وحتى الآن بأغنيات المقاومة. تقول كلماتها

«”مِن سجن عكا وطلعت جَنازه، محمد جمجوم وفؤاد حجازي

وجَازي عليهم يا شعبي جَازي، المندوب السامي وربعو عموما

محمد جمجوم ومع عطا الزيرِ، فؤاد حجازي عز الذخيرهِ

 

انظر المقدَّر والتقادير، بأحكام الظالم تا يعدمونا

ويقول محمد أنا أولكم، خوفي يا عطا أشرب حَسرِتك

ويقول حجازي أنا أولكم، ما نهاب الردا ولا المنونا “

وكانت فرقة «العاشقين» من أوائل الفرق الموسيقية الفلسطينية التي قدمت أغنيات للثورة والمقاومة. وكانت الأناشيد الثورية إحدى أدوات المقاومة عبر تاريخ النضال الفلسطيني، وعبرت كلمات الأغنيات عن حلم الثورة فى الخلاص من المحتل .

في مطلع السبعينيات توحدت الفصائل الفلسطينية تحت قيادة “ياسر عرفات” ، وتقرر مُنع الغناء باسم فصيل بعينه بما فيها منظمة «فتح»، وكتب شاعر الثورة “صلاح الدين الحسيني” نشيد “طل سلاحي” وغناه الملحن مهدي سردانة وقد حقق هذا النشيد انتشارًا واسعًا، كان يُعبر عن وحدة سلاح الثورة والمقاومة وجاء فيه:

“طل سلاحي من جراحي

يا ثورتنا طل سلاحي

ولا يمكن قوة في الدنيا

تنزع من إيدي سلاحي

طل سلاحي “

وقدم الفنانون الفلسطينيون عشرات الأناشيد الثورية التي رددها الشعب بمختلف فئاته وأعماره وانتماءاته السياسية.

والمُميز فى مسيرة الأغنية التي ارتبطت بالقضية الفلسطينية أن عددا كبيرا من رموزها ليسوا فلسطينيين مثل فيروز وماجدة الرومي ومارسيل خليفة، وجوليا بطرس والشيخ إمام وعدلى فخرى وغيرهم الكثير، وهذا ما يؤكد أنها قضية العرب الأولى مهما حاولت خناجر التطبيع أن تطعنها أن تخنقها أدخنة العرقية البغيضة ودعاوى الفردية التى لا ولن تنجح فى تصفية القضية في وجدان الشعب العربي بل وملايين الشرفاء من مناصري الحق فى مختلف دول العالم.

ويمثل ما قدمه الفنان “مارسيل خليفة” أحد أهم محطات أغنية المقاومة الأكثر غزارة والأعمق تأثيرا خاصة حين تلاقى مشروعه الموسيقى مع قصائد الشاعر الكبير محمود درويش وتحولت أعمال “مارسيل” إلى طلقات فى وجه الكيان الصهيوني وشكل حالة مقاومة امتزجت بالشجن لتتوحد موسيقاه الملهمة وصوته الشجي مع كلمات كبار شعار الأرض المحتلة وجاءت أغنيته الشهيرة «مُنتصب القامة»، والتي كتبها الشاعر الكبير سميح القاسم لتمثل صرخة مدوية وتصبح إحدى روائع المقاومة الفنية وصارت نشيدا للثوار فى كل الميادين:

“”منتصب القامة أمشى

مرفوع الهامة أمشى

في قلبي قصفة زيتون وعلى كتفي نعشى “

و قدم الفنان اللبناني «أحمد قعبور» واحدة من روائع المقاومة حين تغنى كلمات الشاعر «توفيق زياد» «أناديكم» التي تعتبر ملحمة غنائية نضالية، تناقلتها الحناجر وشدت من عزيمة المقاتلين داخل في الأرض المحتلة، أو في بيروت خلال الاحتياج الإسرائيلي لها. كما امتد تأثيرها ليشمل كل البلدان العربية

“أناديكم … أناديكم

أشد على أيامك

وأبوس الأرض تحت نعالكم

أقول أفديكم “

وساهمت الفنانة اللبنانية «جوليا بطرس» بدور كبير فى رصيد أغنية المقاومة وقدمت عشرات الأعمال من بينها أغنية «غابت شمس الحق» عام 1984 والتى صنعت شهرتها ومكانة خاصة كمغنية ملتزمة و قدمت بعدها عددا كبيرا من أغنيات المقاومة .

وتحتل أغنيات ” فيروز عن فلسطين مكانة استثنائية لدى الجمهور العربي، حيث قدمت عشرات الأعمال التي حفرت مكانها فى وجداننا، ومن أبرزها «زهرة المدائن» و«القدس العتيقة» و«يافا» و«سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة» و«أنا لا أنساك فلسطين» و«جسر العودة». كما قدمت الفنانة اللبنانية «ماجدة الرومي» عددا كبيرا من أغنيات المقاومة المتميزة

كما قدم الثنائي ” إمام – نجم ” واحدة من أهم أغنيات المقاومة وهى “يا فلسطينية” وظلت حاضرة فى ذاكرة الشعب العربي، كصرخة مدوية فى وجه الاحتلال الصهيوني

“يا فلسطينية والبندقاني رماكو

بالصهيونيه تقتل حمامكو في حداكى

يا فلسطينيه وانا بدي اسافر حداكو

ناري في ايديه وايديه تنزل معاكو

على راس الحيه

وتموت شريعه هولاكو

يا فلسطينيه والغربه طالت كفايه

والصحرا اّنت م اللاجئين والضحايا

والارض حنّت للفلاحين والسقايه

والثوره غايه

والنصر اول خطاكو “..

التعليقات متوقفه