كوفيد 19… والتقلبات الإقتصادية

94

التقلبات اقتصادية هي تغيرات سريعة ومتناوبة في المتغيرات الاقتصادية، وتمثل إحدى معالم النظام الاقتصادي الذي يعتمد على قوانين السوق والمنافسة، تنعكس بظواهر متعددة على عناصر النشاط الاقتصادي، وتحدث خللاً في توازن واستقرار إحداها، أو تطال جميع قوى وعناصر هذا النشاط بحيث تصبح شاملة، تؤدي إلى تدني معدلات النمو الاقتصادي، وإلى تراجع التنمية، وغالباً ما تفضي هذه التقلبات الجزئية والشاملة إلى أزمة اقتصادية، مما يدفع الحكومات إلى اللجوء إلى وسائل مواجهتها ومعالجتها، سواءً بالاقتراض، أو فرض الضرائب، أو ضغط الإنفاق، أو كبح التضخم، من أجل إعادة التوازن وتنشيط الاقتصاد.
هذه التغيرات والتقلبات في قوى السوق، تترافق دوماً بنتائج اجتماعية واقتصادية بالغة الأهمية، تنعكس في حالات البطالة والفقر، وتدني مستويات المعيشة عند قطاعات اجتماعية واسعة، وتوجه رؤوس الأموال والاستثمارات نحو مجالات نشاط اقتصادي جغرافي أو نوعي، وقد جاءت جائجة كرونا “كوفيد 19” والتى أثرت بتداعياتها الصحية والاقتصادية على دول العالم أجمع كما ألقت بظلالها أو ربما بغيومها على الاقتصاد المصرى على مستوياه الجزئى والكلى خاصة وان “الصحة” تعد أحد أوتاد خيمة الاقتصاد والتى يقوم عليها النشاط الاقتصادى، حيث أن العنصر البشرى ركيزة النشاط الاقتصادى فصحة الإنسان بشكل أساسي تؤثر علي نشاطات القطاعات الاقتصادية المختلفة، وقد أدى انتشار الفيروس فى جميع أرجاء العالم إلى ضرر واقع علي الاقتصاد العالمي من حيث انخفاض حجم التجارة الدولية وحجم الاستثمارات والتأثير علي سوق العمل، حيث قدرت منظمة العمل الدولية للوظائف التي من شأنها فقدان أماكنها وفرصها في التوظيف بما متوسطه ٢٥ مليون وظيفة وما له من تداعيات وضرر اقتصادي كبير.
تأثير هذا الفيروس على الاقتصاد المصرى جاء فى ظل برنامج الاصلاح الاقتصادى المصرى الذي أُطلِق في عام ٢٠١٦ مما جعل وضع الاقتصاد المصري ومؤشراته من معدلات نمو وبطالة وتضخم في حالة جيدة خاصة حيث قامت الدولة بإجراءات إستباقية من خلال توفير حزمة مالية بقيمة 100 مليار جنيه مما كان له تأثير على تخفيف وطأة أثار الفيروس على العمالة المصرية الغير منتظمة بصرف معونات بطالة بقيمة 500 جنيه للفرد ولكن الضرر الأكبر كان لأصحاب الشركات الخاصة والمشروعات الصغيرة وأصحاب المحلات والمقاهى كما نجد أن قطاع رئيسي مثل قطاع السياحة الذى تعتمد عليه الدولة فى إدخال متحصلات من العملة الأجنبية قد توقف تماماً كما تسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي في تراجع المتحصلات الواردة من قناة السويس وكذلك تضاؤل التحويلات المالية القادمة من المصريين العاملين في الخارج.
وقد توقعت وزارة التخطيط المصرية أن يرتفع التضخم في حال استمرار الأزمة حتى ديسمبر 2020، ليصل إلى 9.8% نتيجة للطلب الزائد على بعض المنتجات (المستلزمات الطبية والمنظفات) ومحدودية زيادة الطاقة الإنتاجية في الأجل القصي، كذلك ارتفاع فى معدلات البطالة وانكماش فى حجم الاستثمارات الكلية، ومع كل ما تسببته جائحة كرونا الا ان الحكومة المصرية ثابته على طريق الاصلاح واستطاعت بنجاح مواجهة الأزمة على الرغم من كل تلك التقلبات الإقتصادية وما تسببت فى اختلال وعدم توازن بعض القطاعات الاقتصادية سالفة الذكر الا انه دائماً ما تأتى سبل الإصلاح الا على كاهل المواطن خاصة محدودى الدخل الذى يحارب وسط موجات التضخم المتوالية “الارتفاع العام فى مستوى الاسعار” للوصول إلى حياة يستطيع من خلالها الاستمرار والانتظار ثم الانتظار حتى يجنى ثمار هذا الاصلاح الاقتصادى ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن، ولكن هناك حقيقة تغيب عن أذهاننا أن مصر عصفت بها رياح كثيرة ولكن لم ولن تغرق سفينتنا فدائماً نمضى بها وسيتحقق الاصلاح الاقتصادى بفضل العقول المصرية التى تديرها “فإينما وجدت العقول وجدت الحلول”.

                                                                  د. محمد يوسف عبد المنعم

                                                                               باحث اقتصادى

التعليقات متوقفه