معارك التجمع نضال متواصل لبيت اليسار

54

عارض الانفتاح وكامب ديفيد وطالب بالديمقراطية ورفض الخصخصة وحارب الطائفية

كتبت : نسمة تليمة

منذ ان نشأ التجمع في عام 1976 دخل الحزب قيادات وأعضاءه في نضال متصل ومعارك متواصلة فقد كان انحياز التجمع واضحاً منذ البداية لاستقلال الوطن وحرية المواطنين وظل هذا الانحياز هو البوصلة الهادية والموجهة لمواقف التجمع وسلوك أعضائه في النقابات العمالية في النقابات المهنية في المجالس المحلية و في الريف وفي المدن وفي الأحياء الشعبية وفي مجلس الشعب كان نتيجة ذلك ملاحقات امنية مستمرة لاعضائه واغلاق مقر الحزب اكثر من اربع مرات وتشميعه بالشمع الاحمر ومصادرة ادوات الحزب من اوراق ومطبعته والالات كاتبة، ومن هذه المعارك ماسنذكره في السطور القادمة فقط للتذكير وان تعددت معارك التجمع.

يروي رفعت السعيد في كتاب “مجرد ذكريات “الجزء الثالث كيف كانت الحملات الامنية علي التجمع احداها في سبتمبر 1981عندما فوجئ بمحمود حامد مكفهر الوجه متعبا الي حد الارهاق وقال له كالعادة اقتحموا المقر وصادروا كل شيء اغلقوه بالشمع الاحمر وأنه ذهب ماشيا الي بيت السعيد من المقر وحتي المنيل فما كان من السعيد إلا أن اجلس حامد وكتب بيانا من عدة اسطر تغلي لهجته بكلمات حادة وحمله حامد الي منزل شحاته هارون ومعه اوراق عليها شعار الحزب وكتب البيان علي الالة الكاتبة مستخدما الكربون لليكتب في كل مرة

عدة نسخ وبعد ان اعد نسخا كافية حملها حامد ليوزعها في صناديق البريد او تحت ابواب وكالات الانباء الأجنبية ووقتها يستكمل محمود حامد لي الرواية بنفسها فيؤكد ان هذا التصرف جعل الأمن يشتعل غيظا ويتساءل كيف اتوا بزوراق الحزب ذات الشعار والألة الكاتبة وقد صادرنا كل شيء .

الكثير والكثير من الرويات عن معارك التجمع وحملات الاعتقال التي طالت الجميع منهم فريدة النقاش وابو العز الحريري وحسين عبد الرازق وسيد عبد العال ومحمد السعيد وغيرهم ،كيف كان بعض الرفقاء يعلمون مصيرهم جيدا فلا يملون او يتململون من البوليس ويستسلمون الي مصير النضال بابتسامة حتي انهفي احدي المرات تعطلت سيارة امن التي ستأخذ عبد الرزق الي المعتقل فأوصلتهم زوجته فريدة دون مشكلة وهي تعلم انه ضريبة العمل السياسي لدرجة ادهشت الامن .،حواديت مدهشة تتسبب في لمعة العيون والتنهد بحزن لمرور زمن جميل حمل معه النضال واحلام ومازلنا كشباب نبحث عنه.

الانفتاح

عندما تأسس حزب التجمع كانت سلطة الدولة قد أعلنت أن سياسة الانفتاح الاقتصادي هي التوجه الجديد وأشاعت وسائل الإعلام الحكومية أن هذا الانفتاح سوف يأتي للمصريين بالرخاء والنعيم المقيم وأن الاستثمارات العربية والأجنبية سوف تتدفق علي البلاد مطورةً الزراعة والصناعة والخدمات فتزداد فرص العمل وتزداد السلع وتقل الأسعار وغير ذلك من الدعاية الانفتاحية في ذلك الوقت .

وعارض حزب التجمع سياسة الانفتاح الاقتصادي مؤكداً أن هذه السياسة لا يمكن أن تؤدي إلي الرخاء ، بل قد تؤدي إلي العكس ، ثراء بعض الفئات قليلة العدد وفقر الأغلبية من الفئات الشعبية والمنتجة ، من العمال والفلاحين والفئات الوسطي ، وسوف تؤدي بالتأكيد إلي الارتفاع الجنوني للأسعار ، وزيادة التضخم ، وتهريب السلع الأجنبية إلي الداخل ، وتهريب الأموال إلي الخارج ، وتزايد الديون ، وزيادة الفساد ، وتفاقم أوضاع البطالة ، وانفجار العنف في المجتمع .

وأكدت الأيام صحة موقف حزب التجمع المعارض للانفتاح الاقتصادي ، فقد تفاقمت الظواهر التي حذر منها ولم يأت الانفتاح بالرخاء المزعوم بل جلب الديون والجرائم الاقتصادية والبطالة والفساد والتبعية والطفيلية والعنف .

كامب ديفـيد

كما عارض حزب التجمع اتفاقيات كامب ديفيد وما ترتب عليها من معاهدات سلام بين الحكومة المصرية والحكومة الإسرائيلية تلك التي ترتبت علي زيارة السادات للقدس في نوفمبر عام 1977 .

ولم تكن معارضة التجمع لاتفاقيات كامب ديفيد معارضة لأي سلام فالتجمع يدعو إلي ضرورة إقامة السلام العادل الشامل والدائم ولم ير التجمع في اتفاقيات كامب ديفيد طريقاً آمناً لسلام عادل أو شامل أو دائم بل خطة أمريكية صهيونية لسيادة إسرائيل علي المنطقة عن طريق الانفراد بمصر وعزلها عن الصراع وعقد صلح منفرد مع الحكومة المصرية وإقامة علاقات سياسية واقتصادية تقوم علي زرع سفارة إسرائيل في قلب القاهرة علي ضفاف النيل وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع مصر واشتراط أن تكون سيناء منزوعة السلاح ، مزروعة بأجهزة الإنذار المبكّر .

وأكدت الأيام صحة موقف حزب التجمع المعارض لاتفاقيات كامب ديفيد ، فبعد أن كان المعارض الوحيد في البداية مع بعض القوي اليسارية الأخري ، سرعان ما اتسعت جبهة القوي المعارضة لكامب ديفيد ، وسرعان ما تكشفت أهداف الخطة الأمريكية الصهيونية ، باندلاع الشقاق والصراع العربي ، وانفجر الصراع العربي الفلسطيني ، وبعد أن استراحت إسرائيل لخروج مصر من الصراع قامت بغزو لبنان للقضاء علي مواقع المقاومة الفلسطينية واللبنانية .

ويقوم الإصلاح السياسي الذي يناضل من أجل تحقيقه حزب التجمع علي قاعدة أساسية هي : ضرورة اختيار قيادات المجتمع والدولة بالانتخاب الحر المباشر من بين أكثر من مرشح ، بما تتطلبه هذه القاعدة من ضرورة وجود نظام للانتخابات يضمن حريتها ونزاهتها وعدم تزويرها.

وفي سبيل ذلك وقف التجمع ضد عمليات تزوير الانتخابات وتزييف إرادة الناخبين ، بالفضح الإعلامي ، ورفع القضايا ضد تزوير الانتخابات ، كما تقدم نواب التجمع في مجلس الشعب بمشروع قانون مباشرة الحقوق الانتخابية ، ووضع ضمانات منع التزوير.

وإن كان الحكم قد التف علي هذا المكسب الديموقراطي ، في بقية انتخابات مجلس الشعب 2000 ، وبصفة خاصة في رفض سريان الإشراف القضائي الكامل علي انتخابات المجالس المحلية ، وعلي الاستفتاءات ، وشهد المجتمع المصري مرة أخري عودة نظام التزوير الشامل للانتخابات ، أي عودة أساليب تسويد البطاقات بالجملة ، وملء الصناديق عن آخرها ، وحصول مرشحي الحكومة في المحليات علي عدد كبير من آلاف الأصوات التي لم تدل بأصواتها أبداً .

الوحدة الوطنية

وكما وقف التجمع مع ضرورة استقلال التراب الوطـني ، وتحرير الأرض ، وقف وناضل من أجل الحفاظ علي استقلال الاقتصاد المصري ، كأساس للاستقلال الوطـني ، وقاعدة ذهبية لاستقلال الإرادة الوطنية ، فرفض التشريعات الخاصة بتمليك أراضي مصر للأجانب ، ورفض بيع البنوك المصرية الرئيسية ، وحذر من فروع البنوك الأجنبية ،ووقف ضد التطبيع مع العدو الصهيوني ، وحذر من عبث من يسمّون بالخبراء الصهاينة في الزراعة ودورهم في تخريب الزراعة المصرية ، ووقف بقوة ضد محاولات شق الوحدة الوطنية في مصر .

وفي مواجهة الخطط الداخلية والخارجية لتمزيق مصر ، وصرفها عن قضايا التحرر والعدل والحرية ، عن طريق ضرب وحدتها الوطنية ، ظهر موقف حزب التجمع واضحاً كالشمس ، داعياً للحفاظ علي الوحدة الوطنية ، كمدخل ديموقراطي نحو تأكيد قيم العدل والحرية ، وهزيمة قيم الإرهاب والطائفية ، وتأكيد قيم الإخاء والمساواة في الوطن ، وارتباط الحقوق الوطنية بالمواطنة ، وارتباط الحقوق العامة بقدر ما يبذله المواطن من جهد وعمل ، لا بانتمائه لعائلة أو جنس أو طائفة دينية.

لذلك ظهر حزب التجمع حامياً للوحدة الوطنية ، مدافعا عن مبدأ الحقوق المتساوية للمواطنين في مصر ، لذلك ظهر التجمع حزباً وحدوياً ، يتسم بقدر عالٍ من المسئولية الوطنية.

الـفـسـاد

ووقف التجمع منذ البداية موقفاً صريحاً ضد الفساد ، وشهدت صحافته حملات رائدة ضد الفساد، وقدم صحفيو التجمع خبطات صحفية عالية المستوي ، شملت الحصول علي قوائم متنوعة بأسماء كبيرة من المتورطـين في مجالات البنوك والمال والقروض وعقد الصفقات.

وكان التجمع قد حذر منذ البداية من انتشار ظواهر الفساد ، مع انطلاق سياسة الانفتاح الاقتصادي وفتح أبواب مصر للمغامرين الأجانب والمصريين ، وحذر كذلك من الفساد الذي يمكن أن يصاحب سياسات الخصخصة وبيع شركات القطاع العام .

كما خاض حزب التجمع معاركه الانتخابية لمجلس الشعب أو للمحليات ببرامج انتخابية عامة كان شعارها الأساسي : ضد الفساد ضد الإرهاب ، وقدم نواب حزب التجمع في مجلسي الشعب والشوري عددا من الاستجوابات وطلبات الإحاطة لكشف نواحي الفساد الإداري والمالي ، في الإسكان وفي الصحة وفي المحليات ، ولا يخلو أي عدد من صحف حزب التجمع : الأهالي والتجمع ، أو البحراوية وبورسعيد الوطنية ، من حملة صحفية في صورة خبر أو تحقيق أو دراسة عن الفساد.

الخصخصة

وكما وقف حزب التجمع ضد الانفتاح الاقتصادي حماية للاقتصاد المصري والمجتمع المصري ، صدر موقف التجمع المعارض للخصخصة من منطلق حماية ثروة مصر من التبديد ، وحماية حقوق المصريين من الضياع ، فقد تم إعادة تشغيل نفس الاسطوانات المشروخة حول خسارة القطاع العام ، وحول ضرورة بيع الشركات الخاسرة ، وأن القطاع الخاص بشرائه للشركات الخاسرة سيزيد الإنتاج ، كما سيتيح ويوجد فرص عمل جديدة، فنحل مشكلة الإنتاج الوطـني ونتخطي مأزق البطالة .

وتأكدت صحة موقف حزب التجمع المعارض للخصخصة ، وتأكد زيف الدعاية الحكومية التي مهدت وصاحبت عمليات الخصخصة ، فالشركات الخاسرة لم تعرض للبيع بل تعرضت للتصفية ، والشركات الرابحة هي التي تم عرضها للبيع بأسعار مشكوك في قيمتها ، والوعود الخاصة بالحفاظ علي حقوق العاملين لم يلتزم بها أحد.

وتاجر بعض المشترين بالشركات الإنتاجية بالشراء ثم البيع بسعر أعلي ، وتعامل البعض الآخر مع المصانع كأراض للبناء ، ولم تكن عمليات البيع لوحدات القطاع العام شفافة في أغلب الحالات ، ولم تؤد عمليات الخصخصة إلي زيادة تذكر في القيم الرأسمالية ، وبدلا من ذهاب أموال القطاع الخاص نحو الإنتاج الجديد بإضافة وحدات إنتاجية جديدة ، ذهبت لشراء وحدات إنتاجية قائمة ، وأموال البيع التي توفرت تم امتصاصها في المعاش المبكر والديون وخدمات البيع البيروقراطية .

التعليقات متوقفه