منصور عبدالغني يكتب:ننتظر حكومة.. “تشيل المرحلة”

276

انتباه
ننتظر حكومة.. “تشيل المرحلة”

منصور عبد الغني

بما إن الدولة ودعت المرحلة الانتقالية بنجاح، وتقف الآن علي أعتاب مرحلة جديدة تم الإعلان عنها بتدشين إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، بما فيها الحقوق السياسية وحريات الرأي والتعبير، فإن أهم مظاهر هذا الانتقال يجب أن يكون بتغيير الحكومة الحالية، واختيار حكومة جديدة للمرحلة المقبلة، على أن يبدأ التغيير من آلية الاختيار والترشيح للحكومة الجديدة, ومن يقوم بذلك وعلى أي أساس وفي ضوء أية معايير، حتى لا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام محاسب وزيرا للزراعة أو خبير كمبيوتر وزيرا للتربية والتعليم وتاجر سيارات وزيرا للتجارة والصناعة.
دولة 30 يونيو في مرحلتها المقبلة تحتاج إلي وزير ثقافة، يكون قادرا علي تحويل تصريحات رئيس الجمهورية الدائمة والمستمرة، فيما يخص تجديد الخطاب الديني وحقوق المرأة ومكافحة التمييز وغيرها، إلي خطط وبرامج للعمل بطول البلاد وعرضها، من خلال قصور الثقافة وقطاع الثقافة الجماهيرية، وينعكس ذلك على حركة واسعة من الإبداع والتأليف والترجمة وإعادة طبع الكتب لخدمة توجه الدولة الذي يعبر عنه رئيس الجمهورية.
حكومة الموظفين لا يمكن أن تعبر عن دولة تستهدف، خلال المرحلة المقبلة، تخفيف العبء عن مواطنيها من خلال الإنتاج والتصنيع، وفتح المجال أمام الاستثمار الأجنبي وتدفق الأموال الساخنة لتدخل مباشرة في شرايين الاقتصاد في مجالات مدروسة ومحددة مسبقا ومطروحة من خلال منتديات الاستثمار الدولية، كما يصعب عليها كسب ثقة المواطن ومنحه الأمل في المرحلة المقبلة؛ انطلاقا من ممارساتها السابقة و استهدافها الدائم له كممول رئيسي ووحيد لمصروفاتها خلال المرحلة الانتقالية.
المرحلة المقبلة تحتاج إلي وزير صحة جديد، يقوم بمراجعة سياسة تسعير الدواء ووضع مخطط زمني للزيادات المتتالية ومراجعة العلاج الخاص؛ سواء في العيادات أوالمستشفيات، وتقييم ما حدث خلال السنوات الماضية، والفائدة التي عادت علي الدولة في ظل المعاناة الشديدة للمواطنين جراء تحرير سعر الدواء، والأهم من ذلك الاقتداء برئيس الجمهورية في معيار الشفافية، فمن غير المعقول أن نروج لمشاهد السيارات وهي تجوب الشوارع لحث المواطنين علي التسجيل لتلقي لقاح كورونا، ولدينا قوائم انتظار تمتد لستة أشهر ماضية تنتظر الحصول علي المصل.
المرحلة المقبلة تحتاج إلى وزير جديد للتموين والتجارة الداخلية لا يخشي “لوبي أصحاب المخابز” ويعتبر استمراره في الوزارة مرهونًا برضائهم عنه، ويبحث بجدية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع سرقة الدقيق المدعم، وتحديد التكلفة الفعلية لرغيف الخبز وقصر تعامل الأفران علي الأحوزة السكانية التي صدرت لهم التراخيص لخدمتها فقط، وتقليل الفاقد والهدر في القمح والدقيق، ومواجهة التلاعب في أسعار السلع وتواريخ الصلاحية.. وغيرها بهدف تخفيف العبء عن الفقراء ومحدودي الدخل.
المرحلة المقبلة تحتاج إلى وزير قطاع أعمال من بين رجال الصناعة الذين يقدسون أصوات الماكينات، ويقدرون عرق العمال، ويثمنون مهارة الصناع، ويبحثون عن بدائل للتشغيل والإنتاج، ولا تحمل قواميسهم اللغوية كلمة البيع والتصفية، وكذلك وزير جديد للتجارة والصناعة يكون عالمًا وخبيرًا وملمًا بالاتفاقيات الدولية، التي تشارك فيها الدولة، دارسًا للأسواق الخارجية يعلم أحجام الصناعة في كل مجال وحركة تنقلاتها بين البلدان، ومزايا السوق المصري، وخريطة كاملة للأماكن والتجمعات الصناعية والمواد الخام، وأن يكون لديه “كشكول” خاص يجمع فيه كل ما يتعلق بالتجارة والصناعة، خاصة التشريعات والقوانين والاتفاقيات القارية والإقليمية وغيرها.
المرحلة المقبلة تحتاج إلى وزير جديد للتربية والتعليم يقدر خطورة الملف وأهميته داخل كل بيت ولدى كل أسرة، ويكون على دراية بأن قراراته تحتاج إلى الشرح والاقناع قبل صدورها، وأن كسب ثقة الطلبة وأولياء امورهم هي الطريقة الوحيدة لتحقيق النجاح وضمان استمرارية مشروعات التطوير، وإلا فإن البديل سيكون هجرة التعليم العام، وهو ما حدث بالفعل, وتحتاج المرحلة أيضا الي وزير جديد للتعليم العالي تكون لديه رؤية وخطة لتوفير موارد للانفاق على التطوير والتحديث، بعيدًا عن التمييز بين الطلبة علي أساس الغني والفقر، كما يحدث الآن من يمتلك المال يلتحق بالصيدلة الاكلينيكية، والفقير يدخل الصيدلة العادية، ومن يمتلك المال يدرس حقوق فرنسي وإنجليزي، والفقراء يتوجهون إلى الحقوق العادية، وكذلك الأمر في جميع الكليات الحكومية، وهي قمة التمييز وعدم المساواة والتفرقة علي أساس طبقي ليتخرج لدينا أجيال ناقمة وكافرة بالأوضاع التي فرقت بينهم وبين زملائهم، خاصة أن هذا التمييز يمتد إلى كيفية الحصول علي فرصة عمل في ظل نوعية التعليم وطبيعته.
التغيير الوزاري أصبح ضرورة, وتشكيل حكومة جديدة كعنوان للمرحلة المقبلة يبعث الأمل في نفوس المواطنين ويوقف حركة التصفية والتنكيل بالكفاءات والخبرات في كل وزارة منذ تأجيل التعديل الوزاري، الذي كان مقررا قبل بضعة شهور. وننتظر حكومة جديدة “تشيل المرحلة”.
رحم الله الشهداء وتحيا مصر

التعليقات متوقفه