اتصالات الجيل الخامس.. المفتاح لتشكيل مستقبل كل الصناعات 

176

عندما نتحدث عن الجيل الخامس من الاتصالات المحمولة أو 5G فإن حديثنا لا يقتصر على ما نعتقده اليوم أنها مجرد شبكات للهواتف المحمولة، أو أنها مجرد ترقية من الجيل الرابع المعمول به فى مصر حاليا إلى جيل أحدث، إذ أننا فى حقيقة الأمر نتحدث عن ثورة جديدة فى عالم الأشياء المتصلة، أو الشبكة التى ستتيح لنا حرية الحركة الكاملة بشكل فعلى. بالنسبة للبعض، يتم النظر إلى الجيل الخامس على أنه تحسين لقدرات الاتصالات المحمولة من خلال توفير نطاق عريض من السرعات التى تعزز قدرات الهواتف المحمولة، وترفع من معدلات نقل البيانات بمعدلات تتراوح ما بين 10 إلى 50 % من قدرات الأجيال السابقة من شبكات الاتصالات المحمولة.

ومع ذلك، ينظر البعض الآخر إلى تقنيات الجيل الخامس على أنها المفتاح لتشكيل مستقبل كل الصناعات تقريبا عن طريق إحداث تغيير جذرى في الطريقة التي تتفاعل بها الآلات وتعمل بها. من مرافق التصنيع التى تتم صيانتها بواسطة مئات الروبوتات المتصلة إلى السيارات التي تقوم بالتشخيص الذاتى، وتحديث الإصلاحات من تلقاء نفسها. وهناك شبه إجماع من الطرفين على أن شبكات الجيل الخامس ستكون هى الأساس لجميع الأشياء المتصلة فى عالمنا

 

تصميم جديد

فى السابق كانت عمليات الترقية من جيل من تقنيات الاتصالات المحمولة إلى جيل أعلى يتطلب تغييرات كبيرة، وتعديلات على تصميم الشبكة، ولكن عندما بدأت تطبيقات التواصل بين الآلات M2M فى الظهور وأصبحت مطلوبة فى قطاعات صناعية وخدمية مختلفة، أصبحت هناك حاجة ملحة إلى تصميم جديد كليا يتناسب مع متطلبات “إنترنت الأشياء”. ولتفادى الحاجة للتعديلات على الشبكات كلما ظهرت أشكال جديدة للاستخدام، كان من المطلوب أن تكون الأجيال الجديدة من الشبكات مصممة بطريقة تؤهلها للتعامل مع المتغيرات فى أى وقت دون الحاجة إلى إعادة التصميم، أو إعادة الاستثمار فى مكونات الشبكة. وهنا ظهرت شبكات الجيل الخامس لتقدم وعودا بتوفير نظام موحد يمكن اعتباره نظاما متكاملا يتضمن إمكانيات جديدة تستهدف تسريع الاستجابة للمتغيرات المستمرة لتمكين توفير الخدمات لمجموعة واسعة من المستخدمين والصناعات، أى أن إمكانات شبكات الجيل الخامس تتجاوز قدرات الأجيال السابقة من الشبكات. وتشمل هذه القدرات إمكانية الاتصال المحسن بالنطاق العريض المتنقل، وقدرات هائلة على التعامل مع الاتصالات من نوع آلة إلى آلة، وتوفير معدلات نقل بيانات مرتفعة للغاية فى كل وقت وأى مكان،  مع زمن وصول سريع للإشارات، بالإضافة إلى الموثوقية الفائقة للتعامل مع المواقف الحساسة والحرجة، مع انخفاض تكلفة الأجهزة.

ولن تقتصر الاختلافات المتوقعة فى الجيل الخامس مقارنة بالجيل الرابع مقصورة على الجمع بين تقنيات الوصول اللاسلكى القديمة والجديدة فقط، بل إنها تتيح حالات استخدام جديدة، لأنها ستدمج المعايير والتقنيات الحالية، مثل: الموجات الملليمترية (mmWave) ومشاركة الطيف الترددى، وغيرها.

 

المراحل الأولى

تبعا للإصدار 15 من معايير شبكات الجيل الخامس الذى أصدره مشروع شراكة الجيل الثالث 3GPP يتم تصنيف الموجة الأولى من شبكات وأجهزة الجيل الخامس على أنها شبكات غير مستقلة (غير قائمة بذاتها) Non Stand Alone-NSA أى أنها ستعتمد فى البداية جزئيا على البنية الأساسية الحالية لشبكات الجيل الرابع. فعلى سبيل المثال، ستتصل الهواتف الذكية من الجيل الخامس بترددات الجيل الخامس لتحسين معدلات نقل البيانات، لكنها ستستمر فى استخدام الجيل الرابع للقيام بالمهام غير الحرجة، مثل التواصل مع الأبراج.

وتركز المراحل الأولى للبنية التحتية المحمولة للجيل الخامس على النطاق العريض المتنقل Enhanced Mobile Broadband-eMBB لتوفير زيادة فى عرض النطاق الترددى للبيانات وموثوقية الاتصال عبر نطاقين ترددين راديو جديدين:

  1. يتداخل نطاق التردد الأول مع ترددات الجيل الرابع المتطور طويل الأمد 4G LTE الذى يمتد من نطاق التردد 450 ميجا هرتز إلى نطاق التردد 6000 ميجا هرتز. وسيتم ترقيم النطاقات من 1 إلى 255 وهذا يشار إليه عادة باسم New Radio-NR أو ما دون الـ 6 جيجا هرتز sub-6GHz.
  2. يعمل نطاق التردد الثانى من نطاق تردد 24.250 ميجاهرتز (حوالى 24 جيجاهرتز) إلى 52.600 ميجاهرتز (حوالى 52 جيجاهرتز). وسيتم ترقيم النطاقات من 257 إلى 511 وهذا يشار إليه عادة باسم موجة الملليمتر (mmWave)، على الرغم من أن طول تردد “الملليمتر” يبدأ بدقة عند النطاق الترددى 30 جيجا هرتز.

 

الاتصال بين الآلات

تعتبر إنترنت الأشياء Internet of Things-IoT طريقة لتوصيل الأجهزة والأنظمة ببعضها البعض بذكاء. وقد بدأت مفاهيم إنترنت الأشياء تنتشر بسرعة فى كل مجالات الحياة. وفى الإصدار رقم 13 من المعايير التى أصدرها مشروع شراكة الجيل الثالث 3GPP تم تعريف إنترنت الأشياء من النطاق الضيق NB-IoT للعمل ضمن نطاق ترددى عرضه 200 كيلو هرتز. من المتوقع أن يعمل هذا على تحسين الاتصال بعدد كبير من الأجهزة المدعومة، مع انخفاض تكلفة الأجهزة، وتقليل استهلاك الطاقة.

 

التطور طويل الأمد

يوفر التطور طويل الأمد لتقنيات الجيل الخامس خطوة على الطريق من خلال تمكين الوصول اللاسلكى لنطاقات التردد التى تقل عن 6 جيجا هرتز، وبالتالي، يمكن اعتبار التطور طويل الأمد المتقدم LTE Advanced Pro-LTE-A Pro حالة خاصة من حالات الجيل الخامس. أما بالنسبة إلى النطاقات الأعلى، فسيتم تقديم تقنية وصول لاسلكى جديدة Radio Access Technology-RAT وحلول دعم وتكامل. لذلك، ستكون بنية الجيل الخامس داعمة للتشغيل المتزامن للتقنيات المتعددة غير المتجانسة.

وتعمل شبكات الجيل الخامس على ثلاثة مجالات أساسية هى:

 

  1. توفير خدمة الإرسال المتعدد النطاق العريض المتنقل eMBB وخدمة الاتصالات بين الآلات massive Machine Type Communications-mTMC والاتصالات ذات الكمون المنخفض للغاية الموثوقة URLLC.
  2. الوصول اللاسلكى المصمم بحيث يتم إرسال البيانات دون فقد. ومن المتوقع أن ي يسهم هذا فى تحقيق كفاءة عالية للشبكات.
  3. تقليل زمن تأخير إرسال وتبادل البيانات للوصول إلى فاصل زمنى أقصر للإرسال، وتلبية متطلبات زمن الوصول الأقل من 10 مللى ثانية لخدمات الإرسال المتعدد النطاق العريض المتنقل.

 

تقدم ملموس

قام مشروع شراكة الجيل الثالث 3GPP بمناقشة الجيل الخامس فى ورشة عمل فى سبتمبر 2015. وعلى مدار السنوات السابقة، تم تحقيق تقدم واضح يعتمد على أن تكون شبكات الجيل الخامس عبارة عن نظام موحد لتغطية مجموعة واسعة من حالات الاستخدام. وتغطى شبكة الجيل الخامس مجموعة واسعة من متطلبات القطاعات الصناعية والخدمية، وتتمتع بقابلية التكيف مع ترددات الطيف المختلفة. حيث سيتم فى المرحلة الأولى إعطاء الأولوية للطيف والأشكال الموجية التى تصل إلى 40 جيجا هرتز،  بينما ستتعامل المرحلة الثانية مع الموجات فوق 40 جيجا هرتز.

 

لقد نقلت شبكات الجيل الرابع الإنترنت إلى الهواتف الذكية، وأسهمت فى ظهور خدمات لا حصر لها. وتعمل تقنيات الجيل الخامس على الاستفادة من الأجيال السابقة بشكل أكبر، بحيث إنها ستوفر الإنترنت وتنقل البيانات إلى كل مكان مع إتاحة الفرصة لتوفير الخدمات الفورية لأى حالات استخدام جديدة  قد تظهر.

 

التعليقات متوقفه