تساهم بـ 17% من إجمالى الناتج المحلى .. وتستوعب 15% من العمالة المنظمة:تعميق التصنيع المحلى وزيادة الصادرات .. قضية مصيرية

537

محمد حلاوة: ضرورة ترشيد الواردات غير الضرورية للتخفيف على موارد الدولة
محمد المرشدى : وزراء سابقون أوصوا بإهمال شركات قطاع الأعمال العام لتخسيرها وبيعها
هانى الحسينى: مطلوب سياسة موازية لإحلال الواردات بدل الاستيراد
يمنى الحماقى: نحتاج ثورة فى مجال التفعيل وضغط تكلفة المرافق على المصانع

عقدت لجنة الصناعة بمجلس النواب اجتماعًا عاجلًا الأحد الماضى، لمناقشة المشكلات التي تواجه القطاع الإنتاجي وتحد من التصنيع والتصدير، وسبق ذلك اجتماعا أخر بـ ” صناعة الشيوخ”، الأسبوع الماضى، بحضور نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، والذى أكدت خلاله أن الحكومة تحرص على تنفيذ مجموعة من الخطوات التنفيذية لتشجيع الاعتماد على الصناعة الوطنية، وتعميق التصنيع المحلى وتنمية الصادرات المصرية.
تقدم النائب محمد حلاوة، بطلب مناقشة عامة بشأن استيضاح سياسات الحكومة، بعد تناول وسائل الإعلام المختلفة، مؤخرا، سعي الحكومة إلى تعميق التصنيع المحلي وتنمية الصادرات وزيادتها لتصل لـ مائة مليار دولار، الطلب الذى تقرر إحالته إلى لجنة الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لإعداد تقرير مفصل حوله، وعرضه علي المجلس في جلسة عامة مقبلة.
أرقام
وأوضح تقرير لوزارة التخطيط، أن قطاع الصناعة يتصف بالديناميكية والقدرة على التكيّف السريع مع التطورات التقنية في مجالات الإنتاج، وبارتفاع إنتاجيته بالمقارنة بباقي القطاعات الاقتصادية، علاوة على قوة علاقاته التشابكية، مما يجعله مُحفّزًا ومُنشطًا لنمو غيره من القطاعات المرتبطة به، سواءً بشكلٍ مُباشر أو غير مُباشر، فيما أشارت دكتورة هاله السعيد ، إلى أن الاستثمارات المستهدفة لقطاع الصناعة، في عام 21/2022 ، تقدّر بنحو 125,7 مليار جنيه، منها نحو 16,6 مليار جنيه في مجال صناعات تكرير البترول، والباقي وقدره نحو 109,1 مليار جنيه في مجال الصناعات التحويلية غير البترولية.
وترجع أهمية القطاع الصناعى إلى كونه يساهم بـ 17% من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي، ويستوعب 15% من العمالة المنظمة، كما يساهم في نشاط التصدير بنسبة تتراوح بين 80% و85% من إجمالي الصادرات السلعية، ويتبادل المركز الأول مع تحويلات المصريين بالخارج في قائمة المصادر الرئيسة الـمولّدة للنقد الأجنبي.
فيما أكد رئيس لجنة الصناعة والمشروعات الصغيرة بمجلس الشيوخ، محمد حلاوة، أن قطاع الصادرات المصرية يعد أحد الركائز الرئيسية لدفع عجلة التنمية المستدامة، إذ تعد تنمية الصادرات من أهم أهداف السياسة الاقتصادية، وتبرز أهميتها في الدور الحيوي الذي تلعبه في زيادة الإنتاج الإجمالي، وتوفير النقد الأجنبي، وتحسين رصيد ميزان المدفوعات، بما يسهم في خفض الدين الخارجي، إلى جانب آثارها الإيجابية غير المباشرة المتمثلة في توفير العديد من فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، وهو ما ينعكس إيجابا على معدل نمو دخل الفرد، فكلما زادت الصـادرات زاد الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف حلاوة، أن قضية تعميق الصناعة في الجمهورية الجديدة قضية مصيرية بالنسبة لمصر، مشددا على أن الحكومة تبني سياسات لتعميق الصناعة المحلية، وهو مرتبط بزيادة الصادرات المصرية، لتحقيق هدف الوصول لـ100 مليار دولار زيادة في الصادرات ، موضحا أنه أمر مرتبط بشكل كبير بترشيد الواردات غير الضرورية للتخفيف على موارد الدولة، مشيرا إلى أن الأمر لا يتوقف عند الدعم المادي ولكن فتح الأسواق وزيادة المعارض وإتاحة الفرص كاملة أمام المستثمرين.
حزمة تحديات
على جانب أخر، أكد عدد من المستثمرين بقطاعات صناعية متنوعة، استمرار معاناتهم من حزمة تحديات تعرقل وصولهم لمعدلات النمو الصناعى الحكومية المستهدفة، وحدّدوا خمس أزمات أساسية تُحاصر القطاع الصناعى منذ عدة سنوات، عجز صُنّاع القرار عن التوصل لحلول جذرية لها إلى الآن، تمثلت فى مشاكل تخصيص الأراضى الصناعية المُرفَقة للمشروعات الكبرى أو الصغيرة والمتوسطة بأسعارٍ تتناسب وتكلفة تشغيلها، والبيروقراطية فى إصدار التراخيص، ونقص إمدادات الطاقة ببعض القطاعات، وأزمة نقص الدولار، وضعف التشريعات المحفِّزة للاستثمار، وعلى رأسها المشاكل التى شابت آخِر تعديلٍ تمّ على قانون الاستثمار، فى ظل غياب السياسات الحكومية والتعديلات التشريعية المطلوبة للحد من معاناة المجتمع الصناعى، ورغم تنوع القطاعات من صناعات غذائية ونسيجية ومواد بناء وكيماويات وهندسية، فإن المشاكل نفسها عدّدها المستثمرون بكل تلك الأنشطة.
فيرى النائب محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، أن الصناعة العنصر الأساسي والرئيسى الذى تعتمد عليه الدولة فى التنمية الاقتصادية ، خاصة فى ظل التوجيهات الرئاسية، مؤخرا، بحماية الصناعة المحلية وتقليل الواردات من الخارج والتنوع فى إقامة مصانع لتعويض ما نستورده حتى يكون لدينا صناعة محلية قوية تغطى السوق المحلى والفائض منها يساعد فى التصدير ، مشيرا إلى الـ 100 مليار جنيه للتصدير، موضحا أن هذا الرقم يكمن أهميته فى القيمة المضافة العالية من المدخلات المحلية فى المنتج الذى سيتم تصديره ، علاوة على توفير فرص عمل أيضا، مؤكدا أن دعم الصناعة قضية تطرح نفسها على طاولة الرؤى المستقبلية لمجلس الوزراء بالكامل سواء كانت وزارة المالية، التخطيط، الزراعة، الصناعة، وجميع الوزارات التى لها دور فى دعم الصناعة المحلية وزيادة الواردات.
الصناعات النسيجية
وأشار ” المرشدى” إلى أن الصناعات النسيجية على وجه التحديد ، تعد من الصناعات القديمة التى لها مكونات محلية يمكن الاعتماد عليها، موضحا أنها صناعة كانت تستوعب 2 مليون عامل فى الفترة الماضية، إلى أن أهملتها الحكومات المتتالية واهتمت بالتجارة بدلا منها، الأمر الذى اثر على ضعف الإنتاج وتوقف عدد كبير من المصانع ، أدى إلى أن أصبح لدينا مشاكل ، لا يمكن أن نقول عليها نوعية، فأصبحت مشاكل القطاع العام وقطاع الأعمال العام فى نفس الوقت .
وأضاف ” المرشدى”، أن هناك ضعفا فى الأداء لدرجة أن بعض من وزراء سابقين أوصوا بإهمال حتى الصيانة فى شركات قطاع الأعمال العام لتخسيرها ويصبح فرص بيعها كبيرة، إلى أن صدرت توجيهات رئاسية بتطوير قطاع الأعمال العام، وحماية الصناعات النسيجية مستقبلا وزيادة استثماراتها لأنها أكبر المجالات استيعابا للعمالة بنسبة 25% من حجم العمالة المصرية بقطاع الصناعة، مشيرا إلى أن الصناعات النسيجية كبيرة الحجم وهى الأولى بالعناية والرعاية والاهتمام لأنها صناعة تقوم على الخبرات الفنية المتراكمة من مهندسين وفنيين وعمال، علاوة على أنها صناعة القطاع الخاص يستثمر عدد كبير من استثماراته فيها ، موضحا أن الصادرات المصرية حتى الآن فيها شملت أكبر الأسواق العالمية وهو السوق الأمريكى وسوق الاتحاد الأوروبي وهما أسواق لا يصدر لها إلا ما يتصف بالمواصفات الأعلى درجة فى الجودة.
الاكتفاء
وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن خطوة مثل إنشاء المجمعات الصناعية على عدد كبير من محافظات مصر، يزيل المعوقات التي كانت تقف أمام الصناع والمستثمرين في الماضي، وتعتبر تصحيح مسار الصناعة، بسبب تجهيزها وتهيئتها للصناع من دون أي إجراءات روتينية تعطلهم.
يقول الخبير الاقتصادي ، ” هانى الحسينى”، إن الصناعة هي رافعة الاقتصاد ، مشيرا إلى ” حكمة صينية” تقول إن الاتجاه نحو الغنى والثراء يبدأ بالبنية التحتية والطريق لتحقيق الاستقرار فى المجتمع يكون بالزراعة أما الثروة فتتحقق بالصناعة، وهذه الحكمة تظهر أن المسار الاقتصادي الذى تتبناه مصر الآن يقترب من هذه المفاهيم.
وأضاف الحسينى ، أن الدولة منذ فترة تركز على قطاع الزراعة والدلتا الجديدة ، ولكن تولى اهتماما أخر فى المرحلة الحالية بالصناعة، حتى وأن كان هذا الاهتمام فى حدود ما هو متاح فقط ، بداية من صناعة البتر وكيمياويات والمواد البترولية والتي يوجد تخطيط للارتقاء بها وتوسعها، بالإضافة إلى صناعة الأدوية واللقاحات ، وهى صناعة مهمة ومصر كانت رائدة فيها فى فترة من الفترات ولديها سوق واسع وهو السوق الإفريقى، وكذلك صناعة الغزل والنسيج والتي تتوافر دراسات كثيرة بشأن تطويرها وأن كان ذلك يحتاج لجهد واسع، مؤكدا أن لدينا مزايا نسبية فى حالة دخولنا المنافسة العالمية منها العمالة والتشغيل، فالغزل والنسيج كانت تغطى نسبة تشغيل عالية ولكنها تراجعت بسبب الخصخصة وعدم ضخ استثمارات فيها منذ عهد الرئيس السادات ومبارك، فكان اغلبها قطاع عام وتراجعت خطوط الإنتاج وتراجعت العمالة وبدأ نزيف الخسارة .
القيمة المضافة
وأوضح الحسسينى ، أن هناك سياسة موازية وهى إحلال الواردات بدل الاستيراد، واقرب مثال على ذلك ” البنزين” فخلال عام واحد قادم سيكون لدينا اكتفاء فيه، وكذلك بعض الصناعات مثل صناعة الأدوية واللقاحات والتي تصب فى التصدير، ما يؤكد أن التخطيط الصناعى فى اتجاه أساسي فى زيادة القيمة المضافة فى الاقتصاد المصرى ، وتوفير الإنتاج المحلى لسد احتياجات السوق المحلى لعدم الاستيراد ، علاوة على توفير العملة الصعبة التى تستنفد فى الاستيراد، بل وجلب عملة صعبة من التصدير وتوفير عوائد تحل محل عملية الاقتراض نفسه، حتى ولو تطلب ذلك سنوات، فبصورة أو بأخرى مصر تمارس قدرا معينا من التخطيط الاقتصادي وسوف ينتج ثماره بشكل قد يكون أفضل إذا تضافرت معه مشاركة شعبية من المجتمع.
أما دكتورة ” يمن الحماقي” ، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، فقد أشارت إلى إنها رصدت انخفاضًا في معدل النمو للقطاع الصناعي مؤخرًا رغم المبادرات التي تتم على أرض الواقع، حيث إن معدل النمو للقطاع الصناعي وصل لـ 2.8% وهو بالنسبة للإمكانيات الهائلة الموضوعة داخل القطاع الصناعي فهي قليلة للغاية، مضيفة أن هناك مشكلات عديدة يعاني منها هذا القطاع ، منها أسعار الكهرباء، فقد ارتفعت بشكل كبير على المصانع، الوضع الذى يتطلب ضرورة مراجعة الأسعار المفروضة على المصانع ، بحيث تعكس تلك الأسعار العلاقة بين العرض والطلب، وهنا على وزارة الكهرباء ضغط التكاليف، قائلة: ” أسعار الكهرباء عملت هاجسا سواء للمستهلكين أو أصحاب المصانع، ونحتاج إعادة نظر بالكامل، ثورة في مجال التفعيل وضغط التكلفة سواء الكهرباء أو الغاز وارتفاع المياه، فضلا عن ارتفاع أجور العمال، وقانون التأمينات وضريبة القيمة المضافة بدأت تدخل على الخدمات وترفع التكاليف في الكثير من الجهات”.
شراكات عالمية
ويرى عماد حمدى؛ عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية ؛ أن الصناعة قاطرة التنمية خاصة فى ظل ما يوليه الرئيس من اهتمام بهذا القطاع الحيوي بعد أن كسبنا رهان توفير الأمن والأمان ندخل فى رهان جديد وهو البنية التحتية ؛ فنحن فى مرحلة تطوير الصناعة لسد الاحتياج وتقليل استهلاك العملة الصعبة.
وأضاف حمدى ؛ أنه من الضروري عمل شراكات عالمية مع بعض الدول المصنعة للمواد الخام التى نحتاج إليها ؛ بالإضافة إلى إعادة المقاسات الخارجية للوقوف على أحسن المواصفات التى تصل بنا للمراكز العالمية؛ علاوة على ضرورة إنشاء بحوث لتطوير الشركات القابضة للاطلاع على كل ما هو جديد.
وأشار حمدى إلى أهمية تفعيل كل الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر مثل اليورو وان والتي تنص على زيرو جمارك للاستفادة منها وكذلك اتفاقية السوق العربية المشتركة؛ خاصة وأن هناك دولا كثيرة تعلم جيدا أن مصر لديها مميزات نسبية ؛ مطالبا بتسهيل التصدير لا فرص بعض الرسوم يعلى من قيمة المنتج وبناء عليه لابد من وجود بعض الإعفاءات للمصدرين

التعليقات متوقفه