شـــــعـر ..بنت المسافات.. آلاء فودة

يسر جريدة الأهالي أن تقدم لقرائها صفحة إبداعات تواكب الحركة الأدبية المعاصرة في مصر و العالم العربي و الترجمات العالمية ..وترحب بأعمال المبدعين و المفكرين لإثراء المشهد الأدبي و الانفتاح على تجاربهم الابداعية..يشرف على الصفحة الكاتبة و الشاعرة/ أمل جمال . تستقبل الجريدة الأعمال الابداعية على الايميل التالي: Ahalylitrature@Gmail.Com

474

شـــــعـر
بنت المسافات
آلاء فودة

كامرأة تتبع مسيرة المحو
صرت لا أشاهد برامج الطهي
فأكشط بأظافري الأواني المحترقة،
أسخر مرارا من سذاجة فيروز وهي تقول:
“أنا والله كنت مفكرتك برات البلاد”
لتتذكر كل أحبابها في داخل البلاد.

رسائلُ الرفض التي أتلقاها
من شركات التوظيف،…..
ودور النشر والمواقع الأدبية
تستقر كل يوم في معدتي،
أبتلعها بكل رحابةٍ
كي لا أصم اللحظة الراهنة بالهزيمة.

اللحظاتُ التي تتجمع في معدتي
تتكاثفُ لتخرج في شكل زفراتٍ من الصبر،
الصبرِ الذي يمنحنا زمنًا موازيًا
نستطيع فيه أن نحرق المسافات.

أنا بنتُ المسافات،
المسافاتِ التي تجاوزناها رغمًا عنا،
المسافاتِ التي تتلوى فوق معدتنا،
المسافاتِ التي حجزتنا في منتصفها،
المسافاتِ التي عبرناها عبر لهاث العالم
والمسافاتِ التي علقت في حلوقنا ولم نستطع لفظها.

يقولُ ساعي البريد:
(صندوقُ واردكِ فارغٌ تمامًا،
عليكِ بتناول منقوع النعناع قبل النوم
لربما هدأت رسائلكِ الداخلية،
ولربما ساعدكِ في لفظ كل البلاد من حلقكِ).

البلادُ التي جرجرتنا في أمعائها
وتعسر عليها هضمنا،
البلادُ التي وصمت لحظاتنا بالهزيمة
ودست في بطوننا كل رسائل الرفض،
رسائلنا كفافنا في هذه الأرض.

الأرضُ فقاعةُ صابون
ثَقُل هواؤها فاستبدلته بالدم،
الدمِ الذي يتسربُ من فرشاة أسناننا،
الدمِ الذي يتمرد في عروقنا،
الدمِ الذي يُجمد الزمن في فوطٍ صحية،
الدمِ الذي يتخثر على أعلام الوطن.

أنا المرأة التي لا تشاهد الطهي
أتلقى رسائل الرفض كل صباحٍ،
أتجاوزُ المسافاتِ رغمًا عني،
أتناولُ منقوع النعناع كل مساءٍ،
أحرقُ الوجبات يوميًا،
يلفظني الوطن كل عامٍ
وتُجمدني الأرض في دمها كل شهر.

التعليقات متوقفه