زراعات محصول الأرز تحمى أراضى الدلتا من زيادة نسبة الملوحة:1.2مليون فدان تكفى الاستهلاك المحلى والتصدير

476

ارتفعت أسعار الأرز خلال الفترة الأخيرة بشكل غير مبرر، ووصل سعر طن الأرز الشعير الي 9400 جنيه والأبيض عريض الحبة إلى 15100 الامر الذى يفتح المجال  لزيادة المساحة المزروعة بالأرز هذا العام حيث بدأ موسم زراعة الأرز منتصف مايو الماضي.

 ويعتبر محصول الأرز من المحاصيل الإستراتيجية الهامة التي تلقي قبولا في زراعتها لدي الفلاحين رغم دفع الغرامات البالغة 3000 جنيه لكل فدان مخالف.

وحددت وزارة الري الأراضي المزروعة بالأرز هذا العام  بمساحة 725 ألف فدان  في تسع محافظات هي: “الإسكندرية، البحيرة، الدقهلية، الشرقية، كفر الشيخ، الغربية، دمياط، الإسماعيلية، وحظرت زراعته فى الفيوم ومحافظات الصعيد لارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدل البخر مما سيكلف كميات مياه أكبر .

وحظر قرار وزير الري زراعة الأرز في غير المناطق المصرح لها طبقاً للمادة 38 من قانون الري والصرف، وتوقيع غرامة علي المخالفين طبقا للمادة 94 من ذات القانون على المخالف، تحصيل قيمة مقابل الاستغلال للمياه الزائدة عن كل فدان، كما تعتزم وزارة زراعة أصناف جديدة تتحمل الجفاف والملوحة هذا العام تجريبية بمساحة ۲۰۰ ألف فدان  موفرة للمياه.

ضروري لتعديل ملوحة التربة

ويري الدكتور شريف فياض أستاذ الاقتصاد الزراعي ان محصول الأرز من المحاصيل الإستراتيجية الهامة للدولة والفلاح قائلا رغم التكلفة الاقتصادية العالية في استهلاك المياه لا يمكن للدولة وقف زراعته، خاصة في محافظات شمال الدلتا لأنه يقوم بعملية غسل للتربة من نسبة الأملاح الزائدة بها، حيث تعاني الأراضي الزراعية بشمال مصر من ارتفاع نسبة الأملاح، خاصة في محافظة دمياط وكفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية، حتي مع خطة وزارة الزراعة في تطوير الري الحقلي الذي تتوسع فيها مؤخرا عن طريق الرى بالتنقيط والرش، يبين فياض أنها لا تناسب هذه الأراضي لارتفاع الملوحة بها وتحتاج إلي الري بالغمر.

قال فياض أن معدل الاستهلاك المائي لمحصول الأرز  يقدر ب6 ملايين 750 ألف متر مكعب سنويا وهي كمية كافية لزراعة  ثلاثة محاصيل أخري لكن لا يمكن الاستغناء عنه لأنه من المحاصيل الرئيسية علي المائدة المصرية وإية محاولة لتعويضه بالاستيراد ستكون مكلفة أكثر خاصة في ظل التضخم الاقتصادي الحالي عالميا.

وأضاف فياض أن حجم الإنتاج  سنة 2020 بلغ 4.8 مليون طن صدرنا حوالي 109 آلاف طن  كان حجم الاستهلاك 4,9 مليون طن، استطاعت مصر تحقيق اكتفاء ذاتيا من الأرز بنسبة 98%  خلال السنوات الأخيرة، رغم تحديد المساحة بــ724 ألف فدن فقط لتقليل الاستهلاك المائي.

مشيرا إلي أن حجم المساحة الفعلية التي تتم زراعتها علي ارض الواقع ضعف المساحة المحددة حيث تتجاوز 1.5 مليون فدان سنويا  مخالفات، فالمزارع يفضل دفع الغرامة وزراعة الأرز لأنه من المحاصيل الزراعية الاقتصادية ذات عائد اقتصادي جيد وأيضا وسوقه دائم طول العام لكونه سلعة استهلاكية يومية للمواطنين.

محصول تحفيزي

أما الدكتور محمود إبراهيم رئيس قسم البحوث بمعهد البحوث الزراعية فقال: إن الأرز من المحاصيل ذات الميزة التحفيزية مشجع للفلاح  لسهولة زراعته فهو لا يحتاج إلي نسب تسميد عالية مثل باقي المحاصيل  اضافة لسهولة تسويقه لانه محصول استهلاكي لا تصنيعي مبينا أن  ارتفاع أسعاره الحالية للارتباط اقتصاديا بالسعر العالمي وارتفاع تكلفة الإنتاج .

وقال محمود ان المساحات الكبيرة  المخصصة لزراعة الارز بمنطقة  شمال الشرقية تعاني من عدم وصول مياه الرى  اللازمة حتى الآن لأنها مناطق نهاية ترع، وجميع الأراضي التى تمر عليها المياه زرعت أرزا بالمخالفة واستنفدت مياه الرى بالكامل قبلها ولذلك لم تصل المياه رغم أنها ضمن الأرضي المسموح لها بزراعة الأرز.

وأكد أن هناك مشكلات لزراعة الأرز أيضا بمحافظتى البحيرة وكفر الشيخ، كما أن محافظة الشرقية وحدها وصلت مساحة الزراعات المخالفة فيها إلى نصف مليون فدان أرزا فى حين أن المقرر لها لا يتجاوز 200 ألف فدان، مبينا ان هناك أراضى ستتعرض للبوار فعلا إذا لم تزرع أرزا وهناك من يضطر إلى زراعة البرسيم الذى يستهلك كميات مياه أكثر من الأرز لحماية الأراضى من الملوحة.

تهريب الأرز

أكد دكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة أن المساحة المزروعة بالأرز في مصر يصعب تحديدها بسبب التذبذب في حجم المخالفات في ما بين مليون و200 ألف فدان و1.5 مليون فدان سنويا.

مشيرا إلي أن حجم الإنتاج الزراعي من الأرز يكفي الاستهلاك المحلي فالفدان ينتج حوالي 4 أطنان من الأرز، حوالى  4.4 مليون طن وفقا للجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء فيما يبلغ حجم الاستهلاك 3.2 مليون طن.

وارجع جمال أزمة ارتفاع أسعار الأرز الحالية إلي تهريبه إلي الخارج رغم حظر تصديره عن طريق ليبيا والسودان وتمريره إلي دول الخليج، حيث يحظي الأرز المصري هناك بإقبال كبير لجودته العالية، إضافة إلي ارتفاع أسعاره عالميا بسبب أزمة التضخم التي ضربت العالم مما شجع بعض التجار إلي تهريبه للاستفادة من فروق الأسعار.

بدائل انخفاض المساحة

يقول الدكتور حمدي موافي رئيس المشروع القومي لتطوير إنتاج الأرز الهجين بمركز البحوث الزراعية: ان الأرز محصول حبوب غذائى إستراتيجى فى مصر تنعقد عليه آمال كبيرة فى حل مشكلة نقص الغذاء علاوة على دوره الحيوى فى إمكانية تحقيق الإكتفاء الذاتى من الغذاء وتوفير فائض خاص للتصدير .

مبينا ان مصر وصلت إلى سقف إنتاجية 4 أطنان للفدان بعد عام 2000 وحتي الان وهذا يرجع إلى التطور غير المسبوق فى إستنباط الأصناف الحديثة عالية الإنتاجية والمتحملة للظروف المعاكسة والمبكرة النضج حوالى 14 صنف أرز هجين تتراوح إنتاجيتها من 4-5,5 طن  فدان، وكذلك تطوير حزمة التوصيات الفنية الداعمة لزيادة الإنتاجية.

ويري موافى ان تقليص المساحة طبقا لقرار وزارة الري والموارد المائية إلي 724,2 ألف فدان فقط سوف يُحدث نقصا كبيرا وفجوة إستهلاكية خصوصا عند زراعة كل المساحة بالأصناف التقليدية ومع ثبات متوسط الإنتاجية المحصولية عند 4 أطنان للفدان فإن هذه المساحة سوف تعطي إنتاج 2.897 مليون طن أرز شعير تنتج 1.825 مليون طن أرز أبيض ويكون العجز المترتب علي ذلك 1.407 مليون طن أرز أبيض في مصر هذا بالإضافة إلي تضرر مساحات واسعة من الأراضي المتأثرة بالملوحة بما يؤدي إلي تدهورها وتصحرها نتيجة زيادة تراكم الأملاح وخصوصا تلك القريبة من شمال الدلتا.

ولمواجهة الانخفاض المتوقع نتيجة تقليص المساحة طالب موافي، بالتوسع في زراعة الأرز الهجين والأرز السوبر والطرز النباتية الحديثة والعملاقة المتحملة لندرة المياه والملوحة والري المخلوط التي تم إستنباطها وتسجيلها، وكذلك وضرورة إحلال الأصناف الهجينية والسوبر المتفوقة محصوليا محل الأصناف التقليدية وتفضيلها بإعتبارها تعطي زيادة محصولية من 25-30% ويمكنها هي فقط تقليص الفجوة أو النقص الناتج عن تقليل المساحة المنزرعة أرزا، ويضاف إلي ذلك تحملها الظروف المعاكسة من نقص المياه أو الملوحة أو الظروف المناخية بدرجة أكبر من الأصناف التقليدية.

وأكد موافي ان تلك الاصناف الجديدة “الهجين” يمكن زراعتها في الأراضي التي تعاني من ملوحة التربة ونقص مياه الري ومنها مركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية ومركزي قطور وبسيون بالغربية ومركز المحمودية ودمنهور بالبحيرة ومركز الحامول بكفر الشيخ حيث تميز الصنف بالمحصول العالي وتحمله للملوحة وكذلك نقص مياه الري.

التعليقات متوقفه