لقطات ..د. جودة عبدالخالق يكتب : لهيب الأسعار بين الحكومة والتجار

177

أتى على المواطن المصرى المسكين حِينٌ من الدهر أصبح فيه “كعب داير”، رايح جاى بحثا عن كيلو سكر. يحدث هذا في بلد تتباهى حكومته السنية بأنها تبنى مدن الجيل الرابع وتشيد أعلى برج في أفريقيا! كما أتى على المواطن المصرى المسكين حِينٌ من الدهر ليشهد ويكاد ينفجر غيظا وهو يتابع أخبار ذلك الاجتماع المهيب في ذلك المقر الفخيم لحكومة الديار المصرية في العاصمة الجديدة. يا له من تناقض صارخ بين أحوال “الناس اللى فوق” و”الناس اللى تحت” من سكان لمحروسة. فقد عرضت الشاشات ونقلت الميكروفونات أخبار تَرَؤُسِ الدكتور مصطفى مدبولى أمس الأول اجتماع لجنة ضبط الأسواق وأسعار السلع لمتابعة إجراءات زيادة المعروض من السكُر في الأسواق. كان الاجتماع بحضور الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والمهندس إبراهيم السجيني، رئيس جهاز حماية المستهلك، وأحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، بالإضافة إلى عدد من رؤساء ومسئولي شركات السكر، ومسئولي الجهات المعنية.

في الاجتماع، أكد دولة رئيس الوزراء أنه كنتيجة للخطوات التي قامت بها الحكومة بالتعاون والتنسيق الكامل مع البنك المركزي، بدأ الإفراج الجمركي عن مختلف البضائع، وبالتالي أصبحت السلع تتوافر في الأسواق، تمهيدًا لحدوث توازن في أسعارها. وأشار إلى أن هذا الاجتماع يستهدف متابعة توافر السكر في الأسواق، لافتاً إلى أن الدولة تعملُ حاليًا على سد أي فجوة في هذه السلعة، مؤكدًا جاهزية الحكومة جنبًا إلى جنب مع البنك المركزي لتدبير موارد النقد الأجنبي المطلوبة لاستيراد مليون طن من السكر. وأضاف سيادته أن الدولة (يقصد الحكومة) اتخذت إجراءات الاستيراد، وبدأت بالفعل بعض الشحنات في الوصول، حتى لا تكون هناك أي فجوة في هذه السلعة. وأضاف وزير التموين الهمام، طبقا لما نشر في صحيفة المصرى اليوم، أنه تم البدء في إجراء التعاقد على 300 طن سكر خام ووصل منها بعض الشحنات. مقابل ذلك، نقرأ تصريحا لرئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات فى إحدى الصحف بأن المخزون الإستراتيجي من السكر يكفى 6 أشهر. فمن نصدق؟
ولنا عدة ملاحظات حول هذا الموضوع. أولا، من الواضح وضوح الشمس أن الحكومة ولجنة ضبط الأسواق وأسعار السلع قد فشلت فشلا ذريعا في مهمتها. والدليل اسمعوه على لسان المستهلك المقهور. ولذلك أقترح تعديل اسم “لجنة ضبط الأسواق وأسعار السلع” الى “لجنة الفشل في ضبط الأسواق وأسعار السلع”. فهذا المسمى الأخير أقرب الى طبيعة عمل تلك اللجنة.
ثانيا، قال رئيس الحكومة كلامًا عَجَبًا: “مع إتاحة الدولار، والإفراج عن السلع، ووصول سعر صرف الدولار الرسمي الآن أقل مما كان في السوق السوداء، وتوافره في البنوك، فلا بد أن ينعكس كل هذا على الأسعار بشكل ملحوظ”. إن من المدهش أن يشير رئيس الوزراء إلى أن “السلع بدأت تتوافر بالفعل في الأسواق، لكن يجب أن يشعر المواطن بذلك في هيئة انخفاض الأسعار”. ثالثا، لم نسمع شيئا عن وزير التجارة والصناعة ورئيس اتحاد الصناعات، رغم أنهما من الأطراف الأصيلة في موضوع ضبط الأسواق وأسعار السلع وأزمة السكر بالتحديد. فهل تغيب الرجلان؟ أم أنهما اعتذرا عن عدم الحضور؟ أم أنه لم يتم دعوتهما أصلا؟ رابعًا، واضح مما قاله وزير التموين ورئيس اتحاد الغرف التجارية ومسئولو شركات صناعة السكر أن الأزمة لن تنفرج خلال شهر رمضان. يعنى “عندنا رمضان سادة السنة دى”!
وفى الختام أقول: لقد طفح الكيل وبلغت القلوب الحناجر من شدة الضغط الاقتصادى والكبت السياسى. نريد تغييرا حقيقيا.
تهنئة: لكل المصريين بمناسبة شهر رمضان والصيام الكبير، وذكرى استعادة طابا، وذكرى العاشر من رمضان.

التعليقات متوقفه