الاتصالات.. المحرك الأساسي للثورة الصناعية

352

على مدار التاريخ، استخدم الناس التكنولوجيا لتسهيل حياتهم وإجراء التحسينات اللازمة لتطوير تلك التقنيات إلى مستويات أرقى. وقد شهدت الثورة الصناعية الأولى عام 1765 ميكنة الزراعة واستخراج الفحم واختراع المحرك البخاري. وبداية من عام 1870، بشرت الثورة الصناعية الثانية بظهور الكهرباء والغاز والنفط إلى جانب إنتاج الصلب واختراع الهاتف. ثم جلبت الثورة الصناعية الثالثة في عام 1969 الطاقة النووية والإلكترونيات والاتصالات والكمبيوتر، وها نحن الآن في قلب الثورة الصناعية الرابعة، والتي بدأت بالطبع بالإنترنت الذى أتاح تبادل المعرفة والمعلومات، والتسوق عبر الإنترنت، والدفع الإلكتروني للفواتير، والعمل من المنزل، وإنترنت الأشياء.

 

وتلعب خدمات الاتصالات دورًا نشطًا في الثورة الصناعية الرابعة، حيث تمكننا التقنيات الحديثة من التفاعل الفوري، ومشاركة المعرفة. كما أتاحت دمج التقنيات الرقمية والمتقدمة في البنية التحتية والتصنيع والقطاعات الصناعية، خصوصا مع عمليات الأتمتة والتفاعلات بين الإنسان والآلة على نطاقات واسعة.

إن التحول الرقمي يقود التغيير في العالم، ومن المؤكد أن شركات الاتصالات تقع في قلب هذا التحول من خلال استثمارها في التكنولوجيا والتشغيل البيني، مما يوفر الأساس لنماذج أعمال جديدة عبر مختلف الصناعات. بالإضافة إلى ذلك، توفر شركات الاتصالات خدمات الاتصال العالمي الذى يتيح الوصول إلى المعلومات والأسواق في الوقت الفعلي.

وتشير التقديرات إلى أن التدفقات العالمية من السلع والخدمات والتمويل ستكون قد تضاعفت ثلاث مرات من 26 تريليون دولار في عام 2012 إلى أكثر من 80 تريليون دولار في عام 2025 بفضل تقنيات الاتصالات.

وهكذا يمكننا أن ننظر لقطاع الاتصالات على أنه المحرك الأساسى للثورة الصناعية الرابعة، حيث تعمل الابتكارات المتطورة والتقنيات المتقدمة على إرساء قواعد نجاح الثورة الصناعية من خلال تحسين تجارب المستخدم وتحسين الموثوقية وإحداث ثورة في طرق التواصل وتقديم سرعات اتصال مثالية، مما يؤهلها لتغيير قواعد اللعبة والتأثير على كل الصناعات تقريبا، بما في ذلك الصناعات الحديثة.

 

 

تبادل المعلومات

تشير الاتصالات إلى تبادل المعلومات عبر الوسائل الإلكترونية ويمكن أن تشمل الفيديو والبيانات ونقل الصوت. وعلى مدى العقود القليلة الماضية، تحولت هذه الوسيلة إلى أداة يومية.

وقد أدى ظهور الإنترنت إلى أحداث تحولات جذرية في صناعة وخدمات الاتصالات. فبدلاً من الاعتماد على المكالمات الهاتفية أو المستندات الورقية، سمحت الإنترنت للشركات بالاتصال ببعضها البعض وبالعملاء والشركاء بكفاءة أكبر وأسرع بكثير من ذي قبل. وكان هذا التحول جذريًا بالنسبة للمصنعين، الذين أصبح بإمكانهم التوسع فى أعمالهم بشكل لم يسبق له مثيل، وذلك أن شركات التصنيع كانت تبحث على الدوام عن طرق جديدة للحصول على ميزات تنافسية وحلول متطورة تعمل على توفير التكاليف.

 

الاتصالات والتصنيع الحديث

يقدم قطاع الاتصالات العديد من المزيا والفوائد والتقنيات التى تقود التحولات في عمليات التصنيع. وتشمل تقنيات الاتصالات الحديثة التى تلعب هذا الدور:

 

إنترنت الأشياء

أتاحت إنترنت الأشياء للشركات استخدام الأجهزة لإنشاء مرافق ذكية مزودة بأنظمة آلية وبنية تحتية فعّالة لتعزيز عمليات التصنيع. كما أتاحت ميزة تزويد الآلات بعناوين بروتوكولات الإنترنت IP، وبالتالى إمكانية ربط الأجهزة بأجهزة أخرى لتحليل البيانات بسرعة وجمعها وتبادلها.

 

الحوسبة السحابية

يعتمد المصنعون على المعلومات المتعلقة بالمبيعات والتوزيع وسلسلة التوريد والهندسة والإنتاج لتنمية وتطوير الإنتاج. وتتيح الحوسبة السحابية للشركات تخزين وتحليل دفعات كبيرة من البيانات من هذه المعلومات بكفاءة وبتكلفة فعالة.

 

الذكاء الاصطناعي

يمكن لتقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي تحسين وتعزيز قدرة الشركات الصناعية على التنبؤ وأتمتة عمليات التشغيل. على سبيل المثال، يمكن للمصنعين استخدام هذه المعلومات لتحديد متى قد تحتاج الآلة إلى صيانة وقائية، والتنبؤ بالمتطلبات والاتجاهات المستقبلية للطلب والاحتياجات.

 

الجيل الخامس

توفر تقنيات الجيل الخامس سرعات نقل أسرع للبيانات، وزمن انتقال منخفض. كما تتيح هذه التقنية للمصنعين تنزيل المحتوى وبثه في غضون ثوان دون الحاجة إلى الانتظار لفترات طويلة. كما تعمل تقنية الجيل الخامس على تعزيز الاتصال في الوقت الفعلي، وبفضل الاتصال بإنترنت الأشياء، يمكن لتقنية الجيل الخامس تحفيز نمو التكنولوجيا والمساعدة في إنشاء عمليات أكثر كفاءة.

 

التوأمة الرقمية

يمكن لرجال الصناعة إنشاء نسخ افتراضية طبق الأصل من سلاسل التوريد وخطوط الإنتاج والمصانع والعمليات من خلال سحب البيانات من أجهزة استشعار إنترنت الأشياء. ويتيح إنشاء هذه التوائم الرقمية للشركات اختبار التغييرات افتراضيا واكتشاف طرق لتحسينها أو تقليل وقت التوقف قبل طرح الفكرة أو المنتج للتنفيذ على أرض الواقع.

 

فوائد الاتصالات

تسعى أي تقنية جديدة إلى المساهمة في جعل العمليات الصناعية أكثر كفاءة وأكثر توفيرا للوقت والمال. وتشمل الفوائد التى تقدمها تقنيات الاتصالات للصناعة:

 

تحسين الاتصال وتبادل البيانات:

تتيح تقنيات الاتصالات مثل برامج المراسلة الفورية وتطبيقات مؤتمرات الفيديو للشركات المصنعة الاتصال بالعملاء والشركاء والموردين، مما يسمح للشركات بتبادل المعلومات مثل تحليلات البيانات لاتخاذ قرارات صائبة فى الوقت المناسب. كما يمكن للشركات المصنعة استخدام هذه الأدوات لفهم اتجاهات السوق بشكل أفضل وإنشاء علاقات دائمة داخل شراكاتها وقواعد عملائها.

 

تحسين الكفاءة والأتمتة:

تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على تنفيذ المهام بدقة أكبر فى وقت أقل. بالإضافة إلى ذلك، يسمح استخدام الحلول الآلية للشركات بإعادة الاستفادة من العمال البشريين، وتوجيههم إلى مشاكل أكثر تعقيدا تتطلب التفكير النقدي والعمل المباشر.

 

التتبع في الوقت الفعلي:

تتيح حلول الاتصالات للشركات المصنعة تتبع الشحنات والمخزون في الوقت الفعلي. وتعمل هذه العملية على تحسين العمليات اللوجستية للشركة، ويمكن أن تقلل من المخاطر المرتبطة بالتأخيرات والاختناقات. كما تتيح مراقبة جودة المنتجات بشكل أفضل من خلال السماح للمصنعين بتحديد المشكلات أو العيوب وعلاجها بسرعة.

 

 

نظرة مستقبلية

يعتبر الطلب هو المحرك الأساسى للأسواق. وعندما يتصاعد الطلب على المنتجات يلعب قطاع الاتصالاتدورا رئيسيا فى فهم متطلبات العملاء، والمساهمة فى تنفيذ المهام المطلوبة بشكل سريع. ويمكن لقطاع الاتصالات المساهمة بشكل أكبر فى دعم عمليات التصنيع من خلال:

  • تصميم حلول اتصالات تركز على متطلبات العملاء من الشركات والمؤسسات الصناعية.
  • تطوير خدمات جديدة من خلال حلول الشبكات الافتراضية التي تلبى الاحتياجات المتخصصة لكل قطاع صناعى بما يتواءم مع متطلباته.
  • توفير المزيد من حلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة لحالات الاستخدام الصناعي الجديدة.

 

تأثير متبادل

تؤثر الاتصالات على التصنيع الحديث، ويؤثر التصنيع الحديث على نمو قطاع الاتصالات. فالتأثير متبادل، والتحولات والمتغيرات تسير فى كلا الاتجاهين. ولذا نتوقع أن يستمر قطاع الاتصالات في التأثير على عمليات التصنيع من خلال تحسين الإنتاجية وزيادة السلامة وخفض التكاليف التشغيلية، وتحقيق المزيد من المكاسب والأرباح من وراء هذه العملية، وضخ هذه المكاسب فى مزيد من الاستثمارات الجديدة وتطوير التقنيات والخدمات التى تساعد بدورها فى مزيد من النمو للقطاعات الصناعية.

 

التعليقات متوقفه