ارتفاع أسعار الأسمنت يزيد عجز الموازنة العامة للدولة

190

الحكومة تضحى بالتنمية خوفا من سخط  الجماهير

المصانع تحافظ على الأرباح .. ولا رقابة حكومية على الأسواق

كتب حسين البطراوي

واصلت أسعار الأسمنت الارتفاع في السوق، وقفزت الأسعار بنحو مائة جنيه خلال  الشهر الحالي، ليتراوح سعر طن الأسمنت من850 إلى900 جنيه، مدفوعا بقرار حكومة المهندس إبراهيم محلب بخفض إمدادات الغاز والطاقة للمصانع كثيفة استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح ما بين 35 إلى 50 بالمائة، لتوفير الغاز الطبيعي للمحطات توليد الكهرباء، في محاولة لتجنب السخط الجماهيري من انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي أدي إلى خفض الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت، بنحو 50 بالمائة، مما أدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للشركات، وهو ما جعلها ترفع أسعار بيع الإسمنت لتعويض انخفاض الربحية، رغم أن شركات الأسمنت تربح مابين 50 إلى 70 بالمائة من مبيعات الإسمنت، دون وجود رقابة حقيقية من الحكومة على أسعار الإسمنت في السوق المصري. ويشير ارتفاع الأسعار إلى اتفاق غير معلن بين شركات الإسمنت لرفع السعر.

كانت أسعار الاسمنت قد شهدت ارتفاعا خلال العام الماضي في أعقاب رفع أسعار الغاز للمصانع كثيفة  استخدام الطاقة إلى 6 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية من 4 دولارات، كما تم رفع أسعار المازوت والسولار، وبحسب دراسة  لمركز معلومات مجلس الوزراء حول تأثير تحريك أسعار الطاقة على قطاع الاسمنت، أشارت إلى أن الطاقة تمثل نحو 24 بالمائة من مدخلات الصناعة، وأن تحريك الأسعار يؤدي لارتفاع  تكلفة الإنتاج بنحو 17 بالمائة فقط، وقالت الدراسة إن هذا الارتفاع يمكن أن تستوعبه شركات الإسمنت التي تصل أرباحها إلى أكثر من 70 بالمائة.

ومن ناحية أخري، فإنه من المتوقع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي للمصانع كثيفة استخدام الطاقة بدءا من يونيه المقبل إلى 6.1 دولار العام المقبل ثم إلى 6.5 دولار عام 2015 ثم إلى 7.1 دولار عام 2016.

وتؤدي موجات الارتفاع المستمر لأسعار الاسمنت لارتفاع تكلفة قطاع العقارات في مصر، وبالتالي ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وتكلفة إقامة المشروعات، خاصة المشروعات الحكومية مما يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة.

وتعاني مصر من نقص كبير في الطاقة مما يوثر علي معدلات النمو الاقتصادي، وقد اعترف منير فخري عبد النور، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة، أن الطاقة أصبحت قيداً على التنمية الصناعية والاقتصادية ومعوقاً للاستثمار وفي توفير فرص عمل للشباب. وقال إن نقص الطاقة أصبحت قضية خطيرة، مشيرا إلى أن إنتاج الغاز لا يكفي لتحقيق النمو أو تغطية طلبات المصانع الحالية. وتوقع منير فخري عبد النور أن يشهد معدل النمو الصناعي تراجعاً بسبب أزمة الطاقة الحالية والتي تؤثر بشدة على النمو.

لكن الحكومات المتعاقبة من تولي مبارك الحكم لم تعمل على توفير مصادر بديلة للطاقة، خاصة مشروع إنتاج الكهرباء من المحطات النووية في الضبعة،  رغم توافر الأموال اللازمة لذلك، فقد تمكن نظام مبارك من تكوين 9 مليارات دولار من حصيلة حرب الخليج الأولي وتبرعات الدول العربية بعد الزلزال الذي شهدته مصر في التسعينيات، لكن وزير المالية د. أحمد جلال في وزارة حازم الببلاوي أهدر هذه الأموال التي كان يمكن استخدامها لإقامة المحطة النووية لإنتاج الكهرباء، في سداد عجز الموازنة بنحو 30 مليار جنيه، و30 مليار جنيه أخري لتنشيط الاقتصاد.. ومن ناحية أخري تحتاج مصر إلى استثمار نحو 4 مليارات دولار في محطات الكهرباء المتهالكة، ويوجد 52 محطة توليد كهرباء في مصر تعمل معظمها بالغاز وأكثر من ربعها يتجاوز عمره 20 عاما.

واقترحت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات فى ورقة عمل أعدتها بشأن الطاقة إعادة هيكلة سوق الطاقة تدريجيا بحيث يكون سوقا مفتوحا، من خلال بورصة للطاقة (منتجات بترولية، غاز ، كهرباء) خلال 10 سنوات تحت رقابة ومتابعة جهاز جديد لتنظيم سوق الطاقة وحماية المستهلك. وإنشاء مجلس أعلى للطاقة يضم كبار الخبراء الفنيين والاقتصاديين من التخصصات المختلفة فى فروع أنشطة البترول وأنشطة الكهرباء ويرفع توصياته مباشرة لرئيس الوزراء.

التعليقات متوقفه