إلغاء المؤتمر الصحفى المقرر لإعلان تفاصيل المشروع.. وزير التعليم يتراجع عن مشروع الثانوية العامة الجديد

166

بعد أن ملأ وسائل الإعلام ضجيجا بالحديث عن النظام الجديد للثانوية العامة، و بعد أن وجه سهام النقد لمكتب تنسيق القبول بالجامعات لانه يتيح الالتحاق بالكليات على أساس مجموع الدرجات فقط دون الدخول فى “متاهات” اختبارات القبول الخاصة، وبعد أن أعلن على الملأ أن يوم 30 يوليو الماضى هو اليوم الموعود لطرح تفاصيل النظام الجديد فى مؤتمر صحفى، تراجع د. طارق شوقى وزير التعليم عن كل التصريحات و الدعوات و التبشير بالنظام الجديد كأن شيئاً لم يكن.
جاء يوم 30 يوليو ولم يعقد المؤتمر الصحفي، التزم الوزير الصمت و لم يعد يدعو و يروج لمشروعه بعد أن استمر قرابة الـ 3 شهور فى إطلاق التصريحات حول حتمية تغيير النظام الحالى تحت أى ظروف ولا بديل عن ذلك- حسب قوله ؛فماذا حدث؟!
ببساطة؛ لقد تدخل الرئيس “لفرملة” جنوح الوزير. بينما وزير التعليم كان منهمكًا فى تعديد منافع وفوائد ومميزات النظام الجديد للثانوية العامة بعبارات منمقة- تصلح لسياق التقدم لرسائل الماجستير والدكتوراه- أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي فى مؤتمر الشباب الأخير بالاسكندرية، قاطعه الرئيس قائلا :احنا مش “مستعجلين” احنا عاوزين نفهم كويس. المقاطعة جاءت فى ظل سرعة إلقاء الوزير لرؤية تطوير التعليم والثانوية العامة فى جلسة “رؤية مصر 2030” معتمدًا على “الحفظ” لبنود التطوير “ليكرها” بسرعة مما استرعى انتباه الرئيس و مقاطعتة. التحدث بسرعة بمفردات و مصطلحات تصلح أساسًا للأبحاث العلمية، آفة تصيب بعض الأكاديميين من أساتذة الجامعات الذين يشغلون مواقع سياسية، حيث يفتقدون القدرة على التواصل المجتمعى ورؤية الواقع، ولا يعرفون شيئاً عن “الحس السياسي” الذي يفرض على المسئول مراعاة خصوصية كل مجتمع. د. طارق شوقى ليس بعيدًا عن هؤلاء، حيث سبق وعمل أستاذا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. ثم جاء القول الفاصل فى النظام الجديد للثانوية العامة بعد انتهاء الوزير من طرح رؤيته، حيث عقب السيسي مؤكدًا ضرورة دراسة الموضوع جيدًا قبل التنفيذ قائلا: مش هنعمل إجراء أو تغيير لا نضمن نجاحه بنسب حاسمة. أضاف “ يجب أن نضع فى الاعتبار البعد الثقافى للمجتمع عند طرح أى تغييرات و مراعاة رؤية أهلنا فى مصر و نظرتهم للتعليم خلال الـ 50 عامًا الماضية”… و هو الأمر الذى تجاهله الوزير تمامًا خلال طرح مشروعه الجديد.
الرسالة وصلت
كلمات الرئيس الواضحة لا تعنى سوى التريث و عدم الاندفاع وراء تنفيذ مشروع أثار مخاوف واعتراضات أولياء الأمور والعديد من خبراء التعليم لما يمثله من هدم لأحد حصون العدالة الاجتماعية بإلغاء قبول الطلاب بالجامعات عن طريق مكتب التنسيق مما يفتح أبواب الواسطة و المحسوبية أمام أصحاب السطوة و النفوذ والقدرة المالية لدخول الجامعات و حرمان أبناء الفقراء المجتهدين من الحق المشروع فى استكمال التعليم الجامعي طالما لديهم القدرة الذهنية والمقدرة على التفوق. كما لا يغيب المعنى السياسي عن كلمات الرئيس، فالناس تعانى حاليًا من قسوة الإجراءات الاقتصادية و صعوبة تدبير لقمة العيش، ومش ناقصة كمان ضغوط و تضييق – فى هذا التوقيت- للانتقاص حتى من الحق فى التعليم، و كفاية الموجات المتلاحقة لا ارتفاعات الأسعار
لقد التقط الوزير “الرسالة” بسرعة البرق من كلمات الرئيس بمؤتمر الشباب يوم 24 يوليو الماضى، و اسرع للتراجع عن المؤتمر الصحفى الذى سبق وأعلن عن عقده يوم 30 من ذات الشهر لطرح تفاصيل النظام الجديد.
وعقد الوزير مؤتمرًا صحفيًا “الثلاثاء “ من الأسبوع الماضي، حرص قبل انعقاده على التأكيد انه لا علاقة لهذا المؤتمر من قريب أو بعيد بالنظام الجديد للثانوية العامة. فقد حدد المتحدث الرسمي للوزارة أحمد خيرى أهداف المؤتمر قبل انعقاده بساعات فى بيان رسمى-على غير المعتاد- دون ان يذكر كلمة واحدة ضمن الأهداف عن الثانوية العامة.
اتهام وسائل التواصل
فى المؤتمر الصحفى البديل تحدث الوزير عن كل قضايا وإشكاليات التعليم إلا الثانوية العامة. فقط أشار إلى تطبيق النظام الجديد للتعليم بالتقويم التراكمى فى العام الدراسى 2018-2019، متجنبا تناول كيفية التطبيق، أو الرد على حيرة وتساؤلات أولياء الأمور مما اثاره من لغط خلال الشهور الماضية بالتصريحات النارية المندفعة حول تغيير نظام الثانوية العامة. فقد سبق السيف العزل وقضى على المشروع فى مهده ولا داعى لتبديد مخاوف أصبحت بعد تدخل الرئيس غير ذات معنى. أوضح الوزير أن هناك فارقًا بين أفكار جديدة محل دراسة وبحث وبين القرارات المكتملة، فى تراجع صريح عما سبق ودعا إليه. بل وصل الأمر إلى حد اتهام وسائل التواصل الاجتماعي بأنها السبب فى تداول معلومات مغلوطة حول التغييرات المزمع إجراؤها.

التعليقات متوقفه