هواء نقى: ثورة الغضب
عكست حركة « السترات الصفراء» فى فرنسا أزمة الرأسمالية الجديدة فى صورتها المتوحشة، ليس فى فرنسا فقط، بل فى العالم أجمع، فالمشهد الاقتصادى تغير خلال الفترة الماضية، نتيجة العوامل الجغرافية والسياسية، وتحول بعض القوة الاقتصادية من الغرب إلى الشرق، وظهور أطراف فاعلة لا تنتمي لدول، بما فيها الشركات متعددة الجنسيات، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي، بحسب كريستيان لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى.
وتوقعت سيناريو أسوأ بحلول عام 2040، يمكن أن يصل عدم المساواة إلى مستويات تفوق ما كانت عليه فى «العصر المذهَّب». فالاحتكارات القوية فى مجال التكنولوجيا والحكومات الضعيفة ذات السياسات المحلية غير فعالة تجعلان النجاح مستحيلاً بالنسبة للمشروعات البادئة ورواد الأعمال. والإنجازات المحققة فى المجال الصحي يمكن أن تتيح للأغنياء الأكثر ثراءً أن يعيشوا إلى عمر يتجاوز المائة والعشرين عاماً، بينما يرزح الملايين تحت وطأة الفقر المدقع والمرض.
وتستمر وسائل التواصل الاجتماعي فى توجيه قذائفها تجاه هذه المجموعة من «السكان المُهمَلين»، مشددة على التفاوت بين واقعهم والحياة الأفضل التي يمكن أن تتحقق لهم. وتتسبب فجوة التطلعات فى إذكاء السخط والغضب فى النفوس. وتنهار الثقة بين البلدان. ويصبح العالم أكثر ترابطاً من خلال التكنولوجيا الرقمية، لكنه أقل ترابطاً من كل الأوجه الأخرى. لكنها قالت إنه حال التعاون الدولى يمكن أن يعمل على إبطال هذا السيناريو، مشيرة إلى أن العام المقبل 2019 يمكن أن يكون نقطة تحول، يقدم فيها العالم دفعة جديدة من الإبداع فى معالجة التحديات المشتركة، وحذرت من أن الإخفاق فى البناء والتكيف يمكن أن يجعل العالم يعيش «عصر الغضب»، بحسب تعبيرها.
محاولات الرئيس الفرنسى ماكرون معالجة الأوضاع فى فرنسا بإطلاق ما يسمى اجتماعية واقتصادية، تضمنت بعض الإجراءات الاقتصادية، التى رفضتها «السترات الصفراء» واعتبرت أن حديثه عن الإصلاح الاقتصادي غير مقنع، وأكدت مواصلة الاحتجاجات حتى تلبية مطالبها، والتي تضم قائمة بـ40 مطلباـ أهمها وقف ارتفاع تكاليف المعيشة وتعزيز القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة.
الوضع فى فرنسا لا يختلف كثيرًا فى العديد من الدول الأوروبية والعربية، نتيجة الإجراءات الاقتصادية المنحازة لطبقة رجال الأعمال والأغنياء على حساب الفقراء، وامتدت الحركة الاحتجاجية إلى الدول الأوروبية، وتشهد تونس مرة أخري حراكا اجتماعيا تحت مسمى السترات الحمراء، وقد يمتد إلى دول عربية أخري.
أمام الدول فرصة، كما قالت لاجارد للعمل والبناء لتحسين أحوال الفقراء ودمج الشباب وتوفير فرص العمل، والإخفاق يعنى ثورة الغضب.
التعليقات متوقفه