الباحثة في مجال الاعلام السياسي د. دينا محسن تكتب: هل حقاً يريد “أردوغان” نهوض القارة السمراء,, كما ادّعى؟!

336

*تقرير تكتبه الباحثة في مجال الاعلام السياسي د. دينا محسن

أكدّ الرئيس التركى فى خطابه الذى ألقاه أول أمس فى القمة الثالثة للزعماء الدينيين المسلمين بإفريقيا على أن “الدول الغربية لا تريد لإفريقيا أن تنهض وتستفيد من إمكاناتها الهائلة وتنعم بالسلام”, فى حين أن جولة أردوغان لإفريقيا عام 2017 م لم تكن لمصلحة أهلها ولا حتى لمصلحة تركيا، وإنما هى امتداد للدور الذى رسمته السياسية الأمريكية لتركيا لتنفيذ أهدافها، حيث إن جولة أردوغان الإفريقية هذه جاءت لتعميق وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع القارة السمراء البكر، لصالح سيدته أمريكا فى صراعها مع بريطانيا عبر زيادة الاستثمار والتعاون التجارى بين الطرفين, وقد دخلت تركيا فى هذا الصراع الأمريكى الإنجليزى عبر تقديم المساعدات الإنسانية لقارة إفريقيا من أجل سيطرة أمريكا عليها.

وأردف مخاطباً المشاركين فى القمة: “لا بد وأنكم تعلمون أفضل منى، أى دولة استعمارية لها يد فى الإبادة الجماعية برواندا”, وأكد على أن “هناك لطخة مجازر أو احتلال أو استعمار، فى ماضى معظم من يقدمون لنا الدروس فى الحقوق والقانون والحريات”, فى حين أن التدخل العسكرى فى سوريا الأخير دليل حى على أن تركيا تقف أيضاً بمصاف الدول الاستعمارية, التى لم تراعى حقوق الشعب الكردى السورى وقامت بإبادته إبادة جماعية كما كان الحال فى رواندا. وقال إن أولئك الذين يفرضون حظر السلاح على تركيا بسبب عملية “نبع السلام”، كانوا قد أغرقوا القتلة المجرمين بالسلاح والذخائر, وأكّد أن الدول الغربية لم تفكر أبدًا بحظر السلاح على مرتكبى الإبادات الجماعية رغم الوحشية التى ارتكبوها, لكنه يريد إمداده بالسلاح من أجل ارتكاب مجازر مماثلة!

وأفاد أردوغان أن “شركات الأسلحة والنفط الغربية تقف وراء العديد من الاضطرابات فى القارة الإفريقية”, فى الوقت الذى تعانى فيه دولة ليبيا – وهى دولة شمال إفريقية – من التدخل التركى فى أراضيها واختراق مياهها الإقليمية ودفع تركيا بمعدات وآليات عسكرية وزوارق ودعم الميليشيات المسلحة لافتعال مزيد من الاحتقان الليبى الليبى وخلق اضطرابات غير مبررة على الأراضى الليبية وانتهاك سيادتها, يأتى ذلك حسبما صرّح المتحدث باسم الجيش الليبى اللواء “أحمد المسمارى” أكثر من مرة بوسائل الإعلام الرسمية الليبية, هذا ومن قبل عانت دولة السودان من ذلك الأمر مرات عديدة, وذلك وفق تقارير إعلامية رسمية سودانية.

وأضاف : “لم ولن نقبل إطلاقا بمواقف الدولة الغربية الاستعلائية والفظة وتدخلاتها فى دول القارة الإفريقية”, فى حين أن تركيا وهى الدولة غير الإفريقية تستضيف رؤوس الإرهابيين من جماعة الإخوان المسلمين التى صنّفتها العديد من الدول على رأسها مصر على أنها جماعة إرهابية, ويقوم النظام التركى بالتدخل السافر فى شئون مصر –تلك الدولة الأفريقية- دون مراعاة لأدبيات احترام سيادة الدول وخصوصية شأنها الداخلى, كما ومٌقرر بالقانون الدولى والأعراف الدولية .

وبيّن الرئيس أردوغان أنه زار 27 دولة إفريقية بصفته رئيس للوزراء والجمهورية، ومعظمها تعد الأولى من نوعها فى تاريخ تركيا, وهذا مؤشر إلى أن ” أردوغان” يريد اقتحام إفريقيا سياسياً واقتصادياً من أجل خلق إطار جديد فى ميزان المنافع والمصالح المتبادلة مع الغرب, لكنه أشار أيضاً إلى أنه يشعر بالفخر عندما يرى الأطباء والأئمة والساسة والأكاديميين والمهندسين ورجال الأعمال من خريجي تركيا، فى البلدان التى يزورها, وبالتركيز على مصطلح ” الأئمة” نجد أن أردوغان له نهج سياسى دينى يريد أن يٌرٍّخه فى إفريقيا, فبعد أن شعر بالقلق تجاه, منظمة “غولن” التى انتشرت وتغلغلت بقوة فى إفريقيا دينياً وثقافياً, يريد أردوغان إزاحتها واستبدالها برجاله من الأئمة والساسة المتدينيين.

ولفت إلى أن المنظمات المدنية التركية “تمد يد العون لأشقائنا الأفارقة” فى مختلف أرجاء القارة، وهى تجازف بالتعرض لأخطار حقيقية “, فى حين أنه لم يذكر نوعية المساعدات أو حجمها التى تم تقديمها, فخلال السنوات الماضية مرت العديد من الدول الأفريقية لحوادث طبيعية خطيرة أبرزها مؤخراً فيضان السودان التى لم تقدم تركيا فيه أى مساعدات حقيقية.

وأكد أردوغان على أن المستثمرين الأتراك يركزون ليس على بيع منتجاتهم وحسب، بل على مشاريع تُسهِم فى خلق فرص عمل وتنمية القارة الإفريقية, وهذا حتى الآن لم يحدث بل العكس, فأردوغان يريد فتح سوق جديدة لمنتجاته وذلك بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية فى تركيا وانهيار قيمة الليرة وزيادة حجم البطالة.

ولفت إلى أن تركيا عززت حضورها في القارة من خلال مؤسسات مثل الوكالة التركية للتعاون والتنسيق، ومعهد يونس أمره، ووقف المعارف، ووكالة الأناضول، والخطوط الجوية التركية، وجمعية الهلال الأحمر.

وأشار إلى أن بعض الجهات منزعجة من الوجود التركى فى القارة الإفريقية، ومن احتضان تركيا لأشقائها وأصدقائها هناك, وبيّن أن الجهات نفسها استغلت ثروات القارة لسنوات، وعملت على كسب الرخاء على حساب دماء وأرواح ونفط مظلومى إفريقيا, وأضاف: “لا يستطيعون أن يتحملوا تعاون تركيا القائم على أساس المساواة والاحترام المتبادل مع إفريقيا.

ومضى يقول: “يستخدمون كل ما لديهم من إمكانات لتحقيق هذا الأمر، بدءً من إذكاء الاختلافات العرقية والدينية وحتى الانقلابات وتحريك الحروب الأهلية والعقوبات”, فى حين أن الأكراد فى تركيا يعانون من التمييز العنصرى والقهر والاستبداد السياسى, ليس الأكراد فى تركيا فقط بل أيضاً امتد الاستبداد التركى إلى سوريا وشمل إبادات جماعية للأكراد فى سوريا, وأشار إلى مقولة رجل الدولة الغربى “ويليام تشرشل“، بأن قطرة من البترول أثمن من قطرة الدم، ووصفها بأنها “اعتراف تاريخى“.

وأردف: “أجدادنا راعوا العدالة والحق في كل شبر من الأراضى التى حكموها والبالغ مساحتها 22 مليون كيلومتر مربع, لهذا السبب لا توجد عنصرية ولا استعمار واحتلال ولا ظلم ومجازر فى أى من مراحل تاريخنا البالغ آلاف السنين”, ولم يذكر أردوغان مجازر الأرمن والأكراد!

 

التعليقات متوقفه