على محسن حميد يكتب :دور الغرب في هزيمة يونيو ١٩٦٧ “١ – ٢”

57

بقلم علي محسن حميد
باستثناء فرنسا الديجولية كانت دولا غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا شركاء فاعلين في تمكين دولة الكيان الاحتلالي الغاصب من النصر على كل من مصر وسوريا والأردن وهزيمة هذه الدول الثلاث عام ٦٧ واحتلال أراضيها. لقد ارادت بريطانيا الانتقام لهزيمتها السياسية والأخلاقية في حرب السويس عام ١٩٥٦ التي دبرتها سرا مع فرنسا وإسرائيل في الوقت الذي كانت تفاوض فيه مصر في الأمم المتحدة من أجل حل تفاوضي لمشكلة القناة بعد تأميمها من قبل الرئيس جمال عبد الناصر في اكتوبر من العام ذاته قاده د.محمود فوزي وزير خارجية مصر. البعض يسطح قضية التأميم ويرى فيها ردة فعل مصرية بحتة لحجب بريطانيا وامريكا لتمويل جزئي من قبلهما لبناءالسد العالي قدره ٤٠٠مليون دولار من إجمالي التكلفة البالغة ١مليار و٣٠٠مليون دولار. التأميم لم يكن سببه الوحيد رفض قرض مصر وإن كان عبد الناصرقد وجد فيه ذريعة وطنية مناسبة لاستعادة ارض ومياه مصرية كانت تحت سيطرة دولتين استعماريتين لأن التأميم كان من ضمن قضايا التغيير التي تبناها عبد الناصر سرا وعلنا قبل قيام ثورة يوليو ونفذ كل منها في الوقت المناسب بعدقيامها.بعد صفقة السلاح السوفيتية- التشيكية عام ١٩٥٥ جن جنون أمريكا وبريطانياوفرنسا وإسرائيل. سلوين لويد وزير خارجية بريطانيا أثناء العدوان الثلاثي تحدث في مذكراته الصادرة عام ٧٨ بعنوان ” السويس ١٩٥٦ رواية شخصية “‘ عن قلق بريطانيا من التسلح المصري واعتبره خطرا مميتا لإسرائيل التي خلقتها بريطانيا من العدم وللمصالح البريطانية في المنطقة وقد احتار لويد بعد قراءته لكتاب فلسفة الثورة في وصف عبدالناصر هل يصفه بهتلر أو بموسوليني وقد استقر رأيه مع دالاس وزير خارجية امريكا ورئيس الوزراء البريطاني انتوني إيدن وفرنسا وإسرائيل على وصفه بهتلر و تماهى معهما داج همرشلد أمين عام الأمم المتحدة رغم ماهو شائع عنه عكس ذلك. سلوين لويد شبه فلسفة الثورة بكتاب كفاحي لهتلر وقد ساءه رفض عبد الناصر لحلف بغداد عندما فاتحه في القاهرة بالانضمام إليه وأيضا استقطابه للجماهير العربية وتوظيفه إعلامه غير المكلف ضد بريطانيا الذي شبهه بالإعلام النازي الذي قاده د. جوبلز. بريطانيا لم تكن تتصور بعد فقدانها للهند عام ٤٧ أن يأتي غاندي آخر بأهداف مشابهة ولكن بأدوات وأليات مختلفة يزيدها ضعفا فوق ضعفها ويسلبها ماتبقى لها من قيمة دولية كقوة عظمى وحينها وبحسب لويد لم يكن أحدا يعرف مدى ضعف بريطانيا الاقتصادي على وجه الخصوص سوى الولايات المتحدة .كان سلوين لويد يفور بالغضب لحديث الإعلام المصري عن استغلال بريطانيا لثروات مستعمراتها ونهبها وقمعها لحق تلك المستعمرات في الاستقلال والاستفادة من ثرواتها.كان يرى أن مصر تفضح بلاده وتعريها على المستويين العربي والدولي بشكل لم يفعله أحد من قبل..وكان من جهة أخرى لايقبل بأن يكون لمصر دورا في محيطها وفي العالم واعتبر سعي مصر هذا نزعة استعمارية .فمثلا رأى حركة مصر في الدوائر الثلاث العربية والافريقية والإسلامية كما يلي: الدائرة العربية تخفي طمع ناصر بالنفط وسعيه لزعامة العرب والدائرة الأفريقية تستهدف القضاء على الرجل الأبيض والدائرة الإسلامية لخلق امبراطورية إسلامية بقوة لاحدود لها تقودها مصر . كما استهجن النزعة العروبية لمصر وربط بينها وبين رغبة عبد الناصر في طرد بريطانيا والنفوذ الغربي من المنطقة ولم يقبل الخطاب السياسي المصري عن أهمية موقع مصر الاستراتيجي كنقطة التقاء للمصالح الدولية وممرا عسكرياعالميا. وطبيعي أن تلتقي مصالح فرنسا التي لم تكن راضية كلية عن دعم مصر لثورة الجزائر وإسرائيل ورفضها القاطع لتاميم مصر لقناة السويس التي كانت تديرها فرنسا وبر يطانيا وتجنيان فوائدها المالية وحدهما من دون مصر مالكة القناة .أما إسرائيل فقد وفرلها تأميم القناة الفرصة الذهبية للاعتداء على مصر بالتواطئ مع بريطانيا وفرنسا لاعتقادها بأن تسليح مصر يستهدف إبادتها وقد نشرت هذا الاعتقاد على مستوى العالم.وعندما التقت مصالح القوى الاستعمارية الثلاث تم الاعتداء الجوي والبري والبحري على مصر .
وللحديث بقية

التعليقات متوقفه