اتفاق أردوغان والسراج على مزيد من القتل والسرقة

422

زار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، المدعومة دوليا، فايز السراج، الأسبوع الماضي، رئيس دولة تركيا رجب طيب أردوغان، الراعي الرسمي لجيوش المتطرفين فى المنطقة العربية.
يريد السراج أن يطيل عمر بقائه فى حكم طرابلس الغرب، بأي ثمن كان، ومنع الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، من الدخول إلى العاصمة. بينما يريد أردوغان أن يعزز نفوذ الدولة التركية فى شمال أفريقيا ومواصلة الضغط على الدولة المصرية.
لقد تلاقت أهداف السراج وأردوغان. وقبل الخوض فى التفاصيل ينبغي الإشارة إلى أن من قام بتنظيم استقبال الحاكم التركي للسراج فى أنقرة، هو التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين. وتم تداول الفكرة لأول مرة فى العاصمة القطرية الدوحة بواسطة القيادي الإخواني الليبي فى التنظيم الدولي، على الصلابي.
وجرى تكليف الصلابي، من الدوحة، بالانتقال إلى أردوغان الذي يطلق عليه قادة التنظيم من الليبيين والمصريين والجنسيات الأخرى، لقب “أمير المؤمنين”، وذلك لإقناعه باستقبال السراج. وكعادة راعي الإرهابيين فى المنطقة، بدأ أردوغان يبحث عما سيحققه من مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية فى حال استقبال السراج فى تركيا. وفرش التنظيم الدولي لجماعة الإخوان البساط الأحمر لاستقبال السراج فى قصر الحكم التركي، مع وعود من التنظيم لأردوغان بأنه يمكن أن يحقق ما يريد من السراج. فقد أصبح حاكم طرابلس يعيش فى عزلة رغم أنه منصَّب فى موقعه منذ مطلع 2016 من جانب الدول الغربية التي تسيطر على قرارات الأمم المتحدة.
الدول الغربية، خاصة إيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا، غير قادرة على حسم موقفها سريعا من استمرار أو عدم استمرار السراج ومجلسه الرئاسي فى طرابلس. ويشعر السراج بهذا الخلاف الدولي، ولهذا لديه اعتقاد بأنه أصبح منبوذا من كثير من بلدان العالم. وأنه مع الميليشيات الجهوية والمتطرفة التي يعتمد عليها، لن يكون قادرا على وقف زحف الجيش الوطني إلى طرابلس.
تلقف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان هذه الظروف الصعبة التي يمر بها السراج. ومع تراجع عدد أصدقاء حاكم طرابلس ومع غضب كثير من دول العالم من اعتماده على جماعات إرهابية، بدأ تنظيم الإخوان والتنظيمات المتطرفة التي ترعاها تركيا وقطر، تفتح الأبواب أمام السراج، لكي يرتمي فى أحضانها، ولكي تفعل به ما تريد بعد ذلك.
تنظيم الإخوان وتنظيم داعش وتنظيم القاعدة، فى ليبيا، لايفضلون السراج، لكنهم يستعينون به كغطاء سياسي وغطاء قانوني للأنشطة التي تقوم بها تلك التنظيمات الإرهابية سواء كانت من جنسيات ليبية أو غير ليبية. وبعد امتصاص آخر قطرة من دم السراج، سوف يقومون بإلقائه فى البحر.
ماذا حدث بين السراج وأردوغان. لقد كان راعي الإرهاب فى المنطقة غاضبا من الاتصالات والتفاهمات التي تجري بين كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومعروف أن مصر والولايات المتحدة الأمريكية يريدان إنهاء الفوضى فى ليبيا، حتى ينعم الشعب الليبي وشعوب المنطقة بالاستقرار. وهذا ما لا يريده أردوغان.
على مستوى الاستفادة السياسية، يحاول أردوغان إقناع السراج لكي يغض الطرف عن تهريب عشرات الإرهابيين المصريين الخطرين من سجن كتيبة الردع التي يعتمد عليها السراج فى طرابلس.
ويوجد سجن الردع فى منطقة إمعيتيقة داخل العاصمة. والإرهابيون المصريون الموجودون فى السجن، هم من جماعة أنصار بيت المقدس. هدف أردوغان هو أن يتوجه هؤلاء الإرهابيون إلى مصر من أجل زعزعة الأمن فيها، وارتكاب مجازر بحق المصريين.
باختصار يريد أردوغان أيضا أن يظهر نفسه أمام الروس والأوربيين والأمريكيين أنه ما زال يمسك بأوراق ضغط انطلاقا من ليبيا الغنية بالنفط، لكي يفاوض بها فى مناطق أخرى لمصلحة حزبه الحاكم.
على الصعيد الاقتصادي، استغل أردوغان حاجة ميليشيات السراج الجهوية والإرهابية لمزيد من الأسلحة. لقد عقدت حكومة السراج اتفاقيات على شراء أسلحة بمليارات الدولارات من تركيا بالمخالفة للقرارات الدولية التي تحظر بيع السلاح لليبيا منذ 2011. لكن أردوغان فعلها. ولم يكتف أردوغان بهذا، بل احتجز باقي شحنات السلاح، وطلب زيادة السعر من السراج بنسبة 30 فى المائة، كأي تاجر حرب مستغل للظروف. وحين أخبره السراج أن الأموال التي لديه فى المصرف المركزي الليبي لا تكفى لهذه الزيادة، كانت الخطة التركية جاهزة: اعطونا “نفط خام”. وبالفعل بدأ التنظيم الدولي لجماعة الإخوان من داخل ليبيا ومن خارجها فى تنسيق أكبر عملية سرقة للنفط الليبي لصالح أردوغان، انطلاقا من ميناء الزاوية الواقع فى غرب طرابلس. هذا يجري بعلم السراج وبعلم وزير داخليته ووزير دفاعه، وبعلم مسئولين آخرين فى المجلس الرئاسي وفى الحكومة الليبية. استغل الإخوان ومعهم جماعات متطرفة، وجودهم فى المؤسسة الوطنية للنفط وفى المصرف المركزي، وفى شركات نفطية عامة، وتستروا على سرقة نفط تبلغ قيمتها حتى الآن ما لا يقل عن 1.3 مليار دولار. وما زالت عملية النهب مستمرة حتى الآن بعلم الدول الغربية وأجهزة مخابراتها العاملة فى غرب العاصمة الليبية.
أمنيا، وفى الوقت الراهن، يقوم أردوغان وبالتنسيق مع أذرع التنظيم الدولي للإخوان وباقي التنظيمات المتطرفة، بتحريك الخلايا الإرهابية النائمة فى ليبيا، من أجل عرقلة تقدم الجيش فى طرابلس. وهذا أيضا يجري بعلم كثير من قيادات المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق. فكلما تمكن الجيش الوطني من تحقيق انتصارات قامت الخلايا النائمة من تنظيم داعش وغيره، بتنفيذ عمليات هنا وهناك، سواء ضد الجيش أو ضد المدنيين.
تكفى نظرة فاحصة للسلوك التركي فى ليبيا وفى المنطقة العربية، لتعرف إلى أي حد كانت تركيا دائما تعمل لمصالحها الخاصة، سواء فى أيام الخلافة الغابرة أو فى هذه الأيام حيث يحلم أردوغان مرة أخرى للعودة لحكم الليبيين وكثير من بلدان العرب بالترهيب والفوضى.

عبد الستار حتيتة

التعليقات متوقفه