المطر على أيامنا لـ”حسين دعسة”

يسر جريدة الأهالي أن تقدم لقرائها صفحة إبداعات تواكب الحركة الأدبية المعاصرة في مصر و العالم العربي و الترجمات العالمية ..وترحب بأعمال المبدعين و المفكرين لإثراء المشهد الأدبي و الانفتاح على تجاربهم الابداعية..يشرف على الصفحة الكاتبة و الشاعرة/ أمل جمال . تستقبل الجريدة الأعمال الابداعية على الايميل التالي: Ahalylitrature@Gmail.Com

365

قصة قصيرة

المطر على أيامنا

حسين دعسة/ الاردن   

لم يدرك ما حدث، قبل زوجتة المرأة الصابر، بكى العجوز، فقد اتعبها وهو يحاول اسعادها ،يحس بحاجته إليها، لكن الحال لا يبهج قلبه

حدث نفسه ان الحب لا يأتي مع التعب والقلق والجوع،احس بالذنب، فقد طلب من ابنه الوحيد الذهاب لجلب الحطب، فالموقد يكاد يذوي، وخشب الشتاء عزيز، ما ان خرج الصبي، نزع ملابسه واندس بجانب العجوز، خاب وشعر بالأسى وناحت العجوز، فقد تاهت حركاتها في محاولة لنيل بهجة بعيدة

لملم أحزانه، خرج على صوت هطل المطر، يشتد، ويفيض سيل القرى المحاذية لجبل السرو والصنوبر،يتنهد الرجل على خوف،يضطرب قلبه، فقد احس بالتلاشي أمام جسد العجوز التي بكت تلك الأيام التي كان يفيض جسدها بالمطر والدفق الدافئ

تذكر، رغم صخب ساعته ان ابنه خارج البيت، تعود الصبي اخذ سلاحه وبلطة أثرية ليحتطب أعلى الجبل

وقف يحس لسع البرد، يتحسس عضوه ويخاف غدر ضياع نشوته

مشى في متاهته، نظر إلى هيام الناس وهياج اهل القرية، هول السيول المتلاحقة، جعل عيونه تزوغ، تذكر الصبي، عندما مد يده يتفقد ما سحبه السيل من ملابس وحاجات وأسرار، صرخ العجوز :

-هذا قميص ولدي

هدير الرعد أمات صوته

هاج الناس وتشردت احوالهم,فقدوا أغنامهم وذوت آخر الجمرات سريعا

تاهت العجوز، تأكل أحزانه، تنتابها نوبة صرع من فقدان سندها وابنها، تلاطمت السيول حول براكية تكشفت وبدأت تتهاوى

صباح اليوم التالي، خرجت تجرجر ثوبها المقدد، فقد لطمت وشقت ثوبها ، احست بالموت يطوق حياتها، فى سرها رأت نهايات مؤلمة، لم تكن تحلم، ترتجف، تنخر مساماتها رائحة المطر والبرد.

وصلها من عاين وقائع تلك الليلة ،مات سترها والصبي سحبته السيول إلى تلك الأودية التي تعيش في كهوفها الجنيات الحمر

نظرت إلى غيم اسود، غيم عنيد استقر فوق رأسها الاشعث، لا تراب تهيله على حظها الأثر

رأتهم يتجمعون حولها، النساء أصابهم غم وهم عتيق، الرجال خابت اسلحتهم، عيونهم تتلصص على مسامات جلد ازرقت خرائطه من برد وكصيب شل العجوز التي تتمرغ بالطين

صرخت، لطمت الطين بالطين، نادت بتوسل العارف :

-خذيني يا جنيات الغيم،اغسلي روحي، وسأكون خادمة الريح وأنيس السيل الذي لا تضيع ودائعه

التعليقات متوقفه