هشام بيومي يكتب :سر سقراط

5

**هشام بيومي يكتب :سر سقراط
هل شعرت يوما أنك تائه ويائس من كل شيء في هذه الحياة، هذا الشعور يجعلك تحس بالتوتر والقلق والحزن واللامبالاة، كأنك تعيش في بحر من الظلمات لا مخرج منه أنه تدمير للذات وتدمير للقدرات العقلية والجسدية، فعند إصابتك بهذه السلبية فأنت حتما مصاب بفقدان الثقة بالنفس الشيء الذي يدفعك إلى العالم المجهول بكل سلبياته، من إدمان وفساد وحتى الانتحار.
لا تحزن يا صديقي واجعل ثقتك بنفسك هي المعيار الذي يجب إتباعه ولا تخف من الفشل وحتى إن سقطت انهض مجددا وتابع سيرك ولا تجعل ثقتك بنفسك تتحطم من شبح الخوف، كافح وصارع وقاوم من أجل البقاء. والحياة معركة حقيقية، لذا لا تفكر في الهزيمة بل فكر دائما في الانتصار، ولا تفكر في السلبيات، طور مهاراتك العلمية والعملية وحاول دائما العمل علي عوامل ضعفك وحولها إلى نقاط إيجابية.
من أهم المهارات التي يجب العمل على تطويرها هو التفاوض الذي يعتبر جزء أصيل من حياة الإنسان. لدرجة أنه يمكن القول أن الإنسان كائن مفاوض فهو في حالة مفاوضات دائمة، سواء كانت على أمور صغيرة أو على قضايا كبيرة، في البيت يتفاوض مع أفراد الأسرة حول المكان الذي سيقضون فيه العطلة الصيفية وأشياء أخرى تتصل بحياتهم، وخارج البيت يجد نفسه في مواجهة أنواع شتى من المفاوضات التي لا تنتهي فقد تكون ذات طابع رسمي تتصل بالعمل مباشرة أو قد تكون غير رسمية تتصل بالصداقات والعلاقات الاجتماعية، ومهما كان مستوى التفاوض، فأنه يحتاج من الإنسان قدرات ومهارات تعينه علي مختلف المستويات، ومن الخطورة عدم إدراك الإنسان أنه في وسط موقف يقتضي منه حسن التصرف والتفاوض بمهارة وإن حدث ذلك فأنه لن يستطيع تحسين النتائج لصالحه.
ومن أهم الأمور أثناء التفاوض بداية الحديث مع الطرف الآخر، لا تبدأ بمناقشة الأمور التي تختلفان حولها بل ابدأ بالتركيز على الأشياء التي تتفقان بشأنها… ثابر قدر إمكانك بالتأكيد على أنكما تسعيان إلى النتيجة ذاتها وإن الفرق الوحيد بينكما يكمن في الوسيلة وليس الهدف. يقول البروفيسور أوفر ستريت: أن الجواب السلبي هو أصعب معضلة يمكن التغلب عليها حين يقول الانسان (كلا) جميعا يملك كبرياء يتطلب منه أن يبقى مُصر على رأيه.
أثناء التفاوض المتحدث البارع هو من يحصل منذ البداية على الأجوبة الإيجابية، فهو بذلك يحرك العمليات النفسية في المستمع إلى الناحية الإيجابية.
كان سقراط الفيلسوف اليوناني فتى لامعا حين كان عمره أربعين فعل شيئا لم يستطع حفنة من رجال التاريخ فعله، فقد غيّر مجرى تفكير الإنسانية، والآن بعد أكثر من أربعة وعشرين قرنا من وفاته يُحتفل بذكراه على أنه أعقل المقنعين الذين استطاعوا التأثير بهذا العالم المتشابك.
فما هي طريقة سقراط؟… هل كان يخبر الناس أنهم مخطئون؟… لا، أنه أعقل من ذلك، ترتكز طريقته على استدراج الشخص الآخر لقول (نعم) فكان يسأل أسئلة تجعل محاوره يتفق معه في الرأي، فكان يكسب الموافقة إثر الموافقة حتى يحصل على شوال من أجوبة (نعم) ويلقي بالأسئلة حتى يجد محاوره نفسه قد عانق النتيجة التي كان يرفضها منذ دقائق قليلة.
في المرة القادمة عندما تدخل عملية تفاوض تذكر سر سقراط واسأل أسئلة لطيفة، أسئلة تستدعي الإجابة بنعم.
لدى الصينيين قول مأثور يحفل بحكمة الشرق (من يخطو بلطف يسر طويلا).

التعليقات متوقفه