“منصات التواصل الاجتماعي” الغرف المغلقة للجماعات الإرهابية:أفكار دينية مغلوطة .. واستقطاب للشباب.. ودعوات لعمليات انتحارية
مفتي الجمهورية: المواجهة الفكرية تقضي علي ظاهرة الإرهاب والتطرف..عبدالرحمن الصاوي: الشباب يفتقد لتعاليم الدين الصحيح لتراجع التعليم والثقافة..حسام صالح: حجب المواقع غير مجدٍ والتوعية أهم
اعتمدت الجماعات الإرهابية على التطور التكنولوجي في بث أفكارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم العمل على استقطاب عدد الكبير من الشباب، الأمر الذي وصفه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، والمؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء، بالغرف المغلقة للجماعات الأمر الذي يهدد أمن المجتمعات واستقرارها، مطالبين بضرورة تكاتف الدول لتوفير منصات للخطاب البديل يكشف خطورة التطرف، ويقدم بدائل وحلولا لمشكلات الشباب.
قالت وحدة الرصد الفرنسية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إنّ الثورة الرقمية التي يشهدها العالم الآن، وانتشار الهواتف الذكية وما تحتويه من تطبيقات مشفرة سهّلت للأشخاص التواجد والتفاعل المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في صناعة التطرّف، وكان العامل الرئيس في ذلك تلك المنصات التي غزت كل بيتٍ وحدبٍ وصوب.
وأضافت في تقرير أصدرته بعنوان “منصات التواصل الاجتماعي.. ودورها في صناعة التطرّف”، أنّ الاهتمام البالغ الذي تحظى به تلك المنصات من قِبل روادها، أصبح من أخطر التهديدات الفِكرية والأمنية التي تُعانى منها جميع البلدان، وذلك بسبب شغف الشباب بكل ما هو جديد، وسرعة تأثرهم بالأحداث المختلفة، علاوة على ضعف خبراتهم الحياتية والثقافية، ما يجعل لتلك المنصات تأثير شديد على أمن المجتمعات واستقرارها؛ حيث يتم من خلالها استقطاب العديد من الشباب لتنفيذ هجمات إرهابية ضد بلدانهم ومجتمعاتهم”.
وخلصت الوحدة إلى أنّ “منصات التواصل الاجتماعي” قد أصبحت مصدر قلق وخطر يُهدد أمن الدول والمجتمعات واستقرارها، وهدفًا لتحقيق أغراض سياسية أو دينية أو عِرقية، وهو ما يتطلب ضرورة التكاتف بين الدول كافة لوضع وتنفيذ إستراتيجية تحمي الشباب من هذا الخطر الداهم، والتصدّي للحملات الإلكترونية المُوجّهة التي تستهدف في المقام الأول تدمير فِكر الشباب، الذي تُعوّل عليه كل دولة في تقدمها وريادتها.
في الوقت نفسه أكد المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء، أن التنظيمات والجماعات المتطرفة باتت تعتمد في تنفيذ عملياتها الإرهابية على فتاوى وتعليمات لقادتهم تُنشر عبر أدوات و”جروبات” اتصال مشفرة تشبه الغرف المغلقة بين أعضاء تلك الجماعات، مثل برنامج “التليجرام” وأدوات اتصال مشابهة أخرى.
وأرجع المؤشر أن الإرهابيين يستغلون قواعد الحفاظ على خصوصية المستخدم للتواصل فيما بينهم، ومن أبرز تلك الخصائص، توفير خدمة المحادثات السرية، التي تتيح خاصية تشفير الرسائل ، بحيث لا يستطيع أي شخص آخر التدخل بمن فيهم فريق عمل تليجرام في تلك المحادثات، الأمر الذي يجعلنا نطالب بسرعة المواجهة.
غزو الفضاء الالكتروني
وفي سياق متصل أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن الأفكار الدينية المغلوطة تُعَد من أهم الأخطار التي نواجهها على المستوى المحلي والدولي؛ وذلك لأن التطرف الديني في العادة لا يقف عند حد الفكر المتشدد المنطوي على نفسه القابع في زاويته؛ بل سرعان ما يتطور إلى مرحلة فرض الرأي ثم محاولة تطويع المجتمع بأسره قسرًا لهذا الفكر، ولا سبيل له إلا العنف والإرهاب وسفك الدماء.
وأضاف في مؤتمر “الشباب واستخدام التكنولوجيا في مكافحة الإرهاب والتطرف- الذي نظمته وزارة الشباب تحت رعاية جامعة الدول العربية، أن استعمال الجماعات المتطرفة والإرهابية لكافة وسائل التكنولوجيا الحديثة من تصوير وعرض وغزو لوسائل التواصل الاجتماعي لبث فكرهم المتطرف وجذب المزيد من الشباب المتحمس لدفعهم إلى أتون الحروب والعمليات الانتحارية؛ جعل التطرف والإرهاب يتحول من ظاهرة فردية عشوائية إلى ظاهرة جماعية منظَّمَة تدخل في تحالفات دولية لا تراعي البعد الأخلاقي ولا الإنساني فضلًا عن الديني. ولفت إلى أن هذا التطور قد تسبب في إيجاد حالة من عدم الاستقرار في العديد من دول المنطقة العربية.
وعن أهم آليات مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب أكد المفتي، أن المواجهة الفكرية هي الأهم، حيث ينبغي على المؤسسات المعنية خوض مواجهة جادة مؤسسة على رؤية عميقة ودراسات دقيقة بطريقة علمية حديثة وردود منهجية تتجاوز مرحلة الشجب والخطابة إلى مرحلة الرصد والتحليل ومتابعة تطور هذه الأفكار المتشددة من جذورها التاريخية والاجتماعية حتى وصلت إلى هذا الحد من الشراسة والعنف، ولعل المؤسسات الدينية من أولى المؤسسات التي ينبغي أن تُعنى بهذه المواجهة.
وشدد على أن المواجهة الفكرية الجادة سوف تقضي على ظاهرة التطرف والإرهاب من جذورها، وتدعم جهود الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في كافة دول المنطقة العربية، وسوف توفر علينا كثيرًا من الخسائر في الدماء والأرواح التي تزهق في المواجهات الأمنية أو في العمليات الإرهابية، إضافة إلى ما سوف تؤدي إليه من دفع عجلة التنمية والإصلاح الاقتصادي الذي يعود بالرخاء على الشعوب والأفراد.
سلبيات وإيجابيات
أكد الشيخ طه زيادة وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية، أن وسائل الاتصال الحديثة تعد نعمة أنعم الله علينا بها، في حال حسن استخدامها، خاصة أن لها ايجابيات كثيرة في تيسير الكثير من الأعمال، وتقصير المسافات والوقت.
وشدد على ضرورة معرفة مخاطر وسلبيات هذه الوسائل من الجانب العلمي، وكيف تؤثر على صحة الإنسان، والعلاقات والروابط الأسرية والاجتماعية، كما يجب الالتفات لمخاطرها من نشر الشائعات والأفكار المتطرفة التي تبث من خلالها، مشددًا على ضرورة أن الإنسان واع لما يضره وما ينفعه في كل شئ.
الكُتاب ونظام التعليم الواحد
قال الدكتور عبد الرحمن الصاوي أستاذ الاتصالات بجامعة حلوان، إن مواقع التواصل الاجتماعي لديها من السياسيات والشروط ما يجعلها تحظر المناقشة في الأديان، والأمور السياسية، وبعض الأمور غير الأخلاقية.
وأوضح أن التطور التكنولوجي الهائل له فوائد مذهلة وساهم بشكل كبير في تقليل ساعات العمل، والبحث عن وظائف وإرسال واستلام بعض المواد التعليمية وخلافه.
وأشار إلى أن عدم الاهتمام بمادة التربية الدينية وجعلها غير مضافة للمجموع، ومن ثم الحديث عن إلغائها وتدريس مادة “الأخلاق”، أمر يعقبه فقدان المعلومات الدينية لدي الأجيال الناشئة، لافتًا إلى أن بعض البلدان التي ليس لديها عقيدة “دين” تُدرس مادة الأخلاق، متسائلًا: كيف يمكن إلغاء مادة التربية الدينية وإهمالها ولدينا تعليمات حاكمة؟.
وأكد الصاوي، أن الشباب يفتقد إلى تعاليم الدين الإسلامي الصحيح نتيجة تراجع دور التعليم والثقافة، وإلغاء الكتاتيب التي كانت تنشر الإسلام الصحيح وتعمل على تحصين الأجيال الناشئة، الأمر الذي يجعلهم يرفضون أية أفكار تعارض الفكر الوسطي الذي تربوا عليه.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالمناهج الاجتماعية وطرق التفكير والتأسيس التعليمي الجيد، والنظر إلى المناهج وما يُدرس فيها.
وتابع أن مناهج المدارس الأجنبية تعتمد على وجهة نظر غربية ما يؤدي إلى خلق نوع من الانفصال الفكري بين طلابها وطلاب المدارس الحكومية والخاصة، مطالبًا بضرورة إلغاء تعددية التعليم والاكتفاء بنظام تعليمي واحد.
الشركات المنتجة
بينما قال حسام صالح الخبير التكنولوجي، إن الجهات التي حظيت بهذه المعلومات وأكدت خطورة تلك المواقع عليها وان تعلن أسباب ومواجهة تلك الأزمة، قائلًا: ليس هناك وسيلة اتصال آمنة بنسبة 100% ، خاصة أن كل وسيلة لها طريقة التأمين الخاصة بها والتقنيات التي تستخدمها.
وأضاف صالح، أن مواقع التواصل الاجتماعي تختلف عن بعضها في طريقة الرصد من وسيلة لوسيلة أخرى حسب الإمكانيات المتاحة لدي السلطات المعنية بهذا الأمر في كل دولة، وتواصلها مع الشركة المنتجة كون هذه الشركة هي المسئولة عن سرية المعلومات المتداولة عبر هذا التطبيق.
وبين أنه ثبت أن حجب المواقع غير مجدٍ في العالم كله، خاصة بعد أزمة القضية المثارة منذ عام 2004 الخاصة بحجب المواقع الإباحية، وصدر بشأنها أحكام قاطعة ونهائية، ورغم ذلك لم تحجب، الأمر الذي يؤكد أن القرار بيد الشركة المنتجة، موضحًا أن العالم المفتوح وتشابك الشبكات المختلفة والتطور التكنولوجي الهائل وغياب المعلومات الخاصة ببثها من أي دولة، يصعب على الجهات المعنية السيطرة على تلك المواقع.
وشدد صالح على ضرورة نشر التوعية التي تعد الوسيلة الأولى للخروج من المأزق وحماية الشباب من الوقوع في براثن التطرف، كونها توجه الأجيال الناشئة من اختيار المواد المتاحة على الإعلام الرقمي، وقبولها أو رفضها.
برامج توعية
في حين طالب محمد حسن الخبير التكنولوجي بضرورة بث برامج توعية عبر السوشيال ميديال وشاشات التليفزيون، لنشر الفكر الإسلامي الصحيح وحماية الشباب من الوقوع في براثن التطرف، وعدم الانسياق وراء أية أفكار تخالف آراء المؤسسات الدينية الرسمية التي تُعلم العالم أجمع وسطية واعتدال الدين الإسلامي.
وشدد حسن على ضرورة تفعيل دور الثقافة والفن للتصدي لكافة أشكال التطرف والتي يتم بثها عبر لوسائل المختلفة.
التعليقات متوقفه