د جهاد الحرازين يكتب:من نكبة عام 48 إلى نكبة الضم .. وما بينهما من نكبات تبقى فلسطين

767

من نكبة عام 48 إلى نكبة الضم .. وما بينهما من نكبات تبقى فلسطين
*بقلم د .جهاد الحرازين

تمر الذكرى الثانية والسبعون لما حل بالشعب الفلسطينى والمنطقة العربية من نكبة بل كارثة كبيرة ترتب عليها الكثير من المآسي والعذابات واقامة الكيان المسخ على الأرض الفلسطينية فكل فلسطينى وعربى وحر بهذا العالم يقف مشدوها امام فظاعة وبشاعة تلك الجرائم التى ارتكبت عام 48 على أيدي العصابات الصهيونية وما زالت ترتكب حتى يومنا هذا من قبل قوات الاحتلال الغاصب والمجرم فاستغلت تلك العصابات حالة التغاضى والدعم البريطانى لها تنفيذاً للوعد المشؤوم الذى أطلقه بلفور عام 1917 بإقامة وطن قومى لليهود بفلسطين.
وشاءت الأقدار ان تنتدب بريطانيا على فلسطين، وفق المخطط السابق والمسمى باتفاقية سايكس بيكو، لتنفذ بريطانيا وعدها بالسماح بقدوم الهجرات اليهودية الى فلسطين عبر الوكالة اليهودية والحركة الصهيونية، والتى مارست كل الوسائل لدفع اليهود للهجرة الى فلسطين، واخذت بتسليحهم ومنحهم الامتيازات والأراضي، ومعاونتهم فى عمليات القتل والتهجير للفلسطينيين، الى ان كانت ساعة الصفر بأن تمكنت تلك العصابات من تنظيم نفسها وبسط السيطرة على أجزاء كبيرة من الأرض الفلسطينية، لتكون الخطوة التالية والتى أعلن بموجبها عن انهاء الانتداب على فلسطين والإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى إثر هذا الإعلان كانت المواجهة، وتجسدت الجريمة الصهيونية البشعة فى المجازر وعمليات القتل والسلب والنهب والطرد والاستيلاء والتهجير والتشريد، تحت وطأة القتل والتعذيب، لتقتحم تلك العصابات القرى وتقتل أهلها وتدمر بيوتها، فدير ياسين شاهدة وكفر قاسم وأكثر من 400 قرية فلسطينية دمرت وكأن الجريمة والقتل جزءًا من العقيدة والايديولوجيا التى يحملها هؤلاء، فليس لديهم معرفة سوى بالقتل والتعذيب والسلب والنهب، فكانت الكارثة ليهجر ويشرد ويشتت الشعب الفلسطينى الى مخيمات اللجوء فى قطاع غزة والضفة والأردن ولبنان وسوريا ومصر وفى كل أصقاع الأرض حلت بهم الكارثة.
ووقف الاحتلال بدعم غربى على أنقاض البيوت المدمرة وعلى أشلاء القتلى ليعلن دولته المغتصبة للحقوق والمجرمة بحق الشعوب، فأرادت هذه الدولة وعبر رئيسة وزرائها جولدا مائير من تصدير المقولة التى تقول: “الكبار سيموتون والصغار سينسون”، ولكن يبقى الشعب الفلسطينى بقواه الحية وبمساندة أمته العربية وأحرار العالم صامدًا مواجهًا لغطرسة المحتل وصلفه لتتجدد المواجهة يومًا بعد يوم، وتستمر المعركة، معركة الوجود أو اللاوجود، بعمليات فدائية قادتها الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح ومنظمة التحرير عبر فصائلها الوطنية لتقلق مضاجع الاحتلال فى كل شبر ومكان من الأرض المحتلة.
وتتجدد أحلام الصهاينة بدولتهم الكبرى الممتدة من النيل للفرات، فكان هناك عدوان 1956 ومن ثم نكسة حزيران 1967، الى ان كان الرد فى أكتوبر 1973، ليدرك الاحتلال بأن أطماعه لا بد وان تتوقف وبأن هناك يدًا تلقنه الخسائر تلو الأخرى، وتواصلت العمليات الفدائية المنطلقة من دول الجوار مزعزعة استقرار العدو، ويلقن الدرس الآخر فى بيروت عام 1982، ومن قبلها فى الكرامة بالأردن، وصولا لانتفاضة الحجارة والعودة إلى أرض الوطن لتشتد المواجهة مرة أخرى، ولكن هذه المرة من أرض الوطن، ويقف الاحتلال مشدوها امام حالة الصمود والاشتباك التى تجسدت بشكل يومى فى القدس والضفة وغزة.
وإلى ان كانت النكبة الأخرى بوقوع انقلاب حركة حماس فى غزة عام 2007، والذى أثر سلباً على القضية ومستقبلها وأصبح وصمة عار تلاحق من قاموا به والذى يستمر حتى يومنا هذا فاصبح الانقسام مصلحة إسرائيلية بل عملت دولة الاحتلال للحفاظ عليه وتغذيته والابقاء عليه لأنه يمنحها الذريعة لغياب موقف فلسطينى موحد ليصبح الملعب السياسى الفلسطينى فى قطاع غزة مرتعا للكثير من الأجندات الخارجية.
وتستغل إسرائيل ذلك لتواصل الاستيطان والتهويد والاقتحامات والاعتداءات إلى أن جاءت تلك الطروحات المسماة بصفقة القرن لتقدم من خلالها الهدايا تلو الأخرى لدولة الاحتلال ولنتنياهو مرة بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة لها ومرة أخرى بمحاولة إنهاء قضية اللاجئين، ومرة ثالثة بشرعنة الاستيطان، ومرة رابعة بالحصار والقرصنة على أموال الشعب الفلسطينى، ومرة خامسة بحماية جرائم الاحتلال بالأروقة الدولية، وسادسة بصفقة أبطالها ترامب ونتنياهو والفريق المتصهين كوشنير وجرينبلات وفريدمان وتقديم الاغراءات المالية غير مدركين بأن القضية هى سياسية وطنية وليست إغاثية أو إنسانية وصولا للمخطط الكبير الذى يستهدف أراضي الضفة الغربية بعمليات الضم للأغوار والمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية لقتل حل الدولتين وأية فرصة لإقامة دولة فلسطينية حتى يتبجح فريدمان سفير واشنطن بإسرائيل ليقول لن تكون هناك دولة فلسطينية الا اذا اصبح الفلسطينيون كنديين.
ولكن دوما يبقى الرهان على شعب عشق الحرية ولم ينس القضية وحلم بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، فبرغم النكبات المتلاحقة تبقى الهوية، وتبقى فلسطين عنوان القضية “ما ضاع حق وراءه مطالب “.

التعليقات متوقفه