حقيقة لا تحتاج إلى جدال:الإعلام المصري رأس الحربة في 30 يونيو وكلمة السر

كشف عيوب الإخوان وقام بتهيئة الرأى العام للمقاومة

61

ليلى عبد المجيد: كان موقفا شجاعا من حيث النقد والمقاومة للأفكار والسياسات
محمود علم الدين: كانت هناك محاولات لإسكات الأصوات وخطف الإعلام في اتجاه دولة غير وطنية
محمود خليل: الإعلام أبرز الصدمة الثقافية التي شعر بها المواطن وقت الإخوان

تحقيق: نسمة تليمة
مجموعة من المشاهد التي إذا ما وضعناها بجوار بعضها البعض كونت معادلة ليست ببسيطة، ساعدت في تغيير المشهد وقتها وتحويله الى مشهد جديد، بداية من ظهور الرئيس الاخواني محمد مرسي داخل ميدان التحرير بعد إعلان فوزه بالرئاسة وظهوره بعدها على شاشات التليفزيون وهو يجيب على أحد التساؤلات عن الإعلام المصري وضيقه حول السؤال مرددا أنه لم يفعل له شيئا، وأنه لديه الكثير من الملاحظات، ومشهد أخر لتهديدات شفوية من بعض القيادات الإسلامية للإعلاميين المصريين، ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي وتهديد الضيوف، وضع مشانق على أسوارها بدمي وأسماء لبعض الإعلاميين، خيام منتشرة هنا وهناك، بجانب محاولات ردع المعارضين عن النزول في مظاهرات 30 يونيو، واغتيال صحفيين مصريين أثناء تغطية تلك المظاهرات منهم الحسيني أبو ضيف، عودة الى أهمية وسائل الاعلام القوة الناعمة التي لا يمكنك يوما ما مهما حدث أن تراهن على محاولات استقطاب من اى نوع.
الإعلام أصر على كشف العيوب المصاحبة لوجود الاخوان على رأس السلطة بجرأة كبيرة للخلاص من حكمهم، ثم كان دوره فى التوعية بخطورة حكم الفاشية الدينية وشرح بالتفصيل كل الأخطاء والخطايا التى إرتكبوها وخطورة هذه الأخطاء الجسيمة على مستقبل مصر وشعبها، ومن هنا ظهر دور الإعلام فى تهيئة الرأى العام بضرورة مقاومة حكم الإخوان، وهذا ماحدث حيث تم تعبئة المواطنين بعد ذلك على مقاومة النظام وإزالته من خلال المظاهرات والاحتجاجات والمقاومة الشعبية.
تأثير خطير
يقول د. محمود علم الدين أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة أن الاعلام كان ضمن رؤوس الحربة في ثورة 30 يونيو، وأن تأثيره كان خطيرا بلا شك، حين أدرك الاعلاميون المأساة التي يمكن أن تحدث والخطر المحيط بهم لوجود الأفكار المتطرفة فى المشهد وعلى رأس السلطة، من خلال حكم الإخوان المسلمين، حيث هناك محاولة لإسكات أي صوت وخطف الإعلام فى اتجاه دولة غير وطنية، وتغيير الهوية المصرية، القائمة على الوحدة والتماسك والسلام، لذا أثناء التجهيز للثورة تعرض الإعلام الى ضغوط وتنكيل ومحاولات الضغط ومنها مشاهد حصار مدينة الانتاج الاعلامي الشهيرة من قبل أنصار الإخوان، وأضاف ” علم الدين ” فى تصريحاته للأهالي، أنه حتي يستمر الدور الذى يقوم به الإعلام المصري يحتاج الى نوع من الاستدامة وتنويع المداخل الإقناعية لمقاومة الأفكار المتطرفة، وزيف حملات الإخوان المستمرة بنسبة ما الى الآن، وأن الاعلام مازال بحاجة الى تطوير، وتغيير الفورمات الفنية التي يتعامل معها.
هوية المجتمع
وقالت د. ليلي عبد المجيد عميد كلية الإعلام الأسبق إن الاعلام المصري منذ بداية حكم الإخوان كان له موقفا شجاعا، من حيث النقد والمقاومة للأفكار والسياسات المتمثلة فى تغيير هوية الوطن وسياسات التقسيم، والخطط الموضوعة وأبرزها وقتها ما كان يحدث فى سيناء، وصلاحيات الرئيس داخل الدستور الذى يسمح له بالتنازل عن الأرض، وتضيف” عبد المجيد” أنه لولا وعي الإعلام المصري، منذ اللحظة الأولى وعدم خوفه فى الوقت الذى يعلق البعض فيه صور الإعلاميين المصريين على المشانق، فى محاولة للتخويف، والإرهاب، ومحاصرة مدينة الانتاج الاعلامي والاعتداء على بعض المذيعين والضيوف، بخلاف ما كان يحدث فى التليفزيون، وظهور شخصيات منافقة وإرهابية على الشاشة لما تغيرت الكثير من الأشياء.
كما أضافت أستاذ الاعلام أن الاعلام على مدار تاريخه له مواقف مشرفة منها فى الخمسينيات والستينيات وبعد 1967 ووقت حرب أكتوبر، وجميع معاركه تنحاز الى الوطن ولكن معركته الأخيرة وقت 30 يوينو كانت شديدة الأهمية، وأثرت أيما تأثير، لأنه التهديد هذه المرة كان حقيقيا وكبيرا، لكنه لم يستسلم، وهو الاعلام الذى تضمن صحافة وتليفزيون وإذاعة فلا ننسي شهداء الصحافة المصرية فى ذلك الوقت مثل الحسيني أبو ضيف وميادة أشرف.
وقالت أن كثيرا من الإعلاميين دفعوا أرواحهم ثمنا للحالة وقتها، وبعضهم ظل على قوائم الإغتيالات لفترة طويلة، وكان يدفعون أرواحهم ثمنا فى حالة استمرار تلك الجماعة، وبالتالي كان دور الاعلام حاسما وشجاعا، لأخر لحظة وظلت الشاشات تأتي بالميادين فى كل مكان من مصر، وترصد حالة الغضب والمشاركة فى 30 يونيو، وهو الدور المفترض للاعلام من كشف الحقائق والزيف ينقل كل ما يحدث بشجاعة.
ورأت أن لاستمرارية دور الاعلام فى مواجهة التطرف نحتاج الى تكامل الأدوار ما بين المؤسسات الثلاث الاعلام والثقافة والتعليم، حتي نصل الى نتيجة جيدة لمنع تلك الأفكار من جذورها، ومعالجة هذا الفكر، وبالتالي يحتاج الخطاب أن يكون موحدا، لأننا حتي الآن لم نصل الى الأسلوب المفترض لمعالجة أفكار تكونت خارج بلادنا وأستوردها أحدهم إلينا .
صدمة ثقافية
فيما أكد د. محمود خليل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن صعود الإخوان الى الحكم فى 2012 سواء على مستوى الرئاسة أو البرلمان أحدث لدي المواطن المصري نوعا من الصدمة الثقافية، لأن المواطن وجد من يأتى بشكل وخطاب مختلف عليه، أضف الى ذلك أن كثيرا من رموز التيار الحاكم الإسلامي بدأ الحديث عن الفن والفنانات والشواطئ الخاصة بالمحجبات وغيرها وهى أمور صدمت المواطن ولكن من ابرز هذه الصدمة الثقافية هو الاعلام المصري ووضعها فى إطارها وقدم التيار الاسلامي الحاكم فى مواجهة مع الاسلام الوسطي للشارع المصري.
وأضاف د. محمود فى تصريحاته ” للأهالي” أن الاعلام وضع يديه على جوهر المشكلة حين ركز على جملة المشكلات التي عجز مرسي عن حلها مثل البنزين والكهرباء وغيرها والتي تماست مع صميم حياة المصريين وقدم الإعلام هذه المشكلات وفشل السلطة فى حلها، ووقتها كان مازال زخم ثورة يناير قائما، وسهل أن يتحرك الناس ضد حكم فاشل، إضافة الي أن الاعلام قام بتغطية الانتفاضات الشعبية ضد الإخوان، وانزعاج المواطن من التعديلات التي حدثت فى الدستور المصري وقتها، وحدوث مظاهرات أمام الاتحادية، وارتكن الاعلام وقتها حسب وصف د. خليل الى ان مؤسسات الدولة جميعها فى خصومة مع جماعة الإخوان، وعبأ الإعلام الرأي العام للنزول فى 30 يونيو، ومن هنا علينا أن نتفق أنه كان حاضرا بقوة .

التعليقات متوقفه