أبوسيف يوسف..بقلم: خالد محيى الدين

0

**أبوسيف يوسف..بقلم: خالد محيى الدين
أبوسيف يوسف.. من الشخصيات التي أحببتها وبهرتني في مسيرة النضال الطويلة، والصداقة عند أبوسيف يوسف شيء مهم فهو يقبل أن تكون صديقه حتى لو كنت مختلفا معه في الرأي.
وعندما جرت حملة الاعتقالات في أول عام 1959، استطاع أبوسيف أن يفلت من الاعتقال، ليواصل نضاله السرى، وألتقيت به عدة مرات خلال تلك الفترة التي كان يختفى فيها لكي يستطيع قيادة النشاط.
تكرر اللقاء عدة مرات، وكنا قد اتفقنا على أن يكون الموعد في الخميس الثاني من كل شهر، وفي أحد الأيام، توجهت إلى المكان المتفق عليـه- وهو مقهى في الإسكندرية- في الموعد المحدد، ولكنه لم يحضر. وعلمت بعد ذلك أنه قد اعتقل.
كان أبوسيف يوسف يمتلك ميزتين رئيسيتين:
الأولى: قناعته العميقة بالاشتراكية، وأنها العلاج الأكثر فاعلية لمشكلات الفقراء في العالم، والتي تتفق مع أماني محبي العدل والحرية والسلام.
والميزة الثانية: إنه، كقائد سیاسی، لا يرفض الحلول الوسط، وتصور البعض ممن ينتمون إلى الحركة الاشتراكية إنه يميل إلى المهادنة، بسبب استعداده لقبول الحلول الوسط، وكانوا على خطأ في هذا التصور، فالحقيقة أن أبوسيف يوسف لم يكن يتخذ مواقف المهادنة قط.
ففي القضايا الفكرية والبرامج السياسية التي يدافع عنها.. كان حاسما وقاطعاً.. وفي مقدمة الصفوف، ولكنه كان يعرف بالدقة معنى وأبعاد التفاهم الاستراتيجي والتفاهم التكنيكي.
وبالمرونة في النظر إلى الحلول الوسط جعلته يشتهر في أوساط الحركة التقدمية بقدرته على تحقيق النتائج المطلوبة بالطرق الممكنة والمتاحة.
لقد دافع عن الاشتراكية طوال حياته، وكان يضع خطا فاصلا بين الحلول الوسط والاستسلام.
ووقع البعض خطأ كبير عندما ظنوا أنه مقبوله للحلول الوسط.. قد يميل إلى قبول التنازلات. ولكنه لم يكن يقدم تنازلات في جميع القضايا والميادين التي يستطيع يحقق فيها النتائج التي يريدها.
وإذا راعينا الدقة نجد مرونة سيف يوسف تظهر في القضايا التي يصعب تحقيق النتائج الأهداف المرجوة. ولكن لهذه المرونة حدود واضحة هي عدم المساس بالأمور الجوهرية. كذلك كانت لهذه المرونة شروط خلال العمل النضالي- هى أن لا تتناول أموراً تعرقل نضال المستقبل.
فى مسيرة نضالنا نفتقد دائما أبوسيف يوسف، ولكننا نتذكر دائما مواقفه لا تنسى، وأخلاقياته الرفيعة وتشبثه بكل القيم العليا التي تجعل من الإنسان أرقى الكائنات.

التعليقات متوقفه