د. جودة عبدالخالق يكتب:الحوار والناس والأسعار..رسالة إلى كل من يهمه الأمر

11

لقطات

د.جودة عبدالخالق

بالنسبة للناس، أصبح ارتفاع الأسعار هو الألم. وما أشدَّه من ألم. وبالنسبة لهم، صار الحوار الوطنى هو الأمل. وما أعزَّه من أمل. نعم، الحوار الوطنى هو أمل الناس في الخلاص من ألم الأسعار. بل إن الحوار أصبح هو الأمل الوحيد للناس فى الخلاص من سوء الأحوال في كل مجال. سوء الأحوال في السياسة وبؤس الأحوال في الاقتصاد وارتباك الأحوال فى المجتمع. دعك من رسائل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي. دعك أيضا من أصوات المحبَطين والمحبِطين. فالراصد لأحوال المحروسة الآن يلحظ بلا شك تقدما في بعض المجالات وتقهقرا في مجالات أخرى. والسؤال الصعب هو: هل نحن في المحصلة نتقدم أم نتأخر؟ في هذا السياق يكون رهان الناس على الحوار الوطنى، ليخرج بنا من هذه الدوامة التي تشفطنا إلى أسفل وتسحبنا إلى الوراء. وأنا شخصيا أجاهد بكل ما أوتيت من قوة لكى ينجح الحوار الوطنى في حلحلة أوضاعنا. وأتمنى أن يكون رهان الناس على الحوار في محله.

وبما أن الحوار الفعلى الذى طال انتظار الناس له أوشك أن يبدأ، آمل أن تكون نتيجة الحوار على مستوى تطلعات الناس وطموحاتهم المشروعة، وألا يتحول الأمل إلى سراب. وهذا يحمل رسالة هامة إلى القائمين على أمر الحوار والمشاركين فيه. رسالة إلى مجلس أمناء الحوار- وكاتب هذه السطور أحد اعضائه، وإلى منسقه العام، وإلى رئيس أمانته الفنية، وإلى أمناء محاوره الثلاثة، وإلى لجانه التسع عشرة. بل هي رسالة الى السيد الرئيس والحكومة وإلى مجلسى النواب والشيوخ، وإلى الأحزاب والنقابات … إلخ. لكنها فى المقام الأول رسالة إلى رئيس الجمهورية، كونه هو الذي أطلق الدعوة للحوار أصلا وهو الذي أعلن في عدة مناسبات عن نيته حضور إحدى فعالياته. فإذا كنا بالفعل نريد إطلاق جمهورية جديدة، فليكن إنجاح الحوار الوطني هو شعار المرحلة. وهنا بالتحديد يكمن تحدي الحوار.

وأنتقل من تحدى الحوار إلى قضية الأسعار. تقول أحدث التقديرات الرسمية أن التضخم طبقا للمعدل السنوي بلغ 19% في نوفمبر هذا العام بالمقارنة ب 6% في العام الماضى. أي أن الغلاء هذا العام أصبح أكثر من ثلاثة أضعاف العام الماضى. وهذه قفزة هائلة. كان الله في عون الناس. وهذا المعدل أقل من السائد في بعض البلاد، لكنه في نفس الوقت أعلى من السائد فى بلاد أخرى كثيرة. تحديدا، هو من ضعف السائد لدى شركائنا التجاريين. وهذا يقلل من تنافسيتنا الدولية، فيزيد وارداتنا ويقلل صادراتنا. فما هي مشكلة الأسعار في مصر؟ تقول حكومتنا السنية أن ارتفاع الأسعار وارد الخارج نتيجة سلسلة أزمات وصدمات: كورونا، الحرب في أوكرانيا، اضطراب خطوط النقل والإمداد … إلخ. وتؤكد أنها تبذل أقصى جهودها للسيطرة على الأسعار ومكافحة الغلاء. ولكن ما لا تعترف به الحكومة هو أن الغلاء من صنع يديها ونتيجة لما تفعله وما لا تفعله.

نعم، جزء من الغلاء الذى يكوى الناس ويقلل تنافسية اقتصادنا خلقته الحكومة، بل إنى أرى أنه الجزء الأكبر. فما فعلته الحكومة في موضوع الأرز أدى الى اختفائه من الأسواق وارتفاع سعره بدلا من العكس. وما لم تفعله الحكومة لتحقيق الانضباط المالى وضبط الأسواق أدى الى توحش التجار وانفلات الأسعار. والواقع الذي يعايشه الناس هو أن بعض الأسعار أصبحت ترتفع كل يوم تقريبا. وذلك نتساءل: أين تقف الحكومة من أطراف لعبة الأسعار: المستهلك والمنتج والتاجر؟ مع من؟ وضد من؟ وهل نتوقع أن يساعدنا الحوار على كبح جماح الأسعار؟

وداعٌ لصديق عزيز: في مناسبة اليوم العالمى للغة العربية، رحل أحد أهم فرسانها. فيالها من مفارقة! أنعي إليكم صديقي الدكتور صلاح فضل.

التعليقات متوقفه