الاستراتيجيات الخمس لشركات الاتصالات لتحسين تجربة العملاء

0

على مدار تاريخ صناعة الاتصالات، كانت مهمة خدمة العملاء تتمتع بأولوية قصوى لبناء علاقات جيدة مع العملاء والحفاظ على ولائهم، وبالتالى الحفاظ على التفوق على الشركات المنافسة. ويمكننا القول أن هذه المهمة الخطيرة لم تتغير مع التطورات التى شهدها قطاع الاتصالات على مدار السنوات الأخيرة، بل، يمكن القول إن تطور الشبكات والخدمات رفعت سقف معايير ومتطلبات العملاء وتوقعاتهم، وأضفت المزيد من الأهمية على هذه المهمة التى تستهدف ضمان ولاء العملاء على المدى الطويل من حلال التحسينات المستمرة على مستوى جودة الخدمة.

وقد أى ظهور جائحة كوفيد-19 إلى تسريع الاعتماد على القنوات الرقمية من جانب الشركات والمستهلكين على حد سواء. وأصبح الأداء العالى عاملا أكثر أهمية فى صناعة الاتصالات، حيث يعمل الأشخاص من المنزل ويحتاجون إلى خدمة ودعم موثوقين فى جميع ساعات اليوم على مدار جميع أيام الأسبوع.

ويتوقع العملاء من الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات تقديم أعلى مستوى من التفاعل الرقمى عبر قنوات متعددة. وفى نفس الوقت تمتلك شركات الاتصالات إمكانات عالية يمكن من خلالها -إذا تم استغلالها بالشكل الأمثل- زيادة إيرادات الشركات عن طريق تحسين تجربة العملاء. وبالنظر إلى أن ظهور تقنيات جديدة كتقنيات الذكاء الاصطناعى، وتحولها إلى أن تصيح جزءا من حياتنا اليومية، فإن شركات الاتصالات أصبحت خاضعة لمقاييس جديدة فى بيئة أشد تنافسية عما كانت عليه سابقا.

 

أهمية تجربة العملاء

تحظى خدمة العملاء بأولوية قصوى على جدول اهتمامات الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات، وهناك أكثر من استراتيجية تتبعها الشركات لتعزيز رضا العملاء. ولكن كل تلك الاستراتيجيات تتلخص فى تحسين الخدمات وتقديم تجارب إيجابية تستهدف تعزيز ولاء العملاء، وبالتالى زيادة إيرادات الشركات. ولهذا، يتعين على شركات الاتصالات إعطاء الأولوية لتجربة العملاء الفائقة الجودة.

ويشير تقرير نشرته مؤسسة  Forrester عن تجربة العملاء لعام 2022 إلى أن توقعات العملاء للخدمات التى كانت قد بدأت خلال جائحة كوفيد-19 أصبحت هى الوضع الطبيعى الجديد، حيث يطالب العملاء باستمرار بإجراء تغييرات فى نوعيات الخدمات المقدمة لهم. ولتلبية  هذه الطلبات، يتعين على شركات الاتصالات البقاء على اتصال دائم بعملائها، ومراقبة احتياجاتهم، والعمل على استكشاف توقعاتهم بشكل مستمر.

كما يشير التقرير إلى أن 1 من كل 3 عملاء لشركات الاتصالات يعتبر أن مروره بتجربة واحدةة سيئة يكفى لجعله يعيد النظر فى الشركة التى يتعامل معها، والتفكير فى تبديلها والانتقال إلى شركة أخرى، مما يؤكد أهمية اهتمام شركات الاتصالات بتجربة العملاء، وإيلائها الأولوية القصوى.

 

التحديات الثلاثة

1.      التميز

التحدى المتمثل فى كيفية التمييز بين تجربة العملاء للحفاظ على الميزة التنافسية. تعتبر خدمة العملاء والتجارب الرقمية من النقاط الرئيسية التى تميز شركات الاتصالات ؛ يمكن أن يضع الاستثمار فى القنوات الرقمية والتقنيات المبتكرة معايير جديدة وأفضل طريقة للحفاظ على ميزة تنافسية.

 

2.     المحافظة على العملاء

صناعة الاتصالات السلكية واللاسلكية لديها معدل مرتفع من التغيير – وهذا مرتبط مباشرة بضعف خدمة العملاء. فى دراسة أجريت على البيع بالتجزئة، والاتصالات، والسفر، والخدمات المالية، وتجار التجزئة الكبار، حصلت شركات الاتصالات على ثانى أعلى معدل تداخل – 27 %. الحفاظ على العملاء وجذب المزيد، والعمل على بناء الثقة والولاء، هى متطلبات أساسية للشركات لتزدهر فى بيئة تنافسية.

 

3.     تلبية التوقعات

أصبح العملاء يتوقعون نفس التجربة الرقمية عالية الجودة التى يحصلون عليها فى الصناعات الأخرى، وليس لديهم مشكلة فى الانتقال إلى الشركة التى توفر لهم أفضل. للبقاء فى المقدمة، يتعين على الشركات تتبع رضا العملاء ومؤشرات الأداء الرئيسية باستمرار لتحديد نقاط الضعف، والعمل على بناء مستوى من الثقة وضمان الرضا من خلال القنوات المختلفة.

 

الاستراتيجيات الخمسة

تعمل التقنيات الجديدة على تسهيل رحلة عملاء الاتصالات السلسة، مما يوفر تجربة شخصية وتفاعلات عبر قنوات متعددة. من خلال الدردشات المباشرة والمحادثات النصية وإمكانية الوصول عبر الهاتف المحمول والخدمة الذاتية للدعم الافتراضى والمزيد على الطاولة، يمكن لشركات الاتصالات زيادة خفة حركتها وتوفير التجارب البديهية التى اعتاد عليها عملاؤها. دعونا نلقى نظرة على بعض الإستراتيجيات التطلعية لتحسين تجربة العملاء فى مجال الاتصالات.

 

الإستراتيجية الأولى: تجربة العملاء متعددة القنوات

يتمتع العملاء اليوم بالدهاء التكنولوجى ويسعون إلى المشاركة الرقمية والتفاعلية. وهم يتوقعون أن يكون لديهم خيار التفاعل مع الشركة على قناتهم المفضلة، والانتقال بسلاسة من قناة إلى أخرى عند الحاجة دون الحاجة إلى البدء من جديد وتكرار المحادثة. ستظل شركات الاتصالات التى تتبنى الاتجاهات المتزايدة للأتمتة الذكية والخدمة الذاتية وغيرها من الأدوات التى تعمل بالذكاء الاصطناعى فى صدارة اللعبة عند كل نقطة اتصال للعملاء. سواء كانت الدردشة الحية أو chatbot أو المساعدة الافتراضية أو غيرها – يريد العملاء أن يعرفوا أنهم سيحصلون على خدمة متسقة فى كل قناة.

وقد استفادت شركات مثل شركة كومكاست Comcast  من هذا الاتجاه من خلال تمكين للعملاء من التفاعل مع الشركة عبر قنواتهم المفضلة. ، وإذا احتاج العميل إلى الانتقال من قناة خدمة عملاء إلى أخرى، فإن شركة الاتصالات تسعى جاهدة لجعل هذا الانتقال غير مؤلم قدر الإمكان، مما يضمن أن التفاعل الجديد لا يتطلب من العميل البدء من جديد.

 

الإستراتيجية الثانية: فهم توقعات العملاء

تتلخص فى التركيز على العميل باعتباره عنصر الأساس لتوفير أفضل تجربة، وفهم التوقعات لجميع نقاط الاتصال. يتوقع العملاء تلقى الدعم على مدار الساعة، مع سهولة الوصول إلى خدمة العملاء والكفاءة والحلول السريعة للمشكلات وخيارات الخدمة الذاتية. تعد الخدمات الرقمية مقياسا رئيسيا لقياس تجربة العملاء. كما يعد توفير القيمة المضافة والوظائف وتوسيع القنوات الرقمية الحالية أمرا بالغ الأهمية لتعزيز رحلة العميل. إن معرفة ما يريده العملاء وتزويدهم بخدمة عملاء ممتازة هو عامل تمييز رائع لشركات الاتصالات.

وقد أخذت شركة  BTهذه الفرصة على محمل الجد، وأنشأت ثقافة تتمحور حول العملاء على مستوى الشركة. استثمرت الشركة فى تدريب المواهب فى الخطوط الأمامية وأنشأت برنامجا تطوعيا يسمى “Tiger Teams” حيث يشارك الموظفون فى مشاريع تركز على تحسين تجربة العملاء فى مجال الاتصالات.

كما نفذت أيضا برامج تركز على العملاء حيث يدعم الموظفون المشتركين طوال رحلة طلبهم، مما يقلل من التعقيد ويحسن التواصل العام.

 

الإستراتيجية الثالثة: الاستفادة من البيانات والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي

تمتلك شركات الاتصالات كمية هائلة من البيانات. يمكن أن يوفر جمع هذه المعلومات وتتبع وتحليل المؤشرات الرئيسية لرضا العملاء مقاييس مهمة ورؤى واضحة للشركات، مما يتيح اتخاذ تدابير استباقية لتحسين تجربة العميل. ويساعد استخدام البيانات الضخمة والأدوات الرقمية القائمة على الذكاء الاصطناعى على تحديد المشكلات وحلها فى تحسين تفاعلات العملاء وتوفير خدمة عالية الأداء ضرورية للنمو المستقبلي.

وعلى سبيل المثال تقدم شركة  Verizonللاتصالات لعملائها مجموعة من حلول المؤسسات تسمى Digital CX، والتى تمزج بين الذكاء البشرى والاصطناعى لتعزيز تجربة العملاء. كما يتلقى العملاء تجارب شخصية بناء على تفاعلاتهم السابقة من خلال وسائل التواصل الاجتماعى والدردشة والبريد الإلكترونى والرسائل النصية والهاتف. ويمكن للموظفين الوصول إلى بيانات العملاء بسلاسة عبر الأنظمة الأساسية، حيث يقوم النظام بجمع الرؤى والتعلم منها وتحسين أدائه بمرور الوقت.

 

الإستراتيجية الرابعة: تمكين ممثلى خدمة العملاء

يجب ألا يتجاوز النهج الذى يركز على العميل الدور المهم لموظفى خدمة العملاء، حيث من المهم تزويد الموظفين بالأدوات الرقمية لتوفير الوصول إلى المعلومات والمساعدة الفعالة فى مجموعة واسعة من الموضوعات، والانتقال السلس إلى موظف خدمة العملاء لتجنب الأسئلة المتكررة وتحسين العلاقات مع العملاء. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعى والأتمتة أصبحا جزءا لا يتجزأ من الخدمة الذاتية للعملاء، إلا أنهما فى نفس الوقت يعتبران أدوات مهمة أيضا لموظفى خدمة العملاء. ويفضل العديد من العملاء الدعم المباشر من فريق عمل ودود ومتعاون وواسع المعرفة.

 

الإستراتيجية الخامسة: إضفاء الطابع الشخصى على تجربة خدمة العملاء

يعزز فهم تفضيلات العملاء وتخصيص الارتباطات تجربة العملاء من المستوى التالى. فمثلا يمكن توجيه الاستجابة للعميل إلى نغمة محادثة بدلا من النغمة الميكانيكية، والاستفادة من البيانات الشخصية والسلوكية بناء على التفاعلات السابقة، من خلال البريد الإلكترونى أو الوسائط الاجتماعية أو الدردشة أو الرسائل النصية والذكاء الاصطناعى لتقديم تجربة مخصصة للعميل.

ويوجد لدى شركة T-Mobile للاتصالات فرقه خاصة من موظفى خدمة العملاء فى جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، والذين يقدمون مساعدة سريعة وفعالة فى مجموعة واسعة من الموضوعات، من أبسط الأشياء إلى أشدها تعقيدا. وجميع أعضاء الفريق على اطلاع دائم على مشكلات العملاء، ويمكنهم استئناف المحادثة بسلاسة إذا كانت هناك حاجة إلى مكالمة للمتابعة مع العميل. وقد حصلت T-Mobile على جائزة J.D. Power  وهى الجائزة الأرفع فى مجال خدمة العملاء بين الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات المحمولة مرتين على التوالى بسبب هذه الخدمة.

 

تحويل رحلة العميل فى صناعة الاتصالات

العملاء هم أهم أصول الشركات، وهم أكثر أهمية من الأجهزة والمعدات، لذا فإن تحسين وتطوير رحلة العميل هى المفتاح الرئيسى لنجاح أى شركة اتصالات، وهى أمر بالغ الأهمية للبقاء فى ساحة المنافسة فى هذه الصناعة المتغيرة الشديدة التنافسية. وتجربة العملاء يجب أن تكون استباقية، مما يعنى أن على الشركات أن تظهر للعملاء أنها تبذل جهودا كبيرة وتستثمر فى تلبية توقعاتهم قبل أن يطالبوا بها.

التعليقات متوقفه