الالتزام بالإعلان عن سعر السلع ليس حلا لأزمة الغلاء:فوضى الأسواق .. ارتفاعات يومية فى الأسعار دون رقابة

وضع السعر على المنتج يحد من جشع التجار 

3

الأسعار نار.. والحكومة توهم الشعب أنها تحاول إطفاءها بتصريحات وردية ..إلا أنها تتعامل مع أزمات المواطنين وزيادة الأسعار المستمر ونقص المعروض بعشوائية .. وبدلا من اتخاذ إجراءات حاسمة لضبط الأسعار التى تشهد ارتفاعا يوميا، لجأت الحكومة إلى فكرة إعلان سعر البيع للمستهلكين وألزمت منافذ التوزيع بوضع السعر ومراقبة الالتزام بالإعلان عن الأسعار فقط، مما يتيح للتجار تحريك الأسعار بشكل يومي دون مبرر أو رقابة من الحكومة طالما يعلن عن السعر.

الحكومة بررت عدم وضع السعر من قبل المنتج على السلعة بأن المنتج سيتحمل تكلفة طباعة السعر!، وهى الوسيلة الوحيدة التى كان من الممكن مراقبة مدى التزام التجار والموزعين بالأسعار المعلنة، ومحاسبة المنتج حال رفع الأسعار دون مبرر وكذلك حال عدم التزام البائع بالسعر المدون على السلعة.

ومن جانبهم، أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن الحكومة تركت السوق للتجار الذين يقومون بتحديد السعر مشددين على ضرورة وضع تسعيرة تضمن هامش ربح مقبول للتاجر والمنتج يراقبها جهاز قادر على المواجهة, إضافة إلى ضرورة وجود فواتير رسمية ودخول الدولة كمنافس أساسى للتجار لكسر احتكارات تجار الجملة ومنع تخزين السلع  لإنهاء تلك الأزمة.. 

قضية أمن قومى

أكد د.خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن الالتزام بالإعلان عن سعر السلع ليس حلا لأزمة الغلاء, فالتجار والمنتجون يعدلون الأسعار بشكل يومي، كل يوم سعر جديد, وبالتالي فهذا الحل لن يساهم فى ضبط الأسواق, ودور الأجهزة الرقابية متابعة فواتير الشراء, ومعرفة إذا كانت الزيادات تتم وفقا لارتفاع تكاليف إنتاج السلع أم أن الزيادة ليس لها مبرر, وفى حالة رفع الدعم عن المحروقات أو رفع سعر الدولار لابد أن تقوم الدولة بتحديد نسبة الزيادات  فى أسعار السلع حتى لا يقوم كل تاجر بزيادة الأسعار بشكل يومي دون رقيب, للأسف التجار يتلاعبون بالأسعار ويتحكمون فى الأسواق..فالأسعار كل يوم تزيد وسعر السلعة الواحدة يختلف من مكان لاخر ..فهذه الفوضى مستمرة ولا نعلم إلى متى ؟!

وتسأل: أين دور الأجهزة الرقابية ؟!، فهى المسئول الأول عن توازن الأسعار, ولابد من المتابعة بصفة دورية, وتغليظ العقوبات على المتلاعبين والمحتكرين, فكل تاجر يقوم برفع الأسعار بدون مبرر يتم إغلاق المحل وشطبه من اتحاد الصناعات أو اتحاد الغرف التجارية.

وأوضح أن المنتج هو المنوط  به وضع السعر النهائي على السلعة فى حالة السلع المصنعة محليا مع وضع هامش ربح عادل للتاجر, وعلى التاجر أن يلتزم بالسعر المكتوب على السلعة ولكن للأسف هذا لا يحدث, وأي سلعة لا يوجد عليها سعر عادل مدون على العبوة نفسها يتم مصادرتها, وهذا الأمر يقتضى المتابعة المستمرة والرقابة الدائمة على الأسواق ومتابعة أى حالة خروج عن السعر المحدد على أن يتم التعامل مع المخالفين بكل حزم, وتغليظ العقوبات على المخالفين المتلاعبين بأقوات الشعب, وعلى الدولة الدخول كمنافس للتجار والتوسع فى المنافذ التى تبيع السلع بأسعار مخفضة لكسر احتكارات تجار الجملة ..آن الأوان أن يقف الجميع نحو تحقيق الأمن للمواطن والوطن, وعلى الجميع إدراك أن قضية الأسعار قضية أمن قومى.

المقاطعة

أما د. هشام إبراهيم، الخبير الاقتصادي فأوضح أن ارتفاع الأسعار مرتبط بقانون الاحتكار , والقانون ينص أن كل سلعة يوضع عليها كل البيانات. وأشار إلى أن استقرار الأسعار مرتبط بوجود وفرة فى السلع وزيادة الإنتاج, ولكن لابد أن نفصل بين ارتفاع الأسعار الناتج عن ارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج, وارتفاع الأسعار الذى يحدث دون أى مبرر, والأخير هو الذى يجب على الحكومة أن تتحرك للتصدي له, وأن يتم توجيه حملات للمقاطعة , مشيرا إلى أن أفضل عقوبة للتاجر هو الامتناع عن الشراء,على أن يصبح هذا توجه الدولة ككل .

تقليل العبء

فيما أوضح أشرف حسنى، عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية, أن الأسعار فى الوقت الحالى يعانى منها التاجر والمستهلك معا, والحكومة عليها أن تقلل العبء والضغط من على التجار والمنتجين والمستوردين بتخفيض الضرائب, وتخفيض أسعار الطاقة, وتخفيض عناصر التكلفة, والتشجيع على الإنتاج وإزالة المعوقات لزيادة الإنتاج, وفى حالة زيادة الإنتاج سيحدث استقرار فى الأسواق, وأشار إلى أن تذبذب الأسعار جعل التاجر نفسه يشترى كل يوم بسعر, وكذلك المنتج والمستورد, وتثبيت الأسعار يستدعى تثبيت جميع عناصر التكلفة, وأهمها سعر العملة المحلية فيجب إلا ينخفض, وفى الوقت الحالى تثبيت عناصر التكلفة شبه مستحيل.

خطورة اجتماعية

ومن منظور اجتماعي تحذر د. نادية رضوان ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بورسعيد، من خطورة استمرار فوضى الأسواق، مشيرة إلى أن أغلب المواطنين عاجزون عن تلبية احتياجاتهم الأساسية كالمأكل والملبس والمأوى, والجميع يتحايل من أجل العيش, ومن الطبيعى مع الزيادات الأخيرة فى الأسعار وارتفاع أسعار السلع والخدمات سوف تعجز الشرائح الدنيا والمتوسطة فى المجتمع عن مواصلة الحياة, وسوف تندرج فئات كثيرة  تحت مسمى الفقراء, خاصة أن الزيادة فى الأجور لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار.

وأضافت أن الحل لن يحدث إلا بإحكام الرقابة على الأسواق, وإحكام السيطرة عليها, وإلغاء  نغمة السوق الحر, وإنه لا يمكن وضع تسعيرة استرشادية.

وأضافت أن جشع البعض وعدم وجود أى رقابة على الأسواق تحت دعوى حرية السوق, سيؤدى إلى الإطاحة بمستويات معيشة الفئات ذات الدخول الثابتة والمحدودة.

وأكدت أن هناك عددا من الإجراءات الممكنة لتحقيق تحسن سريع فى حياة الفقراء الذين يتحملون ارتفاعات الأسعار ومن هذه الإجراءات: الرقابة المستمرة ومتابعة الأسعار من قبل الأجهزة الرقابية ووضع حد أقصى لهامش الربح وفقا لفواتير رسمية حقيقية لتفرض على التاجر تكلفته الحقيقية, وفى النهاية نصل إلى السعر العادل للتاجر والمستهلك.

 

التعليقات متوقفه