الأرز يواصل ارتفاع الأسعار رغم بداية الموسم الجديد …. ربات المنزل: الأرز فوق قدرتنا الشرائية

13

تواصل أسعار الأرز ارتفاعاتها على الرغم من دخول المحصول الجديد لهذا العام إلى السوق منذ منتصف شهر أغسطس الماضى، حيث يتراوح سعر الأرز السائب ما بين 25 إلى 27 جنيهًا للكيلو، والمعبأ، و29 إلى 30 جنيه للكيلو المغلف.
فارتفاع أسعار الأرز وتخطيه حاجز 25 جنيها بمحلات البقالة الشعبية، دفع إحدى ربات البيوت إلى إضافة نسبة من مبشور الجزر والبنجر إلى خلطة المحشى لزيادة الكمية لعمل وجبة محشى لأطفالهم ترشيدا للاستهلاك الأرز الذى أصبح فوق قدرتهم، وفقا لرواية سمية إبراهيم ربة منزل.
الأرز وجبة رئيسية على المائدة المصرية، لا غنى عنها وهامة خاصة للأطفال الذين يترددون على تناول الأرز والمكرونة كلما جاعوا عدة مرات خلال اليوم، تلجأ إليها ربات البيوت كبدائل رخيصة عن الأطعمة الأخرى مثل البيض والجبن والبروتين والفواكه، لكنه أصبح فوق قدرتهم الشرائية حسب تأكيدات هبة.
يمثل غلاء الأرز علامة استفهام كبيرة لم نجد لها إجابة حتى الآن رغم تخطى الإنتاج المحلى لهذا العام بأكثر من 5 ملايين طن شعير، بحجم 3.6 مليون طن أرز أبيض.
يؤكد عزت على تاجر حبوب، أن ارتفاع أسعار الأرز غير مبررة ومبالغ فيها خصوصا أن المحصول الجديد بدأ حصاده من شهر اغسطس بالمحافظات لكنه لم يؤثر فى الأسعار مبينًا أن معظم الأرز الشعير المتداول حتى الآن قديم من محصول العام الماضى ما زال بعض المزارعين والتجار يحتفظون به من الموسم الماضى لرفع سعره.
وأرجع بدوى جاد مدير شركة طيبة لتعبئة الأرز ارتفاع الأسعار إلى جشع التجار بهدف تعطيش السوق لتحقيق مكاسب خالية على حد وصفه، قائلا: “التجار رافضين يسلموا الأرز وماسكين فى السعر”. مبينا انه يستلمه من المضرب بسعر 22500 ثم يضاف مبلغ 300 جنيه نقل عن كل طن من محافظات وجه بحرى إلى محافظة المنيا مقر الشركة ونصف جنيه تكلفة التغليف ليباع إلى المتاجر بسعر 23 جنيها و24 ثم تقوم باضافة هامش ربح لها أيضًا.
يشير حميدو عبدالحميد تاجر إلى أن كل الناس تعانى من ارتفاع أسعار الأرز وبعض المواطنين غير قادرين على شرائه بسبب غلو سعره فى الوقت الذى يقوم أغلب المزارعين بتخزين المحصول للاستفادة من فارق الأسعار فى رأيه، إضافة إلى ان العديد من التجار يشترون المعروض على قلته بالأطنان ويخزنونه ويحتكرون السوق والمظلوم هو المستهلك.
وطالب حميدو بتحرك حكومى لمصادرة المخازن المنتشرة فى كل القرى بالمحافظات، ومنع التخزين والبيع مباشر بعد الحصاد، لضبط السعر.
ويتفق المهدى أحمد مع حميدو فى أن المزارعين يقومون بحبس محصول الأرز ومنعه من التداول مبينًا أن الأرز سلعة قابلة للتخزين ويفضل المزارعون تخزينه وبيعه إلا آخر العام لو مش محتاج فلوسه.
تذبذب الأسعار
يعود تذبذب الأسعار وارتفاعها إلى بداية الموسم الماضى، حيث أدى قرار وزارة التموين بالتسعير الجبرى للأرز الشعير فى 2022 عند 6600 جنيه للطن رفيع الحبة و6800 جنيه لعريض الحبة وتحديد سعر البيع للمستهلك ب 12 جنيهًا للكيلو السائب و15 للمعبأ، إلى حجب السلعة عن السوق وتراجع المعروض وزيادة الاحتكار وحدوث قفزة كبيرة فى أسعار الأرز.
ومنعت وزارة التموين تداول الأرز بين المحافظات إلا من خلالها وبتصريح منها ومصادرة اى كميات مضبوطة لصالحها، ومعاقبة المخالفين بغرامة تبدأ من 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 5 ملايين، طبقا للمادة 22 مكرر من قانون حمايـة المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، لكن لم تنجح الوزارة فى تحقيق المستهدف أو جبح جنون الأسعار.
خلق قرار مجلس الوزراء بحظر التداول رقم 94 لسنة 2022 سوقًا موازيًا، وواصل التجار جمع الأرز وتخزينه من بداية الموسم بضعف السعر الحكومى.
يبين الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة وجود خلل فى شروط التنافسية والعرض والطلب فى سوق السلع الغذائية بشكل عام فى مصر، مبينا أن تدنى أسعار الضمان للمحاصيل، يتسبب فى تهريب المحصول وحجبه بعيدا عن السوق رغم القيود المفروضة وحظر تصديره منذ عام 2010.
مشيرا إلى أن قفزات سعر الصرف للدولار من 18 جنيها إلى 30 جنيها خلال عام أثر على أسعار السلع جميعا، وشجع التجار على حجب السلع للبيع بأسعار أعلي، مع تقصير الحكومة فى تطبيق القانون على المحتكرين.
متوقعا استمرار ارتفاع الأسعار خاصة الأرز لأنه سلعة محصولية قابلة للتخزين تظهر في وقت معين فقط من العام، بجانب أنها لم تعد ملكا للفلاح ولكن أصبحت في مخازن التجار ولن يظهروها بسهولة .
بينما يرجع دكتور على عبد المحسن رئيس مركز الاقتصاد الزراعى بالمعهد القومى للبحوث، ارتفاع الأسعار إلى زيادة الطلب وليس نقص المعروض، خاصة ونحن مقبلون على موسم انتخابات وزيادة الطلب عليه من المتاجر مع ارتفاع أسعار البدائل مثل المكرونة ما يزيد الطلب على الأرز من المستهلك .
مضيفا أن إقبال المزارعين والتجار على تخزينه، أخل بجمع الكميات المستهدف فلم تستطع تغطية طلبات السوق ومواجهة الاحتكار وضبط الأسعار.
موضحا أن عملية ضبط الأسعار تتطلب زيادة معارض التموين ومنافذ القوات المسلحة والزراعة التى ستدفع بدورها لانخفاض الأسعار .
ووصف دكتور عبدالحكيم نور الدين أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الزراعة السابق جامعة المنوفية أزمة الأرز الحالية بأنها فقاعات سعرية وتذبذب فى الأسعار راجعة إلى ثقافة المستهلك الذى يفسر ارتفاع أسعار السلع بأنها غير موجودة فيهرول إلى شراء كميات منها وتخزينها، رغم انه من المفترض أن يركز على البدائل أو مقاطعتها لحين استقرار الأسعار.
معرفا عدم التوازن بين العرض والطلب بأنه (طلب وهمى) يدفع التجار إلى ممارسة الدور الاحتكارى خاصة أن الأرز من السلع القابلة للتخزين، لكن بالنهاية العرض والطلب سوف يفرض نفسه من وجهة نظره.
مشيرا إلى أن التسعير الجبرى يتناقض مع آليات الاقتصاد الحر الذى تنتهجه الدولة وكان من الأفضل أن تضع تسعيرة استرشادية بناء على تكاليف مستلزمات الإنتاج، وأرجع الارتفاع إلى ترحيل الوسطاء أى زيادة على المستهلك بشكل مضاعف، مشيرا الى أهمية أن يقوم جهاز حماية المستهلك بممارسة دوره الرقابى على الأسواق والتجار .
إنتاج كافٍ
يبلغ حجم الاستهلاك السنوى من الأرز 3.2 مليون طن، محققا فائضًا بنحو 400 ألف طن، وفقا للدكتور عبدالمنعم خليل، رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين، بما يعنى أنه لا توجد أزمة في محصول الأرز، ولكن الأزمة في بعض الفلاحين والتجار الذين يخزنون المحصول “يحتكرونه”.
يبين عميد زراعة المنوفية أن المساحات المخصصة لزراعة الأرز حاليا كافية للاستهلك ولا نحتاج إلى التوسع للحفاظ على المحاصيل الصيفية الأخرى كالذرة والقطن والسمسم، لكننا نحتاج لتنشيط مراكز البحوث الزراعية فى التوسع فى زراعة الأرز الجاف للحفاظ على المياه.
يبين دكتور حمدى الموارى رئيس المشروع القومى للأرز الجاف والهجين فى دراسة له أن المساحة المزروعة فعليا بالأرز حاليا تتجاوز المساحة المقررة 1,1 مليون فدان وتصل بالمخالفة إلى 1,8 مليون فدان سنويا.
وتشير الدراسة إلى أن الحكومة تستهدف بحلول عام 2030 زراعة 1.4 من مليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتى وتخصيص باقي المساحة المخالفة إلى محصول الذرة الصفراء .
وأنه يمكن معالجة تقليص المساحة باستخدام الأصناف الأكثر ترشيدا للمياه والأعلى إنتاجية وتحملا للملوحة فى محافظات الوجه البحري بالبحيرة والدقهلية والإسكندرية ودمياط مثل هجين مصرى (1، 2، 3) وهجين بسمتى 11، والأرز السوبر 300، و301، وجيزة 178، و179.
وأوضحت الدراسة أن تلك الأصناف ذات كفاءة إنتاجية عالية من الأصناف التقليدية بفارق 1,5 طن فى الفدان حيث ترتفع الإنتاجية من 4 وتصل الى 6 أطنان للفدان.

التعليقات متوقفه