وسط مخاوف من ارتفاع تكلفة المعيشة:استمرار الوضع الحالى أصبح يشكل خطرًا على استقرار البلاد والأمن القومي

57

انعدام الثقة بين المواطن والحكومة لعدم وضوح الرؤية الاقتصادية

التخفيض المستمر للجنيه سبب الأزمة الاقتصادية .. والحكومة ستستمر في التخفيض

بيع الشركات العامة والأراضي وإصدار قانون الأراضي الصحراوية للحصول على الدولار

قطع الكهرباء ورفع الأسعار لتوفير الإنفاق… وإدارة الاقتصاد بالمبادرات لا يحل المشكلة

محاولات ضبط الأسعار فاشلة.. والاحتكارات تسيطر على الأسواق

الحكومة تركت المواطن فريسة للتجار .. وترفض تطبيق قانون حماية المنافسة ومنع  الممارسات الاحتكارية

 

مع بدايات العام الجديد يتساءل المواطنون عن المستقبل، خاصة أن الحكومة بدأت العام برفع أسعار العديد من السلع والخدمات وسط غياب دور للحكومة فى ضبط السوق وسيطرة الاحتكارات على السوق، وسط مخاوف بشأن الأثر المحتمل للسياسة الاقتصادية على تكلفة المعيشة والعجز المالي، ومدى اشتراط صندوق النقد الدولي حيال سياسة سعر الصرف المرن خاصة مع اتجاه الدولة والصندوق لزيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ 3 مليارات دولار نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حرب غزة، بحسب تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا.

ويترقب المواطنون تخفيضًا جديدًا لسعر الجنيه يترتب عليه موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تزيد من انخفاض مستويات المعيشة. ملفات عديدة تتطلب سرعة العمل وتغيير السياسات، فاستمرار الوضع الحالى أصبح أمرًا يشكل خطرًا على استقرار البلاد والأمن القومى. وفى المقابل هناك انعدام الثقة بين المواطن والحكومة لعدم وضوح الرؤية الاقتصادية.

قطع دوري للكهرباء

بينما تتحدث الحكومة عن إنجازاتها فى قطاع الكهرباء والطاقة، تفاجأ المصريون بقطع دوري للكهرباء، فمنذ يوليو الماضى، بدأت الحكومة فى قطع الكهرباء لمدة ساعة يوميا، وتوقع د. مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، أن يستمر انقطاع التيار الكهربائي إلى أغسطس الماضى، لكن امتد قطع الكهرباء إلى ساعتين منذ أكتوبر الماضى، وسط توقعات باستمرار قطع الكهرباء خلال الربع الأول من عام 2024 أو مواصلة قطع التيار.

البداية كانت تصريحات رئيس الوزراء إن الحكومة ستتخذ خطوات طارئة، من بينها تقنين استهلاك الكهرباء وزيادة واردات زيت الوقود (المازوت)، في إطار مساعيها لمواجهة انقطاع التيار في الصيف.

وأضاف مدبولى «أن مصر ستستورد ما قيمته 250 مليونا إلى 300 مليون دولار من المازوت للتغلب على انقطاع الكهرباء المتكرر، وأنها ستعلن عن خطة لتقنين الاستهلاك في الأماكن العامة.

وشملت التوجيهات الجديدة قرارا يلزم بعض موظفي الحكومة بالعمل من المنزل في بعض أيام أغسطس المقبل، إلى جانب إقامة المباريات الرياضية قبل المغرب، تخفيفا لاستخدام الكهرباء في المنشآت الرياضية.

لكن الرئيس عبدالفتاح السيسي أرجع سبب قطع الكهرباء في مصر خلال الفترة الأخيرة إلى عبء أسعار الوقود.

وخلال لقائه بأهالي مطروح والسلوم وسيدي براني، قال إن «الدولة اضطرت لتخفيف الأحمال (قطع الكهرباء) خلال الفترة الماضية، مع ذروة ارتفاع الحرارة في الشهرين الماضيين؛ لأن حجم الوقود المطلوب لتشغيل المحطات، بعد تكلفة الزيادة في الوقود، أصبحت عبئًا علينا».

وفى مؤتمر ‏«حكاية وطن»، قال الرئيس «بالفعل كان يحدث انقطاع في التيار الكهربائي لأن الأسعار الخاصة بالغاز تضاعفت ونحن نحتاج إلى الدولار، ويجب أن نتحمل ذلك ولم نكن نستطيع أن «نستلف أكثر من ذلك، ونحن نحتاج كل دولار بسبب مشتقات البترول التي نشتريها».

وتابع: « “شوية الكهرباء اللي بيتقطعوا دول بكام بـ300 مليون دولار يعني 9 مليارات جنيه يعني 108 مليارات جنيه في السنة، طيب مين يدفعهم؟ طيب مين يجيب الـ300 مليون دولار لوزير البترول؟.

الجديد أنه مع استمرار انقطاع الكهرباء اتجهت وزارة الكهرباء إلى رفع أسعار الشرائح مع بداية السنة الجديدة.

رئيس الوزراء برر رفع أسعار الكهرباء قائلا:« قبل 3 سنوات أوضح خلالها أنه بحلول العام الجاري (2024) من المفترض انتهاء دعم الكهرباء، ووقتها كانت هناك خطة زيادات للأسعار -مُعلنة ومنشورة- لتنفيذها على أساس سعر الدولار وقتها 16 جنيهًا، وهنا قد يُطرح سؤال حول علاقة الدولار بتسعير الكهرباء، والإجابة هي “أن الوقود المشغل لكل محطات الكهرباء لدينا نشتريه بالدولار، بالتالي فإن شراء هذا الوقود على أساس سعر الدولار 16 جنيهًا مختلف تمامًا عن شرائه عند مستويات الأسعار الحالية للدولار التي تبلغ نحو 31 جنيهًا.

 وأضاف نواجه اليوم تحديًا كبيرًا في قطاع الكهرباء، والذي يتمثل في خطة تخفيف الأحمال، ونظريًا، لو لم تكن الدولة تتحمل الدعم الذي وصل إلى 342 مليار جنيه، لتمكنت من توفير مواد بترولية لمنع انقطاع الكهرباء.

ويبقى السؤال المهم .. متى ينتهى قطع الكهرباء؟ .. لا أحد يعرف الإجابة بالتأكيد بعد تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة، خاصة فى ظل احتمالات كبيرة لتخفيض قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة، فهل سيتستمر قطع الكهرباء ساعتين أم سيزيد؟

سوق سوداء

أصبح سعر الدولار فى السوق السوداء أساس التعامل فى الاقتصاد، بسعر يتجاوز الخمسين جنيها للدولار بزيادة نحو 20 جنيها عن السعر الرسمى المعلن فى البنوك والبنك المركزي والبالغ 30.9 جنيه، وهو سعر ثابت بعدما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الحكومة تدخلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، مؤكدا أن مصر ثبتت سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عبر إيداع الدولار في السوق والتدخل في سعر الصرف، ثم الحفاظ على قيمة الجنيه، لأن الأمر يتعلق بحياة المواطنين والأمن القومي.

وأضاف الرئيس السيسي خلال كلمته بالمؤتمر الوطني للشباب في الإسكندرية: تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار لو لو هيأثر على المصريين بلاش.. حتى لو هيتعارض مع مطالب صندوق النقد.

فمنذ عام 2022 بدأت مصر تعانى من ندرة الدولار، وحرك البنك المركزي سعر الصرف من 15.7 جنيه إلى 18.5 جنيه للدولار فى مارس من العام نفسه، مع فرض بعض القيود على الواردات المصرية من الخارج، في محاولة لخفض خروج النقد الأجنبي على شكل كلفة الواردات.

لكن بعد توقيع  اتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض بـ 3 مليارات دولار، بدأت

فى نهاية أكتوبر الماضى خفضا جديدا للجنيه، ليبلغ سعر الصرف 24.3 جنيه، وهو السعر الذي أنهت به مصر العام الماضي 2022.

وفى بداية عام 2023 تحرك سعر الدولار لدي البنك المركزي ليلامس 31 جنيها للدولار. ومنذ ذلك الحين، ومع استمرار القيود على الواردات، واصل الدولار ارتفاعه فى السوق السوداء، مما عطل برنامج الطروحات، ومع ندرة الدولار انتعشت السوق السوداء مما أدى إلى موجات متلاحقة من ارتفاع كافة الأسعار سواء المتعلقة باستيراد المواد الخام من الخارج أو المنتجة محليا، ليسجل التضخم أعلى مستوى له منذ أربعين عاما ليصل إلى 40%، وإن كان بدأ فى الانخفاض خلال الشهرين الماضيين إلى 38% لكن مع الموجة الجديدة التى بدأتها الحكومة برفع أسعار الكهرباء والمترو والاتصالات متعللة بارتفاع التكاليف نتيجة سعر الدولار فمن المتوقع أن يعاود التضخم الارتفاع مرة أخرى.

أصبح الشغل الشاغل للحكومة هو البحث عن الدولار، خاصة بعد تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بمعدل 29.9 بالمائة خلال الربع الأول من السنة المالية 2024/2023 أو الربع الثالث من عام 2023 (الفترة يوليو – سبتمبر 2023). بحسب تقرير للبنك المركزي.

وأوضح «المركزي» هبوط تحويلات المصريين العاملين بالخارج لنحو 4.5 مليار دولار خلال الشهور الثلاثة من يوليو وحتى سبتمبر 2023، مقابل نحو 6.4 مليار دولار في ذات الشهور من العام السابق.

وفى ذات السياق قال البنك الدولى إنه من المحتمل أن تكون الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية قد تسببت في عدم تسجيل جزء كبير من تحويلات المصريين العاملين بالخارج.

وفى رحلة البحث عن الدولار اتجهت الحكومة إلى بيع الأصول بالدولار، فمثلا اشترطت الحكومة على أحمد عز فى صفقة التخارج من عز الدخيلة سداد 150 مليون دولار كجزء من الصفقة على أن يكون مصدر الدولار من خارج مصر، على أن يتم ضخها فى الجهاز المصرفي المصري.

 كما تبحث الحكومة السماح ببيع العقارات بالدولار، ووافق مجلس النواب مؤخرا على قانون لبيع الأراضى الصحراوية للأجانب وبالطبع بالدولار دون النظر إلى الأمن القومى المصري … وهكذا.

توقعات المؤسسات الدولية تشير إلى اتجاه الحكومة إلى تخفيض جديد لسعر الجنيه أمام الدولار، لذا تحاول الحكومة توفير أكبر قدر من الدولار  قبل التخفيض، خاصة أن صندوق النقد الدولى أعلن مساندة لمصر فى أعقاب حرب غزة، وسط احتمالات أن زيادة القرض من 3 إلى 6 مليارات دولار، مع تأكيد الصندوق على ضرورة إتباع سياسة سعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار.

 فهل تنجح الحكومة فى القضاء على السوق السوداء أم أن التخفيض الجديد سينعش السوق السوداء خاصة فى ظل ندرة الدولار؟ .. سؤال يحتاج الحكومة إلى الإجابة عنه خاصة فى ظل التجارب التى شهدتها مصر خلال العشرين عاما الماضية من تعويم للجنيه ثم التثبيت ثم تعويم جديد، ليدخل الجنيه فى دوامة لا يخرج منها أبدا.

موجات من ارتفاع الأسعار

ترتبط أسعر السلع والخدمات بسعر الدولار نظرا لاعتماد مصر على استيراد نحو 85% من السلع من الخارج وكذلك مستلزمات الإنتاج، ويشهد السوق ارتفاعات متتالية للأسعار، وتغير الأسعار بصفة يومية من قبل التجار، وسط غياب تام من الحكومة وفشلها فى ضبط الأسعار فى الأسواق رغم وجود القوانين التى تحكم السوق لكنها لا تنفذ.

الأغرب من ذلك أن معظم المستفيدين من رفع الأسعار هم التجار وليس المصانع، فمثلا سعر السجائر وهى السلعة الوحيدة المسعرة من قبل الحكومة، تباع فى الأسواق بضعف ثمنها رغم خروجها من المصنع بالسعر الرسمى.

حاولت الحكومة ممثلة فى وزارة التموين السيطرة على السوق، أكثر من مرة ولكنها فشلت لضعف الرقابة أو لأسباب أخرى!، فعلى سبيل المثال أصدر وزير التموين قرارا بإلزام المحلات بإعلان الأسعار على السلع، والنتيجة تغيير الأسعار بشكل يومي في اتجاه صعودي، دون اتخاذ أي إجراءات، كما فشلت الوزارة فى إجبار الشركات المنتجة على طباعة السعر على المنتج، وأرجع التجار ذلك إلى تغيير الأسعار.

المعروف أن الشركات لديها مخزون ثلاثة أشهر أو شهرين على الأقل من المواد الخام وعلى أساس سعرها يتم تحديد سعر المنتج فى ذلك الوقت، لكن كالعادة مع استيراد شحنة جديدة من المواد الخام بأسعار مختلفة يصبح السعر الجديد هو السائد فى السوق، وهذا يظهر بوضوح فى شركات المنتجة خاصة الأدوية والصيدليات التى تقوم بوضع استيكر على السعر الجديد للمنتج الذي سبق إنتاجه.

وأخيرا تذكرت الحكومة قانون حماية المستهلك وأن هناك مادة رقم 8، وأصدر رئيس الوزراء القرار رقم 5000 لسنة 2023، والذي يحدد 7 سلع أساسية كسلع استراتيجية وجاء نص القرار  «تعتبر السلع المبين نوعها وأوصافها بالجدول المرافق لهذا القرار من المنتجات الإستراتيجية في تطبيق حكم المادة (8) من قانون حماية المستهلك المشار إليه، ويحظر حبسها عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأي صورة أخرى». وهى زيت الخليط والفول والأرز واللبن والسكر والمكرونة والجبن الأبيض.

قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء ،أن هناك 7 سلع رئيسية تمس حياة المواطن وتم إعلانها كسلع استراتيجية وأي إخفاء لها سيكون له قرارات تسوجب العقوبات، مؤكدا أن الحكومة هدفها انضباط الأسعار وليس التدخل في التسعير.

وأشار رئيس الوزراء إلى إنه سيتم المتابعة بصورة أسبوعية التنفيذ على الأرض، كما صدر قرار بتشكيل لجنة فنية برئاسة مركز المعلومات وعضوية ممثلي الوزارات، ودورها أخذ البيانات التي تصدر من المصانع والكميات، وسيتم عرض تقرير الموقف الأسبوعي لهذه السلع. وطالب رئيس الوزراء المواطن نفسه بالمشاركة الإيجابية والإبلاغ عن أي منفذ أو مكان يبيع بأسعار غير الأسعار المعلنة من قبل الحكومة. لكن تشكيل اللجان يحتاج لمزيد من الوقت، والأغرب من ذلك أن قرار وزير التموين الخاص بطباعة أسعار المنتجات على السلع الاستراتيجية، سيبدأ فى مارس المقبل، لإمهال التجار لطباعة الأسعار على المنتجات!

واكتفت الحكومة بإلزام الشركات بكتابة السعر على الرف الخاص بالمنتج في المتجر التجاري ليكون واضحًا للمستهلك، أو لصق استيكر خاص بالسعر، لحين الطباعة على المنتج نفسه.

وزير التموين قال إن في حال عدم الالتزام سيتم الإنذار، وحال التكرار سيتم مصادرة منتجات المخالفين، وأن الوزارة غير معنية بتسعير السلع وإنما دورها رقابي وإشرافي فقط، حيث إنه إذا أجبرنا المصانع على التسعير سوف يخرج عدد من السوق، لذا نقوم بالرقابة الصارمة لمنع تداول الأسعار بأكثر من سعر!. ليبقى الحال كما هو التاجر يقوم بتغيير السعر يوميا، للترك الحكومة فريسة للتجار والمحتكرين.

ليبقى السؤال: لماذا لم تتجه الحكومة إلى تنفيذ قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية؟، فالمادة العاشرة من القانون تتيح لرئيس الوزراء تحديد أسعار عدد من السلع الإستراتيجية لمدة محددة.

الإجابة: أن الحكومة تفهم لآليات السوق أنها لا تتدخل فى الأسعار ولا تحدد سعر المنتجات فقط، ولكن الحكومة لا تقوم بدورها فى آليات السوق كمنظم للسوق ومراقبة الاحتكارات والممارسات الاحتكارية. وبفضل منطق الحكومة فإن السوق تحول إلى فوضى، وأصبحت الاحتكارات سمة السوق.

رؤية اقتصادية

غياب الثقة فيما هو قادم وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية لدى الحكومة يثير مخاوف المواطنين خلال العام المقبل، تساؤلات حول الأيام المقبلة.  

فتحقيق النمو الاقتصادي الشامل هو التحدي أمام الاقتصاد المصري، فلا معدلات الفقر والبطالة مرتفعة بالتزامن مع ضعف برامج الحماية الاجتماعية. وهو ما يتطلب سياسة اقتصادية ملائمة للتغلب على هذه التحديات وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.

فأداء النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة الأخيرة، شهد تذبذبا فى معدلات النمو، وعدم استقراره، مما يجعل استدامة وشمولية النمو أمرا صعبا، نتيجة تباطؤ الاستثمار الخاص وارتفاع معدلات التضخم، والاعتماد على القروض والمساعدات الخارجية، والعجز المزمن في الميزانية العامة للدولة. إضافة إلى التفاقم في حجم الدين العام المحلي والخارجي. والخلل في الميزان التجاري.

فطبيعة الاقتصاد الريعي يعتمد على مصادر ريعية للنمو. وبالتالي على مصادر غير مستقرة لتمويل برامجه التنموية. وهو ما يجعل الاقتصاد عرضة للتقلبات في أسعار النفط، عائدات السياحة، قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج. مما يجعله شديد الحساسية للصدمات الخارجية.

فهل لدى الحكومة رؤية اقتصادية واضحة رغم عقد المؤتمر الاقتصادي والحوار الوطني والذى شارك فيه مئات الخبراء وخرج بالعديد من التوصيات.

الإجابة لا.. فالحكومة لا تزال تبحث عن رؤية واضحة للاقتصاد، فالاقتصاد المصري يدار بالمبادرات وهى مسكنات لا تعمل على وضع حلول واضحة للأزمة الاقتصادية وعلاج الاختلالات الهيكلية للاقتصاد.

وليس أدل على ارتباك الحكومة إصدار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مشروعا بحثيا تحت عنوان “وثيقة أبرز التوجهاتِ الإستراتيجية للاقتصادِ المصري للفترةِ الرئاسيةِ الجديدة (2024-2030).

أعد والتي ترسمُ وتحدد أولويات التحرك على صعيد السياسات بالنسبة للاقتصادِ المصريِّ حتى عام 2030 سواءً فيما يتعلقُ بتوجهاتِ الاقتصاد الكلي، أو التوجهات على مستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لنهضة الدولة، تتضمن 8 محاور لعرضها للحوارات الوطنية خلال الشهرين المقبلين من قبل الخبراء في العديد من المجالات، وكذلك للمشاركة المجتمعية!

تضمنت الوثيقة ثمانية توجهات استراتيجية رئيسة تشمل تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن داعم لنهضة الدولة يتراوح ما بين 6% و 8%، وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادي، من خلال تعزيز مساهمة كل من الصادرات والاستثمارات في توليد الناتج، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادي داعمة للتشغيل لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.

وتبني سياسات اقتصادية قابلة للتوقع وداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلي تستهدف تحقيق الاستقرار السعري، والانضباط المالي، ووضع الدين العام في مسارات قابلة للاستدامة، وتنفيذ برنامج لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبي بحصيلة مستهدفة 300 مليار دولار بنهاية عام 2030 بما يمثل ثلاثة أضعاف المستويات الحالية.

وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط والبرامج الداعمة لأداء القطاعات الاقتصادية القائدة لنهضة الدولة.

وتعزيز دعائم اقتصاد تنافسي مستدام قائم على المعرفة من خلال دعم دور البحث والتطوير في بناء نهضة الدولة المصرية، وتسريع وتيرة الانتقال إلى تقنيات الثورات الصناعية، والتحرك بخطى مستدامة نحو الاقتصاد الأخضر. ومواصلة كافة المكتسبات المحققة على صعيد القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها قطاعات التعليم والصحة وتحسين مستويات معيشة المواطنين لضمان حياة ترقى لطموحات المصريين.

الإستراتيجية (الجديدة) لا تقدم جديدا مقارنة بمخرجات المؤتمر الاقتصادي أو الحوار الوطنى، وتتشابه كثيرا مع الاستراتيجيات التى سبق أن قدمتها الحكومة أكثر من مرة ولم تنفذ.

التعليقات متوقفه