ماجدة موريس تكتب :صلة رحم.. بين المشروع.. والحق

26

في مسلسل «صلة رحم» نجد أنفسنا أمام قضيتين مهمتين الأولى هي رغبة الدكتور حسام «أياد نصار»، طبيب التخدير، في الإنجاب من زوجته وحب عمره ليلي«يسرا اللوزي»، والثانية هي الجدل حول الطريقة التي جرى وراءها حسام طول الوقت ليحقق أمنيته وهي «الحقن المجهرى» ببويضات منه ومن زوجته لامرأة أخرى لتحدث عملية التلقيح، والإنجاب لطفلهما المنتظر، ولكن من خلالها، وهو ما رأيناه عبر هذا المسلسل المأخوذ من كتاب بعنوان «حكايات الإجهاض» للكاتبة غدير أحمد، ووضع فكرته أحمد محمود أبوزيد، بينما كتب له السيناريو والحوار محمد هشام عبية، وأخرجه تامر نادي ويطرح الكثير من الأفكار التي ترتبط بالقيم، والتي يتعامل معها الناس باختلاف وفقا لأفكارهم حول الحياة، وأحوالهم، وأيضًا وفقا لعالم يضيق إنسانيا كلما اتسع وتشابكت علاقاته، وهو ما نراه عبر الدكتور حسام الذي يعمل في مستشفى مزدحم، في حي شعبي، وتتوطد علاقته بزميله الدكتور خالد «محمد جمعة» طبيب أمراض النساء والذي يمتلك أيضا عيادة خاصة، تديرها نفس الممرضة سهام «هبة عبد الغني» التي تعمل هنا وهناك لتدبر مصاريف مدارس أولادها الثلاثة برغم معارضة زوجها، تتسارع حركة د. حسام للبحث عن حل بعدما تسبب في حادث لزوجته أفقدها الرحم، وأعتبر نفسه مسؤولا وعليه ايجاد الحل، والمرأة التي تقبل الحمل بدلا من الزوجة، وهو ما وجده في حنان الفقيرة «أسماء أبو اليزيد» والتي عملت في محل كوافيرة بعد ان تركت بيتها في الصعيد هاربة من زوج شديد القسوة، والتي تقبل العرض لمقابله المادي المغري.. وتضعنا الأحداث في عوالم الأحياء الشعبية غالبا حيث موقع المستشفي، ومحل الكوافير، والشباب الذين يتخذون من الشارع مقراً لهم يعرفون خلاله احوال الناس «مثل نورا زميلة حنان في العمل، وعبده، وريكو، وغيرهم».

حين تتعقد الحياة
من جانب آخر، تعيش الزوجة ليلى، الطبيبة النفسية، أزمة حادة بعد فقدها القدرة على الإنجاب بعد الحادثة، خاصة، حين تعرف ان زوجها كان برفقة طبيبة زميلته وقت الحادثة، وحين رد على استغاثتها، كان وقت الانقاذ قد فات، فشعرت أنه سبب حرمانها من الإنجاب، ورفضت الاستماع اليه، وانضم اليها شقيقها زياد، وانطلقت محاولة التمرد حتي على نفسها وهو ما أوقعها في أيدي شاب عابث انطلق بها في عالم الليل وساهم في دفعها لادمان عقاقير مخدرة، وهو ما نراه أكثر في الجزء الأخير من المسلسل حين تتحول القضية الى رغبة في البعد عن ما حدث لها والدخول في عالم آخر وهو ما يورطها في أخطاء عديدة، بينما يصبح الأمر لحسام هو محاولة التغلب علي الوقت حتي تنتهي الصفقة، ويحصل علي الجنين ليؤكد حبه لزوجته، «وهو ما يجعله يرافق حنان ويطاردها حتى لا تهرب منه» بينما يزداد غضب « فرج» طليقها الذي جاء ليصالحها، وحين ترفض يطاردها في كل مكان، ويحبس بعد تعرضه لحسام في المستشفي وضربه، اما زياد، شقيق ليلي المحامي فيطاردها ايضا لاعتقاده ان قبولها بعملية استئجار الرحم جريمة، وأنها شريكة حسام فيها، وتتسارع الأحداث مع قلق ملأ الجميع حول سؤال الصفقة.. وهل ستتم؟ وسؤال المشروعية، وهل هي جريمة قانونية ام لا؟ وتحاول حنان اللجوء لكل الطرق الآمنة لكي تكمل الاتفاق بعيدا عن مطاردة فرج الذي خرج من الحبس ليتوجه اليها ليلا بكلام مختلف تماما عنه، ولكنها تخاف، ويأتي حسام لانقاذها، ويقع فرج في دمائه، وتذهب حنان للمستشفي مع حسام الذي تلقي ضربات سلاح يحمله فرج هو الآخر، وفي المستشفي يأتي الجنين الموعود، ويستقبله حسام بفرح كبير، قبل ان يقع، ويموت متأثرا بجراحه. وليتركنا هذا العمل، بكل تفاصيله المهمة، والمؤلمة أيضا، في تساؤلات عديدة حول قضيته، والتي قد يرفضها البعض منا بفكرة ان مشكلة مجتمعنا هي كثرة الإنجاب، لكن، ماذا عن الجانب الآخر؟ وماذاعن حق المرأة في الإجهاض وهي تعيش حياة صعبة مع زوج يضربها دائما؟ وهل على الدراما ان تعبر فقط عن القضايا الأكثر جماهيرية، ام ان القضايا المسكوت عنها تحتاج أيضا للاهتمام بها، اننا بجانب القضية هنا إزاء سيناريو قوي وعناصر مهمة كالتصوير، والمونتاج، والأداء ساهمت في تقديم عمل ذي إيقاع متوازن، وان جنح الى السرعة في أحيان كثيرة، بقيادة مخرج واع أقرأ أسمه للمرة الأولى.

التعليقات متوقفه