لقطات..د. جودة عبدالخالق يكتب :رسائل ميت العز إلى المسئولين

180

الزمان: الجمعة الثانية في رمضان. المكان: ميت العز دقهلية. المناسبة: الإفطار السنوي لعائلة الخلايلة. بصحبة أصدقائنا من المعادى ذهبنا. المشهد مهيب: حوالى أربعة أجيال من الخلايلة، أكثر من المائة عددًا، من سن السادسة الى ما فوق الثمانين. اجتمعنا في قاعة مناسبات العائلة لتناول إفطار رمضان معًا. بعد الإفطار، استقبلنا وفودًا من العائلات الأخرى شرفونا بالزيارة. ثم انسحب الصغار وتحلق الكبار لبدء نقاش طويل عن أحوال القرية والمحروسة. تناول النقاش على مدى ساعتين الوضع الاقتصادى والأسعار الملتهبة، والحوار الوطنى، وحرب إسرائيل الإجرامية على غزة، ومسلسلات رمضان، وأحوال الزراعة والرى، وتلوث البيئة، ومشكلات التموين. وخرجت من هذا النقاش بكم هائل من المعلومات عن حياة الناس وأحوالهم وآرائهم حول ما يجرى. اللافت للنظر أن مجتمع ميت العز أصبح مفتوحًا تمامًا وصار في قلب العولمة بفضل التكنولوجيا. يبدو ذلك من أسلوب الكلام وتنوع اللباس وتعدد الأدوات ومتابعة الأحداث.

أستطيع تلخيص النقاش في عدة رسائل أنقلها بصورة موجزة للمسئولين، خصوصًا وزراء الزراعة والرى والتموين والبيئة والتنمية المحلية.
لوزير الزراعة: البيانات الخاصة بمساحات المحاصيل والخاصة بأعداد رؤوس الماشية مضروبة وغير دقيقة. فجزء من الزمام المسجل في الدفاتر الحكومية كزراعات قمح هو في الواقع وعلى الأرض زراعات برسيم، ولكن تم تسجيلها قمحًا للحصول على الأسمدة. (للعلم: تنبهنا لهذا الأمر عندما كنت وزيرًا منذ عشر سنوات وخاطبت القوات المسلحة لاستخدام طائرات الاستطلاع لمسح الزراعات بالأشعة من الجو لتمييز القمح عن البرسيم.) وأعداد رؤوس الماشية في الواقع تقل كثيرا عن أرقام الوزارة. قال لى طبيب بيطرى من شباب الخلايلة إنه عندما قدم البيان الحقيقى اعترض عليه رئيسه ورفض استلامه، لأن الأعداد أقل من العام الماضى. أخبره أن ذلك سيخلق مشكلة لكبار المسئولين، وأمره بتعديل الأرقام! وربما يفسر هذا الوضع الارتفاع الجنونى فى أسعار اللحوم.
لوزير المياه والرى: يشتكى المزارعون من بدء أعمال إعادة تأهيل شبكة الصرف المغطى في ذروة الموسم الزراعى الشتوى. فهذا يهلك محصول القمح بالذات، لأن حركة الآلات الكبيرة المستخدمة ينتج عنه دهس للنبات وتبوير للمساحات. وهم يطلبون أن تؤجل أعمال تأهيل الصرف المغطى الى شهرى يونيو ويوليو بعد جنى محصول القمح.
لوزير التموين: مخابز التموين الموجودة بالقرية تنتج خبزًا رديئًا جدًّا، مما يضطر الأهالى لاستخدامه علفا للحيوانات والطيور. مطلوب تشديد الرقابة على تلك المخابز حرصًا على القمح الذى تدفع الحكومة ثمنه “من لحم الحى”، ونستورد نصفه بالدولار.
لوزيرة شؤون البيئة: في بلدة كفر ميت الحارون بمحافظة الغربية الواقعة على الضفة الغربية لفرع دمياط، هناك عمليات حرق لإطارات السيارات بكميات كبيرة لاستخراج السلك وبيعه. وهذا الحرق ينفث سحابة دخان كثيفة تحملها الرياح إلى سماء ميت العز على الضفة الشرقية لفرع دمياط. ويترتب على ذلك أضرار كبيرة للإنسان والحيوان والنبات في قريتنا. مطلوب نظرة جادة لهذا الموضوع.
لوزير التنمية المحلية: المحليات في بلدنا في خبر كان. وضررها أكثر من نفعها. فماذا أنتم فاعلون؟
وبعد، أرجو أن يستمع وزراؤنا ومسئولونا لأصوات الغلابة في ريف الدقهلية، بل في كل أنحاء المحروسة. ليس فقط لأن لهم حقوقا كمواطنين، وإنما أيضًا لأن نشاطهم الإنتاجى يعزز الأمن الغذائي وبالتالي الأمن القومى للمحروسة. وبالمناسبة، أُذَكِّرهم بنص القسم الوزاري الذى جاء فيه “أن أرعى مصالح الشعب”. فهذه كلها مصالح الشعب. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد..

التعليقات متوقفه