الزراعة فى انتظار إنشاء صندوق التكافل الزراعي وإنجاز المشروع القومي لإنتاج
عبد العظيم مصطفى: السياسات الزراعية تفتقد إلى أبجديات التخطيط وتعمل بنظام القطعة جمال صيام: ضرورة توفير الخدمات والمستلزمات الزراعية لصغار المزارعين والاهتمام بالإرشاد الزراعي
يترقب مزارعو مصر التغيير الوزاري عن كثب، طامحين فى التشكيل الجديد أن يتولى ملف الزراعة مسئول يعطى لقضية دعم الزراعة اهتماما كبيرا.
قامت وزارة الزراعة خلال الفترة السابقة بجهود محمودة لمساعدة المزارعين لكنها لم تهتم بالجانب الإرشادي والتوعوي فأهملت الوزارة الاحتفال بعيد الفلاح كمناسبة سنوية تسلط الضوء على أبرز المشاكل التى تعانى منها تلك الفئة، ولم تقد بالقدر المناسب المتميزين من الفلاحين ولم يعد ديوان وزارة الزراعة خط الدفاع الأول عن حقوقهم.
ينتظر المزارعون من وزير الزراعة الجديد، الجدية في إنشاء صندوق التكافل الزراعي والسرعة في انجاز المشروع القومي لإنتاج تقاوي الخضر وتعميم الزراعات التعاقدية علي كل المحاصيل الأساسية، وزيادة مجهود الوزارة في نشر الوعي والإرشاد بين الفلاحين لكل جديد في المجال الزراعي والوصول إلي رقمنة القطاع الزراعي بشكل كامل مع الاهتمام بالمحاصيل العلفية والزيتية والحبوب باعتبارها أكثر المحاصيل عجزا في مصر ولها أهميه قصوي لتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية لضمان الأمن الغذائي للمواطنين.
يري الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن السياسات الزراعية تحتاج إلى تغيير شامل وعلى رأس هذه الأولويات عملية الإرشاد الزراعي وتوفير الخدمات والمستلزمات الزراعية، لصغار المزارعين مبينا أن عدد المرشدين الزراعيين العاملين بالوزارة لا يتجاوز 600 مرشد سوف يحالون إلى المعاش خلال سنة، لذا فإن الوزارة ستبدأ من الصفر فى هذا الموضوع وعليها الاهتمام بهذا الجزء المهم فى مساعدة الفلاحين وتوجيههم فى معالجة واختيار انسب الوسائل والأوقات للزراعة.
ومن الضرورى أيضا وفقا لصيام أن ينهض وزير الزراعة الجديد بالقطاع التعاوني للقيام بدورها فى توريد المستلزمات وتنظيم الإنتاج الزراعي وتسويق المحاصيل وتنظيم التعاقد الزراعى ، مشيرا إلى أن هناك 7 آلاف جمعية تحتاج إلى هيكلة ولا يمكن إعادة إصلاحها بحسب صيام قبل إصدار قانون التعاونيات الذى تم طرحه للنقاش فى الحوار الوطنى ثم اختفى عن النور مؤكدا انه لا توجد زراعة بدون تعاونيات .
تحتاج البحوث الزراعية والاحتكام للتقنيات الحديثة فى الزراعة إلى دعم، فميزانيتها الحالية 300 مليون جنيه، بينما تحتاج البحوث الزراعية إلى 10 مليارات جنيه على الأقل بحسب صيام ، وتحتاج أيضا إلي انتقاء أصناف تناسب التغيرات المناخية ومقاومة للجفاف.
أما عن الزراعات التعاقدية قال صيام” إن نجاح الزراعة التعاقدية قائم على التعاونيات فبدون تعاونيات قوية لا يوجد زراعات تعاقدية فهى المنوطة بالتعاقد مع المزارعين والمصنعين والمصدرين” . لافتا إلى غياب المعلومات الزراعية فبدونها اى تخطيط فى القطاع صادر من فراغ، فلدينا نقص فى المعلومات حول كمية المياه المتوفرة ونوعية الأراضي الخصبة والمستصلحة، مبينا أن لدينا عجزا فى التعداد الزراعى العام فأخر تعداد زراعى تم حصره فى سنة 2009 منذ 14سنة كان من المفترض أن يتم إجراؤه فى سنة 2020 لعمل حصر شامل عن المزارعين البالغ عددهم 6 ملايين، ونوعية المحاصيل وما يمتلكون من أراض .
ويشير صيام إلى غياب الربط التكنولوجى بين عمليات الزراعة فلا يوجد بيان عن الأسعار الزراعية والمنصات الزراعية والبورصات السلعية الزراعية منبها لضرورة عمل تطبيق للخدمات الزراعية وضم المزارعين وربطهم به واستخدامه فى عملية الإرشاد، أيضا عمل منصات رقمية عن أسعار السلع يستفيد منها (المزارع، والتاجر، والمصنع) وكل الحلقة المنتجة لتسهيل الأسواق والقضاء على الاحتكار.
لافتا إلى ضرورة أن تقوم الدولة بتمويل المزارعين فى تجديد البنية التحتية فى طرق الرى الحديثة لأن توفير المياه تستفيد منه الدولة، فهى ملزمة بإنشاء البنية الأساسية، حيث يتكلف الفدان من التغيير من الري بالغمر إلى التنقيط 50 ألف جنيه وهى عملية مكلفة جدا للفلاح.
وطالب صيام بسرعة صدور قانون التأمين على المزارعين فمنذ صدوره فى 2014 حتى الان لم يتم عمل اللائحة التنفيذية له، ولم يفعل وتترك الدولة الفلاح يتخبط مع التقلبات المناخية ويتحمل الخسائر بمفرده عند تعرض المحاصيل للتلف بفعل التغيرات المناخية، كما حدث خلال السنوات الأخيرة فى محصولى المانجو والزيتون . لافتا إلى أهمية التنسيق بين سلاسل القيمة الزراعية من أول حلقة، بداية من المزارع حتى المستهل ، ومراعاة عمل إصلاح مؤسس وإنشاء اتحاد منتجين تقوم به المنظمات الزراعية والنقابات التعاونية.
أما الدكتور عبد العظيم مصطفى، عميد كلية الزراعة جامعة الفيوم الأسبق، يذهب إلى أن ملف الزراعة يحتاج إلى جهود شاملة فى كل القطاعات التى تخصه للنهوض به فى قطاع الزراعة والثروة السمكية والداجنة والإنتاج الحيواني، وتطبيق الوسائل الجديدة المستحدثة .
مشيرًا إلى أن التوجهات الزراعية القائمة تفتقد إلى أبجديات التخطيط وغياب الأهداف عن السياسات الزراعية، فالقائم حاليا يعمل ” بنظام القطعة “وفقا للمتاح بدون تنظيم وتقديم أولويات، مبينا أن كل قطاع فى الزراعة حيوي لا يمكن تقديمه إلى الاخر، لكن لابد من عمل الخطة والمتابعة والتقييم لها.
وطالب عبد العظيم الوزير القادم بإعادة النظر إلى القرى المصرية وتحويلها إلى وحدة منتجة بعد أن أضحت تناطح المدينة فى النمط الاستهلاكي بحيث لا يقتصر التطوير على تحسين حالة المساكن وتوصيل الخدمات بل لابد من خلق فرص عمل مساعدة تناسب البيئة المحيطة كتصنيع المنتجات الزراعية من صناعة الأخشاب والعلف من المخرجات الزراعية والتوسع فى تربية الثروة الداخنة والحيوانية كأنشطة مساعدة أو معاونة لصيقة بالزراعة.
أيضا تعيين الرائدات الريفيات لتدريب المزارعات على تطبيق الأعمال المعاونة للزراعة وعمل المدارس الحقلية وتدريب على التحول الصناعى من مشتقات الألبان والعصائر والمنتجات الزراعية، المشروعات المعتمدة على الإنتاج الزراعي، لافتا أن نهضة الريف ليست “بلبس البنطلون”.
وقال عبد العظيم “على الدولة أن تعمل على جذب الاستثمار فى القطاع الزراعة واشترط لتوسيع النشاط الزراعى فى القطاع الخاص أن ينفذ ذلك عبر استراتيجية كاملة تضمن حقوق الدولة فى المشروعات، بحيث يتم تحديد العوائد على الاقتصاد بالكامل، وتتحقق مصلحة المستثمرين وحق الدولة.
وخوفا من تفتيت الملكية والحيازة الزراعية، يقترح عبد العظيم أن تكون الإدارة والحيازة بيد المطور الزراعي الرئيسي تحت رقابة جهة الولاية بعد توحيد الحيازة وحق الإدارة لسرعة التنمية المستدامة بنظام مؤسسي ورؤية شاملة.
التعليقات متوقفه