كلمة وزير الخارجية الصينية بالجلسة الختامية لحوار المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية

«وانغ يي» ندعم بشكل ثابت ودائم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة.

24

القي وزير الخارجية الصيني وانغ يي كلمة  في الجلسة الختامية لحوار المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية والذي شارك فيه 14 ممثل للفصل الفلسطينية ،وسفراء مصر والجزائر والسعودية وقطر والأردن وسورية ولبنان وروسيا وتركيا لدى الصين أو ممثليهم.

واليكم نص الكلمة:

الأصدقاء الفلسطينيين،

أصحاب السعادة،

إن الصين وفلسطين أخوان حميمان وشريكان عزيزان يتبادلان الثقة، وقد ترسخت الصداقة التاريخية بينهما في قلوب الشعبين. الآن، تجتمع الفصائل الفلسطينية الـ14 في بيجينغ انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا، الأمر الذي يعد لحظة تاريخية مهمة في مسيرة تحرير فلسطين. في هذا السياق، يسجل الجانب الصيني تقديرا للجهود التي بذلتها كافة الفصائل الفلسطينية في تحقيق المصالحة، ويتقدم بالتهنئة على نجاح حوار بيجينغ، ويدعم الفصائل الفلسطينية الـ14 للتوقيع على “إعلان بيجينغ لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية”!

يقول الصينيون “القوة في اتحاد الإخوة”، ويقول مثل عربي “قوم تعاونوا ما ذلوا”. لا يعلو الصوت العادل إلا بصوت واحد من الفصائل الفلسطينية، ولن تنجح قضية التحرر الوطني إلا بالمضي قدما إلى الأمام كتفا بكتف. نثق بأن الفصائل الفلسطينية ستتمكن من توحيد الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني، وتعظيم القوة الفلسطينية ككل، والحصول على مزيد من الفهم والدعم الدوليين، وتقدم أقوى ضمان للقضية الوطنية العادلة لفلسطين، طالما تسعى إلى الأرضية المشتركة مع ترك الخلافات جانبا، وتعمل بروح فريق واحد.

إن أهم التوافق لحوار بيجينغ بين الفصائل الفلسطينية هو السعي إلى تحقيق المصالحة والوحدة الشاملة بين الفصائل الفلسطينية الـ14 كافة، وإن أكثر النتائج جوهريا له هو التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإن أبرز النقاط له هو الاتفاق حول الحوكمة المستقبلية ما بعد الصراع في قطاع غزة وتشكيل حكومة وفاق وطني مؤقت، وإن أقوى الدعوات فيه هو إقامة دولة فلسطين المستقلة بشكل حقيقي وقفا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. أعربت كافة الفصائل الفلسطينية خلال هذا الحوار عن رغبتها الشديدة في تعزيز المصالحة، وذلك يجسد عزيمتها على الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا، مما أتى بأمل ثمين للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لما يكفي من المعاناة.

إن المفتاح للمصالحة الوطنية الفلسطينية هو تعزيز الثقة والتحكم في الاتجاه والتحرك التدريجي. لا يمكن أن تتقدم عملية المصالحة بثبات وتترسخ الوحدة والتضامن بين الفصائل الفلسطينية، إلا بمواصلة بلورة توافقات وتطبيقها على أرض الواقع.

لا تستغني المصالحة بإعتبارها من الشؤون الداخلية بين الفصائل الفلسطينية عن دعم المجتمع الدولي. ومعنا اليوم سفراء من بعض الدول المهمة، بمن فيهم الأصدقاء من مصر والجزائر وروسيا. نجد أن الصين والدول العربية والإسلامية الغفيرة تعمل نحو نفس الاتجاه والهدف في طريق الدفع بالمصالحة. إن الجانب الصيني مستعد لتعزيز التواصل والتنسيق مع كافة الأطراف المعنية وبذل جهود لتنفيذ إعلان بيجينغ الذي تم التوصل إليه اليوم ولعب دور بناء في الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

أيها الأصدقاء،

إن القضية الفلسطينية جوهر قضية الشرق الأوسط. ليس لدى الصين أي مصلحة أنانية في القضية الفلسطينية. ما نهتم به هو الأخلاق، وما ندعو إليه هو العدالة. إن الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وندعم بشكل ثابت ودائم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة. منذ دخول العصر الجديد، طرح الرئيس شي جينبينغ المبادرات والرؤى لعدة مرات حول حل القضية الفلسطينية، مما ساهم بالحكمة الصينية والحلول الصينية لحل القضية الفلسطينية.

ظلت القضية الفلسطينية التي دامت لأكثر من 7 عقود دون حل محكا للعدالة والإنصاف الدوليين والضمير والأخلاق للبشرية. في الوقت الراهن، ما زال الصراع في قطاع غزة يستمر، وما زالت التداعيات الناتجة عنه تمتد، وتشهد المنطقة صراعات عديدة متشابكة. ومن أجل الخروج من مأزق الصراع الحالي، يطرح الجانب الصيني مبادرة من ” ثلاث خطوات”:

الخطوة الأولى هي الدفع بتحقيق الوقف الشامل والدائم والمستدام لإطلاق النار في قطاع غزة في أسرع وقت ممكن وضمان إيصال المساعدات والإغاثة الإنسانية بشكل سلس. لا حجة، مهما كانت، تبرر إيذاء المدنيين وإطالة الحرب. يجب على المجتمع الدولي حشد مزيد من الجهود في سبيل وقف إطلاق النار ومنع القتال.

الخطوة الثانية هي الدفع سويا بالحوكمة ما بعد الصراع في قطاع غزة التزاما بمبدأ “حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين”. في ظل الدمار الشامل الذي تعرض له قطاع غزة في الحرب، يكون الموضوع الأكثر إلحاحا في المرحلة القادمة هو بدء عملية إعادة الإعمار ما بعد الصراع في أسرع وقت ممكن. إن قطاع غزة جزء مهم لا يتجزأ من فلسطين. يجب على المجتمع الدولي أن يدعم الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة تمارس الإدارة الفعالة في قطاع غزة والضفة الغربية.

الخطوة الثالثة هي الدفع بنيل فلسطين العضوية الكاملة للأمم المتحدة وبدء تنفيذ “حل الدولتين”. يعود سبب دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الى عدم التمكن من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة منذ زمن طويل. يجب دعم عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكبر وفعالية أكثر، ووضع جدول زمني وخارطة طريق حول تنفيذ “حل الدولتين”، والدفع بعودة القضية الفلسطينية إلى المسار الصحيح المتمثل في الحل السياسي.

إن “الخطوات الثلاث” المذكورة أعلاه تترابط بعضها بالبعض، ولا غنى عن أي واحدة منها. يمثل وقف إطلاق النار ومنع القتال والإغاثة الإنسانية الأولوية القصوى في الوقت الراهن، ويعد “حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين” المبدأ الأساسي في إعادة الإعمار ما بعد الصراع في قطاع غزة، ويكون “حل الدولتين” المخرج الأساسي في المستقبل. فينبغي أن يدعم المجتمع الدولي أصحاب الشأن لتنفيذ “الخطوات الثلاث” بالموقف الجدي.

أيها الأصدقاء،

إن تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية سيأتي بأمل ومستقبل للشعب الفلسطيني، وهو يمثل كذلك خطوة مهمة لحل القضية الفلسطينية وإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، فلا بد من التمسك بالمصالحة بشكل دؤوب دون أي تزعزع. يأمل الجانب الصيني بكل إخلاص أن تحقق الفصائل الفلسطينية إقامة دولة فلسطين المستقلة في يوم مبكر على أساس المصالحة الوطنية. سنواصل جهودنا الدؤوبة والمشتركة مع كافة الأطراف المعنية في هذا الصدد.

شكرا لكم.

 

التعليقات متوقفه