المجانية حقا للشعب بكل طبقاته ” .. 23 يوليو ثورة غيرت وجه التعليم فى مصر

32

” تحل علينا الذكرى الـ 72 لثورة 23 يوليو عام 1952، والتى تعتبر واحدة من أهم الثورات في تاريخ مصر الحديث ، حيث نجحت فى إحداث ثورة كبيرة بكافة المستويات ، فيمثل هذا الحدث فترة مهمة من التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي غير وجه الحياة فى مصر، وذلك بتحقيق العديد من المكاسب ، حيث قامت ثورة يوليو ومن أهم أهدافها ومبادئها تحقيق العدالة الاجتماعية ما بين الناس، وقد تعددت الصور التى حققت فيها الثورة هذه العدالة منها توزيع الثروات علي الناس متمثلة في قانون الإصلاح الزراعي وكذلك توفير التعليم المجاني للفقراء ومحدودي ومعدومي الدخل، لذا كان ” التعليم” ضمن إنجازات ومكاسب الثورة، بعد صدور قرار بمجانية التعليم في جميع المراحل لجميع فئات الشعب، ، وبحلول ذكراها ، يطرح البعض سؤالاً ” بعد مرور 72 عاما ، كيف أصبح حال التعليم في مصر؟

 ويرى تربويون إن التعليم في مصر قبل ثورة 23 يوليو، كان للفئة القادرة ماديا فقط، وذلك بسبب ارتفاع مصروفاته في ذلك الوقت، الى أن فطنت الثورة أن أهمية التعليم تكمن فى كونه قاطرة بناء الدول والأمم والحضارة، فجاءت أول قرارات الثورة صدور قرار بمجانية التعليم في جميع المراحل لجميع فئات الشعب، حيث أكد دكتور حسن شحاتة ، الخبير التربوى، أن التعليم قبل 23 يوليو كان “حكرا “على ابناء الطبقة العليا ” الإقطاعين” ممن كانوا يملكون العديد من الاموال والاراضي تاركين خلفهم جموع الشعب من الفلاحين والعمال فى ضيق لا يجدون ابسط حقوقهم هو التعليم، الى ان أطلقت الثورة العنان لانطلاق المراه، فأخدت طريقها تشوقه نحو التعلم والدراسة،موضحاً أن التعليم كان محرم على الفتيات قبل الثورة للعديد من الاسباب أهمها ارتفاع سعر مصاريف التعليم، الامر الذى جعل المصريين يهتمون فى الانفاق على تعليم الذكور مهملآ تعليم الاناث.

 

عيد العلم

وأضاف شحاتة، التعليم هو جواز سفرنا الي المستقبل ، فالغد يتنمي للناس الذين يستعدون”كما قال “مالكوم أكس”، مشيرا الى أن ثورة 23 يوليو كانت تعلم منذ البداية أن لبناء دولة قوية فلابد من الاعتماد على ركيزة تعليمية قوية تواكب التغيرات العلمية بالمجتمع، حيث نادى كثير من النخبة المثقفة المعاصرة لأحداث 23ثورة 1952 الى أهمية أن يكون هناك مجانية التعليم ، وكان على رأس من نادوا بمجانية التعليم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، والذى كان وزيرا في عهد الملك فاروق، واستطاع أن ينشأ جامعة فاروق أو جامعة الإسكندرية سنة 1942، وظل ينادى لمجانية التعليم حتى جاءت ثورة يوليو محققه له ما أرد وتمنى فقد أنشأت حكومة الثورة وزارة للتعليم العالى عام 1961 ، كما اهتمت بتحقيق التعاون الثقافى مع البلدان العربية الأخرى ومن مظاهر ذلك إنشاء جامعة القاهرة فرعا لها بالخرطوم بدأ العمل به فى أكتوبر 1955 ، ولم تقف الثورة عند هذا الحد فقامت بإنشاء ولأول مرة فى مصر وزارة البحث العلمى وذلك لتنسيق الجهود بين مختلف المعاهد والهيئات ومراكز البحوث العلمية ، كما تم مضاعفة عدد الجامعات فى مصر وإضافة جامعات جديدة أُنشئت في جميع أنحاء البلاد، وكان قبل الثورة لا يوجد فى جميع ربوع مصر سوى ثلاثة جامعات فقط ،وتأسس المركز القومى للبحوث الذى صدر به قانون رقم 243 لسنة 1956 ، وأنشئ فى عام 1956 أيضاً المجلس الأعلى للعلوم، ولعل أبرز حدث يؤكد لنا أهمية التعليم والعلم لدى ثورة 23 يوليو هو تخصيص ولأول مرة فى تاريخ الشرق العربى عيداً للعلم .

 

تدهور التعليم

وأوضح شحاتة ، أن التعليم كان جيدا حتى أوائل السبعينيات، ومجانية التعليم كانت حقيقية، وكانت مصر لها مكانة عالية في التعليم، خاصة تعليم المرأة الذى يعتبر من اهم إنجازات الثورة ، حيث أعطت للمرأة مكانة مميزة، خاصة وكما قولنا ” كان الأهالي يهتمون بتعليم الذكور فقط”، مشيرا الى أن تدهور التعليم في مصر بدأ من نهاية السبعينيات، مع ظهور الدروس الخصوصية وزيادة المدارس الخاصة والدولية ، فأصبحت مجانية التعليم “صورية”، حيث إنه مجاني في الدستور ويتم تطبيقه في المدارس بالفعل برسوم رمزية، ولكن الأهالي ينفقون مصروفات هائلة لتعليم أبنائهم.

وأضاف شحاتة، إن مجانية التعليم، كان مطلبا أساسيا للحركة المصرية الدستورية الحديثة، مشيرا إلى أن التعليم كان مجانيا منذ عهد محمد علي، ولكن لم يكن هناك تعليم شعبي، حيث كان يتم اختيار عدد معين من الشباب لكي يحصل على التعليم مجانيا، وبعد الحركة الدستورية الحديثة، نص الدستور على “جعل التعليم في المدارس الأولية مجانيا”، حيث نجح  طه حسين، بإقناع حزب الوفد، بجعل التعليم الأولي مجانيا، وبعد أن أصبح وزير المعارف، عام 1950 جعل المرحلة الثانوية مجانا.

 

مشروع وطنى

ويرى شحاتة، انه بمرور سنوات أصبح مجانية التعليم مجرد تسجيل اسم في سجل المدارس فقط، فرغم تحقيق ثورة 23 يوليو، المساواة بين فئات المجتمع، الا أن هناك اختلافا كبيرا بين مجانية التعليم في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عن الوقت الحالي، حيث كان يتم تقديم خدمة للطلاب بالمدارس مقابل الرسوم الرمزية التي يتم دفعها في المدارس، وكان يقدم التعليم بشكل جيد، لكن الآن أصبح الوضع متغيرا، حيث أصبحت المدارس تغالى فى مصروفاتها ، وتطالب بمصروفات لمختلف الأنشطة، مما يعتبر اختراقا لمجانية التعليم، وعدم تطبيق للقانون، مشددا على ان عودة مجانية التعليم بشكل حقيقي يحتاج إلى اهتمام الدولة بالمدارس الحكومية، وأن يكون هناك إستراتيجية واضحة للتركيز على مجانية التعليم قدر المستطاع، ووضع خطط عاجلة للقضاء على الدروس الخصوصية، والعمل على عودة المعلمين إلى المدارس مرة أخرى، والقضاء على الكثافة العددية داخل الفصول بالمدارس.

وأشار شحاتة، إلى أن الأهالي ينفقون على التعليم الموازي كالدروس الخصوصية بشكل كبير، وأصبح التعليم لا يقدم بشكل جيد بالمدارس، مما أدى إلى وجود بعض الشباب الحاصلين على دبلومات لا يعرف القرءاة أو الكتابة، مضيفا “التعليم في المدارس وصل إلى حالة كبيرة جدا من التدهور، وأصبح هناك مجانية بدون تعليم في المدارس”، مشددا على أن عودة التعليم مرة أخرى تحتاج إلى مشروع وطني ويتم إعادة صياغة أهداف التعليم وتحقيق مجانية التعليم، والتخلص من الدروس الخصوصية.

 

التعليقات متوقفه