المسنين في مصر.. “الناس البركة ضحايا زحمة الأيام”

82

6 ملايين مواطن يعيشون فى صراع دائم مع الشيخوخة ونقص الخدمات وضآلة المعاش
قوائم انتظار لدخول دور رعاية وإهمال ومعاشات لا تغني ولا تسمن

أعدت الملف: نجوى ابراهيم
منى السيد
لان القضية مهمة وحيوية وتهم الملايين من كبار السن.. تواصل “الاهالى” القراءة فى ملف هموم ومشاكل المسنين, فرغم ان تصريحات المسئولين بوزارة التضامن الاجتماعى المنوط بهم رعاية هذه الفئة توهم الجميع بان مشاكل كبار السن تم حلها وان المسنين فى مصر اصبحوا فى راحة تامة الا ان الواقع يكشف عكس ذلك .
فهناك نحو 6 ملايين مواطن يعيشون فى صراع دائم مع اعباء الحياة والشيخوخة ونقص الرعاية الصحية وضآلة المعاش ,هؤلاء هم كبار السن الذين تزيد اعمارهم على الستين فقد سقطوا من حسابات الحكومات المتعاقبة.

تؤكد الدراسات السكانية ان عددهم فى تزايد مستمر ووفق ما أشار إليه تقريرٌ صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن نسبة المسنين في مصر ستصل إلي 11.6% بحلول عام 2030، مقابل نحو 7.3% عام 2014، وهو ما يعادل نحو 5.8 مليون مصري.
رغم ان هؤلاء المسنين فى اشد الحاجة لحياة كريمة فى هذه السن الحرجة بانشاء دور عاية خاصة بهم واندية اجتماعية توفر لهم مختلف الانشطة التى تساعدهم على العيش فى راحة تامة وتشعرهم بان ربيع العمر لم ينته كما تفعل معظم الدول التى تحترم مواطنيها …ولكننا فى بلدنا مصر نكرمهم بتعريضهم للذل والمهانة ما بين نقص الخدمات والرعاية الصحية من ناحية ,وقلة المعاش من ناحية اخرى .
فالخدمات المتاحة لرعاية المسنين ضئيلة جدا فلا يوجد لهم سوى 172 دار ا على مستوى الجمهورية تستحوذ القاهرة علي نحو 50% منها، تليهي محافظة الإسكندرية ثم الجيزة، بينما يتراوح عدد دور المسنين في باقي محافظات الوجة البحري من 3 إلي 5 دور، وتصل إلي دار واحدة ببعض المحافظات,و194 ناديا يستفاد منها مايقرب من 60 إلي 70 ألف مسن ومسنة سنوياً حسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعى .
وتستوعب دور المسنين نسبة قليلة منهم لا تزيد علي 6 الاف مسن فقط والباقون على الرصيف وتنقسم هذه الدور الى ثلاث فئات :الفئة الاولى ذات الخمس نجوم وهى تقدم خدمة كاملة للمسن واشتراكها يتراوح مابين ثلاثة وخمسة آلاف جنيه شهريا وهى للاغنياء فقط ,اما الفئة الثانية دور المسنين المجانية وعددها قليل جدا لا تزيد عن 12 دارا على مستوى الجمهورية ,اما الفئة الثالثة فيتراوح ما يدفعه المسن ما بين500 جنيه الى الفى جنيه شهريا حيث توفرهذه الدور ثلاثة مستويات للمعيشة بأسعار مختلفة هي الحجرة المشتركة ويتراوح اشتراكها الشهري بين500 و700 والجحرة بسريرين تتراوح بين 700 و900 جنيه اما الحجرة بسرير واحد تتراوح بين 900و1000 جنيه ..والجناح الصغير 1200و1500 جنيه وأخيرا الجناح الكبير ويتراوح اشتراكه الشهرى بين1600 و2000 جنيه ..
أما نشاط خدمة جليس المسن، فهى من الخدمات التي استحدثتها الوزارة، وتم اختيار مديريتي القاهرة والإسكندرية لتطبيق الخدمة فيها لمعرفة مدي تقبل وحاجة المجتمع لهذه الخدمة,وكذلك مكاتب خدمة المسنين بمنازلهم وهى موجودة بالنوادى او دور المسنين وتقوم بخدمة المسنين سواء من اعضاء النادى او من خارجه وذلك عن طريق توفير احتياجات المسن المقيم داخل منزله بدون عائل او داخل اسرة طبيعية وعلى سبيل المثال (توفير وجبات غذائية جاهزة – و رعاية صحية من خلال توفير بعض التخصصات الطبية التى يحتاجها المسن – بالاضافة الى توفير احتياجات المسن المنزلية مثل – سباكة – كهرباء – نجدة المسن عند الضرورة …الخ الا ان عددها لا يزيد علي 27مكتب خدمة المسنين بالمنازل على مستوى الجمهورية.

ورغم تزايد اعداد المسنين المحتاجين الى رعاية خارج نطاق الاسرة فقوائم الانتظار للالتحاق بهذه الدور خاصة المجانية تطول يوميا مع عدم اضافة دور جديدة ويكون الامل الوحيد لاعضاء قوائم الانتظار ان يموت النزلاء حتى يحلوا محلهم .والمعاناة الاكبر التى يشعر بها شريحة كبيرة من المسنين هم الفئة غير القادرة على خدمة انفسهم ,وهم فى حاجة الى الاهتمام والرعاية حتى ان المستشفيات لا تقبلهم بحجة انهم ليسوا مرضى ولكنهك فى حاجة شديدة الى الطعام والنظافة والرعاية ولا يوجد سوى 18 دارا فقط لرعاية هذه الشريحة وصرح احمد أمين علي رشوان مدير عام رعاية المسنين بوزارة التضامن الاجتماعي سابقا بأن الدور التى ترعى غير القادرين علي رعاية أنفسهم تقدم رعاية شبه سريرية علاجية في المقام الأول وهي إلي حد ما تقل عددياً علي المستوي المحافظات.

اما بالنسبة للشروط الواجب توافرها في المسن حتي يتم إلحاقه باحدى دور رعاية المسنين فيجب أن يكون المسن في السن القانونية 60 عاماً فأكثر للرجال و55 عاماً فأكثر للسيدات وأن يكون خاليا من الأمراض المعدية حتي لاتنتشر العدوي في المؤسسات وأن يكون حسن السير والسلوك ولديه كفيل يتم استدعاؤه عند الضرورة وبعض الدور الخاصة وتشترط ان يكون النزيل لديه معاش أو رصيد يضمن التزامه بسداد الاشتراك الشهري.
اما عن مستوى دور المسنين والخدمة المقدمة لهم كشفت دراسة ميدانية حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان «رعاية كبار السن في مصر» اعدها د”احمد حجازى “كشفت أن كثيرا من دور إيواء المسنين تعاني إهمالاً بينّاً وقصوراً في التجهيزات والخدمات والرعاية الصحية والاجتماعية المقدمة لنزلائها, وألقت الدراسة الضوء علي تباين مستوي الخدمة المقدمة ما بين دور المسنين الحكومية بأسعارها المنخفضة، عن نظيرتها الخاصة التي تتراوح قيمة اشتراكها مابين 2000 و 5000 جنيه، وتقدم الدراسة صورة دقيقة لملامح حياة كبار السن.
واوضحت الدراسة عدم كفاية التجهيزات المتوافرة فى الدور الى الحد الذى يضر بالمسنين مثل عدم وجود مصعد او تليفون الا فى مكتب المدير ,والضغط الشديد فى المرافق مثل الحمامات ودورات المياه والازدحام فى الدار وعدم الاهتمام بالنظافة ,وكذلك سوء الطعام وعدم احترام الخصوصية والسب احيانا والقيود على الحرية الشخصية بالاضافة الى عدم توافر الرعاية الصحية المناسبة لهم بسبب عدم وجود طبيب مقيم وعدم وجود اخصائيين فى التخصصات المختلفة ,وتحميل النزيل لتكاليف علاجه ,وعدم ملاءمة ترتيبات الاقامة والخدمات الاساسية للظروف الصحية للمسن.
ومع الخدمات السيئة والنظافة المعدومة تتحول هذه الدور الى مكان يعيش فيه المسن منتظرا نهايته وهذا لا يظهر الا فى الدور الحكومية التى لا يزيد اجرة النزيل بها على 700 جنيه شهريا.
اما الدور الخاصة فالحال احسن بكثير ففى زيارة احدى السيدات لوالدتها بدار سيدات مصر اكدت ان الاثاث جيد وكذلك الرعاية والطعام , والدار تنظم حياة المسن وعلاقاته ومواعيد زيارته, وفى دار الفردوس بحدائق القبة اكد مصطفى نبيل المدير المسئول ان الدار تقبل كبار السن وذوي الاحتياجات وحالات النقاهة بعد العمليات الجراحية والاقامة بها فندقية وخدمة تمريض 24 ساعة فضلا عن وجود دورات تدريبية للتعامل مع قرح الفراش ومرض الزهايمر.
العنف ضد المسنين
العنف ضد المسنين اكثر المشكلات التى يواجهها كبار السن داخل مؤسسات الرعاية هذا ما اكده د.”عزت حجازى”استاذ غير متفرغ فى علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حيث اكد فى دراسته ان أكثر من نصف المسنين المستطلعة آراؤهم يتعرضون لصور مختلفة من العنف في مؤسسات الرعاية.
ويحول دون الإبلاغ بوقوع العنف ضد المسن : حرص المسن على تفادى الحرج , الاعتماد الكثيف للمسن على الشخص الذى يمارس العنف ضده كمصدر للرعاية والخوف من احتمال فقده , الإحساس بعدم الجدوى من الشكوى .
ويرتبط العنف ضد كبار السن بعبء الرعاية من بعض أفراد الأسرة, ويتصل عبء الرعاية بدوره بمتغيرات عديدة من أهمها : الخدمات التى يلزم أن يوفرها مقدم الرعاية , منها ما يتصل بأنشطة الحياة اليومية كتناول الغذاء والاستحمام وغيره , ومنها ما يدخل فى أعمال المنزل وما إليها من تسوق وطهى وقضاء مصالح خارج المنزل وغيرهم , كذلك ظروف تقديم الخدمة وتوفير الرعاية , والإمكانات المتوافرة للرعاية من قبل الأشخاص وإمكاناتهم عن نواحى الوقت والجهد والمال والخبرة . وبالنسبة لكبار السن الذين يفيدون من خدمات مؤسسات , ومن عوامل العنف ضد الكبار كانت فقر إمكانات هذه المؤسسات كعدم ملاءمة المقر وتدنى حالته أو نقص مؤثر فى المرافق كغرف نوم أو غرف طعام وقصور التجهيزات كغرف الكشف الطبى أو الترويح , كذلك وجود قصور فى الأجهزة العاملة فيها , ومن الظروف والأوضاع التى تجعل مسنا ما أكثر عرضة للعنف من غيره : أن يكون متقدما فى السن , ويعيش بمفرده إذ تكون إمكانيات حمايته أصعب , أن تكون أنثى فأوضاعها أدنى من أوضاع الرجال , ان يكون من الطبقات الفقيرة .
ويترتب على ذلك العنف أثار سلبية بالطبع على المسن منها الاحساس بضعف الحيلة , والشعور بالخزى والعار , والخوف , والقلق , وغيرها .
وهناك مأساة إنسانية عرضتها وسائل الاعلام مؤخرا , تعرض لها أحد المواطنين ويدعى عادل عزب مقيم بمنطقة حلوان. البداية عندما تقدمت نجلته بطلب إيداعه فى إحدى دور رعاية المسنين بمنطقة حدائق القبة، فى 14 من يوليو الماضى، ولكن المفاجأة أنها وجدت والدها خلال فترة وجيزة فى حالة سيئة وجسمه ملىء بالكدمات والسحجات وبعض أسنانه تعرضت للكسر نتيجة الضرب المبرح الذى تعرض له فى هذه الدار على يد القائمين عليه. وتحكى نجلة المعتدى عليه أنها ندمت أشد الندم بعد إيداعه هذه الدار، لكنها أكدت أيضًا أنها لم تتوقع أن يكون المسئولون عن هذه الدار بهذه البشاعة لدرجة تعذيب رجل مسن. ومن جانبه قال عادل عزب، الذى تعرض لواقعة التعذيب بالدار، إنه مكث مدة 21 يومًا لم يذق فيها أى طعام إلا الماء فقط، كاشفًا أنه تعرض للتعذيب الممنهج عن طريق ربط الأيدى وعصب العينين، مضيفًا أن القائمين على الدار كانوا يتركونه مدة 4 أو 5 أيام بهذا الوضع. ومضى يقول: هربت من الدار فى أحد الأيام عندما طرقت الباب فوجدته مفتوحا ثم هرولت إلى الشارع، ثم استقليت أحد التاكسيات، ومن ثم أتى بى إلى منزلى بحلوان.

المشكلة الاخرى التى يعانى منها بعض المسنين هى زيادة الرسوم الشهرية للدور كل عام بنسبة تصل الى 20% ,فرغم ان الدولة لا ترفع المعاشات الا بنسبة 10% سنويا الا انها لم تفعل شيئا لحماية كبار السن فى دور الرعاية التى تقوم بزيادة الاشتراكات الشهرية بحجة ارتفاع الاسعار والغلاء الفاحش الذى اصاب كل شيء فأكد عدد من مديرى دور المسنين ان زيادة الرسوم الشهرية للدور امر طبيعى نظرا للغلاء الفاحش والدار مسئولة عن رعاية المسن واكله وشربه ,مشيرة الى ان المعاشات تزيد ايضا كل عام وتناسى المسئولين عن هذه الدور ان المعاشات يتم رفعها بنسبة 10% فحسب كما ان هناك اكثر من 5 ملايين صاحب معاش لا تزيد معاشاتهم علي 500 جنيه شهريا .

التعليقات متوقفه