الاسم “مدن جديدة ” والفعل “مدن الأشباح”

406

 5 ملايين وحدة لايسكنها أحد.. وادعاء الأزمة السكانية “باطل”

فقد الخدمات وعدم توافر فرص عمل بها و”تسقيعها” لجلب ربح مضاعف

” القاهرة الجديدة ..اسيوط الجديدة ..بنى سويف الجديدة .. الفيوم الجديدة .. أسوان الجديدة .. قنا الجديدة” .. مسميات عدة لمدن جديدة تم إنشاؤها فى المحافظات لمواجهة الزيادة السكانية واعادة توزيع السكان بشكل عادل، حيث تشير مؤشرات توزيع السكان وفقا للمساحة بتركز سكان مصـر فى 7.7 % فقط من إجمالى المساحة الكلية خاصة بالوادى والدلتا، وفى ظل محدودية الموارد يؤدى ذلك لتكدس سكانى وضغط على الخدمات خاصة بالقاهرة الكبرى .

ويطلق خبراء السكن، على المدن الجديدة مسمى “مدن الأشباح “، ويرون أن تجربة المدن الجديدة كى تحقق الهدف المرجو منها فى استيعاب الزيادة السكانية، لابد وأن تشمل مراحل التخطيط والتصميم والتنفيذ والإدارة، مؤكدين أن غياب المعايير ومراحل التنفيذ، يؤدى ذلك الى إهدار لأموال الدولة .

وفى ذات السياق ترى د. ابتهال أحمد، أستاذ التخطيط العمرانى والإقليمى بجامعة القاهرة “أن المدن القائمة بالمحافظات والتى تصل عددها لـ238 مدينة تقريباً، لا تستطيع أن تستوعب مستوى النمو فى الخدمات والانشطة الصناعية والمتطلبات الاقتصادية، بما يفرض إنشاء مدن جديدة تستوعب الزيادة السكانية.

مضيفة أن سياسة الإسكان فى مصر تحتاج إلى استراتيجية واضحة تضع فى اعتبارها توجهات الهجرة، وسيناريوهات نمو الطلب على الإسكان فى كل المناطق، وذلك لطرح وحدات سكنية تتواءم مع اتجاهات الطلب، بما يقرب مابين البعد المكانى للسكن وتوجيه الاستثمارات فى السكن فى مصر.

مؤكدة، أهمية تنوع انماط السكن، ومراعاة نسب التحضر فى الاقاليم والمحافظات، وإمكانية انشاء مجتمعات عمرانية ريفية بها صناعات يدوية وريفية تتفق مع ثقافات وخصائص المناطق.

وترى منال الطيبى “عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان” أن المدن الجديدة عبارة عن مساكن دون تنمية حضارية، باعتبار أن التنمية العمرانية والحضارية يجب ان تسبق السكن، من حيث إقامه مشاريع صناعية وزراعية لجذب السكان.

مضيفة، أن فقد الخدمات، وعدم توفير فرص عمل بالمدن التى يتم انشاؤها، بالاضافة الى قطع التواصل الاجتماعى والترابط الأسري ، يساهم ذلك فى ترك الافراد لهذه المدن خاصة القاطنين بالعشوائيات الذين تنقلهم الدولة للمدن الجديدة، ونجدهم يعودون ويكونون عشوائيات مرة أخرى.

لافتة، إلى أن سياسة البناء بدون تنمية مازالت مستمرة، مدللة بذلك على أن لدينا 5.8 مليون وحدة سكنية خالية تم بناؤها بدون أن يسكنها أحد، ويسعى المستثمر أو المالك إلى اتباع سياسة “التسقيع ” وعدم عرضها للبيع لتحقيق ربح مضاعف، ويتهرب من الضرائب ببنائها نصف تشطيب، لأن قانون الضرائب العقارية لا يفرض ضرائب على الوحدات النصف تشطيب غير الساكنة، ومن ثم لا تستفيد منها الدولة ولا المجتمع .

ويرى د. رضا حجاج “أستاذ تخطيط البيئة والبنية الأساسية بجامعة القاهرة” أن المدن الجديدة لم تنجح في استيعاب العدد المستهدف لها من السكان بسبب فشل السياسات الاسكانية في مصر منذ بداية انشائها فى السبعينيات.

مضيفاً أن المدن الجديدة في مصر وعددها 24 مدينة مقسمة على 3 أجيال لم تبلغ نسبة الإشغال في معظمها 2 % ، فمدن مثل العاشر من رمضان و6 أكتوبر والسادات، وهم من الجيل الأول، يعتبرون أكثر المدن استيعاباً للسكان، مقارنة بمدن مثل الفيوم الجديدة وأسوان الجديدة واللاتى ينعدم بها نسبة الإشغال للسكان .

واوضح حجاج، أن مدن الجيل الأول، بها بعض المناطق الصناعية ومن ثم توفر فرص عمل وتجذب السكان إليها بالرغم من أن بعض الخدمات قد تكون غير متوفرة مثل الصحة والمدارس والمواصلات العامة، وبالتالى نسبة الإشغال غير مكتملة، وعلى الجانب الآخر نجد أسعار المساكن مرتفعة تفوق القدرة الشرائية لغالبية المواطنين ومن ثم لم تنجح تجربة المدن الجديدة فى استيعاب السكان وخروجهم من الوادى الضيق وتخفيف العبء والتكدث المرورى على العاصمة .

 

لافتاً إلى أن اشتراطات البناء وفق قانون البناء الموحد تتضمن نواحى واشتراطات اقتصادية وبيئية واجتماعية وبنية اساسية، لابد من أخذها فى الاعتبار، حتى لا تهدر الأموال فى غير موضعها .

 

ويرى محمد عبد العال “المستشار القانونى للمركز المصرى لحقوق السكن” أن تجربة المدن الجديدة لم تقم على الرؤية التنموية والعمرانية بالأساس، ولكنها قائمة على فكرة المضاربة فى الاراضى والوحدات السكنية عن طريق تحايل الأفراد على القانون والتنازل لبعضهم البعض والبيع والمتاجرة وتحقيق الكسب .

مضيفاً أن هناك سماسرة محترفى المضاربة وقائم ثرواتهم على تلك السياسة، وبالتالى لابد من تدخل الدولة وتحقيق الاستحقاق فى التوزيع والشفافية فى القرعة .

مؤكدًا أهمية إعادة توزيع خطط التنمية والسكان لربط حق السكن بالحقوق الأخرى وتحقيق ما يسمى بالتنمية البشرية المستدامة، بالإضافة إلى إعادة استراتيجية إشغال تلك المدن من توفير سكن وفرص تنموية للعمل والتعليم والصحة والثقافة بحيث تكون مدينة جاذبة لقاطنى العاصمة .

بينما يرى د. احمد رشدى “أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة “أن تقييم تجربة المدن الجديدة لا يأتى الا بعد سنوات لان اى مدينه بتأخذ مراحل اكتمال نمو على فترات طويلة، ينشىء فيها اجيال تعيش وتستقر فيها.

مدللاً بذلك على أن مدينة 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة والتجمع الخامس وغيرها من المدن، لم تأخذ هذا التواجد السكانى الفاخر الا بعد اكتمال دخول الخدمات والمواصلات، ومن ثم أثبتت هذه المدن نجاحها.

لافتاً، إلى أن إشكالية المدن الجديدة تكمن فى أنها تقدم سلعة اسكانية أعلى من الطلب، وبالتالى ليست فى مقدور الفئة المحتاجة للسكن، معتبراً أن طرح وزارة الغسكان لوحدات سكنية فى المدن الجديدة لا يمثل أكثر من 5% من المطلوب توفيره.

ويرى المهندس ممدوح حمزة “استشارى هندسى” أننا لسنا فى حاجة إلى مدن جديدة بل فى حاجة الى قرى ريفية جديدة، بحيث تكون الوحدة السكنية بجانب الحقل او العمل بعكس ما هو كائن يعانى فيه المواطن الذى يسكن فى إحدى المدن الجديدة من بعد العمل عن مكان سكنه، وبالتالى لم تحقق المدن القائمة ما تستهدفه خاصة أن غالبية الشعب المصرى أصله ريفى .

لافتاً إلى أن الدولة لا تزال تبنى دون اعتبارات مجتمعية، وبالتالى تستهدف الربح والكسب وتحولت الى مقاول، بدلا من ان توجه استثماراتها لدعم محدودى الدخل .

مؤكداً، ضرورة وجود قاعده بيانات واضحة تحدد من هو محدودى الدخل فى المجتمع لإمكانية وصول الدعم لمستحقية، وبالتالى تغفل الدولة فئات فى المجتمع تستحق الدعم.

 

 

 

 

التعليقات متوقفه