ملف ..3.3 مليون أسرة تعولها امرأة..الفقر والجهل والمرض.. ثالوث يدمر أسر النساء المعيلات

*المبادرات الحكومة لا تحمي المرأة المعيلة من غدر الزمان..والمشروعات الصغيرة والأسر المنتجة.. بلا جدوى

3٬303

87.9 % من السيدات المعيلات أرامل.. و 58.3% أميات

رضا عيسى: ضم المشروعات فى حركة تعاونية

هدى زكريا: المبادرات الحكومية غير كافية

نهاد أبو القمصان: ضرورة تكاتف الدولة لدعم المرأة المعيلة وتمكينها اقتصاديًا

هدى بدران: ارتفاع نسبة الطلاق والهجرة والبطالة.. وراء زيادة نسبة الأسر التى تعيلها إمراة

الخدمة فى البيوت وإيقاف تعليم الأبناء والزواج المبكر للفتيات..أهم سبل التكيف

تحقيق: نجوى ابراهيم

 

رغم اعتراف الحكومة منذ عدة سنوات، بأن النساء المعيلات يشكلن نحو ثلث السكان.. غير أن هذا الواقع لم يترجم لصالح النساء.. وبعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو أصبحت قضية المرأة المعلية ومشكلاتها من القضايا الشائكة التى يعانى منها المجتمع، خاصة بعد تزايد معدلات الفقر، الذى يهدد جميع فئات المجتمع، خاصة المراة لأنها أكثر الفئات حرمانا من التعليم والرعاية الصحية, فضلا عن نقص فرصتها فى سوق العمل، مما أدى الى ظهور ظاهرة تأنيث الفقر.

أوضحت نتائج تعداد مصر 2017 ، أن عدد الأسر التى تقوم المرأة بإعالتها 3.3 مليون أسرة بما يعادل 30% من الأسر، وبلغت نسبة الأميات منها 59.1% من إجمالى الإناث رؤساء الأسر يليها الحاصلات على مؤهل متوسط 17.6%، ثم الحاصلات على مؤهل جامعى بنسبة 8.5% ، وتعد معظم الإناث رؤساء الأسر فى تعداد 2017 من الأرامل، حيث بلغت النسبة 70.3% ، يليها المتزوجات بنسبة 16.6% ثم المطلقات 7.1%.

ورغم زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة، غير أنها لا تمثل سوى ربع قوة العمل نحو 24.2%، حيث بلغ معدل البطالة بين الإناث24.2% في 2017, وتصل  نسبة المشروعات الصغيرة الموجهة للمرأة 22.5 %، كما بلغت نسبة القروض متناهية الصغر الموجهة للمرأة في نفس السنة 45%، وفى حين يصل عدد الاميات حوالى 1.6مليون, 7.5مليون منهن يعشن فى الريف, وأن نسبة المراة المعيلة تصل إلى 35%.

وذكرت احصائية لمركز المعلومات فى مارس 2019،  أن  87.9% من السيدات المعيلات في مصر أرامل، وأيضا 58.3% من هؤلاء المعيلات أميات, و89.9% منهن مشتغلات. وأضافت الإحصائية أن نسبة كبيرة من هؤلاء المعيلات دخلهن لا يكفي الأسرة ما ترتب عليه خروج بعض الأبناء من التعليم نتيجة قلة الدخل. وأضاف التقرير، أنه من المشكلات أيضا عدم استطاعة السيدات المعيلات الإنفاق على صحتهن، وعدم وجود دخل كاف لهن، وأخيرا سكن بعضهن في أماكن لا توجد بها خدمات أساسية مثل المياه والصرف ما يصعب من مسئولياتهن.

التمكين الاقتصادى

وتتمثل أهم مشكلات المرأة المعيلة فى التمكين الاقتصادى، فرغم أن الرئيس السيسي أصدر عدة مبادرات فى مارس 2017 لدعم المرأة المعيلة، منها مبادرة قومية للمشروعات متناهية الصغر ممولة من “صندق تحيا مصر” ووزارة التضامن الاجتماعى و”بنك ناصر”، لتمكين المرأة المعيلة، وتخصيص مبلغ 250 مليون جنيه لذلك، كذلك دعم أسر المرأة المعيلة عبر بنك ناصر بمبلغ 50 مليون جنيه، للأسر الأكثر احتياجًا بقرى ونجوع مصر.. إلا أن هذه المبادرات لم تكن كافية للنهوض بهن اقتصاديا, حتى المساعدات النقدية المشروطة المتمثلة فى برنامج” تكافل وكرامة” لم تسهم فى تحسن مستوى معيشتها.

فبرنامج تكافل المنوط بالأرامل والمطلقات، عبارة عن  مساعدة شهرية مؤقتة, ويستهدف الأسر الفقيرة بشرط انتظام أبنائها في تلقي خدمات صحية والانتظام في الدراسة، وتبلغ قيمة المعاش 325 جنيها شهريا، بالإضافة إلى ٦٠جنيها للطفل دون عمر السادسة، ويرتفع إلى ٨٠ جنيها لطفل المرحلة الابتدائية، ١٠٠ جنيه لطالب المرحلة الإعدادية ١٤٠ جنيها للمرحلة الثانوية, ويشترط لحصول الأسرة على الدعم أن يستمر أطفالها فى الحضور بالمدارس بنسبة لا تقل عن 80% من أيام الدراسة الفعلية، والحد الأقصى للأطفال المستفيدين من هذا البرنامج هو طفلان.

وبحسب وزارة التضامن، فان إجمالي عدد الأسر المستفيدة من برامج الدعم النقدي قد وصل إلى 3.8 مليون أسرة، بواقع  15 مليون مواطن مستفيد وتصل نسبة السيدات المعيلات من برامج الدعم النقدى حوالى 17.5%, ورغم زيادة عدد المستفيدين من هذه المعاشات إلا أنها  لم تفلح فى منع ارتفاع نسبة الفقر التى زادت  من  27.8% فى 2015 الى 32.5 % عام 2017/2018، بحسب احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

بعيدًا عن التضخيم الذى يمارسه الكثيرون من المسئولين، فهذه المساعدات النقدية لم تؤت ثمارها لأنها تصل لعدد محدود من المواطنين يتقاضون مبلغا هزيلا لا يسمن ولا يغنى من جوع، وبلغة الأرقام فهناك نحو 32 مليون مواطن فقير, والمخصص للدعم  النقدى وفقا لموازنة الدولة للعام الحالى يبلغ17 مليار جنيه.

ورغم ضالة المساعدات النقدية التى يحصل عليها المستفيدون من برنامج تكافل وكرامة غير أن وزارة التضامن قامت مؤخرا بحذف نحو 172 ألف مستفيد, وأغلبهن من الأرامل والمطلقات بحجة أنهن تزوجن من جديد.

المشروعات الصغيرة

أما مشروعات الاسر المنتجة, والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، التى تنفذها الدولة أو الجمعيات عن طريق المنح والقروض الصغيرة، فرغم أن ميزانية هذه المشروعات تقدر بالملايين غير أن الحد الأقصى لقيمة القرض لا يزيد على  10 آلاف  جنيه, ولا يحقق سوى هامش ربح هزيل لا يساعدهن على الخروج من دائرة الفقر, وتتمثل المشروعات فى بيع المفروشات والأدوات الكهربائية والبقالة، ومشروعات زراعية مثل تربية الأغنام وتسمين الماشية وتربية الجاموس، وصناعة الكليم ومنتجات الألبان, وصناعة القلة والزير وطواجن الطعام.

واشتكى عدد كبير من المشاركين فى معرض “ديارنا 2019” للأسر المنتجة الذى تم افتتاحة منتصف يناير الجارى من مشكلتهم الأزلية وهى التسويق حيث أكدت أغلب الأسر أنهم يحرصون على المشاركة فى معرض ديارنا سنويا، لأن التسويق من أهم المشكلات التى تواجههم, وتجعلهم متعثرين فى سداد قيمة القرض، ولذلك فإن هذه المشروعات الصغيرة لا تحل المشكلة الاقتصادية التى تعانى منها المرأة المعيلة، خاصة أن عددا كبيرا من السيدات المعيلات يرفضن الحصول على قرض لإقامة مشروع، لعدم امتلاكهن قدرة أو مهارات لادارة مشروع ولعدم الوعى ولضعف ثقتهن بالنفس.. هذا ما أكدته د.نادية حليم، استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، خلال دراستها “النساء العائلات لأسر فى العشوائيات”.

وأشارت، إلى أن نحو 84%من النساء العائلات لأسرهن ليس لديهن دراية بتلك القروض, وأن 5.8 %لهن دراية بذلك, ولكن نسبة المستفيدات واللاتى حصلن على قرض حوالى 3% من العينة التى شملت 500 أسرة من المناطق العشوائية, أما من لديهن المعرفة بالقروض ولم يحاولن الاستفادة منها فقد أرجعن ذلك لعدم الدراية بالإجراءات المطلوبة, أوعدم توفير الضمانات المطلوبة.

حركة تعاونية

ويرى رضا عيسى، الخبير الاقتصادى، أن فكرة التمويل المصرفى ومنح المرأة المعيلة قروض لعمل مشروعات صغيرة لا يساهم بأى شكل من الأشكال فى رفع مستوى معيشتها, لافتا إلى أن أغلب البنوك والجمعيات التى تمنح القروض تطلب نسبة فائدة عالية أو فوائد على التأخر فى السداد، وبالتالى فإن السيدة كثيرا ما تتعثر فى السداد, أو أن المشروع لايدر عليها ثمن تكلفته, والأفضل من وجهة نظر الاقتصادى”رضا عيسى”هو تجميع المشروعات الصغيرة فى حركة تعاونية, والعمل فى كيانات أكبر, واختيار مشروع كبير يغذى الاقتصاد ويساهم فى الناتج القومى, ويعود على أصحابة بالربح.

وأشار، إلى أن ضم المشروعات الصغيرة فى تكتلات أو حركة تعاونية يساعد أصحاب المشروعات فى مواجهة حيتان السوق، فمثلا من تعمل فى تربية الدواجن بجوار منزلها أو منتجات الألبان أو صناعة السجاد اليدوى أو حتى تربية المواشى سوف يقابلها مشكلة التسويق، لأن التوزيع سيكون محدود بالمنطقة التى تقيم بها, وستضطر لبيع الإنتاج بتراب الفلوس لسداد القرض, لكن التعاونيات ستحل مشكلة التسويق.

تكاتف الدولة

وتؤكد المحامية نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصرى لحقوق المراة، أن ثلت الأسر تعيلها امرأة, لافتة إلى أن أغلب المشكلات التى تواجه المرأة المعيلة تعقيد الإجراءات للحصول على المعاش, وعدم حصولها على الرعاية الصحية اللازمة لها, فضلا عن المشكلات التى تواجهها  أثناء تعليم أبنائها, من مصروفات المدرسة ومصاريف الدروس الخصوصية, ولذلك فان معظم أبناء المراة المعيلة يتسربون من التعليم.

وأوضحت، أن من أهم مبادئ الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، تنمية قدرات المرأة وتوسيع خيارات العمل أمامها، وتحقيق تكافؤ الفرص في توظيف النساء في كل القطاعات, ولذلك لابد من تكاتف الدولة والمنظّمات النسوية وكل مؤسسات المجتمع المدني, لدعم المرأة  المعيلة وتمكينها اقتصاديا من خلال تدريبها على عمل مناسب, أوعن طريق المشروعات الصغيرة مع مراعاة المساواة فى الإعفاءات الضريبية بينها وبين الرجل.

الرعاية الصحية

مشكلة النساء المعيلات لا ترتبط بتوفير سبل الحياة الكريمة لهن ولأولادهن فقط، ولكنها تفرز مشاكل عديدة أولها اعتلال صحة المراة المعيلة، فتشير الدراسات إلى أن 20% من النساء المعيلات يعانين من أمراض مختلفة, وأن 38% من أبناء هذه الأسر يضطروا للانخراط فى مجال العمل لمساعدة الأمهات, ويبلغ دعم التأمين الصحى المخصص للمرأة المعيلة فى  موازنة السنة المالية 2020/2019 166 مليون جنيه موجهة لنحو830 ألف امرأة معيلة فقط.

وتضاءل عدد المستفيدات من دعم التأمين الصحى يرجع لجهل الكثيرات بطرق استخراج بطاقات التموين الصحى أو غير قادرات على سداد قيمة الاشتراك, أو أنهن ليس لديهن أوراق رسمية أو بطاقات الرقم القومى.

ومن جانبها،  أكدت د.هدى بدران، رئيس الاتحاد العام لنساء مصر، أن هناك مجموعة من العوامل تساهم فى زيادة نسبة الأسر التى تعيلها إمراة منها ارتفاع نسبة الطلاق والهجرة داخل وخارج البلاد وارتفاع نسبة البطالة.

واوضحت أن المبادرات التي أطلقها الرئيس “السيسي” بشأن المرأة المعيلة، والتي كلف فيها وزارة التضامن الاجتماعي، بالتعاون مع بنك ناصر بمبادرة قومية للمشروعات متناهية الصغر تمول من صندوق بنك ناصر؛ لتمكين المرأة المصرية، بمبلغ 250 مليون جنيه, وغيرها من المبادرات هى عونا لها في إعالة أسرتها, وطالبت بضرورة توفير دور حضانات محترمة حتي تتمكن المرأة من إدارة أعمالها وهي مطمئنة علي صغارها.

وانتقدت د.هدى الخدمات المقدمة من بعض الجهات، والتى تقتصر على المساعدات النقدية أو العينية دونما النظر إلى أى خدمات أخرى تسهم فى تحسن ظروف هؤلاء السيدات سواء فى مجالات التعليم أو محو الأمية أو الرعاية الصحية، فضلا عن برامج التاهيل والتدريب للحصول على فرص عمل.

غير كافية

أما د.هدى زكريا استاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق،  أكدت ان ظاهرة المرأة المعيلة موجودة منذ عشرات السنين, ولكن للاسف الحكومة لم تعترف بها إلا منذ عدة سنوات,لافتة إلى أن جهد الناشطات بحقوق المراة ساهم بشكل كبير فى  جذب الانتباة لمشكلات المراة المعيلة, وبدأت الدولة تنظر إليهن وإلى مشكلاتهن, وبدأنا نتحدث عن خطط وبرامج للنهوض بأوضاعها ,والانتباه الى هذه الفئة من النساء فى حد ذاتة شئ ايجابى .

وأضافت، أن هناك العديد من المبادرات التى تبنتها الدولة لدعم المراة المعيلة, ولكن لا استطيع القول بأنها كافية بل هناك تحرك ملحوظ لاعطاءها فرصة للاستقلال اقتصاديا, ولكن اعتقد أن على الدولة الاهتمام بقضية وعى المراة المعيلة ومحو أميتها، لأن غياب الوعى للفقراء بشكل عام والمرأة بشكل خاص يجعلهم يتبنوا مواقف واتجاهات تزيدهم فقرا, فمثلا أغلب الغارمات هن النساء المعيلات,لان هناك اعتقادا سائدا بين الفقيرات فى الريف بأن البنت لما تتجوز لازم تظهر بمظهر المقتدرين, ولذلك تقترض الأم من أجل جهاز بنتها والنتيجة أنها تصبح فى السجن وتتحمل الدولة هذه المشكلة .

وأوضحت، أن هناك بعض السيدات يرفضن فكرة إدارة مشروع واخذ قرض لأنهن يجهلن كيفية ادار المشروعات, وبالتالى فإن التركيز على التدريب والوعى اهم سبل النهوض بالمراة المعيلة.

أساليب التكيف

وتمارس المراة المعيلة عدة أساليب للتكيف وإحداث التواؤم مع الظروف الراهنة من إنخفاض الدخول ومستوى المعيشة المتمثله فى ظاهرة تأنيث الفقر، هذا ما تؤكده الباحثة، مرفت صدقى عبد الوهاب،  بمعهدالبحوث الزراعية قسم المرأة الريفية،  فى دراستها حول أساليب التكيف المعيشى للمرأة المعيلة، موضحة أن الأسر التى ترأسها نساء تتعرض لخطر الفقر أكثر من تلك التى يرأسها رجال نظرا لمحدودية الوصول إلى وظائف ذات أجر مرتفع، وعدم امتلاك الأصول، ونظرا لكون النساء يتحملن وحدهن مسؤلية العمل المنزلى لا يبقى أمامهن متسع من الوقت للتقدم فى التعليم أو التدريب ومن ثم الاستمرار بالسير فى حلقة الفقر.

وأشارت إلى أن الفجوة المستمرة بين الرجال والنساء فى الأمن الوظيفى والأجور والتعليم تساهم فى تأنيث الفقر، و كلما زاد الفقر فمن المرجح أن تعمل النساء فى وظائف بدون أجر ضمن الأسرة أو بأجر منخفض لحسابهن الخاص، والفقر ينتشر بين رؤساء الأسر من النساء اللاتى يتحملن إعالة وعبء أسرهن فى ظل مصادر وموارد محدوده، ولهذا فالنساء أكثر فقرا وتأثر من الرجال.

وأكدت، أن هناك الكثير من النساء الفقيرات والمعيلات مهمشات وبعيدات عن خطط الدولة المرتبطه بالرعايه الاجتماعية, كما أن المساعدات الاقتصادية التى يحصلن عليها لا تلبى الاحتياجات الأساسية لهن من مأكل ومشرب, ورغم ذلك تتكيف المرأة المعيلة مع الواقع بعدة طرق منها العمل عند الغير بالزراعة, أو الاعانة من الغير, أو العمل فى البيوت والأعمال المنزلية مقابل أجر نقدى, أو إعداد أنشطة منزلية مدرة للدخل مثل صناعة المخللات، المربات، إعداد الفطائر والمعجنات، عمل منتجات الألبان وبيعها أو الرسم على الفخار، رسم الحنا، صناعة الصابون السائل، او العمل بالخياطة والتطريز, وبيع الملابس بالتقسيط، بيع الخضروات والفواكهة ,تربية الدواجن والطيور

وأكدت أن اتخاذ قرار إيقاف تعليم الأبناء يعد أحد  التدابير الحياتية للتأقلم مع إنخفاض المستوى المعيشى للأسرة , وايضا الاتجاة إلى زواج الفتيات المبكر.

 

شهادات تحكى المعاناة

أم رمضان: “جوزى مات وأنا عندى 25 سنة وساب فى رقبتى 3 بنات وولد ومكنش معايا جنيه يوحد ربنا ومحدش وقف جنبى”

عبير:  زوجى عاطل وأجبرنى على العمل بأحد مصانع بير السلم

قصص النساء المعيلات تتشابه كثيرًا، فقر وجهل وبهدلة من أجل الحصول على فرصة عمل, فهناك حالة “أم رمضان”50 سنة تعمل بحضانة الأمل بحى الظاهر، أرملة منذ أكثر من 25 سنة, قالت وهى تسترجع شريط حياتها: جوزى مات وأنا عندى 25 سنة وساب فى رقبتى 3 بنات وولد ومكنش معايا جنيه يوحد ربنا ومحدش وقف جنبى حتى عمام العيال, شوفت الويل ومكنش عندى غير صحتى وعافيتى اتسند عليها, لغاية ما ولاد الحلال شغلونى فى الحضانة, والحمد الله ربنا اقدرنا وجوزت البنات, وابنى رمضان شغال طيار فى محل سمك, كان نفسى ادخله مدارس لكن هاعمل ايه مقدرتش على المصاريف, خرج من الابتدائية ونزل اشتغل علشان يساعدنى فى المصاريف.

أما أمل 29 سنة قابلتها عند إحدى جاراتى تأتى مرة أسبوعيا لتساعدها فى تنظيف منزلها, فتقول: اتجوزت عامل على باب الله, وقاعدنا فى بيت أهله, كان لينا أوضة كبيرة ورضيت بنصيبى وقلت ضل راجل ولا ضل حيطة, ولكن من سنتين طردنى من البيت وانا حامل فى بنتى هاجر وكان معايا محمد عنده سنتين, وراح اتجوز, ومرديش يصرف علينا ومن ساعتها وانا عايشة عند ابويا وبشتغل علشان اصرف على ولادى, ولما سألتها لماذا لم ترفع على جوزك دعوى نفقة للاطفال؟ ردت بمرارة دوخت السبع دوخات ورفعت قضية نفقة والمحامى خد منى فلوس قد كده واستلفت من طوب الأرض وفى الآخر المحكمة حكمت بـ 500 جنيه وبرضه مدفعش والمحامى خد حكم بحبسه, بس انا كنت هستفاد ايه من حبسه علشان كده سلمت امرى لله وقلت اربى ولادى وكفاية بهدلة فى المحاكم.

حكايات السيدات المعيلات لا تنتهى ولا تختلف فى تفاصيلها, فأغلبهن فقيرات يصارعن من أجل البقاء تحملن ّقهر الظروف وضياع الأزواج، ولم يتركنّ اولادهن.. فهناك أم أميرة 38 سنة بعد موت زوجها تقدمت للحصول على معاش الضمان الاجتماعى , وبعد معاناة وجدت مبلغ المعاش 320 جنيها, وتقول: انا معايا بنتين والمعاش مش بيكفى حتى نجيب نصف كيلو لحمة فى الشهر, فكرت انى استلف مبلغ من اخواتى واشتريت طرح وايشاربات وفرشت جنب البيت, والحمدالله ربنا كرمنى واقدرت اسدد الفلوس اللى استلفتها, ودلوقتى بجيب هدوم حريمى وابيعها للستات بالقسط وبجهز بنتى الكبيرة أميرة عندها 18 سنة, ولما سألتها عن سبب رغبتها فى زواج ابنتها مبكرًا قالت: جواز البت سترة, وبعدين جوزها يتكفل بيها.

سيدات كثيرات متزوجات ولكن الزوج عاطل عن العمل أو يرفض العمل وهى التى تسعى من أجل إعالة اسرتها, فهناك حالة “عبير”27 سنة” تعيش مع والدتها بحى الزاوية الحمراء عندها ولد واحد عمره 3 سنوات, بعد زواجها بشهرين زوجها أجبرها على العمل بأحد مصانع بير السلم لصناعة الملابس الداخلية تعمل يوميا من الساعة العاشرة صباحا وحتى الثامنة والنصف وتأخذ مرتب 1500 جنيه, وكان زوجها يأخذ مرتبها بالكامل بحجة انه الراجل وهو اللى هايصرف على البيت, وعندما فاض بها الكيل تركت البيت وطلبت الطلاق وذهبت الى بيت أمها, وتقول عبير: انا دلوقتى بصرف على ابنى وعايشة كويس.

 

التعليقات متوقفه