أمينة النقاش تكتب:مستقبل مبادرة القاهرة

357

  ضد التيار

مستقبل مبادرة القاهرة

أمينة النقاش

كشفت المبادرة التى تقدمت بها الدبلوماسية المصرية لحل الأزمة الليبية، وحملت عنون «إعلان القاهرة» عن عدد من النقاط الهامة، التى تستدعى التوقف أمامها،عند البدء فى الخطوة التالية لصدورها. فى القلب منها نجاح القاهرة فى حل الخلافات التى ذاعت بين قائد الجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح على قاعدة تسوية سياسية، أعلن الطرفان القبول بها، وتقوم على وقف إطلاق النار وإلزام جميع الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها للجيش وضمان تمثيل عادل لأقاليم ليبيا الثلاثة فى مجلس رئاسى منتخب باشراف الأمم المتحدة، وتوحيد المؤسسات وضمان العدالة والشفافية فى توزيع الموارد الليبية.

وليس سرا أنه قد سبق لرئيس البرلمان طرح نقاط  تلك المبادرة التى تتفق مع الدستور الليبى ومبادئ الفترة الانتقالية، لكن قيادة الجيش تجاهلتها. لهذا يصبح ما قاله الرئيس السيسى صحيحا، أن إعلان القاهرة، هو مبادرة ليبية تؤسس لحل الأزمة فى إطار مقررات الأمم المتحدة والجهود السابقة فى باريس وروما وأبو ظبى وبرلين.

ومما تكشف عنه المبادرة، أن حل الأزمة الليبية بالقوة أمر لم يعد ممكنا، ليس فحسب بسبب ميليشيات القاعدة وداعش والإخوان التى جلبها التدخل التركى فى ليبيا، بل كذلك للمبالغة فى قدرة الجيش الوطنى الليبى، على حسم النزاع عسكريا، لاسيما والقرار الدولى الذى تتحكم فى مساره القوى الكبرى الاستعمارية، قصر تطبيق قرار مجلس الأمن 1970 لعام 2011 بحظر تور يد السلاح إلى ليبيا، على الجيش الليبى فقط، فيما سمح بتدفق الأسلحة ومرتزقة الأتراك الذين يخوضون معاراك السراج وأردوغان على حدود مدينة سرت، حيث الطريق نحو منابع الثروات فى منطقة الهلال النفطى، بعد انسحاب الجيش المفاجئ من مناطق مهمة مؤدية إليها.وهذ التطور يؤكد فشل خطة الجيش فى الوصول إلى طرابلس التى بدأها قبل نحو أكثر من عام، وهو الانسحاب الذى وصفه بالتراجع التكتيكى، خضوعا لما سماه ضغوطا دولية وأممية، تمسك العصا من المنتصف، بما إنتهى لنصر عسكرى لميليشيات السراج التركية!

كان من المتوقع أن يفرض المنتصر شروطه، فالمتحدث باسم حكومة السراج، أعلن رفض المبادرة وعدم القبول بحفتر طرفا فى التفاوض. وجاء موقف دول المغرب العربى ليدعم هذا الرفض. فالمغرب تمسك بمبادرة الصخيرات كأساس للتسوية السياسية، والجزائر أعلنت أنها تقف على مسافة واحدة من طرفى النزاع وتدعو لتسوية سياسية للأزمة الليبية بمعاونة من دول الجوار دون أن تؤكد قبولها لمبادرة القاهرة. أما تونس فالأغلب أن حدودها المشتركة مع ليبيا وتقع بعض نقاطها على بعد 175 كليومترا من العاصمة طرابلس، باتت مفتوحة بمساعدة حركة النهضة، لتدفق السلاح والمرتزقة الأتراك وميليشيات الإرهاب الجهادى لدعم السراج، كما سبق أن فعلت فى سوريا.

وتظل خاطئة كل حسابات لا تضع فى الاعتبار أن التدخل العسكرى التركى فى ليبيا ما كان له أن يتمدد بهذا الشكل، دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة وبريطانيا وقادة حلف الأطلنطى، حتى لو أعلن بعضهم دعمه  الشكلى لمبادرة القاهرة. وأن الدعوات التى تنطلق هنا وهناك تطالب بتدخل عسكرى مصرى فى ليبيا دعوات خطرة غير مسئولة، تستهين بأكبر جيوش دول حلف الاطلنطى، وبرغبة تركية غربية فى جر الجيش المصرى إلى معارك تستهدف فى المقام الأول تحطيم قواه. وفى ظل فوضى القرار الدولى لن يستطيع أحد أن يمنع مصر من الدفاع عن أمنها القومى بالطرق التى تلاءمها وتحفظ حقوقها. ولعله من الأجدى فى كل الأحوال أن تكثف الدبلوماسية المصرية جهودها، لتمرير المبادرة من مجلس الأمن الدولى، لوقف تحكم ميليشيات إرهابية فى مصير التسوية السياسية فى ليبيا.

التعليقات متوقفه