64 % من الأطفال يتعرضون للتنمر أو الإساءة عبر الإنترنت:الأسرة هى العامل الرئيسى فى انتشار الظاهرة … والإفتاء تحرمه وتؤكد احترام خصوصيات الآخرين

473

تحقيق: نجوي إبراهيم – شيماء محسن

أكدت دراسة أجرتها “اليونيسف” أن 64 % من الأطفال يتعرضون للتنمر أو الإساءة عبر الإنترنت، و 66 % من الأطفال الذين تعرضوا للتنمر الإلكترونى أصيبوا بأزمات نفسية، ما دفع 16% منهم للتوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعى لفترات محددة بعد تعرضهم للتنمر إلى إطلاق منصة “إنستجرام ” بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، ويونيسف مصر، حملة “حاسبوا على كلامكم” على وسائل السوشيال ميديا وبرامج التوك شو، والتى هدفها صد ظاهرة التنمر الإلكترونى ورفع مستوى وعى المواطنين بمدى الأضرار النفسية والعاطفية ، إثر التعرض للتنمر على السوشيال ميديا.
كما تهدف الحملة إلى توعية المواطنين بقواعد ” انستجرام ” وأدواته لمكافحة التنمر المتاحة للجمهور خاصة أنه من شأن هذه الأدوات تمكين الأشخاص من حماية حساباتهم من المتنمرين ، والتواصل غير المرغوب فيه ، وتشجيع التفاعلات الإيجابية ، ومساعدتهم على الدفاع عن أنفسهم باستخدام الأدوات المختلفة التى تتيحها المنصة للتعامل مع المتنمرين .
وخلال الأيام الماضية شهدت مصر واقعة تنمر حيث شنت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى حملة من التنمر والعنصرية ضد لاعب نادى الزمالك شيكابالا ، عقب نهاية لقاء الزمالك والأهلى فى دورى أبطال أفريقيا.
هذه الحالة رغم أنها ليست الأولى ولكنها من أشهر حالات التنمر التى شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة ، وقد سبقتها حالات أخرى كانت أشد خطرا وإيلاما على ضحاياها ، خاصة عندما تعرضت طفلة تدعى ” روان ” للتنمر أمام زميلاتها، حيث قالت لها والدة إحدى زميلاتها ” يا بنت البواب”وهو ما أساء لحالة الطفلة النفسية، ما أدى لإصابتها بالعصب السابع.
فحالة ” روان” أيضا ، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فهناك أطفال يتعرضون للتنمر من زملائهم ، بسبب السمنة أو وجود وحمة فى الوجه، أو لون البشرة ، وكلها أسباب لا ذنب للطفل فيها، كما أن ظاهرة التنمر ليست قاصرة على الأطفال بل يتعرض لها الكبار أيضا، حتى أنها أصبحت ظاهرة تتكرر كثيرا، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، التى أصبحت ساحة كبيرة لارتكاب هذه الجريمة.

ومن جانبها قالت مايا مرسى، رئيسة المجلس القومى للمرأة ، إن حملة ” حاسبوا على كلامكم ” تهدف إلى تشكيل الوعى المجتمعى بمخاطر التنمر وأثاره النفسية على الضحايا، كما نسعى للتحرك ضده بشكل بناء.
وأضافت أنه سيكون هناك وسيلة التواصل مع الشباب المراهقين وهم أكثر الفئات تعرضا للتنمر، عن طريق عمل إنستجرام مع جهتين رئيسيتين، لتعزيز جهوده التوعوية فى هذا الصدد، هما المجلس القومى للطفولة والأمومة، الذى يتصدى لسلوكيات التنمر بجميع أشكالها سواء كان لفظيا أو نفسيا أو جسديا أو إلكترونيا، كشكل من أشكال العنف وسوء المعاملة ضد الأطفال، ويونيسف مصر التى تعمل على حماية الأطفال من جميع أشكال العنف، بما فى ذلك التنمر، مع التركيز على تحديد طرق لضمان توفير استخدام أكثر أمانًا للإنترنت للأطفال ومعالجة التنمر الإلكترونى.
تحريم التنمر
ومن جانبها أصدرت دار الإفتاء، بيان شديد اللهجة بشأن التنمر والسخرية من السلوكيات التى تتعارض مع مكارم الأخلاق، واستشهدت الإفتاء فى مقطع فيديو لها، بقول الرسول صل الله عليه وسلم : ” أثقل شيء فى ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق وإن الله ليبغض الفاحش البذىء ” ، وقال النبى عليه الصلاة والسلام : ” ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ” .
وأضاف البيان الصادر عن الإفتاء أن احترام خصوصيات الآخرين واجب شرعى ولذلك حرم الإسلام السخرية والنبذ والتنابز بالألقاب فالاعتداء والإيذاء للغير لو بكلمة أو نظرة مذموم شرعا.
التأثير السلبى
كما قالت الدكتورة منال عاشور ، أستاذة علم النفس بجامعة حلوان، إن السبب الرئيسى لظاهرة التنمر هو التنشئة الأسرية، فحينما يرى الطفل والديه يهاجمون فردا ما ويتنمرون عليه فيكتسب هو ذلك الأسلوب وينشأ عليه، مشيرة إلى أن التنمر كان منتشرا بين المراهقين حيث يحاول كل فرد منهم إظهار قوته على الآخر، بينما زاد انتشار الظاهرة فى الآونة الأخيرة حتى وصلت للطفولة المتأخرة والمتوسطة ، ولهذا فالمسئولية الكبرى تقع على كاهل الأسرة.
وتابعت أن دور الأسرة الأساسى هو تقويم سلوكيات الأبناء ومتابعتهم باستمرار فمع بدء ظهور أى سلوك عدوانى لابد من توجيهه واحتوائه وإشعاره بقيمته وأهميته بإسناد المهام إليه التى تشعره بأهمية دوره ، وذلك عن طريق ثقافة الحوار والتواضع معه عند الحديث وعلى الأبوين إتباع ثقافة الحوار معه وتعليمه قيم التواضع والمشاركة الجماعية والرحمة ومساعدة الآخرين، فإذا فشلوا فى تغييره بعد كل ذلك، فعليهم اللجوء إلى أخصائى نفسى ليقوم بعمل جلسات سلوك له.

وأوضحت إن الفئات الأكثر عرضة للتنمر الفتيات اللاتى يتأخرن فى الزواج، حيث تنهال عليهن العبارات الساخطة حتى من أولياء أمورهن، مما يدفع الفتاة للتفكير إلى الهرب من الأسرة، فغالبا ما يقولون لهن عبارات لا يدركون عواقبها أو مدى تأثيرها السلبى على الفتيات اللاتى يدخلن فى نوبات اكتئاب، نتيجة لما يحدث من مقارنات بأخريات تزوجن وأنجبن فى أعمار أصغر منهن .
سلوكيات غير منضبطة
ومن جانبه اعتبر النائب محمد أبو حامد ، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بالبرلمان، أن الفترة الأخيرة شهدت تزايد هذه الظاهرة بشكل كبير وضد فئات المجتمع بأكملها وطالت الجميع وهو ما يجعلها ظاهرة يجب على الدولة مواجهتها، مبينا أن هناك تنمرا لفظيا وإيحائيا وغيره من أشكال أخرى ، خاصة أن كل الأديان السماوية ترفض السخرية بالآخرين حتى ولو بالإشارة.
وأوضح أن القانون يردع من يتعمد الإساءة للغير، مطالبا بضرورة أن يكون هناك إضافة فى المناهج التعليمية لهذه القيم التربوية والحد من الظواهر السلوكية غير المقبولة، واستغلال الأعمال الفنية فى إعادة بناء الشخصية المصرية.

 

التعليقات متوقفه