شــــــعـر..حدث كل هذا، وأكثر..د/ جوان حَمِّي- ســـــوريـــا

يسر جريدة الأهالي أن تقدم لقرائها صفحة إبداعات تواكب الحركة الأدبية المعاصرة في مصر و العالم العربي و الترجمات العالمية ..وترحب بأعمال المبدعين و المفكرين لإثراء المشهد الأدبي و الانفتاح على تجاربهم الابداعية..يشرف على الصفحة الكاتبة و الشاعرة/ أمل جمال . تستقبل الجريدة الأعمال الابداعية على الايميل التالي: Ahalylitrature@Gmail.Com

120

شــــــعـر.

.حدث كل هذا، وأكثر

..د/ جوان حَمِّي- ســـــوريـــا
————-

الصيدلي أعاد الوصفة، التي كتبتها
لبنت صغيرة البارحة
(كاتباً بخط أحمر، دواء مفقود)
كانت الوصفة:
قبلة على جبينها ثلاث مرات
من أبيها…. الشهيد.

الفتاة التي هاجر خطيبها، إلى المانيا،
بَكَتْ مختنقةً عندما كتبتُ وصفة لها، بدواء وحيد؛
آزاد(خطيبها)
حبة ثلاث مرات بعد الطعام

المرأة المسنة التي وَصَفتُ لها، علاجا لألم ركبتيها،
ناصحاً إياها بعدم المشي مديدا بكت مختنقةً ..
: و كيف سأزور قبور أبنائي ؟

الأم الشابة، وقفت مشدوهة عندما وَقعْتُ على…
شهادة دفن، لساق ابنتها المبتورة؛
يا إلهي…البارحة ابتعتُ لها دراجة هوائية زرقاء!!!!

تلك الأم، التي طَلبَتْ مني تقريراً طبياً،
حول وفاة ابنها ذي الثماني أقحوانات،
برصاصة قناص أملت عليَّ:
-كانَ وحيداً على أربع من البنات،
واكتب كذلك:
إن أمه كانتْ تحبه، جداً…جدا، ولا زالتْ،
كانت ستسمح له بقيادة دراجته الهوائية..
متى، وأينما شاء.

الأم الصغيرة بكت كثيراً عند دفن ابنتها
ذات السنة الواحدة
التي قضت في التفجير
: انتظروا…
انتظروا هذه رضاعتها…
بيبرونتها الوردية
، إنها تحب هذه البيبرونة كثيرا

الأم الشابة بكت عندما طلبتُ منها،
أن يحضر زوجها ليوقع على تفويض
لإجراء عملية جراحية لابنتها
بنتها الصغيرة فرحت.
: اليوم أيضاً، سأشعل شمعة
على قبر أبي شرقي المدينة
٨
الطفلةُ مكسورة الذراع، بعد أن نزعتُ عنها الجِبْسَ
طلبتُ من أمها أن يُحَرِكَ والدها ببطءٍ مرفقها الأيمن
منعا لتَحَدُدِ حركة المفصل،
بَكَت الأم بحرقة شديدة
: والدها تحت الأرض
٩
الرجل الذي طَلبْتُ منه، أن تغسل زوجته آثار الدماء
الجافة على ظهره، بقَي صامتاً؛
زوجته قَضَتْ في التفجير نفسه
١٠
الفرن الذي قتل أمامه أربعون شخصاً اليوم،
والذي كان خبزه محترقاً، متفحماً، اسوداً كل يوم،
إلّا اليوم أصبح خبزه أحمر بنكهة جدائل محناة،
ملقاة على جانب المسار المخصص للسيدات.
١١
الوصفة الطبية التي كتبتها لشيرين ذات ال الست أقحوانات،
والمبتورة القدمين، أعادتها لي، وقد رسمَتْ على ظهرها
خربشات أقرب ما تكون للقدم البشرية

١٢
الطفلة الصغيرة طلبتْ من أمها
أن تَجْدُلَ شعرها-اليوم- ضفيرتين،
فوالدها يحبها بجديلتين،
و اليوم الخميس سيزورون المقبرة
13
البنت الصغيرة، التي بَتَرْتُ قدميها،
لا تأكل البرتقال، مطلقاً
أمها أخبرتها: قدماكِ كانتا برتقالتين لذيذتين
،أكلهما الموت.
14
الطفل مبتور الساقين ،
ما عاد يأكل الرمان، مطلقاً ؛
منذ أن عرف أن رمانة يدوية بترت ساقيه.
15
شيرين الجميلة،
ذات الست أقحوانات، والمبتورة القدمين
بقيتْ ترسمُ، أقداماً على الأوراق،
وتصنع منها طائرات ورقية،
تطلقها من نافذتها في الطابق الاول،
عسى أن تحمل لها إحدى تلك (الطائرات) قدماً أو اثنتين.
16
أُريدُ ساقيين بيضاويين تليقان بالسروال الوردي القصير
(الپنتاكور)
الذي ابتاعته أمي لي البارحة،
من سوق الألبسة المستعملة (البالة)
هذا ما كتبته
شيرين-الداكنة السمرة-
و المبتورة الساقين على الطائرة الورقية الثانية
(رسالتها الثانية إلى الرب.)
17
كانت تحب، السراويل الطويلة.
تخاف على بشرتها البيضاء من الشمس،
وأمها صارت تخاف أن يعلق سروالها
الطويل الفارغ في دواليب كرسي المعاقين خاصتها.
18
الطفل مبتور القدمين،
رفض المسدس الجميل الذي أحضره له
والده في عيد ميلاده
:أريدُ قنبلة مثل التي قطعتْ قدميّ.

19
بعد سقوط سنها اللبني
أخبرتْها أمها أن ترمي ذلك السن إلى الشمس،
وفعلاً عوضتها الشمس بسنٍ جديد
وهكذا طلبت مني قدمها المبتورة،
سترميها للشمس عسى أن تعوضها…
الشمس بقدم جديدة.

*جوان حمي
(من البقية العاشقة لسوريا)

 

التعليقات متوقفه