قصة قصيرة ..الاشتهاء ..جلاء الطيري

يسر جريدة الأهالي أن تقدم لقرائها صفحة إبداعات تواكب الحركة الأدبية المعاصرة في مصر و العالم العربي و الترجمات العالمية ..وترحب بأعمال المبدعين و المفكرين لإثراء المشهد الأدبي و الانفتاح على تجاربهم الابداعية..يشرف على الصفحة الكاتبة و الشاعرة/ أمل جمال . تستقبل الجريدة الأعمال الابداعية على الايميل التالي: Ahalylitrature@Gmail.Com

499

قصة قصيرة
الاشتهاء
جلاء الطيري

يارب لم أعد تلك الفتاة الصغيرة التي تُلون كونها بشريط ضفيرتها الأبيض، لم أعد تلك المراهقة التى تعتلى غيمة لتقابل الشاطر حسن أو تطير على بساط سحري لتلاحق فراشات تخيطهن فى فستان بهى يحملنها لأعلى فتلاحقها نظرات بنات الفصل ،لم يعد جسدى كما كان نبتت لى زهرتان صرت أُخبئهما تحت ملابس فضفاضة وعندما صارتا يمامتين تتوقان إلى الفرار كان البيت هو محبسى مُنعتُ من اللعب صارت اللاءات هي ما أسمعه كلما هممت بفعل ما .
يارب لم أعد تلك الشابة التى يتحلق حولها الشباب فتختار أوسمهن وأجملهن تعيش معه قصة فى خيالها، تُشاهد فيلم ماجدة ورشدى أباظة تريده كمثله يُحلق بطائرته فوق شرفتها، يارب أنا ربيبة الخوف ، والعيب ، والتقاليد، لم أشاطر ولدا نظرة عشق ، لم أخض تجربة حب
يارب منحتنى خيالا خصبا، وعزلة ، وصمتا ، صرت مثالا للبنت الهادئة التى ترفلُ فى ثياب طوال ، تكاد من فرط خجلها أن تتعثر وتقع فعينى لم تكد تتجاوز المسافة مابين رأسى والأرض ، يارب نبت لى قتب صغير من كثرة انحنائي .
يارب لم أعد شابة تُشتهى، صِرتُ فى الخامسة والثلاثين غادرني خيالى وخذلتني أحلامى، لم يعد فتى أحلامي رجل بمواصفات رشدى أباظة ، بمرور الوقت صرتُ أفتح خزانتى أزيح عنها الغبار أفتح نافذتى للشمس ربما أفلحت فى محو العطن الذى سكن الملابس، أصبحت أحلامى كوابيس، تتخللها نهنهات أمى المكتومة ، نظرتها الكسيرة وهى تحضر أعراس من هن أصغر منى سنا، دعوات النسوة وهن يتغامزن عن التى فاتها قطار الزواج . الخامسة والأربعون جاءت سريعة ، فبدلا من أن تحتل الفرشات البيضاء سمائى تركتنى وأبقت بياضها ليحتل شعرى، يمامتاى اللتان كنت أخجل منهما صارتا مكسورتى الجناح انسدلتا رخوتين ما عدت أهتم بإخفائهما تحت حمالة ثدى ضيقة ، لهما البراح ولى الضيق .
يارب عادتي الشهرية لم تعد كعهدها، من هن في سنى قابلتهن في عيادة النساء يجرجرن ورائهن أولادهن. عندما دخلت إلى الطبيبة أخبرتها عن عادتي الشهرية التي تأخرت لسبعة شهور.
هل أنا حامل؟
منذ متى وانتٍ متزوجة؟
كم لديك من الأولاد؟
آخر مرة ضاجعت فيها زوجك؟
متى آخر ميعاد للدورة؟
هل تأخذين أدوية منشطة للحمل؟
هل ……..؟
أنا لستُ بمتزوجة.
نظرت إلى الطبيبة باشمئزاز
قبل أى شيئ انا لا أُجرى عمليات لمن حملت سِفاحا.
هل أنا حامل؟؟
لم أكشف بعد ولكن أحببتُ أن أُعلمكِ.
ولكنى أنا لم أُضاجع رجلا حتى فى أحلامى
ولم يلمسنى رجل قط.
أنت من اوحيت لى بذلك عندما تكلمتِ.
أمى كانت تحذرنى من الجلوس مكان رجل فى عربة المواصلات ربما تساقط منه …..
وأختلط بشيئ دون أن أدرى.
ربما اختلطت ملابس أخى بملابسي فاختلطت أشياؤه بى.
ربما ضاجع امرأته والتصقت ديدانه بملابسها التى هى فى الأصل ملابسي واخذتها منى، لأنني فى نظرها العانس “أم أتب” ولم تعد تليق بى.
ربما عاشرني جنى من الأرض استحسن جسدي الذى كنت أطالعه فى المرآة فى ظلمة الحجرة ، كان جسدي يستقيم يرتفع نهداي كما كانا في العشرين يتخلى عنى القتب الذى لازمني وصار أسمه لصيقا بى “العانس أم أتب” في الظلام فقط كنتُ أُبصرُ بهائي.
ربما…..ربما….
ضحكت الطبيبة من فزعي
لا تخافى……
سألتنى عن عمرى
أجبتها.
ربما قد قاربت على الرحيل هناك نساء تنقطع دورتهن فى الأربعين.
يارب اشتهائى للرجل لم يعد كما كان .
يارب تركتنى أمى حسيرة من كلام النسوة عنى ومصمصة شفهاهن كلما مررت أمام عتباتهن.
يارب كنت اشتهى بنتا أربيها على عينى .
أُخبرها أن لاشيئ يستحق الخوف.
يارب لم أعد اشتهى شيئا.

التعليقات متوقفه